الكوكايين الرخيص يُـغوي الأجيال الشابة في سويسرا
يزداد الإقبال على استهلاك مخدر الكوكايين في صفوف المجموعات العُـمرية الصغيرة واليافعين في سويسرا.
وتتمثل الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، في انخفاض أسعار بيعه في الشارع واشتهار الكوكايين (رغم تشكيك الخبراء) في أوساط المستهلكين، بقدراته العالية.
ومع أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول مدى اتساع ظاهرة استهلاك مادة الكوكايين، إلا أن مؤشرات واضحة عن ازدياد الإقبال عليه، توفّـرت من خلال تجربة خبراء المخدرات وحجم الكوكايين، التي تمكّـنت السلطات من العثور عليها.
وطِـبقا لإحصائيات أجهزة مكافحة الإجرام السويسرية، زاد حجم الكميات المحجوزة من الكوكايين عن الضّـعف، ويعتقد المكتب الفدرالي للشرطة أن الكميات المستوردة إلى داخل سويسرا، قد ارتفعت بنفس الحجم. مع ذلك، تدفع الإحصائيات المتعلقة بالكميات المحتجزة من مادة إيكستازي Ecstasy المخدِّرة، إلى الاستنتاج بتراجع الواردات من هذا المخدّر.
ويختلف الأمر فيما يتعلّـق بالكوكايين، حيث تدخل في الاعتبار كميات كبيرة وتقترن بقنوات توزيع شديدة التنوّع، إضافة إلى التراجع الشديد المسجَّـل في أسعار بيعه على ناصية الشارع.
ويقول أولي شبوري، رئيس جمعية الوقاية من أخطار الإدمان على المخدرات في زيورخ في تصريح لسويس انفو “إن استهلاك الكوكايين قد أصبح متاحا لقطاعات أوسع من صغار السنّ في المجتمع”.
ففي الثمانينات من القرن الماضي، كان سعر الغرام الواحد من الكوكايين يتراوح ما بين 500 و600 فرنك سويسري، تبعا لمدى نقاوته، أما اليوم، فيتراوح سعره ما بين 40 و120 فرنك، وهو ما يعني أقل من 8 فرنكات للجرعة الواحدة.
نفس السِّـعر لفرجة سينمائية
ويشير أورس روهر، من مركز الوقاية من الإدمان على المخدرات في زيورخ، إلى أن “أمسية كوكايين أصبحت (متاحة) بالنسبة للشبان بنفس تكلفة فرجة سينمائية”، ويضيف إلى أن “المخدِّر لا يترك آثارا طويلة الأمد، لذلك فإن الآباء لا ينتبهون، في معظم الحالات، إلى أن أطفالهم بصدد استهلاك الكوكايين”.
ويقول شبوري من جهته، “إن العديد من اليافعين يستنشقونه خلال حفل ساهر أو مع بعض الأصدقاء، وكثير منهم لا يتجاوزون مرحلة التجريب. إنه من الصعب أن تُـخلِّـف فترة استهلاك قصيرة ومتحكَّـم فيها بشكل معقول، أي ضرر”. مع ذلك، يظل الكوكايين مخدِّرا قوي التأثير، حيث “يؤدي الإستعمال المطوَّل والمتزايد له، إلى حدوث مشاكل بدنية، وبالنتيجة، لا يجب الاستهانة بهذا المخدِّر”.
الوقاية من الكوكايين لا زالت مسألة مثيرة للجدل في أوساط الخبراء السويسريين، وتُـعتبر عسيرة جدا. ويلاحظ شبوري أن “الشبان يريدون الذهاب إلى خارج البيت والاستمتاع، ولا يقرؤون المطبوعات”، التي تحذرهم من مخاطر استهلاك هذه المادة الخطرة.
ويضيف الخبير السويسري أن “مجال تحرّكنا محدود، لكن توجد مشكلة ذات طابع عام، وهي لا تختلف عن الوقاية من التدخين. فكل ممنوع مرغوب”.
صرعة جديدة
من العوامل الإضافية المساعدة على تزايد الاستهلاك، تحوُّل الكوكايين إلى موضة أو صرعة سلوكية جديدة. ففي الوقت الذي اقترنت فيه مادة الهيروين بالخيبة والتهميش، يعتبر كثيرون أن الكوكايين مُـخدِّر الناجحين والوسيمين، وتشمل التأثيرات الناجمة عن استهلاكها، فقدان الكوابح والشعور بالقوة، لكن انعكاساتها الجانبية تظل غير قابلة للتوقّـع.
ويقول شبوري “في الحياة العملية، يحتاج المرء إلى قدر عالٍ من الاستقرار، كما يُـطالَـب بالرغبة في تحقيق أفضل النتائج. وهنا، (يُـعتقدُ) أن الكوكايين يُـمكن أن تساعد (على ذلك)”، لذلك، يتمكّـن العديد من المستهلكين من التوفيق بين حياتهم العملية وتعاطي الكوكايين على مدى سنوات عديدة.
وطِـبقا للتقديرات المتوفِّـرة، تتراوح نسبة الذين يُـصبحون من المدمنين ما بين 8 و10%، وتشير إيرين كاسبار، المديرة الطبية لمصحّـة DBB في ضاحية هورغن، القريبة من زيورخ، إلى أن التبعية البدنية (للكوكايين)، تستغرق وقتا أطول بكثير مقارنة بالهيروين. وتضيف السيدة كاسبار بأن “العديد من مستهلكي الكوكايين، لا يُـقدمون على ذلك، إلا في عطلة نهاية الأسبوع ويمارسون حياة عملية نشطة”.
في هذا السياق، تزيد أعمار أغلب المرضى، الذين يعالجون في مصحة هورغن من الإدمان عن الأربعين، وهم من مستهلكي الكوكايين منذ عشرات السنين.
دوّامة خطيرة
في العديد من الحالات، يؤدّي استهلاك الكوكايين إلى دوامة خطيرة، تشمل تعاطي الأدوية والعلاقات البشرية، إضافة إلى المشاكل المرتبطة بالأموال. وبغضّ النظر عن الأعمار، هناك العديد من الأسباب التي تدفع الناس إلى البحث عن علاج، مثلما تقول السيدة كاسبار، لكن العلاج يحتاج أن يكون على مقاس الفرد، حيث يتم التركيز على العلاج النفسي أكثر من التطبيب بالأدوية.
في العديد من الحالات، يريد المرضى التوقّـف تماما عن استهلاك الكوكايين، مثلما تقول المديرة الطبية لمصحة DBB في ضاحية هورغن قرب زيورخ، لكن تمّ تحقيق نتائج أفضل مع الراغبين في انسحاب جزئي من هذه الدوامة.
وتضيف السيدة كاسبار أنه مبدئيا، من المهم تقديم المساعدة بشكل مبكَّـر، إلا أن العديد من الأشخاص يقدُمون طواعية، وهم لديهم حوافز أكبر من أولئك الذين يتوجّـهون إلينا عبر أقاربهم أو من خلال أجهزة الرعاية الاجتماعية.
في السنوات الأخيرة، لوحظ أن عدد المرضى في ضاحية هورغن، الريفية نسبيا، تزايد. أما في مدينة زيورخ، فالارتفاع أكبر، لكنه لا يتّـسم بنفس القدر من المأساوية لدى مقارنته مع مشكلة الإدمان على الكحول.
وفي إشارة إلى تقارير وسائل الإعلام، التي تزعم أن جميع شبان البلد مدمنون على استهلاك “الدقيق الأبيض”، تشدد الدكتورة كاسبار على أن “نسبة قليلة من الشبان فقط، تستنشق الكوكايين”.
سويس انفو – اعتمادا على تقرير بالألمانية لأندرياس كايزر
تتوفّـر مادة الكوكايين على قُـدرة كبيرة للتسبُّـب في الإدمان.
يؤدّي استهلاك مزيج من الكوكايين والمخدرات الأخرى، إلى زيادة المشاكل الصحية، وخاصة ما يتعلّـق بالدورة الدموية.
يُـمكن أن يتسبّـب استهلاك الكوكايين على المدى القصير في إصابة الشخص بالهلوسة.
استهلاك الكوكايين على مدى طويل، يُـمكن أن يفاقم خطر ظهور أعراض أمراض نفسانية مُـزمنة.
استهلاك الكوكايين يُـمكن أن يؤدي إلى الإفراط في تقدير الشخص لإمكانياته.
يؤدي استهلاك الكوكايين من طرف النساء الحوامل، إلى زيادة خطر حدوث ولادة مبكِّـرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.