السرّية السويسرية حاضرة بقوة في تنظيم حفلات زفاف الأثرياء
بإمكان الأثرياء من غير المُقيمين في سويسرا، الذين يَتَطَلَّعون إلى إقامة حفلات زفاف فخمة بعيداً عن أعيُن المُتطفلين في بلدانهم الإستفادة من أجواء السرّية والتحفظ واحترام الخصوصية التي تتميز بها الكنفدرالية.
لم يَشهَد مُنتَجَع سان موريتس السويسري الفاخر الذي ترتاده الطبقة المُوسرة شيئاً من هذا القبيل في السابق. ففي شهر يونيو 2017، بلغت الإحتفالات التي أحاطت بِحَفل زفافٍ أقامته إحدى الأسر الهندية الثرية درجة من الفخامة والأبّهة، جعلت منها خبراً في وسائل الإعلام المحلية.
خمسة فنادق مُختلفة في البلدة فتحت أبوابها لاستضافة حوالي 700 ضيف، نقلوا إلى سويسرا بالطائرات لتمضية أسبوع من الإحتفالات. وعلى إيقاعات فرقة نحاسية جيء بها من بريطانيا، بلغت تكلفتها 5,000 جنيه إسترليني (5،2828 فرنكا سويسريا) في اليوم، توسط الموكب التقليدي للعريس تظاهرة راقصة اجتاحت شوارع مُنتجع التزلج.
الاحتفالات التي تواصلت حتى وقت متأخر من الليل، أنارتها 25 ثريا من الكريستال الفاخر علامة ‘سواروفسكي’ جيء بها من هولندا بتكلفة 25,000 يورو لليوم الواحد. ومن أجل استيعاب جميع المدعوين للعرس الاسطوري تحت سقف واحد، تم تحويل مُجَمَّع لملاعب التنس الداخلية إلى قاعة رقص، كما تم إحضار عدد من مشاهير الفنانين، مثل المطرب الباكستاني راهت نصرت فاتح علي خان، ومغني الراب الهندي بادشاه، للغناء أمام هذا الحشد.
هذا، وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الفاتورة النهائية لحفل الزفاف بلغت عدة ملايين من الفرنكات السويسرية.
سياسة الخصوصية
إلى جانب الطعام والشراب والترفيه والإقامة، كانت الأسرة الهندية الغنية التي نَظَمَت هذا الحدث تَدفع المال للحفاظ على الخصوصية أيضاً. ورغم الطابع العام الذي اتسمت به بعض الفعاليات الإحتفالية، لَمْ يكن بالإمكان العثور في الصحافة على اسم الزوجين، أو حتى من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. كما قوبلت جميع التحقيقات الأولية لمعرفة هوية العروسين بجدار سميك من الصمت.
وهكذا مثلاً، كان رَد نينا بونغراتش من مجلس سياحة إنغادين وسان موريتسرابط خارجي على سؤال توجهت به swissinfo.ch: “أنا آسفة، لكننا لا نُفصِح عن أسماء الضيوف إحتراماً لخصوصياتهم”.
وبدورها أيضاً، قالت شيلبا سوكومار، وهي مُنَظِمة فعاليات مُتَخَصِّصة في حفلات الزفاف الهندية تعمل من سويسرا: “لا أستطيع البوح بأية معلومات، فقد قمت بالتوقيع على إتفاقية سرّية مع العميل”.
كذلك لم تَكُن الردود الصادرة عن الفنادق التي استضافت المَدعوين إلى حفل الزفاف مختلفة. ومع هيمنة الخصوصية على إفشاء المعلومات، استغرق تحديد هوية الأسرة الهندية الثرية ساعات من العمل الصحفي الإستقصائي.
الكشف عن الهوية
مثلما اتضح لاحقا، كان المُنفِق الكبير هو راجيف كوماررابط خارجي، الذي تشتهر مجموعته دارامبال ساتيابالرابط خارجي (Dharampal Satyapal) بصناعة العديد من المنتجات الغذائية والمشروبات التي تحمل علامة ‘راجينيغاندا’ (Rajnigandha) مثل التنباك [هو عبارة عن خليط من بذور الفوفل (أو جوزة الأريكا) وأوراق التنبول] ومنتجات مَضغ التبغ في الهند. وكان كومار هو من ينثر النقود بمناسبة زواج ابنه روهان كومار. ومع الحَجم الكبير لمبيعات الشركة والتي تربو على مليار فرنك سويسري في عام 2015، فإن كومار الأب هو شخصية لها وزنها في الهند. ومن المُرَجَّح أن الصحافة الهندية ما كانت لتفوت مناسبة كهذه فيما لو تم الإحتفال بها هناك.
وكما تقول سيلفيا كوستنر من فندق غراند هوتل كروننهوف بونترسينارابط خارجي، وهو أحد الأماكن التي استُخدِمَت في حفل زفاف عائلة كومار: “الخصوصية مسألة مُهمة جداً لضيوفنا، وهم عادة ما يُطالبون بدرجة عالية من السرّية”.
كذلك يمكن للضيوف الأثرياء الذين يُفَضِلون البقاء بعيداً عن الأضواء، والتقليل من مخاطر تسلل مصوري صحافة المشاهير أو الـ “باباراتسي”، أو التعرف على هويتهم من قبل أحد مُستخدمي الهواتف الذكية من المتفرجين، اختيار أماكن أصغر حجماً.
“باعتبارنا فندقا صغيرا يضم 57 غرفة وجناحا فقط، فإننا نقترح وضع المكان بأكمله تحت تصرف هؤلاء العملاء كملكية حصرية، بحيث يكون الفندق ‘ملكاً لهم’ خلال إقامتهم في سويسرا. وتعتبرالخصوصية والكتمان إحدى العوامل المهمة أيضاً لاختيارنا في مثل هذه المناسبات”، بحسب ما أفاد توماس بيدروني من فندق ‘لي غراند بيلفو’ (Le Grand Bellevue Hotelرابط خارجي) في منتجع غشتاد (كانتون برن).
وبالإضافة إلى السرية، يقدّر العملاء الأثرياء أيضاً وجود ما يكفي من الأشياء في سويسرا التي يستطيع ضيوفهم القيام بها، والتي تجعل من البلاد وجهة تستحق الزيارة.
وكما تقول كلوديا يانّ من فندق قصر بادروتس في منتجع سان موريتس: “غالبا ما يقوم العروسان بتنظيم مجموعة من الفعاليات التي تستغرق عدة أيام”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.