برن.. أول كانتون يقرر توظيف مفتشين اجتماعيين
بعد التجارب التي تمت في مدن زيورخ وبازل وإيمّـن، وفي خطوة جديدة، تقوم أربع بلديات في كانتون برن، وهي برن (المدينة) وبيل Biel وكونيتس وايتِّـيغن، بتعيين مفتِّـشين اجتماعيين فيها، وما يميِّـز هذه الخطوة، هو تمويل السلطات المحلية لها.
المشروع رائد وغير مسبوق في سويسرا، حيث يقوم الكانتون بعملية التمويل وتقوم البلديات المشاركة فيه، وخلال فترة ستة أشهر، بتعيين مفتِّـشين اجتماعيين، مُـهمَّـتهم الرئيسية مُـكافحة سوء الاستخدام والتجاوزات من قِـبل الأفراد بكفاءة، والحيلولة دون حدوثها كلّما أمكن ذلك.
تفاصيل هذا المشروع الذي يهدف إلى تعزيز وزيادة الثقة في الخدمات الاجتماعية عرضها السيد فليب بيرينو (من الحزب الاشتراكي) ومدير الصحة في حكومة كانتون برن في اجتماع خصص لهذه الغرض يوم الاثنين 21 أبريل.
ويرى السيد بيير إيف موشلر، عضو مجلس بلدية بيل Biel، أن مصداقية السلطات العمومية برمـّتها توجد الآن على المِـحك، حيث صرّح المسؤول عن الشؤون الإجتماعية في المدينة التي تعتبر عاصمة صناعة الساعات، بأن “المال العام لا يجب ولا يمكن إهداره”، وأفاد بأن القسم الذي يترأّسه، هو الذي أعطى القوّة الدافعة للتعاون ما بين الكانتون والبلديات.
ومن المنتظر الآن أن تقوم البلديات الأربعة في سياق تجربتها المؤقّـتة، والتي تستمر إلى شهر أكتوبر 2008، بتعيين مفتِّـشين اجتماعيين، وذلك في حالة الاشتِـباه بوجود حالات احتيال من طرف المستفيدين من العلاوات والمساعدات الاجتماعية.
ويتوقّـع فالتر هاك، من الدائرة الاجتماعية لبلدية كونيتس بأنه “يتوجب على المفتِّـشين الاجتماعيين، إما تثبيت أو إزالة الشُّـكوك المتعلِّـقة بالمساعدات الاجتماعية”.
جدل متجدّد
من خلال هذه التجربة، تأمل السلطات المحلية في كانتون برن، وبالتعاون مع البلديات الأربعة، في الحصول على إجابات فيما يخُـص الأسئلة التالية: ما هي أشكال الاحتيال الموجودة؟ هل تتمكّـن الخدمات الاجتماعية من تحسين مُـراقبتها إلى درجة الكمال؟ هل يُـحقِّـق وجود المفتِّـشين الاجتماعيين فوائد إضافية؟
وفي واقع الأمر، فإن للكانتون كل المصلحة في الحصول على إجابات واضحة عن هذه الأسئلة، حيث أنه هو الذي يقوم بتمويل نِـصف ميزانية المساعدات الاجتماعية المقدمة للبلديات، أما النصف الآخر، فإنه يأتي عن طريق تقاسُـم الأعباء بين الطرفين.
وفيما يُنتظر أن تُعلن نتائج هذه التجربة في موعِـد لا يتجاوز مطلع عام 2009، يتوقّـع السيد بيرينو أن تكون في مصلحة كامل كانتون برن، كما ينبغي لهذه النتائج أن تُـسهم في إضفاء المزيد من الموضوعية على المناقشات العامة التي عادة ما تتسم بالحدة وتباين الآراء حول هذا الملف.
وأوضح بيرينو أن أقلية صغيرة من الأشخاص تحصُـل على المساعدات الإجتماعية عن طريق الاحتيال، كما أكد أن “الغالبية العُـظمى للمستفيدين من هذه المساعدات يُـعانون من ظروف عَـوز وفي حاجة إلى الدعم المالي”.
جدل حول التحقيقات السرّية
في سياق متصل، يطلب الكانتون من البلديات الأربعة الوصول إلى تحقيق الهدف الأساسي المشترك، المتمثل في مكافحة الاحتيال، لكنه يترك لكل بلدية الحُـرية في اختيار طريقة التطبيق، وكما يوضِّـح السيد بيرينو، فإن ذلك “يجب أن يسمح بمقارنة مناهِـج التعامل المختلفة”.
على سبيل المثال، في مدينة بيل Biel، لا يسمح بعمل المفتِّـشين الاجتماعيين، إلا بناءً على طلب من مكتب الخدمات الاجتماعية أو من طرف ثالث، ويشمل نشاط هؤلاء الموظَّـفين التحقّـق من الحالة السكنية للمستفيد من الإعانة والتبليغ في حال وجود شكّ حول أية إيرادات لم يتِـم التصريح بها أو موارد جانبية، إلا أن سلطات البلدية لا تسمح بالقيام بالتّـفتيش بطُـرق خفية.
هذا هو الحال في بلدية إيتِّـيغن أيضا، حيث لا يسمح للمفتِّـشين الاجتماعيين، وبسبب غياب أساس قانوني يمكن الإستناد إليه، القِـيام بمهامِّـهم بطُـرق خفية، وهذا ما دعا السلطات المعنِـية بإبلاغ ما يقارِب 400 مُـستفيد من المساعدات الاجتماعية وبطريقة صريحة وشفافة، عن احتمال تعرّضهم لإجراءات تحقّـق مُـمكنة، متأمِّـلين في أن يكون لذلك أثر رادع مُسبق.
سلطات بلدية كونيتس من جانبها لا تعتقِـد بأن الزيارات المنزلية كافية، بل تسمح لمفتِّـشيها بمراقبة ورصد المُـستفيدين المشكوك فيهم، إلا أن ذلك “يتِـم فقط في الأماكن العامة”، كما صرح بذلك فالتر هاك، ممثل بلدية كونيتس.
تحول في موقف سلطات مدينة برن
قدّمت مدينة برن، والتي تشارك أيضا في هذه التجربة، خطّـتها منذ شهر مارس الماضي، حيث تَـوَدّ استحداث وظيفة ونصف للمفتشين الاجتماعيين، إضافة إلى وظيفة كاملة للمدقِّـق الاجتماعي.
في برن كذلك، لا يحِـق للمفتِّـشين العمل بطريقة خفية، ويقوم المدقِّـق الاجتماعي بتقديم الدعم إلى المفتِّـشين الاجتماعيين في المسائل المالية المعقّـدة.
السيدة إيديث أوليبيت، المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية في مدينة برن كانت تُـعارض فِـكرة إعتماد عمل المفتِّـشين الاجتماعيين لفترة طويلة، إلا أن حالةً تحايل تمّ الإعلان عنها في الصُّـحف الصّـيف الماضي والخاصة بشخص من جنسية إيرانية كان يقود سيارة من طراز بي أم دبليو BMW غالية الثمن، ويستفيد من المساعدات الاجتماعية في نفس الوقت، أدت إلى حصول هذا التحول في الموقف.
الضّـغط من اليمين
كانت هذه الحالة وغيرها من الحالات التي تناقلتها وسائل الإعلام السويسرية، محلّ ترحيب وذخيرة استخدمها حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) في حملته الشعواء ضد من يصفهم بـ “الطُّـفيْـليين الاجتماعيين”.
ومنذ ذلك الوقت، وُصف التحصلون على المساعدات الاجتماعية (وخاصة من ذوي الأصول الأجنبية) بأنهم “مستفيدون على حِـساب دافعي الضرائب”، إلا أن حزب الشعب السويسري أشّـر في حملته (التي لا تكاد تتوقف) إلى جميع الخدمات الاجتماعية وعلى جميع المستويات.
في سويسرا، تقع مسؤولية المساعدات الاجتماعية على البلديات.
نصف الأموال الخاصة بالمساعدات الاجتماعية، تمّول من الكانتون، أما النصف الآخر، فإنه يأتي عن طريق تقاسم الأعباء بين الكانتون وخزائن البلديات.
وقد ساعد ذلك لغاية الآن، في تقليل الحافز لمكافحة الاحتيال من جانب البلديات.
ليس من الواضح كم ستكلِّـف التجربة التي تنتهي في أكتوبر 2008 ميزانية كانتون برن.
في بلدية بيل Biel، ستكلِّـف المراجعة الخارجية الخاصة لحالات تتراوح بين 15 و20 حالة مشكوك فيها، حوالي 20,000 فرنك. نفس المبلغ متوقع لتكلفة تدخل مفتِّـش اجتماعي في بلدية إيتّـيغن.
في مدينة برن، وفي إطار هذا المشروع، سيتِـم استحداث 2,5 وظيفة جديدة (150% للمفتّـشين الاجتماعيين و100% للمدقِّـقين الاجتماعيين)، وتقدر التكاليف بـ 220,000 فرنك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.