برن وبروكسل بحاجة إلى “حلول خلاقة” لتجاوز العراقيل القائمة بينهما
لم يسبق أن عرفت علاقات سويسرا مع الاتحاد الأوروبيرابط خارجي أزمة شراكة بهذا القدر من الحدة. أكيد أن تاريخهما كان دوما مضطربا، لكن مصادقة سويسرا على المبادرة الشعبية "ضد الهجرة المكثفة"رابط خارجي، أشعلت الفتيل، ولم تظهر لحدِّ اليوم اية بوادر تسوية في الأفق، لا بل زاد الامر تعقيدا بعد تعبير أعضاء الإتحاد الأوروبي وبالإجماع عدم استعدادهم للتفاوض من جديد بشأن اتفاقية حرية تنقل الأشخاص، او القبول بإعادة العمل بنظام الحصص الذي تطالب به سويسرا.
في تعليقه على الوضع، يقول السويسري جون روسوطو، محامي الأوساط الاقتصادية وأحد المراقبين عن كثب لتطور العلاقات بين بلده والاتحاد الأوروبي “إن هذا التأزم لم يسبق له مثيل”. فقد كان الاتحاد الأوروبي حتى بعد رفض السويسريين للمجال الاقتصادي الأوروبيرابط خارجي في عام 1992 قد قبل بشكل أو بآخر المجازفة بالدخول في مفاوضات ثنائية. ولكن بعد قبول السويسريين في 9 فبراير الماضي للمبادرة المناهضة للهجرة المكثفة”، لم يعد لدينا شريك يرغب في اللعب معنا. لقد انكسرت هذه الآلية”، كما يلاحظ المحامي.
بلوغ الحد الأقصى
في الواقع، كان الاتحاد الأوروبي قد وضع حاجزا أوليا في عام 2010، عندما اعتبر بأن نظام الاتفاقيات الثنائيةرابط خارجي الخاصة بكل قطاع، والتي كانت تُقام حسب المقاس بالنسبة لبرن “قد بلغت الحد الأقصى” وأنه إذا لم يتم التوصل إلى حل وسط وِفقا لشروط وقواعد جديدة في النظام المؤسساتي (الأوروبي)، فإن مواصلة مشاركة سويسرا في السوق الداخلية للاتحاد لن يكون ممكنا تطويرها إلى أبعد ما تحقق حتى الآن. ويبدو أن البعض في الحكومة السويسرية في برن لم يقدِّروا حق التقدير إرادة الاتحاد الأوروبي في طرح كل الأوراق على الطاولة، وعلى طريقته.
رفض أوروبي لإعادة التفاوض لا يرغب الاتحاد الأوربي في إعادة فتح المفاوضات بخصوص اتفاقية حرية تنقل الأشخاص المبرمة مع سويسرا، وهذا بعد تصويت الشعب السويسري لصالح مبادرة تحد من الهجرة الوافدة من دول الاتحاد الأوروبي.
فقد تم اتخاذ هذا القرار يوم الخميس 24 يوليو 2014 في بروكسل، بالإجماع وبدون مناقشة.
إذ أوضح الاتحاد الأوروبي، مثلما أوردت الاذاعة العمومية السويسرية ، في رسالة تم توجيهها للرئيس السويسري ديديي بوركهالتر، بان حرية تنقل الأشخاص هي واحدة من بين المبادئ الأساسية لدى الاتحاد الأوروبي، وأنه لا يمكن التفاوض بشأنها أو التحديد من صلاحيتها بإدخال نظام الحصص.
وكانت الحكومة السويسرية قد طلبت في السابع يوليو بإعادة التفاوض بخصوص الاتفاقية، وهذا بعد أن قبل الشعب السويسري، باغلبية بسيطة، مبادرة شعبية في 9 فبراير، تدعو للحد من الهجرة الوافدة من الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. فهذه المبادرة ، التي دعمها حزب الشعب السويسري، المعروف ببرنامجه المناهض للاتحاد الأوروبي، تنص على إعادة العمل بنظام الحصص، وعلى تفضيل تشغيل المواطنين السويسريين في حالة شغور مناصب شغل، والحد من الحقوق الاجتماعية للعمال المهاجرين.
وما يبدو خطوة أكثر تشددا، دعوة تلك المبادرة لسويسرا لإعادة فتح المفاوضات بخصوص اتفاقيتها الثنائية مع الاتحاد الأوروبي بخصوص حرية تنقل الأشخاص في غضون فترة ثلاث سنوات، أو إلغاءها. وهذا ما قد يؤدي في المقابل الى تهديد باقي الاتفاقيات الثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر حرية تنقل الأشخاص داخل حدود الدول الأعضاء، من بين السياسات الأساسية للاتحاد الأوروبي ، في الوقت الذي شاركت فيه الدول غير الأعضاء في الاستفادة من هذه السياسة عبر اتفاقيات ثنائية مع بروكسل. وكانت اتفاقية حرية تنقل الأشخاص قد دخلت حيز التطبيق منذ عام 1992.
ولم تصدر لحد كتابة هذا النص، اية ردود فعل رسمية سويسرية على هذه الأنباء الواردة من بروكسل.
ومن البديهي أنه ابتداء من الآن، سوف لن تستطيع برن التخلص من هذه “الإملاءات لمسؤولين أجانب” أوروبيين، كانت دوما ترفضها. وعلى برن بالخصوص أن تعترف بسلطة اللجنة الأوروبية في مجال مراقبة حسن تطبيق الاتفاقيات، وإلا فإن عليها دفع الثمن باهضا في حال رفضها تطبيق اتفاق من الاتفاقات، إن هي قرّرت تجاهل أحد قرارات محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في قضية سوء تنفيذ قانون من قوانين الاتحاد الأوروبي التي عليها تطبيقها بدون تحريف.
خيال فياض
تأمل الحكومة السويسرية في التوصل إلى حلول وسطى ومُرضية حول هذه القضايا الشائكة، قبل أن ينتقل رئيس مفاوضي الاتحاد الأوروبي الحالي الايرلندي دافيد اوسوليفان الى منصبه الجديد في واشنطن في شهر نوفمبر القادم.
ويتطلب الأمر الكثير من الوقت، وبالأخص التمتع بخيال فياض، وهو ما لا يمكن توقعه في الوقت الحالي – من أجل حل العقبة الثانية التي أضافها السويسريون بأنفسهم في 9 فبراير الماضي بانتهاكهم للمبدإ الأكثر قدسية عند الأوروبيين، أي مبدأ حرية تنقل الأشخاص.
فقبول مبادرة الحدّ من الهجرة المكثفة، الذي سيصبح قانونا دستوريا جديدا، والذي من المفروض أن يتم توضيحه وإدماجه في القوانين السويسرية في شهر فبراير 2017 على أقصى حد، لا يهدد فقط تطور العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، بل يهدد ايضا استمرارية صلاحية العديد من الاتفاقات التي تربط البلدين منذ عام 1999. ولئن لم يقبل الاتحاد الأوروبي هذه المبادرة بالترحاب، فإنه لم يقطع الجسور كلية.
عبارة عن مقامرة
أكيد أن الاتحاد الأوروبي علق المفاوضات الجارية بخصوص اتفاقات تهدف للسماح للسويسريين بالمشاركة كلية في برامج البحث العلمي الأوروبية الجديدة (آفاق 2020) وبرامج التعليم (إيراسموس +رابط خارجي)، ولكن ما تم الاعتراف به في بروكسل، هو أنه بالنظر إلى أهمية سويسرا في مجال البحث العلمي على المستوى الأوروبي “هناك تفكير في القيام بتعاون ثنائي خارج الإطار المؤسساتي، وهو ما يسمح للسويسريين بالاشتراك في بعض البرامج الخاصة”.
وبهذه الطريقة، يتمكن الاتحاد الأوروبي من الحفاظ على مصالحه الخاصة وتقديم ضمانات حسن نية للشعب السويسري، على أمل، ولو أن الأمل ضئيل، التأثير من أجل إعادة النظر في القانون الدستوري الجديد في نهاية عام 2016، وهذا عن طريق استفتاء شعبي حول مستقبل علاقات الاندماج الأوروبي لسويسرا، وهذا ما أثاره أيضا وزير الخارجية السويسري ورئيس الكنفدرالية الحالي ديديي بوركهالتر. ويبدو أن كل المعطيات متوفرة لمواجهة مباشرة بين الطرفين قد تفضي إلى حل، ولكن ليس بدون مخاطر. وكما يرى جون روسوطو “سيكون الأمر بمثابة مقامرة”.
قانون غير قابل للتفاوض
كان الاتحاد الأوروبي قد قبل مواصلة التفاوض مع سويسرا بخصوص عدد من الملفات (الطاقة الكهربائية، النفاذ لسوق المنتجات الكيميائية، تجارة إصدارات غاز ثاني أكسيد الكربون، المنتجات الفلاحية المحورة، الصحة وحماية المستهلك، الخ..)، ولكن بوضع بعض الشروط، يمكن التوصل إلى تحديد اتفاقات في هذه الميادين، ولكن لن يتم التوقيع عليها قبل أن تتوصل سويسرا إلى إيجاد “حل مقبول” للمشكلة العويصة، أي مشكلة حرية تنقل الأشخاص.
وبإعلان الاتحاد الأوروبي عن رفضه قبول إعادة فتح ملف التفاوض بخصوص اتفاق حرية تنقل الأشخاص، الذي قدمته برن يوم 7 يوليو، يعيد الملف الى نقطة الصفر. ما ترفضه بروكسل، ليس مبدأ التفاوض بل رفض المبادئ الخلفية. فقد كرر الجانب الأوروبي مرارا، وردد على الملإ “بأننا لسنا مستعدين للتفاوض بخصوص إعادة إدخال نظام الحصص للعمالة الأجنبية أو نظام الأفضلية الوطنية”. ولن يعمل تشكيل لجنة أوروبية جديدة في شهر نوفمبر على تغيير شيء على الإطلاق.
فرئيس الوزراء الأسبق لدولة لوكسمبورغ جون – كلود يونكر، الذي سيترأس هذه اللجنة الأوروبية، قد سبق له أن استعرض رأيه بهذا الخصوص أثناء حديثه لمختلف المجموعات السياسية الممثلة في البرلمان الأوروبي قبل اختياره في هذا المنصب في 15 يوليو في ستراسبورغ.
فقد أوضح في الوقت الذي يُثار فيه نقاش حاد في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة، وبالأخص في المملكة المتحدة، بأن حرية تنقل العمال في أوروبا تمثل “قانونا أساسيا غير قابل للتفاوض”.
ترجمه من الفرنسية وعالجه : محمد شريف
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
حزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة
تم نشر هذا المحتوى على
انتزعت مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) الداعية إلى تحديد سقف لعدد المهاجرين الوافدين من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، الأغلبية المزدوجة، بحيث حظيت بموافقة غالبية الكانتونات، وتأييد أغلبية أصوات الناخبين.
كما صوت السويسريون هذا الأحد بأغلبية مريحة ضد مبادرة "تمويل الإجهاض مسألة خاصة"، ولصالح مبادرة "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية".
أُعلن عن النتائج النهائية في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين بخصوص مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، التي حظيت بموافقة 17 كانتونا مقابل على رفض 9 كانتونات. أما على مستوى أصوات الناخبين، فقد حصلت على تأييد أغلبية ضئيلة جدا بلغت 50,34%. ويحتسب الفارق بين معسكري المؤيدين والمعارضين بـ 19526 صوتا فقط.
ونجد في معسكر الرافضين جميع الكانتونات الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، فضلا عن الكانتونات المتحدثة بالألمانية تسوغ، وبازل-المدينة، وزيورخ.
وجدير بالذكر أن نسبة المشاركة في اقتراعات هذا الأحد مرتفعة بشكل ملفت بحيث ناهزت 56%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ خمسة أعوام، والأعلى أيضا منذ التصويت على منح النساء حق التصويت على المستوى الفدرالي عام 1971.
وتدعو مبادرة "أوقفوا الهجرة المُكثفة" إلى تحديد سقف لعدد المُهاجرين الجُدد، واعتماد نظام حصص سنوية. ويطالب نص المبادرة بأن تكون الحصص مرهونة بمصالح سويسرا الإقتصادية، وأن تشمل العمال الحدوديين. كما يأمل حزب الشعب أن تُـمنح الأفضلية للمقيمين في سويسرا لدى التشغيل.
استيــاء
وفقا لإحصائيات الكنفدرالية، يتوافد على سويسرا سنويا ما يناهز 80000 أجنبي، يقدم ثلاثة أرباعهم من بلدان الإتحاد الأوروبي. ويعتبر اتفاق حرية تنقل الأشخاص الذي أبرمته برن مع بروكسل عام 2002، عاملا هاما سهّل هذا التدفق الذي أدى إلى تجاوز ساكنة سويسرا حاجز 8 ملايين نسمة قبل بضعة أشهر.
وقد أثار هذا التطور بعض الاستياء لدى فئة من المجتمع، إذ تدين بعض الأطراف ما تعتبره انعكاسات سلبية لهذا النمو الديمغرافي، والذي يؤدي حسبها إلى ارتفاع الضغط على البنية التحتية في مجال النقل والإسكان، لاسيما الزيادات التي سُجلت على مستوى الإيجار.
مع ذلك، غالبا ما تتصدر قائمة الإنتقادات ظاهرةُ الإغراق في الأجور، إذ يتردد في أحيان كثيرة أن أرباب العمل يستغلون توافد هذه العمالة الأجنبية – سواء تعلق الأمر بأشخاص أتوا للإستقرار في الكنفدرالية أو بعُمال بعثتهم شركاتهم الأوروبية للعمل في سويسرا – لخفض الأجور.
ولمحاربة هذه الظاهرة، اعتمدت السلطات "تدابير مُصاحبة " لاتفاق حرية تنقل الأشخاص، لضمان توافق شروط الأجور مع المعايير الجاري بها العمل في مختلف قطاعات التشغيل في سويسرا. لكن هذه الإجراءات لا تحول دون ارتكاب مخالفات تسجلها السلطات بشكل منتظم.
وأخيرا، يعتقد بعض السويسريين أن الأجانب يمارسون ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الإجتماعية في بلادهم، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين على البطالة والضمان الإجتماعي.
ويمكن لمس هذا الشعور بالإستياء بصورة أوضح في بعض المناطق الحدودية التي تشهد يوميا تدفق الآلاف من عمال الحدود، حتى أن بعض الأحزاب السياسية في كانتوني تيتشينو (الجنوبي المتحدث بالإيطالية) وجنيف (غرب سويسرا المتحدث بالفرنسية)، حققت مؤخرا نجاحات انتخابية من خلال "العزف" على هذا الوتر الحساس.
فرصة لسويسرا
لكن الصورة لا تبدو قاتمة للجميع، إذ يصر أنصار حرية تنقل الأشخاص على أن اليد العاملة الأجنبية
ورقة رابحة وثمينة بالنسبة للإقتصاد السويسري، فمن دونها، قد تفتقر العديد من القطاعات، مثل الفندقة والمطاعم، للعمالة الضرورية. كما يعتقدون أن توافد الأجانب يتيح تعويض النقص في "الأدمغة"، بما أن سويسرا لا تُكوّن ما يكفي من المهندسين أو الممرضات لتغطية جميع احتياجاتها.
وعلى مستوى التأمينات الاجتماعية أيضا، يعتبر الأنصار أن تدفق الأجانب عنصرا مفيدا للبلاد، لأن العمال الشباب يساهمون في نظام التأمينات الإجتماعية السويسري، ويسدون بذلك الثغرة الناجمة عن آثار شيخوخة السكان.
باختصار، يرى مؤيدو حرية تنقل الأشخاص أن هذا الإتفاق هو الصيغة التي أثبتت جدارتها وضمنت الإزدهار الإقتصادي لسويسرا.
ماذا عن رد فعل بروكسل؟
ومن بين كبريات الأحزاب في سويسرا، يُعتبر حزب الشعب الجهة الوحيدة التي تدعم علنا مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، بينما تدعو باقي أحزاب اليمين واليسار، إلى جانب أهم المنظمات الإقتصادية والنقابات، إلى رفض المبادرة.
ولكن، ماذا سيكون رد فعل الإتحاد الأوروبي إن وافق الناخبون على مبادرة حزب الشعب؟ خطاب بروكسل اتسم دائما بالوضوح: أي تشكيك في حرية تنقل الأشخاص سيطعن في صحة مجمل الحزمة الأولى من الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والإتحاد الأوروبي.
غير أن الآراء تختلف أيضا بهذا الشأن. أنصار المبادرة يعتقدون أنه بمقدور بروكسل إبداء قدر من التفهم، بما أنه من مصلحتها أيضا الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع سويسرا، وأن بعض الدول الأعضاء في الإتحاد – الممكلة المتحدة تحديدا – يواجهون أيضا مشكلة تدفق أعداد هائلة من العمال الأجانب. في المقابل، يرى المعارضون أنه لن يمكن الإفلات من رد فعل قاس، بما أن حرية تنقل الأِشخاص تعتبر واحدة من ركائز الإتحاد الأوروبي.
تمويل الإجهاض
يوم الأحد 9 فبراير 2014، صوت الناخبون أيضا بنسبة 70% ضد المبادرة الشعبية: "تمويل الإجهاض مسألة خاصة". وطالبت هذه المبادرة التي أطلقتها لجنة مشتركة من عدة أحزاب، تتشكّل أساسا من مسيحيين محافظين، بأن تتوقف الرعاية الصحية الأساسية (الإجبارية) عن تحمل تكاليف إيقاف الحمل الإرادي.
واقترحت المبادرة أن يظل الإجهاض مُمكنا من الناحية القانونية، لكن أن تقع تكلفة العملية على عاتق المرأة نفسها. ودعا أصحاب المبادرة إلى إدراج مادة جديدة في الدستور الفدرالي هذا نصها: "باستثناء حالات نادرة تخص الأم، لا تدخل عمليات إسقاط الحمل أو إزالة الجنين ضمن غطاء التأمين الصحي الإجباري".
وعلى غرار كل تغيير دستوري، تطلّب إقرار هذه المبادرة الحصول على مُوافقة أغلبية الأصوات على مستوى الناخبين وعلى الأغلبية على مستوى الكانتونات.
وقبل التصويت، لم يحظ كان هذا الإقتراح بالقبول داخل البرلمان الفدرالي إلاّ من طرف بعض نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، وأغلبية صغيرة من الديمقراطيين (وسط)، ومن قبل الحزب الإنجيلي. وبالتالي، فإن فرص نجاح المبادرة كانت ضئيلة للغاية.
ويذكر أنه منذ عام 2002، تقرّر في سويسرا أن تُغطى تكلفة عمليات الإجهاض من قبل التأمين الصحي الإجباري، وتم اعتماد هذه السياسة كجزء من تصويت شعبي أضفى القانونية على عمليات الإجهاض التي تتم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. واليوم، يقول المعارضون إن الأشخاص الذين ينبذون الإجهاض لأسباب أخلاقية لا يجب أن يُجبروا على تمويل هذه العمليات من خلال أقساط التأمين الصّحي التي يسدّدونها شهريا.
تطوير السكك الحديدية
أخيرا، وافق الناخبون على مشروع "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية" بنسبة 62% مثلما توقع معهد gfs.bern في بداية ظهيرة الأحد. ويهدف المشروع إلى إنشاء صندوق بقيمة 6,4 مليار فرنك تخصص لصيانة وتطوير شبكة السكة الحديدية. ومن بين كبريات الأحزاب، حزب الشعب هو الوحيد الذي يعارض المشروع.
بشكل عملي، نصّ المشروع على النّهوض بالبنية التحتية للسِّكك الحديدية من خلال تأسيس صندوق دعم مالي جديد وإرساء برنامج تطوير استراتيجي، ومن المفروض أن يتِم استخدام الصندوق في تمويل خدمات تشغيل البِنية التحتية القائمة وصِيانتها وتوسيع انتشارها، وأن يستمِر قائما من غيْر تقيّد بفترة زمنية محدّدة، بعكْس صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، الذي قُصِد منه تمويل المشاريع الإستثنائية الكبرى مثل "شبكة حديد 2000" والخط الحديدي الجديد العابِر لجبال الألب، الذي ستنتهي صلاحيته عمّا قريب.
في الأثناء، ستكون مصادر تمويل الصندوق الجديد (حوالي 4 مليارات من الفرنكات) هي ذاتها مصادر تمويل صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وهي عبارة عن أموال فدرالية خالية من الإلتزامات، متمثلة في الضريبة على النقل الثقيل والرسوم المتأتية من الزيوت المعدنية (تنتهي في نهاية عام 2030) والضريبة على القيمة المضافة.
كما يتيح المشروع إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل إضافية لتأمين نحو مليار فرنك أخرى، عن طريق الحدّ من تخفيضات الضرائب الفدرالية على تكاليف النقل وبفضل مساهمات جديدة من الكانتونات (مقابل حصولها على مزيد من الإمتيازات) ، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بـواحد في الألف بين عاميْ 2018 و2030، ورفع قيمة التذاكر والإشتراكات.
تصويت ضد ارتداء الحجاب في سانت غالن
في بلدية أوهيربروغ Au-Heerbrugg بكانتون سانت غالن، صوت الناخبون يوم الأحد 9 فبراير 2014 بـ 990 صوتا مقابل 506، لفائدة استفتاء طرحه حزب الشعب (يمين شعبوي) يدعو إلى منع فتاتين صوماليتين من ارتداء الحجاب إن أرادتا استئناف دراستهما في المدرسة الإبتدائية للبلدة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 37,4%.
وكانت التلميذتان (10 و12 سنة) قد أمرتا من قبل مدير المدرسة الإبتداية بالعودة إلى منزلهما بسبب ارتدائهما للحجاب. لكن اللجنة المدرسية قررت بعد ذلك عودة التلميذتين للفصل.
لكن القرار لم يرق لفرع حزب الشعب في البلدة الذي سارع إلى طرح استفتاء. وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال فالتر بورتمان، رئيس اللجنة المدرسية: "سيتم إبلاغ الأسرة المعنية الأسبوع القادم".
ولازال يمكن الطعن في منع ارتدائهما للحجاب، وفي هذه الحالة، سيتم إرجاء تطبيق الحظر إلى حين إتمام الإجراءات القضائية.
ورغم موافقة السكان يوم الأحد على بادرة حزب الشعب، فإن الوضع يظل مُبهما. ويذكر أن المحكمة الفدرالية كانت قد ألغت في شهر يوليو 2013 قرارا لبلدية بورغلن في تورغاو،التي منعت، استنادا إلى قرار إداري، طالبتيْـن مسلمتيْـن من مقدونيا، تبلُـغان من العمر حاليا 17 سنة، من ارتداء الحجاب في المدرسة الثانوية. ويحظر نفس القرار ارتداء اللِّـباس القصير أو الطرابيش أو النظارات الشمسية.
“أيّ نقاش جديد حول السياسة الأوروبية يُعزز موقفنا”
تم نشر هذا المحتوى على
فيما يخص علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، تقف سويسرا أمام مُنعطف حاسم، حيث يعتزم ديديي بوركهالتر، الرئيس الحالي للكنفدرالية ووزير خارجيتها، أن يضع أمام الناخبين السويسريين في موعد لا يتجاوز عام 2016، اتفاقا تنشده الحكومة الفدرالية، يتناول تنظيم القضايا المؤسسية بين برن وبروكسل. وتتضمن القضايا المركزية، إعتماد سويسرا التلقائي لقانون الإتحاد الأوروبي وسيادة محكمة العدل الأوروبية…
تم نشر هذا المحتوى على
رغم مرور بضعة أشهر فقط على تصويت أغلبية من الشعب السويسري لصالح مبادرة تدعو إلى الحد من الهجرة، يعود الحديث من جديد حول انضمام سويسرا إلى الإتحاد الأوروبي. هنا حوار مطوّل مع رئيسيْ المنظمة السويسرية المؤيدة لأوروبا.
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.