انفلونزا الخنازير: سويسرا تستـعد لمواجهة حالات متزايدة
أعلن المكتب الفدرالي للصحة العمومية يوم الخميس 30 أبريل في برن بأن اختبارا للكشف عن فيروس إنفلونزا الخنازير قد أصبح متاحا في سويسرا منذ مساء الأربعاء، وأن تطويره تم في وقت قياسي من قبل مركز علم الفيروسات بالمستشفيات الجامعية لكانتون جنيف.
وأوضح المكتب أن استكمال تثبيت الاختبار لا يزال يتطلـّب يومين أو ثلاثة، وأن عملية تطوير وتثبيت مثل هذا التحليل تستغرق في العادة خمسة عشر يوما تقريبا.
الاختبار الجديـد هو الذي سمح بتشخيص وجود فيروس انفلونزا الخنازير (A/H1N1) لدى مريض بمستشفى في بادن (كانتون أرغاو) قرب زيورخ، وهي أول حالة مؤكدة للإصابة بهذا الداء في سويسرا.
وكانت منظمة الصحة العالمية قررت في وقت متأخر من يوم الأربعاء 29 أبريل رفع مستوى الإنذار الوبائي من 4 إلى 5 (على سلم بست درجات)، وحذرت على لسان مديرتها العامة مارغاريت تشان من أن الوباء “وشيك”. وقالت المنظمة “يجب على جميع البلدان تنشيط خطتها المعدة لمواجهة الوباء فورا”.
“لا يجب تهويل الأمر”
وقد أشار المكتب الفدرالي للصحة العمومية إلى عدم وجود حاجة، في الوقت الراهن، لاتخاذ تدابير جديدة ضد الفيروس الفتاك رغم حالة الإصابة الأولى التي تأكدت في سويسرا صبيحة الخميس. ويتعلق الأمر بشاب يبلغ من العمر 19 عاما عاد من المكسيك في مطلع هذا الأسبوع، ويُعالج حاليا في مستشفى بادن، كما سلف الذكر.
وأكد مدير المكتب، توماس تسيلتنير، في مؤتمر صحفي انعقد في نفس اليوم بالعاصمة برن أن سويسرا تتبع توصيات منظمة الصحة العالمية، وبأن الشاب المُصاب “بخير ويتعافى”، وأنه “يعاني من نوع خفيف من إنفلونزا الخنازير”. ويـُعالج الشاب بدواء تاميفلو المضاد للفيروسات الذي يُتناول عن طريق الفم، والذي تُصنـِّعه شركة “روش” السويسرية.
ودعا السيد تسيلتنير إلى عدم التهويل مؤكدا أن الوضع في سويسرا لا يمكن مقارنته بتابا بما يحدث في الولايات المتحدة، ومشددا على أهمية غسل اليدين جيدا والابتعاد عن الآخرين، وأن وضع الأقنعة ليس ضروريا حاليا.
ويتابع المكتب الفدرالي للصحة العمومية عن كثب تطور الوضع، إذ اجتمعت لأول مرة صبيحة الخميس خلية الأزمة الخاصة بالأمراض الوبائية في المكتب غداة القرار الذي اتخذته بهذا الشأن الحكومة الفدرالية.
ويُشـتبه (لحد إعداد هذا التقرير) في وجود 29 حالة إصابة بأنفلونزا الخنازير في سويسرا: في كانتونات جنيف، وفو، وفالي، وبرن، وزيورخ، وبازل، وسانت غالـن. وتخص جميع الحالات المُشتبه فيها أفرادا عادوا مؤخرا من المكسيـك.
تزايد الطلب على الأقنعة رغم التطمينات
من جانبه، نوه ستيفن لاورز، الخبير في منظمة الصحة العالمية، في تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية صبيحة الخميس 30 أبريل إلى أن “الفيروس يوجد بعد في بلدان مختلفة” وأن عدم السفر لن يساعد (على وقف زحف فاشية أنفلونزا الخنازير). وتظل للحكومات حرية إصدار توصيات لمواطنيها بعدم السفر إلى البلدان التي سُجلت فيها حالات إصابة بالمرض.
ولا توصي منظمة الصحة العالمية في المرحلة الخامسة من مستوى الإنذار الوبائي (على سلم من 6 درجات) بارتداء الأقنعة كإجراء وقائي عام. وأوضح الخبير الأممي أن “وضع القناع في سويسرا ليس ضروريا. فهو قد يكون ضروريا في المكسيك إذا سُجلت حالات كثيرة”. وتابعا قائلا: “يجب التزام الهدوء والعمل والعيش بشكل طبيعي، وبالأخص، عدم الاستسلام للذعر”.
ويجب على الأشخاص المتمتعين بصحة جيدة أن يواصلوا الإطلاع على تطورات الوضع وأن يتقيدوا بالتدابير الصحية الأساسية، مثل غسل اليدين باستمرار والسعال في منديل ورقي يُرمى بعد الاستخدام. ولا ينبغي تناول أدوية مضادة للفيروسات إذا لم يكن الشخص مريضا.
ورغم تطمينات المكتب الفدرالي للصحة العمومية، لوحظ يوم الخميس ارتفاع الإقبال على شراء الأقنعة الصحية في سويسرا، إذ أعلنت كل من “ميغرو” و”كوب”، اللذين يعتبران عملاقي تجارة التجزئة في البلاد، أنهما وفـّرا المزيد من الأقنعة في محلاتهما.
ويذكر أن المكتب الفدرالي للصحة العمومية يوصي بتخزين 50 قناعا لكل فرد كإجراء وقائي في حال انتشار وباء إنفلونزا الخنازير.
ويحول القناع دون انتقال العدوى للأشخاص الذين لديهم اتصال بالمرضى. وحسب السلطات الصحية الفدرالية، لا تتحقق المنفعة من ارتداء القناع إلا عند اقترانه بالإجراءات الصحية الأخرى (مثل غسل اليدين مرارا) والابتعاد عن مناطق الخطر. وتدعو السلطات سكان سويسرا إلى انتظار الضوء الأخضر قبل اللجوء إلى وضع الأقنعة.
الــداء والدواء
وإذا ما ظهرت بعض أعراض الإنفلونزا، مثل الحمى والسعال والآلام العضلية، يجب الخضوع إلى فحص طبي. ويـُذكر الخبير الأممي ستيفن لاورس في هذا السياق أن أعـراض إنفلونزا الخنازير هي نفس أعراض الانفلونزا الموسمية.
كما يوصي “بعدم الانتظار طويلا والبقاء في المنزل بدل الذهاب إلى المنزل، في حال ظهور الأعراض”، بل تفادي الاتصالات المباشرة مع أفراد الأسرة والأقارب.
وإذا ما تأكدت حالات كثيرة للإصابة من إنسان إلى آخر في منطقة معينة، فيمكن للسلطات أن تقرر إغلاق المدارس والحد من التجمعات العامة.
من جانبها، يجب على حكومات البلدان التي ظهرت فيها إنفلونزا الخنازير التأكد من أنها تتوفر على ما يكفي من دواء تاميفلو الفعال ضد فيروس A/H1N1. وتتوفر منظمة الصحة العالمية على خمسة ملايين علاج بدواء شركة “روش” السويسرية، أي 50 مليون جرعة، وبإمكانها وضعها رهن إشارة البلدان التي لا تتوفر على ما يكفي من هذه الأدوية أو التي لا تمتلكها أساسا.
وتدعو منظمة الصحة العالمية أيضا إلى الترفيع من إنتاج تاميفلو كدواء جنيس (جينيريك) بسعر منخفض لوضعه رهن إشارة أكبر عدد ممكن من البلدان.
وقد أجرت منظمة الصحة العالمية اتصالات مع العديد من المختبرات الصيدلانية لدراسة إمكانية إنتاج لقاء ضد فيروس إنفلونزا الخنازير. وأوضح السيد لاورز أن إنتاج المصل سيتطب حوالي أربعة أشهر.
كما شدد على أن العديد من الأشخاص تعافوا من إنفلوزا الخنازير، وأن الفيروس لم يكن مُـضرا في تلك الحالات. لكن لا تزال تُجهل درجة خطورة الوباء.
وبلهجة حذرة، اختتم الخبير تصريحاته قائلا: “لا نعلم كيف سيتطور الفيروس، إذ تظل العديد من المعطيات غير معروفة. يجب تحليل طرق انتقال (العدوى) وأسباب الوفيات”.
الصليب الأحمر يدعو إلى “كبح جماح” الوباء
ومن جهتها، وجهت الفدرالية الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر يوم الخميس في جنيف نداء لتجميع 5 ملايين فرنك سويسري لـ “كبح جماح” إنفلونزا الخنازير، والاستعداد لوباء عالمي محتمل”.
وصرح الأمين العام للفدرالية، بيكيلي كيليتا، في بيان: “إن أكثر من 130 من جمعياتنا الأعضاء الـبالغ عددها 186 تشارك في الجهود المبذولة للحد من تأثير هذه الأزمة الصحية”.
وأوضحت الفدرالية أنها وضعت شبكة من المتخصصين في الاستعداد للأوبئة تغطي كافة المناطق التي تنشط فيها، وبأنها طورت “عدة أدوات تهدف إلى تسهيل مهمة الجمعيات الوطنية في هذا المجال”. لكنها تحتاج للأموال لتشغيل تلك الآليات في المناطق الأكثر احتياجا لها.
ويذكر أن الفدرالية تتوفر على شبكة من 60000 متطوع في العالم، من بينها 20000 من “النشطين”.
سويس انفو مع الوكالات
30 نيسان/أبريل 2009- تشهد الأوضاع الراهنة فيما يخص فاشية إنفلونزا الخنازير من النمط A/H1N1 تطوراً سريعاً. فقد أبلغت أحد عشر بلدا، رسمياً حتى 30 أبريل/نيسان 09، الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش، عن وقوع 257 حالة من حالات العدوى بإنفلونزا الخنازير من النمط A/H1N1.
وأبلغت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عن وقوع 109 حالة بشرية مؤكّدة مختبرياً أدّت حالة واحدة منها إلى الوفاة. وأبلغت المكسيك عن حدوث 97 حالة بشرية مؤكّدة أدّت سبع حالات منها إلى الوفاة.
كما أبلغت البلدان التالية عن وقوع حالات بشرية مؤكّدة فيها لم تؤد أيّة حالة منها إلى الوفاة: النمسا (1) وكندا (19) وألمانيا (3) وإسرائيل (2) وهولندا (1)ونيوزيلندا (3) وإسبانيا (13) وسويسرا (1) والمملكة المتحدة (8).
وسيتم، بانتظام، إتاحة المزيد من المعلومات عن الأوضاع السائدة على موقع منظمة الصحة العالمية الإلكتروني. (http://www.who.int/en/)
لا توصي منظمة الصحة العالمية بفرض أيّة قيود على حركة السفر العادية أو غلق الحدود. وينبغي على المرضى، من باب الحيطة، إرجاء رحلاتهم الدولية، كما ينبغي على من تظهر عليهم أعراض عقب رحلة دولية التماس العناية الطبية، وذلك طبقاً للإرشادات ذات الصلة الصادرة عن السلطات الوطنية.
والجدير بالذكر أيضاً أنّه لا توجد أيّة مخاطر لاكتساب العدوى بهذا الفيروس جرّاء استهلاك لحوم الخنازير ومشتقاتها التي تم طهيها بطريقة جيدة. ويُنصح الناس بغسل أيديهم بالماء والصابون بشكل جيد وبانتظام والتماس العناية الطبية إذا ظهرت عليهم أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.