إنجاز تاريخي.. شبان سويسرا يترشّحون لنهائيات كأس العالم لكرة القدم
واصل المنتخب السويسري لكرة القدم للناشئين مسيرته المدهشة في إطار منافسات كأس العالم لما دون 17 سنة التي تستضيفها نيجيريا. وحقق زملاء نسيم بن خليفة يوم الخميس 12 نوفمبر 2009، نصرا تاريخيا في لاغوس بفوزهم العريض على المنتخب الكولومبي بأربعة أهداف نظيفة.
وتميّز أداء السويسريين أثناء المباراة بالسرعة والمهارة، والثقة البالغة في النفس. ويعتبر المراقبون أن هذه المغامرة الإفريقية الناجحة هي بمثابة التتويج لمسيرة هانس رودي هاشلر، الذي كان المسؤول عن تنشئة واحتضان اللاعبين السويسريين الشبان لمدة 15 سنة، ويعتزم التقاعد نهاية هذه السنة.
وإذا كان الفريق الوطني السويسري لكرة القدم (فريق الأكابر)، قد ضمن بطاقة المشاركة في تصفيات كأس العالم السنة القادمة بجنوب إفريقيا، فإن اللاعبين السويسريين الشبان هم الآن بصدد تذوّق طعم الضيافة الإفريقية.
وتنضاف الهزيمة التي ألحقها الشبان السويسريون بالفريق الكولومبي في لاغوس يوم الخميس 12 نوفمبر 2009، إلى قائمة الإنتصارات الثمينة التي حققوها ضد البرازيل وألمانيا، وإيطاليا، وستبلغ مغامرتهم الإفريقية ذروتها بمشاركتهم في المباراة النهائية المزمع اجراؤها يوم الأحد القادم، وسوف يواجه خلالها الفريق السويسري، منتخب نيجيريا، البلد المضيف الذي أطاح بإسبانيا في الدور النصف النهائي.
وفي حديث إلى swissinfo.ch، قال هاشلر، المدير الفني لفئة الناشئين بالجمعية السويسرية لكرة القدم، قبل سفره إلى لاغوس يوم الإربعاء 11 نوفمبر، رفقة خلفه بيتر كنايبل، إنه يأمل بأن “تكون تلك هي هدية الوداع”.
التجربة
ومن اهداف هؤلاء الشبان وهم يلعبون على أرضية إفريقية كسب التجربة والخبرة، وامتلاك مهارة الإكتشاف، والترويح عن النفس، وطبعا تحقيق الإنتصار.
أما المؤهلات البدنية والملكات الذهنية التي يتميّزون بها كشباب، فتجعلهم في مستوى ما تتطلبه منافسات من هذا القبيل.
ويقول هاشلر: “هؤلاء الشبان مدعوون للعب خمس وربما سبع مباريات متقاربة زمنيا من الطراز الفني العالي، وبإستثناء نسيم بن خليفة، الذي يلعب في الدرجة الاولى برابطة الأندية السويسرية، فإن بقية اللاعبين لم يتعوّدوا على هذا المستوى العالي من اللعب.
وإلى جانب ذلك، يتعرض اللاعبون إلى حالة من الضغط النفسي: “فهم يدافعون عن القميص الوطني، وهم محط انظار الجميع، وعليهم أن يكونوا في مستوى الدور المنوط بهم، هذه التجربة سوف تنعكس عليهم إيجابيا عندما يبلغون 20 سنة فما أكثر”.
ليس أمرا مفاجأ
وعلى الرغم من أن وجود الفريق السويسري للناشئين ضمن افضل أربع فرق في العالم هو مبعث للفخر والسرور، فهو في الحقيقة ليس امرا مفاجأً.
في شهر مايو الماضي، إستطاعوا الوصول إلى النصف النهائي للبطولة الأوروبية للناشئين التي استضافتها ألمانيا، وقد انهزموا آنذاك في مباراتهم ضد هولاندا، بعد إقصاء كل من إسبانيا وفرنسا.
وحتى هذه اللحظة، إستطاع الفريق السويسري للناشئين تسجيل 13 هدفا في إطار منافسات نهائيات كأس العالم المنظمة حاليا بنيجيريا. ولا يتقدّم عليهم في عدد الاهداف المسجلة سوى الفريقيْن الإسباني والنيجيري.
وفي الوقت الذي يحرز اللاعبون الإنتصارات، ويلهبون المشاعر، يظل مدرّب الفريق داني ريسر الموجود على خط التماس، هادئا، وفي حالة تشبه اللاوعي.
احراز تقدم
وإذا كان ريسر،المدرب الفني بمثابة الاب لفريق الناشئين الذين حققوا مكاسب مهمة بنيجيريا، فإن هاشلر هو بمثابة الجد لهذا الفريق.
ومن الكلمات التي يرددها هاشلر كثيرا “العمل بشكل ممنهج”، وهذا أفضل ما يمكن أن يوصف به دوره الذي قام به سواء في رسم الاهداف، أو تحليل وفهم القضايا، أو تحسين الأداء، أو تنفيذ ما هو مطلوب.
وإذا كان فريق الناشئين اليوم يحقق أنجازات معتبرة، ويتطوّر أداؤه، فالفضل يعود في ذلك إلى الدور الجيد الذي تقوم به كل من النوادي والجمعية السويسرية لكرة القدم. ويلخص هاشلر نتيجة ذلك الجهد فيقول: “الشبان السويسريون، الذين يلعبون ضمن فريق الناشئين الآن، هم أقوى بدنيا، و نفسيا، وهم على درجة عالية جدا من المهارات الفنية”.
وبالنتيجة: “كل سنة تتقدم مجموعة من أفضل اللاعبين يتراوح عددهم بين 15 و20 لاعبا، لتختار الجمعية السويسرية لكرة القدم من بينهم فريقا متكاملا. اما في منتصف التسعينات، فكان عدد أصحاب المهارات الرياضية من فئة الشباب محدودا جدا”.
العزيمة والإصرار
لكن هذه الدرر الكروية التي تربّت وترعرعت في ظل الجمعية السويسرية لكرة القدم، ترسم لنفسها أيضا خيارات ومسارات، قد لا يكون دائما مرحبا بها.
فلاعبون كبار مثل ملادن بيترك، وإيفان راكيتيك، وسدافكو كوسمانوفيك، الذين بدأوا مشوارهم الرياضي في سويسرا، فضّلوا في النهاية اللعب لصالح كرواتيا وصربيا.
وعندما سئل هاشلر عن هذه الظاهرة، أجاب: “نحن على وعي بهذه المشكلة، والجمعية السويسرية لكرة القدم تعتمد الآن خطة تهدف إلى الحد من ظاهرة التحاق هؤلاء اللاعبين بفرق بلدانهم الاصلية. ويبدو أن هذه الخطة قد بدأت تأتي أكلها”.
واضاف المسؤول الرياضي: “المنتخب الذي ترشّح لكأس العالم اخيرا خلال مباراته ضد إسرائيل كان من بين أفراده سبعة لاعبين ثنائي الجنسية نجحنا في الحفاظ عليهم”.
غير ان هاشلر يعترف بان القرار الذي اتخذه أخيرا الإتحاد الدولي لكرة القدم والذي يسمح للاعبين، بغض النظر عن أعمارهم، تغيير الفرق الوطنية التي يرغبون في الإنضمام إلى صفوفها، يحد من فعالية تلك الجهود.
ولكن هاشلر لا يستسلم للامر الواقع بسهولة، وقبل ان يسافر إلى لاغوس، قال أنه “بالإضافة إلى الدعم الجيد والقوي، السبيل الأفضل لتعزيز صلة هؤلاء اللاعبين الشباب بسويسرا هو تحقيق النجاح”.
swissinfo.ch – طوماس ستيفان
( ترجمه وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
يوجد ضمن صفوف الفريق السويسري للناشئين 11 شابا مزدوجي الجنسية ويسمون أيضا “secondos” أي “الجيل الثاني”، وهم يحملون جنسيات بلدانهم الأصلية أو موطن آبائهم بالإضافة إلى الجنسية السويسرية:
سياد هاجروفيك وحارس سيفيروفيك ومايك ناكيش (كرواتيا)
نسيم بن خليفة (تونس)
غرانيت هاكا فريديريك فيسلي (كوسوفو)
باشتيم كاسامي (مقدونيا)
إيغور ميغاتوفيك (صربيا)
ريكاردو رودريغاس (إسبانيا)
أوندراي غونكالفاس (البرتغال)
كوفي نوملاي (غانا)
2002: الوصول إلى الدور النصف النهائي في منافسات البطولة الاوروبية صنف الناشئين
2004: الوصول إلى الدور النصف النهائي فئة الناشئين ما دون 19 سنة
2005: الترشّح لتصفيات كأس العالم لفئة ما دون 20 سنة.
2009: الوصول إلى الدور النصف النهائي في منافسات كأس العالم لفئة ما دون 17 سنة
من ابرز وجوه الفريق السويسري صنف الناشئين، نسيم بن خليفة، وهو سويسري من اصل تونسي، اجتذب الأضواء خلال الايام الأخيرة، وشارك اليوم الخميس 12 نوفمبر في الدوري النصف النهائي لتصفيات كاس العالم التي تنظم حاليا في نيجيريا، وكان أوّل الهدافين في مباراة انتصر فيها فريقه بأربع نقاط نظيفة.
يمتلك نسيم ثقة تامة في نفسه وزملائه في الفريق، ويقول هذا الأخير: “لدي شعور بأنه لا يوجد فريق يستطيع هزيمتنا”. فبفضل مهارات نسيم الرياضية، استطاعت سويسرا هزيمة المكسيك (2-0)، واليابان (4-3)، والبرازيل (1-0)، وألمانيا (4-3)، وإيطاليا (2-1) وكولومبيا (4-0).
ورغم الأهداف الكثيرة التي سجّلها نسيم، يظل مسكونا بالتواضع، وصرح إلى صحيفة لوتون الصادرة بجنيف: “ما أنا بصدد عيشه مع هذا الفريق خارق للعادة، لكن عمري لم يتجاوز 17 سنة، ويجب عليّ بذل جهود كبيرة للإثبات ذاتي في عالم الكبار”.
وبعد أن خضع نسيم بن خليفة التونسي الأصل إلى تكوين رياضي أوّلي في كانتون فو (في برانجين، ونيون، وغلاند، ولوزان الرياضية)، بدأ مشواره الرياضي بعد ان تحوّل للإقامة في زيورخ صيف 2008.
وعن مشروعاته في المستقبل، يقول نسيم: “أريد أوّلا أن اثبت ذاتي وأبني تجربتي في أحد النوادي السويسرية، قبل التفكير في الإلتحاق بفرق أجنبية”.
وكشفت سميرة، والدة نسيم في تصريحات للصحافة السويسرية أن “مسيرة نسيم الرياضية كانت تلقائية إلى حد كبير”، وأضافت معلقة على الأضواء الإعلامية المسلطة على مسيرة إبنها هذه الأيام، وعلى الإنجازات الكبيرة التي حققها في نيجيريا: “لم نكن ننتظر كل هذه الغبطة وهذه الضجة، فقبل ثلاث سنوات فقط، لم يكن يفكّر أبدا في أن يصبح رياضيا محترفا”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.