الأوضاع في العراق لا تسمح بعودة سريعة للاجئين المقيمين في سويسرا
رغم إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن انتهاء العمليات القتالية في العراق، ووضعه حدا للمهمة التي أعلنتها بلاده سنة 2003 "الحرية للعراق"، تظل الأوضاع الحالية في البلاد سيئة للغاية وغير مناسبة لعودة اللاجئين المقيمين في سويسرا البالغ عددهم 3000 نسمة تقريبا.
وبعد انقضاء سبع سنوات على بدء الغزو الأمريكي لبلاد الرافديْن، شرعت القوات الأمريكية في الإنسحاب، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن 50.000 جنديا سيظلون مرابطين هناك لتدريب قوات الجيش والشرطة.
وإذا كان الإعلان عن نهاية أي حرب يقابل في العادة بانتشار مظاهر الفرح لدى السكان، وبعبارات الإرتياح والإشادة من جانب المجتمع الدولي، فإن الإعلان الأمريكي الأخير لم يُقابل لا بهذه ولا بتلك.
فالتفجيرات الدامية المتلاحقة التي عرفها العراق في الأسابيع الأخيرة تذكّر بالأيام الصعبة التي مرت بها البلاد في عامي 2006 و2007، عندما بلغت الأعمال القتالية أوجها. ومؤخرا، شهد يوم 25 أغسطس 2010 تفجيرات حدثت بالتزامن في عشر مدن مختلفة وأودت بحياة 60 فردا من قوات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى سقوط ما لا يقل عن 280 جريحا.
ملايين اللاجئين
لا يمثل غياب الأمن النقطة السوداء الوحيدة في الوضع العراقي. فبعد مرور ستة أشهر على إجراء انتخابات عامة، لا تزال البلاد تعاني من فراغ سياسي كامل حيث عجزت النخبة السياسية العراقية عن التوصل إلى اتفاق يسمح بتشكيل حكومة جديدة.
ووفقا لإحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أدى التدخل الأمريكي في العراق إلى تشريد ما يزيد عن مليون ونصف مليون مواطن عراقي تحولوا إلى نازحين داخل حدود بلدهم، كما غادر البلاد 1.7 مليون شخص خلال السنوات السبع الأخيرة، توجه نصفهم إلى بلدان الجوار (سوريا والأردن أساسا وتركيا بدرجة أقل).
ومقارنة بهذه الأرقام، يعتبر عدد اللاجئين العراقيين في سويسرا محدودا جدا. ووفقا للمكتب الفدرالي للهجرة بلع عدد طالبي اللجوء العراقيين في سويسرا في موفى شهر يوليو الماضي 2931 شخصا، مقابل 3266 في نهاية 2009.
عودة طوعية
الإحصاءات السابقة تشير إلى تراجع العدد الإجمالي للاجئين العراقيين في سويسرا، وذلك على الرغم من تسجيل 403 طلبات جديدة في الفترة الفاصلة ما بين شهري يناير ويوليو 2010.
في المقابل، لم تُسجّل خلال هذا العام أي عودة طوعية إلى العراق، وصرح أدريان هوسر، الناطق الرسمي بإسم المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين (OSAR) في حديث مع swissinfo.ch: “خلال مراجعتنا للوضع في وسط العراق وجنوبه في نوفمبر 2009، قلنا حينئذ إن أي انسحاب للقوات الأمريكية سوف يتزامن مع تزايد عام في حوادث العنف داخل المدن” العراقية.
أما في الشمال، الذي يخضع لسيطرة الحكومة الإقليمية بكردستان، فالوضع أكثر هدوءا. وهذا ما دفع المحكمة الفدرالية (أعلى سلطة قضائية في سويسرا) سنة 2008 إلى إقرار السياسة التي كان يتبعها المكتب الفدرالي للهجرة والمتمثلة في إجبار طالبي اللجوء العراقيين الذين رُفضت مطالبهم، والمتحدرين من تلك المناطق على العودة من حيث أتوا.
وتقول المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين إنه رغم الهدوء الأمني، فإن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في شمال العراق لم يتحسن، كما أنه “لا أحد يستطيع أن يجزم إلى أين ستؤول الأمور في هذه المنطقة بعد الانسحاب الأمريكي”، على حد قول أدريان هوسر.
إلتزام الحذر عند الطرد الإجباري
هذا الوضع لم يكن غائبا عن وعي المحكمة الفدرالية عندما أصدرت قرارها سنة 2008 حيث نصّ على أن “الطرد لا يكون مقبولا بصفة عامة إلا إذا تعلق برجال شبان ليس لديهم مسؤوليات عائلية”، ثم إن الذكور الذين من المحتمل ان يشملهم هذا الإجراء، لابد أن يكونوا من أصيلي المناطق الشمالية الخاضعة لحكومة كردستان الكردية، وأن يكون لديهم أقارب هناك.
أما بالنسبة للنساء العازبات، والعائلات التي لديها أطفال، وكذلك بالنسبة للمرضى والمتقدمين في السن، فإن المحكمة الفدرالية تدعو الحكومة السويسرية إلى التسلح “بأعلى درجات الحذر”، وتشير مثلا إلى النقص والقصور في مجال الخدمات الصحية.
ويقول المكتب الفدرالي للإحصاء إن 18.6% فقط من طلبات اللجوء التي تقدم بها عراقيون لقيت القبول من طرف السلطات في سويسرا، وهي نسبة تقل عن خمس العدد الجملي لطالبي اللجوء العراقيين، لكنه ليس من الممكن طرد بقية اللاجئين الذين رفضت مطالبهم إذا لم يكونوا من مناطق الشمال العراقي.
ومن الواضح أن هؤلاء الأشخاص سوف يظلون مقيمين في سويسرا إلى حين استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في بلادهم.
رينات كونزي – swissinfo.ch
( ترجمه وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
نظرا للإنتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها حقوق الإنسان اليوم في العراق، تواصل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حث جميع الدول على عدم إجبار العراقيين المنحدرين من محافظات بغداد وديالي وكركوك ونينوى وصلاح الدين على العودة إلى موطنهم.
مباشرة بعد إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها المقاتلة من العراق، حطت طائرة بمطار بغداد على متنها 61 طالب لجوء عراقي جلهم من العراقيين المقيمين في السويد والنرويج وفي الدنمارك وبريطانيا.
وفقا لمصادر بالمكتب الفدرالي للهجرة، أجبرت سويسرا 22 عراقيا على ترك البلاد يوم 31 يوليو 2010، في حين فضّل 97 آخرين مغادرة الأراضي السويسرية طوعا.
خلال عام 2009، بلغ عدد اللاجئين المطرودين من سويسرا 28، في حين غادرها طوعا 121 لاجئا.
أعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن خشيتها من أن تعطي هذه الإجراءات الأوروبية إشارة خاطئة إلى سوريا والأردن، فيقوما بدورهما بإعادة اللاجئين العراقيين إلى وطنهم.
“الحرية للعراق”، هذه المهمة التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2003، تواصلت حتى أغسطس 2010. وشارك في هذه العملية أزيد من 170.000 جنديّ أمريكي.
أوضح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الحرب على العراق كلفت الخزينة الأمريكية قرابة 1000 مليار دولار، في حين يقول جوزيف ستيغليتس، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أن المبلغ الحقيقي يناهز ثلاثة أضعاف ما أعلن عنه أوباما.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن عدد قتلى القوات الامريكية في العراق بلغ 4418 جنديا، في حين وصل عدد المصابين إلى 32000. أما على الجبهة العراقية فقد بلغت الخسائر البشرية في صفوف الجنود وقوات الشرطة 9500 فرد.
تذهب التقديرات إلى ان عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الحرب الأمريكية في العراق يتجاوز 112.600، منهم 3000 مدني في عام 2009 فقط، ينضاف إلى ذلك 141 صحفيا قتلوا أثناء المعارك.
بلغ عدد التفجيرات التي ضربت العراق منذ مارس 2003 وحتى يونيو 2010 على الأقل 2160 تفجيرا، ثلثها او يزيد كانت عمليات انتحارية، وقد تسببت هذه التفجيرات في سقوط 20.400 قتيل، و43.700 جريح.
بلغ عدد الأجانب الذين تعرضوا للإختطاف في العراق منذ ربيع 2003 قرابة 312 أجنبيا، قُتل منهم ستون، وأطلق سراح 149.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.