مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إذاعة “لورا”.. 25 عاماً في خِـدمة المهاجرين إلى سويسرا

زرنا ذات يوم أربعاء أقدم الإذاعات المَحلية المستقلة في سويسرا - إذاعة "لورا" LoRa، وشاهدنا أحد المُذيعين الأَلبان وهو يجري مُقابلة على الهواء مُباشرةً مع شاب "دي جي" (ديسك جوكي) الذي يختار الموسيقى المُسجلة ويعرضها على الجمهور.

وتُقدّم هذه الإذاعة الواقعة في قلْـب مدينة زيورخ برامج إذاعية بأكثر من 20 لغة. وتُمَثل إذاعة “لورا” بالنِّـسبة للعديد من المهاجرين، أداة قَيِّـمة تُساعدهم على الإندماج في حياتهم الجديدة والتّـذكير بِجذورِهِم في ذات الوقت.

وتُسمع الأصوات الصاخِـبة من داخل المبْـنى المطلي باللّـون الأزرق الزاهي والذي يقع في الحي الخامس لمِـنطقة صناعية سابقاً.

وفي أصغر الأستوديوهيْـن العاملين في إذاعة “لورا”، يُقَدّم قدري إسمايلي برنامجَه الخاص الذي يستمر ساعة واحدة باللغة الألبانية، وهو يقوم اليوم بمُقابلة شابٍّ حديث السن لا يزال يرتدي ملابِـس موظّـفي دائرة البريد الموحدة، والذي يعمّـل بدوره كـ “دي جي” DJ أيضاً.

ولا يتوقّـف جهاز الهاتف عن الرّنين، حيث يتّـصل المستمعون لِطرح أسئلتهم أو لإبداء وِجهات نَظرهم، وفي وسط هذا وذاك، يقوم إسمايلي بعزْف بعض الموسيقى الألبانية.

وبعد إنتهاء البرنامج، وفي لقاءٍ مع swissinfo.ch، قال إسمايلي: “يُدعى برنامجي “صوت الألبان”، وهو يُزوِّد المُستمعين بمعلوماتٍ مُختلِـفة عن السياسة والثقافة والفنون”.

ويضيف قائِلاً: “كانت لدَي دائماً مَعرفة جيِّـدة بالساسة والمثقفين، حيث أتبادل النِّـقاش مَعهم. كما لدَيّ هاتف مفتوح، وأنا لست مِـمّـن يفرض رقابته على الآخرين وبإمكان الجميع أن يقول ما يريد، وحول مواضيع قد تكون أو لا تكون من المُحرَّمات بالنسبة للألبان”.

وهناك أيضا جانِـب من الطرافة، حيث إتصل أحد المُستمعين، الذي يتمتّـع بِموهبة التقليد في يوم الأربعاء هذا، مُضيفاً بعض المَـرح اللّـطيف بحشِره هذه الموْهِـبة في السياسة الألبانية.

الإذاعة البديلة

تأسّـست إذاعة “لورا” في وقتٍ كانت فيه الحركات الشبابية السياسية في ذِروتها في كانتون زيوريخ، وحيث أن الإذاعات المُستقلة كانت مَمنوعة حينئذٍ، فقد بدأت إذاعة “لورا” نشاطها كإذاعة “قرصَـنة” للمشهد البديل، ومُنحت ترخيصاً رسمياً للبَـث في عام 1983.

وتقول نادية بيلاردي، مديرة العلاقات العامة في الإذاعة: “نحن نَبث برامج ومُحتويات بَديلة لِـما هو موجود في وسائل الإعلام الرئيسية، وهي بديلة من حيث اللّـغة، لأن لدينا 20 لغة مُـختلفة، كما أنها بديلة من حيث الثقافة والموسيقى”.

وعلى غِرار العديد من المحطّـات التي تبُـث لمُـجتمعاتٍ مُعيّـنة، فالأموال شحيحة في هذه الإذاعة. وتتلقى إذاعة “لورا” سنوياً رُسوما من أعضائها، كما يُقدّم المكتب الفدرالي للاتصال ما يَقرب من نصف الميزانية، استناداً لكونها تبُـث بهذا العدد الكبير من اللّـغات.

التعبير بالكلمات والتظاهر أيضاً

هناك نحو 300 شخص مُتَطوّع لتقديم المساعدة في الإذاعة، مع تشجيعٍ خاصّ لِمشاركة المرأة. وتصل الإذاعة بهذه الطريقة إلى 100 ساعة برامج أسبوعياً.

وقد يكون من الصّـعب أحياناً بالنِّـسبة للموظفين العاملين في راديو “لورا”، وجود هذا العدد الكبير من الأشخاص ووجهات النظر المُختلفة تحت سقفٍ واحد. وهناك دائما أحداث تجري في هذه المحطة الإذاعية.

وعندما قامت swissinfo.ch بزيارة هذه الإذاعة، كان الأعضاء العاملين في قسم اللغة الإسبانية يرسمون اللافِتات في الساحة الداخلية، قبل الانطلاق للتّـظاهر، إحتِجاجاً على الإنقلاب العسكري الذي وقع في الهندوراس.

مساحة مفتوحة

وتُـعلِّـق نيكول نيدَرموللر، المسؤولة عن تنسيق برامج المرأة: “ولكن هذا أمر مُهم. فلا يزال لدينا فَضاء مفتوح يستطيع المتطوّعون فيه الإفصاح عمّـا يدور في خَلدهم وبَث ما يَكمُـن في قلوبهم حول القضايا التي تُهمّـهم فعلا”. كما أوضحت بأن وجهات نظر المُهاجرين غالِباً ما يتِـم تغييبها إلى حدٍّ كبير من قِبَل وسائل الإعلام الرئيسية.

وتضيف نيدَرموللر: “يتحدّث الجميع عن مواضيع الثقافات وأهميّة التكامل والإندماج، ولكن هذا سيحدث فقط حين تقوم بخَلق المساحة المُناسبة لذلك”.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية حول عدد جمهور المُستمعين، إلا أن بعض البرامج، كالإسبانية مثلاً، أصبحت كالمؤسسات بين المُغتربين، حيث تتم مُناقشة العديد من المواضيع، بالإضافة إلى الشؤون السياسية، مثل كيفية الحصول على وظيفة أو التّـفاوض حول النِظام الصحي في سويسرا.

وتستهدِف بعض البرامج الأخرى جُمهوراً خاصاً، كالبرامج التي تدور حول المثليين، ذكورا وإناثا، والمتحوّلين إلى الجنس الآخر، والذي يُبَث باللغة التركية. كما تُـبَث بعض البرنامج التي تُخاطب المستمعين الإيرانيين الذين يعيشون في المَنفى، باللّـغتين الفارسية والألمانية.

صوت المعارضة…

ويُسَمّى البرنامج الذي يُبَثُّ باللغة الفارسية كل يوم أربعاء “صوت المعارضة الإيرانية”. ويُزوِّد هذا البرنامج مُستمعيه بِمعلوماتٍ عن مُـجريات الأمور في إيران.

ويقول مهرزاد خليلي، المُشارك في البرنامج من غُـرفة التحكم: “هذا البرنامج يُخبر المستمعين عن الأحداث التي جَرت خلال الأسبوع، من حيث أحكام الإعدام والسُجناء السياسيين، كما لدينا موسيقى سياسية. ويقوم أحد المذيعين في الأستوديو المُجاور بقراءة نشرة الأخبار التي تَشتمل على مواضيع حقوق الإنسان واللاجئين أيضاً”.

ويضيف السيد خليلي قائلاً: “في البداية، كُـنّـا نبُـث برنامجنا باللّـغة الفارسية حَصراً، إعتقاداً مِـنّا بأن مستمعينا هم من الإيرانيين فقط، ولكن كان هناك إهتمام كبير من الجانب السويسري، حيث تلقّـينا مكالمات هاتفية تسأل إن كان بإمكاننا البث باللغة الألمانية لمدة 15 دقيقة، وقد رأينا أنها فكرة جيدة”.

وكما في البرامج الموجهة إلى التاميل في سريلانكا والصوماليين، يُمكن الإستماع إلى المحطة في الخارج عبر الإنترنت للأشخاص الباحثين عن رأي بديل للرأي “الرسمي”.

.. وصوْت للمهاجرين

وتُعتَبَر إذاعة “لورا” في غاية الأهمية للمسؤولين عن البرامج الفارسية، لاسيما في ضوء الاضطرابات الأخيرة حول الانتخابات الرئاسية المُـثيرة للجدل في إيران.

ويقول أرسلان، أحد زملاء خليلي: “منذ سنتين تقريبا ونحن نعمل مع إذاعة “لورا”. ومن هنا، نستطيع أن نتحدّث عن مشاكِـلنا وقراءة الأخبار، بحيث يُمكن لأي شخص أن يفهَـم ما يجري حالياً في إيران”.

ومن جانبه، يعتقد إسمايلي، مُـقدِّم البرامج الألبانية، بأنه ينبغي تمويل هذه الإذاعة على نحو أفضل من جانب السلطات السويسرية، نظراً لأهميتها ولكونها أقدم وأكبر إذاعة للمُهاجرين في وسويسرا. وأضاف: “منذ أكثر من 20 عاماً، لا تقدِّم سويسرا سوى مكاناً صغيراً لإذاعة راديو “لورا”، وهذا عار ومؤسِـف جدا”.

إيزوبيل ليبولد – جونسون – زيورخ – swissinfo.ch

يمكن الاستماع إلى راديو “لورا” على شبكة الإنترنت (أنظر الرابط) في زيورخ والمناطق المحيطة بها على الكابل أو من خلال محطة FM في زيورخ على الموجة 97.5.

يُدار هذا المشروع على مستوى القاعِـدة الشعبية والديمقراطية. وتُقَدّم معظم الأعمال من قِبَل متطوعين، ولكن هناك مجموعة أساسية من الموظفين مُـكوّنة من حوالي سبعة أشخاص يقومون بالأعمال التقنية والإدارة والعلاقات العامة والتنظيم وتنسيق البرامج.

الإذاعة التجريبية مهمّـة أيضا في راديو لورا. وتأخذ الإذاعة عطلة صيفية في شهر يوليو من كل عام، حيث تقوم بحدث تجريبي للإذاعة خلال هذه الفترة في موقع خارج مدينة زيورخ. وفي هذا العام، أُقيم هذا الحدث في الفترة ما بين 13 و26 يوليو، وأطلِقت عليه تسمِـية “الصيف الكهرومغناطيسي“.

تختلف المحطّـات الإذاعية غير التجارية عن محطات البث العامة، من حيث المواضيع والموسيقى والقضايا الثقافية. وفي سويسرا، هناك 14 إذاعة تابعة إلى رابطة “يونيكوم” Unikom، وهي الرابطة السويسرية للمحطات المحلية غير التجارية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية