مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تعبئة عالمية ضد الانتشار السريع لأنفلونزا الخنازير

Keystone

تجاوز عدد القتلى في المكسيك جراء الإصابة بإنفلونزا الخنازير 100 ضحية حسب حصيلة مؤقتة. وفي سويسرا، أعلن المكتب الفدرالي للصحة العمومية بعد ظهر الإثنين 27 أبريل في برن أن خمسة أشخاص عادوا مؤخرا من المكسيك يخضعون للفحص خشية من انتقال العدوى إليهم.

انتشر فيروس إنفلونزا الطيور بعدُ في أكثر من 6 بلدان، ودفعت السرعة التي رافقت انتشاره سلطات العديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات وقائية في الوقت الذي حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من “خطر تحول المرض إلى وباء”.

هذه الأفلونزا، التي ظهرت في المكسيك في نهاية الأسبوع الماضي، قد تكون أودت بحياة 103 شخصا وإصابة 1600 حسب حصيلة وطنية مؤقتة لسلطات مكسيكو. وتم لحد تحرير هذا المقال، تسجيل 20 حالة تشخيص ومراقبة في الولايات المتحدة الأمريكية، وست حالات في كندا، وأربع حالات في فرنسا، وتسع حالات في نيوزيلندا، وحالتين في إسرائيل. بينما يخضع للفحص في سويسرا خمسة أشخاص عادوا مؤخرا من المكسيك تبدو عليهم أعراض الانفلونزا، لكن لم يتم تأكيد إصابتهم بالفيروس الفتاك.

وقد تأكدت يوم الإثنين 27 أبريل الجاري أول إصابة في القارة الأوروبية، بعد اكتشافها في إسبانيا لدى شخص عائد من زيارة للمكسيك، كما وضعت السلطات الصحية 21 شخصا آخرين تحت الرقابة الصحية.

ولمواجهة انتشار المرض ومنع احتمال تحوله إلى وباء، سارعت عدة دول إلى اتخاذ إجراءات وقائية مثل منع السفر للمكسيك أو حظر استيراد لحوم الخنزير من دول معرضة للمرض. في الأثناء، قامت منظمة الصحة العالمية بتعبئة إطاراتها لمواجهة احتمال انتشار الفيروس.

منظمة الصحة العالمية في حالة طوارئ

وقد سارعت منظمة الصحة العالمية التي تتخذ من جنيف مقرا لها إلى تفعيل نشاط فريق الطوارئ المكلف بمعالجة مرض فيروس انفلونزا الخنازير، وإلى تقديم موعد اجتماع الخبراء ليـُعقد اليوم الإثنين 27 أبريل بدل الثلاثاء، لتحديد ما إذا كانت هناك ضرورة لرفع مستوى الإنذار العالمي من المستوى 3 إلى المستوى 4 في سلم يحتوي على 6 درجات. ومعلوم أن المستوى الحالي للإنذار أي ثلاثة يعني “احتمال تحول المرض إلى وباء”.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت يوم السبت الماضي من “احتمال تحول المرض إلى وباء”، ومن “أخطار تطور الفيروس”، معتبرة أن حالة الانتشار الحالية للمرض “يجب أن تحظى بأولوية واهتمام المصالح الطبية العمومية، وأن تكون مبعث قلق المجموعة الدولية”.

لكن الناطق باسم منظمة الصحة العالمية، لم ينصح في آخر تصريح له (قبل نشر هذا المقال) بالحد من تنقل الأفراد كوسيلة من وسائل الوقاية من انتشار المرض.

من الإنسان إلى الإنسان

وإذا كانت البشرية قد عرفت عدة أنواع من الأنفلونزا، وتشهد انتقال فيروس أنفلونزا الخنازير من الحيوان للإنسان سنويا في الولايات المتحدة، فإن ذلك لا يبدو في نظر الخبراء خطيرا أو قاتلا. بل الخطر يكمن في نظر هؤلاء المتخصصين، في انتقال الفيروس الحالي من الإنسان إلى لإنسان، مما يهدد بانتشاره بسرعة وبالتسبب في وباء عالمي.

كما أن الخطر، ولئن كان الأمر لا يزال يتطلب مزيدا من التدقيق، يكمن في أن الحالات التي تم فحصها أظهرت نماذج فيروس يعود إلى فصيلة أنفلونزا الخنازير المعروف بفيروس H1N1، ولكن لم يسبق أبدا التعرف على مثل تكوينه، بحيث يشتمل على الحمض النووي لكل من فيروسات أنفلونزا الخنازير والطيور والإنسان في آن واحد.

إسرائيل تفضل الحديث عن أنفلونزا المكسيك

وقد ظهر تشكيك في تسمية هذا المرض بمرض أنفلونزا الخنازير بعد تدخل المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (مقرها في باريس) التي اعتبرت أنه “من غير الصحيح تسمية هذا المرض بأنفلونزا الخنازير ما دام الفيروس المتسبب فيه لم يـُعثر عليه في الخنازير”.

ويرى مدير هذه المنظمة بينار فالا أنه “بما أنه تم اللجوء في الماضي إلى تسمية أمراض بمكان انتشارها الجغرافي مثل “الأنفلونزا الإسبانية (1918-1919)” أو “الأنفلونزا الآسيوية (1957-1958)”، فإنه من المنطقي تسمية هذا المرض بأنفلونزا المكسيك.

وهذا ما استحسنه، من وجهة نظر دينية، نائب وزير الصحة الإسرائيلي الأرتدوكسي المتدين يعقوب ليتسمان، الذي سجل بلده حالتين لشخصين عادا من رحلة للمكسيك ويخضعان للرقابة الصحية. وهاتان الحالتان في إسرائيل هما الوحيدتان المعلنتان في منطقة الشرق الأوسط لحد الآن.

رقم هاتفي سويسري للرد على التساؤلات

وقررت سويسرا اتخاذ الإجراءات الاحتياطية الضرورية لمواجهة انتشار مرض أنفلونزا الخنازير أو الأنفلونزا المكسيكية. فقد أعلن المكتب الفدرالي للصحة العمومية يوم الإثنين أنه “على الأطباء إشعار الطبيب المختص على مستوى كل كانتون بكل حالة مشكوك فيها بعد ساعتين من اكتشاف ذلك”. كما نصح المكتب “المسافرين الذين عادوا منذ سبعة أيام من مناطق انتشار المرض، وبالأخص المكسيك، بالاتصال بالطبيب المعالج أو بمصالح الطوارئ بالمستشفى القريب”.

وقال مدير المكتب في برن، توماس زيلتنر، في تصريحات إذاعية: “لا نريد إثارة الفزع، لكننا قلقون لأنه مرض جديد يحتمل ان يتحول إلى وباء”، قبل أن يضيف: “إذا كان (المرض) سيصل إلينا، فإننا مستعدون بشكل أفضل من الماضي لأننا استخلصنا العبر من السارس (الالتهاب الرئوي اللانمطي) ومن انفلونزا الطيور”.

وقد خُصص رقم هاتفي للرد على التساؤلات المتعلقة بمرض أنفلونزا الخنازير أو الأنفلونزا المكسيكية (0313222100).

سويس إنفو- محمد شريف- جنيف

ما هي إنفلونزا الخنازير؟
إنفلونزا الخنازير مرض تنفسي حاد وشديد الإعداء يصيب الخنازير ويسبّبه واحد أو أكثر من فيروسات إنفلونزا الخنازير من النمط A. ويتسم هذا المرض، عادة، بمعدلات مراضة عالية ومعدلات إماتة منخفضة (1%-4%). وينتشر الفيروس المسبّب للمرض بين الخنازير عن طريق الرذاذ والمخالطة المباشرة وغير المباشرة والخنازير الحاملة للمرض العديمة الأعراض. ويُسجّل وقوع فاشيات من هذا المرض بين الخنازير على مدار السنة، مع ارتفاع نسبة حدوثها في موسمي الخريف والشتاء في المناطق المعتدلة المناخ. وتميل كثير من البلدان إلى تطعيم أسراب الخنازير ضد هذا المرض بشكل روتيني.

وتنتمي فيروسات إنفلونزا الخنازير، في معظم الأحيان، إلى النمط الفرعي H1N1، ولكنّ هناك أنماطاً فيروسية فرعية تدور أيضاً بين الخنازير (مثل الأنماط الفرعية H1N2 و H3N1 و H3N2). ويمكن أن يُصاب الخنازير كذلك بفيروسات إنفلونزا الطيور وفيروسات الإنفلونزا البشرية الموسمية وفيروسات إنفلونزا الخنازير. وكان البعض يعتقد أنّ البشر هم الذين تسبّبوا أصلاً في إدخال النمط الفيروسي H3N2 بين الخنازير. ويمكن أن يُصاب الخنازير، في بعض الأحيان، بأكثر من فيروس في آن واحد، ممّا يمكّن جينات تلك الفيروسات من الاختلاط ببعضها البعض. ويمكن أن يؤدي ذلك الاختلاط إلى نشوء فيروس من فيروسات الإنفلونزا يحتوي على جينات من مصادر مختلفة ويُطلق عليه اسم الفيروس “المتفارز”. وعلى الرغم من أنّ فيروسات إنفلونزا الخنازير تمثّل، عادة، أنواعاً فيروسية مميّزة لا تصيب إلاّ الخنازير، فإنّها تتمكّن، أحياناً، من اختراق الحواجز القائمة بين الأنواع وإصابة البشر.

ما هي آثار هذا المرض على صحة البشر؟
لقد تم الإبلاغ، من حين لآخر، عن وقوع فاشيات وحالات متفرقة من العدوى البشرية بإنفلونزا الخنازير. وتتساوق الأعراض السريرية لهذا المرض، عادة، مع أعراض الإنفلونزا الموسمية، غير أنّ نطاق السمات السريرية المُبلغ عنها يتراوح بين عدوى عديمة الأعراض والتهاب رئوي وخيم يؤدي إلى الوفاة. وقد تم، بسبب تشابه السمات السريرية النمطية لإنفلونزا الخنازير التي تصيب البشر مع الإنفلونزا الموسمية وغيرها من أنواع العدوى الحادة التي تصيب السبيل التنفسي العلوي، الكشف عن معظم الحالات بمحض الصدفة بفضل أنشطة ترصد الإنفلونزا الموسمية. ومن المحتمل أنّ الحالات المعتدلة أو العديمة الأعراض قد فلتت من عملية الترصد ولم يُكشف عنها؛ وعليه فإنّ الحجم الحقيقي لهذا المرض بين البشر لا يزال مجهولاً.

(المصدر: منظمة الصحة العالمية)

أعلنت شركات صناعة الأدوية أنها على استعداد لتقديم ملايين الجرعات من الأدوية الكفيلة بمواجهة هذا النوع من الفيروسات المتسببة في مختلف أنواع الأنفلونزا والعمل على تطوير لقاح جديد لمواجهة المرض الجديد.

ويبقى دواء “تاميفلو”، المصنع من قبل شركة “روش” السويسرية، والمعروف في صيغته البديلة بـ “أوزيلتامافير” أو “ريلانزا” أو “زاناميفير”، أكثر الأدوية التي يُنصح بتناولها للعلاج من نوبات الأنفلونزا الموسمية. كما أن هذه الأدوية أظهرت نجاعتها حتى في مواجهة المرض الجديد.

وقد أعلنت شركة صناعة الأدوية “روش” عن “وضع ثلاثة ملايين علبة من دواء تاميفلو تحت تصرف منظمة الصحة العالمية، النصف موجود في الولايات المتحدة الأمريكية والنصف الآخر في سويسرا.

وعلى مستوى تطوير لقاح مضاد لمرض أنفلونزا الخنازير، أعربت المخابر المتخصصة في صنع اللقاحات أنها على استعداد للشروع في أبحاث تطوير لقاح مضاد لهذا المرض. ولكن منظمة الصحة العالمية لم تر أن الوقت قد حان لتوزيع عينات من الفيروس الحالي بغرض الشروع في تطوير لقاح مضاد.

وقد أدى ظهور هذا المرض، في تطبيق لمقولة رب ضارة نافعة، إلى رفع أسهم شركات صناعة الأدوية في البورصات العالمية، كما عمل على التأثير في أسعار بعض المواد الأولية.

وكانت شركة نوفارتيس السويسرية لصناعة الأدوية قد أعلنت بأن منظمة الصحة العالمية على اتصال معها لمحاولة تصنيع لقاح لمواجهة مرض انفلونزا الخنازير. ولكن الناطق باسم الشركة أوضح بأنه “لم يتخذ اي قرار بهذا الشأن ولم تحصل الشركة على عينات من الفيروس الجديد”.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية