الإلتحاق بتدريب مِهني بعد سن الأربعين
رغم أن الأمر لا يزال نادر الحدوث، لكن بإمكان الأشخاص في سويسرا تغيير مسارهم الوظيفي والإنخراط في تدريب مهني، حتى عندما يكونون في الأربعينيّات أو الخمسينيّات من أعمارهم. الموضوع التالي يحكي قصة شخصين أقدما على هذه الخطوة، وما قد يواجهه الراغبون في القيام بذلك من تحديات.
من غير الشائع أن ينخرط الشخص ثانية في تدريب مهني بعد تمضيته 20-30 عاماً في صفوف القوى العاملة. لكن هذا الأمر يحدث، كما يُظهِر تقرير بثه التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية، سَلَّط الضوء على شخصينرابط خارجي يبحثان عن مسار مهني جديد: الأول رجل يبلغ من العمر خمسين عاما، كان يعمل في مجال البناء كمركّب زجاج، وهو يوشك على إكمال تدريبه في مجال صيانة المباني اليوم، والثانية أخصائية علاج طبيعي، تبلغ من العمر 45 عاماً، تسعى لتحقيق حلمها في أن تصبح طاهية.
بحسب الطاهية المتدربة سابين ييرمان، كانت العودة إلى مقاعد الدراسة برفقة يافعين في سن السادسة عشرة قراراً صعباً. “أنا أعتَبَر الشخص الغريب في المدرسة، لكني في النهاية سأكون قد حققت هدفي. التدريب يستغرق ثلاثة أعوام، وبدوام نصف يوم في الأسبوع، وأنا أحب ما اقوم به للغاية.
تحديات ومزايا
أحد الأشخاص الأخرين الذين اختاروا هذا الطريق هو روجر بودير، المُتدرب في مجال صيانة المباني، والذي يكبر أستاذه بعدّة أعوام. وكما يقول ستيفان أولمان المسؤول عن دراسة بودير في مركز سولوتورن – غرينشين للتدريب المهني، فإن تعلم كيفية الدراسة واجتياز الامتحانات مرة أخرى، هو أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها الطلاب الأكبر سناً.
من جانبها، تأخذ ييرمان الخسائر المالية بعين الإعتبار، رغم أن ما تكسبه يزيد قليلاُ عما يحصل عليه مُتدرب في السادسة عشرة من عمره. وهي تعتبر سنوات تدريبها الثلاث “استثماراً للمستقبل”.
وكما تقول سيلفيا أيبي المسؤولة عن تدريب ييرمان، كانت التجربة الحياتية لـلمُتدربة الأربعينية مُهمة في تحديد أجرها كمُتدربة، لكنها لم تكن كافية لتأهيلها للحصول على مُرتب طاهٍ مؤهل.
كذلك تُقَدِّر أيبي التركيز والاستقلالية التي يتصف بها المُتدربين الأكبر سنا مثل ييرمان. “أنت بحاجة إلى تَفَقُّد عمل المتدربين الصغار دائماً. لكن سابينَ تحصل على درجات جيدة، مما لا يضطرنا إلى التحقق من عملها أبداً”، كما تقول.
وبحسب أمانة الدولة للتعليم والبحث العلمي والإبتكاررابط خارجي، حصل 269 شخصاً تزيد أعمارهم عن 40 عاماً على شهادة أو دبلوم سويسري بعد إنهائهم فترة تدريب مهني منتظمة في عام 2015. ويمثل هذا العدد نسبة تقل عن 0,5% من إجمالي الحاصلين على مثل هذا المؤهل.
حالات نادرة
من جهته، يشير ماركو غراف من مركز الإستشارة والتوظيف المهني في زيوريخرابط خارجي إلى نُدرة هذه الحالات: “الأكثر شيوعاً هو انخراط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 عاماً – وربما حتى سن 35 عاماً – في تدريب مهني منتظم، وبعد ذلك تقل هذه الحالات كثيراً”.
وبالفعل، تشير إحصاءات عام 2015، إلى أن عدد الشهادات الممنوحة للطلاب الذين أنهوا فترة تدريب مهني نظامية، ممن تتراوح أعمارهم بين 25-29 عاماً بلغت 2,451 دبلوماً وشهادة.
وكما يقول المستشار المهني، فإن أحد الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص لمتابعة تدريب مهني في وقت لاحق من حياتهم، هو رغبتهم بالقيام بشيء مختلف تماماً، ومباشرة مسار وظيفي جديد من البداية.
مع ذلك، تشير الوقائع إلى أن الأكثر شيوعاً [بالنسبة للمتدربين الأكبر سناً]، هو قيام شخص لديه خبرة عملية كبيرة لكنه يفتقر إلى مؤهل مُعترف به إختيار هذا الطريق. وبحسبما يوضح غراف، لا يتطلب الأمر في هذه الحالة تدريباً نظامياً كاملاً، إنما توجد هناك ثلاث طرق أخرى، تتمثل ببرنامج مُختَصَر للتعليم والتدريب المهني، أو إجتياز إلى امتحان التأهيل النهائي بشكل مباشر (وهذا يحتاج إلى خمس سنوات من الخبرة في العمل)، أو الإعتراف (المصادقة) على مهارات العمل غير النظامي الخاصة بالشخص – وهذا الخيار مُتاح لعدد مَحدود من المهن فقط..
ستة ايام في الاسبوع
وكمثال على ما يقول، يستشهد غراف بأحد الأشخاص الذين يقوم بإرشادهم، وهو رجل يعمل كطاهٍ، ويتابع برنامجاً مُختصراً للتدريب المهني بغية الحصول على مؤهله المهني، الذي يأمل أن يساعده في تسلق السلم الوظيفي. وهو يتوجه إلى المدرسة المهنية كل يوم ثلاثاء، ولكنه – وقد يكون هذا هو الجانب السلبي – لا يزال يعمل في المطعم خمسة أيام في الأسبوع. إلّا أن اسبوع العمل المُكون من ستة أيام هذا لن يستمر سوى لعامين فقط.
“إنه محظوظ لأن زوجته تدعمه”، كما أخبر غراف swissinfo.ch.، كما أنّه يتقاضى مُرَتبه العادي، وليس أجر مُتدرب، ما يمكن إعتباره ميزة مضافة.
وبالنسبة للأجانب الأكبر سنا الذين يتطلعون إلى دخول سوق العمل السويسري، تلعب معرفتهم للغة الألمانية دوراً مركزياً عندما يقررون الإنخراط في تدريب مهني لتعزيز فرصهم في العودة إلى سوق العمل.
“يجب أن يكون المستوى اللغوي للراغبين بمتابعة تدريب مهني هو B1 (متوسط) على الأقل، لكي يكونوا قادرين على فهم ومتابعة المحاضرات والدروس العملية في المدرسة المهنية. كما أنني أنظر بعناية كبيرة إلى أي نوع من الخبرة والتدريب التي حصل عليها الشخص في وطنه، والوحدات التعليمية في شهادته، التي يُمكن الإعتراف بها ومعادلتها هنا في سويسرا، أو التي تعينه في الحصول على شهادة من هنا بعد حصوله على تدريب إضافي. من المهم أن يُقَيِّم الشخص خياراته بعناية: ففي بعض الأحيان يكون التدريب المهني مع راتب مُتدرب هو ما يحتاجه، وفي بعض الأحيان توجد هناك خيارات أخرى”، كما أوضح غراف.
وبحسب المستشار المهني، فإن نظام التعليم المهني السويسري بهياكله الثابتة وبرامجه التعليمية والتدريبية، مُخَصَّص للشباب بعمر 16 عاماً على العموم. “لكنك حالما تتجاوز الثلاثين من عمرك، سوف تكون حالة إستثنائية”، كما يختتم حديثه.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.