لماذا قد تكون الدراسة أرخص في سويسرا؟
يُراود حلم الدراسة في الخارج الكثير من الشباب في العالم العربي، وأول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير في هذه الخطوة هو الدراسة في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة للمقتدرين. أما من تشغلهم قضية المصروفات فيتوجهون إلى الدراسة في ألمانيا وحتى رومانيا وأوكرانيا. لكن على عكس بعض التصورات، فإن رسوم الدراسة في سويسرا ليست أغلى مقارنة بالعديد من الدول ولهذا السبب أصبحت سويسرا نقطة جذب للكثير من طالبي العلم، حيث بلغت نسبة الطلاب الأجانب حوالي 25.5 % في 2018/19، swissinfo.ch سألت ثلاث طلاب من العالم العربي عن أسباب اختيارهم سويسرا للدراسة.
كم يحتاج المرء للدراسة في سويسرا؟
سؤال بسيط، لكن الإجابة عنه ليست بالسهلة. فهذا يعتمد على التخصص والكانتون والمؤسسة التعليمية وبلا شك على متطلبات الشخص نفسه. هذا السؤال وجهته إلى ثلاث طلاب، منى مديحه من الإمارات ويوسف أحمد من الكويت وزينب بن بلا من المغرب. الثلاثة يدرسون إدارة الفنادق والضيافة في مدينة لوتسيرن السويسرية ويعيشون في المدينة ذاتها، لكن حجم الإنفاق والمصروفات الشهرية لكل منهم متفاوت تماماً.
لا أحتاج أكثر من 200 فرنك في الشهر كمصروف شخصي، فأنا لا أحب السهر والخروج إلى النوادي الليلية منى مديحة
تقول منى مديحة “لا أحتاج أكثر من 200 فرنك في الشهر (ما يعادل حوالي 200 دولار شهرياً) كمصروف شخصي، فأنا لا أحب السهر والخروج إلى النوادي الليلية. مصاريف المعهد تشمل السكن وثلاث وجبات يومياً والتأمين الصحي والمواصلات”.
في ذات المعهد يدرس أحمد يوسف القادم من الكويت، لكن على عكس زميلته احتاج أحمد إلى لحظات للتفكير ليجد اجابة مناسبة على هذا السؤال : ” لا أدري بالتحديد، ربما ألف فرنك. أنا من النوع الذي يحب تدليل نفسه. فأنا أرسل ملابسي إلى المغسلة على سبيل المثال، كما أحب تدخين النرجيلة في المقهى مرتين يومياً على الأقل”.
تدرس زينب بن بلا في معهد آخر لإدارة الفنادق في مدينة لوتسيرن وتنفق حوالي 500 فرنك شهريا على المتطلبات اليومية مشيرة إلى أن “الحياة والدراسة في سويسرا قد تكون أغلى من دول عربية أخرى ولا سيما عندما عندما يكون الشخص مقيماً في بيت العائلة، لكن في النهاية سأحصل على شهادة معترف بها دوليا. في بلادنا، ننفق أيضا الكثير على التعليم في الجامعات الأجنبية ، لكن العائد المكتسب لا يمكنه مقارنته سواء على المستوى المهني أو حتى الشخصي، فالشهادة من الخارج لها قيمة وأهمية أكبر من الحصول على شهادة من فرع الجامعة. كما أن تجربة السفر والحياة في الخارج هو بمثابة رصيد يضاف إلى السيرة الذاتية والشخصية”.
لا أدري بالتحديد، ربما ألف فرنك. أنا من النوع الذي يحب تدليل نفسه
أحمد يوسف
تكاليف المعيشة والدراسة في سويسرا
السكن هو أكثر الأمور المكلفة بالنسبة للطلاب الأجانب، حيث تعد سويسرا واحدة من أكثر دول العالم غلاءً وتتمتع بمستوى معيشة مرتفع. أسعار إيجار العقارات تشكل أكبر جزء من مصروفات الشخص المقيم، لكن هناك تفاوت كبير في الأسعار حسب المنطقة وطبيعة السكن.
عموماً تتراوح أسعار السكن الطلابي بين 500 وحتى 2000 فرنك، حسب متطلبات الشخص وموقع السكن. بعض المؤسسات التعليمية الخاصة في قطاع إدارة الفنادق والضيافة، توفر السكن مجاناً كجزء من مستحقات المصاريف الدراسية التي تكلف حوالي 80 إلى 90 ألف فرنك للحصول على شهادة البكالوريوس أو الماجستير، أي ما يقرب من 30 ألف فرنك في السنة الواحدة.
هذا بالنسبة للمعاهد في مجال إدارة الفنادق والأعمال، التي تفرض عادة رسوما أكبر على الطلاب القادمين من الخارج مقارنة بالطلاب السويسريين.
أما الجامعات العمومية فهي منخفضة التكاليف، حيث تتراوح ما بين 500 إلى 2000 فرنك في الفصل الدراسي الواحد. وهذه الرسوم موحدة بغض النظر عن جنسية الطالب أو الطالبة وإن كانت هناك بعض الاستثناءات في عدد من الجامعات، التي تفرض رسوماً إضافية بسيطة على القادمين من الخارج. هذه الرسوم المنخفضة يمكن مقارنتها بتكلفة الدراسة في دول أخرى معروفة بانخفاض رسوم الدراسة الجامعية كألمانيا وحتى أوكرانيا ورومانيا.
التدريب المهني مدفوع الأجر وكاف للمعيشة
من الجدير بالذكر هنا، أن عدداً كبيراً من المؤسسات الحكوميةرابط خارجي توفر منحاً للطلاب الأجانب الحاصلين على الماجستير، بالإضافة إلى الجامعات نفسها، التي يمكن لطلابها الحصول على منحة لتحمل تكاليف المعيشة في البلاد.
هناك ميزة أخرى لا يعرفها البعض خارج دائرة التعليم السويسري وهى أن التدريب المهني هو جزء لا يتجزأ من نظام التعليم الجامعي هنا، فمعظم الجامعات والمعاهد في سويسرا تفرض على الطلاب خوض الحياة العملية والقيام بتدريب مهني لمدة أشهر قبل الحصول على شهادة التخرج. وفي مجال إدارة الفنادق والضيافة، يقضي الطلبة حوالي نصف مدة الدراسة في التطبيق العملي. ويحصل المتدربون في سويسرا على أجر يتراوح ما بين 1500 وحتى 1800 في الشهر. وبالتالي فإن الطالب يصبح قادراً على تغطية كل تكاليف المعيشة عبر عمله. وهذه ميزة غير متوفرة في العديد من الدول، التي لا يحصل فيها الطالب على أجر خلال فترة التدريب أو ربما على راتب رمزي.
مقارنة بدول أخرى، فإن العمل في خدمة المطاعم والفنادق في سويسرا وظيفة ينظر لها باحترام وتقدير كبير ويتم التعامل معها بجدية، ومرتب العاملين في هذا المجال يمكن مقارنته بنظرائهم في قطاعات أخرى. ومن هنا أصبحت دراسة إدارة الفنادق والضيافة علماً وفناً وصنعة ولا سيما أن سويسرا بلد سياحي، يعمل فيه الكثيرون في قطاع السياحة والخدمات.
لكن التدريب المهني مدفوع الأجر لا يعد الميزة الوحيدة للدراسة في سويسرا، كما يؤكد كل من منى وأحمد وزينب، المتفقين على رأي واحد ألا وهو أن الدراسة في سويسرا كانت أفضل قرار اتخذوه في مسارهم التعليمي ومن المتوقع أن تكون له انعكاسات على المستوى المهني.
لماذا الدراسة في سويسرا؟
تٌعدد منى مميزات الدراسة في سويسرا بالقول: “سويسرا لها سمعة دولية في إدارة الفنادق وهذا سيُحسن بلا شك فرص الحصول على وظيفة”. وتضيف “أما من ناحية أسلوب الحياة فسويسرا الطبيعة بها خلابة. يصعب عليّ الآن تصور العودة إلى الإمارات. إضافة إلى ذلك فإن سويسرا تقع في وسط أوروبا، ما يسهل حرية التنقل والسفر وزيارة دول أخرى محيطة كإيطاليا وفرنسا حتى في إجازة نهاية الأسبوع”.
الطالب ينهي دراسته ولديه تجربة حقيقة في مجال العمل ومتمرس في مجال الإدارة وقادر على تحمل الضغوط زينب بن بلا
أحمد يوسف يشيد بدوره أيضاً بتجربة التعلم والتعليم في سويسرا “نظام التعليم في سويسرا يعتمد على النقاش والتفاعل والمشاركة وليس تلقي المعلومة فقط ويساهم بذلك في تشكيل الوعي والشخصية. الأساتذة يبذلون جهداً حقيقياً. وفوق هذا وذاك، هناك الجانب العملي الذي يشغل تقريباً نصف مدة الدراسة. بالإضافة إلى هذه المميزات، تتسم سويسرا بالتعدد اللغوي، حيث يوجد به أربع لغات رسمية. كما أن محيط الدراسة يضم أناساً من جميع أنحاء العالم وهذه تجربة فريدة في حد ذاتها”.
يبتسم أحمد ويضيف “الجانب العملي غيرني كثيراً. الدراسة هنا تفرض القيام بكل الوظائف في إطار التدريب. عملت في مجال خدمة المطاعم والتنظيف وهذا شيء غير معتاد في بلادنا، العمل قيمة في حد ذاته، الآن أقُدر عمل الآخرين ولا سيما الأعمال البسيطة لأنها الأكثر مشقة”.
تتفق زينب بن بلا في الرأي: “التعليم هنا قائم على الإقناع والاقتناع وليس التلقي. من ناحية أخرى، بهرتني تجربة التدريب المهني، فهي مختلفة عما عرفته في قطر، حيث درست من قبل. التدريب المهني هو تجربة عمل حقيقية. عملت حتى الآن 6 أشهر في مجال خدمة المطاعم. لا توجد كلية أو معهد في العالم العربي تُلقي بالطلبة في معترك الحياة العملية خلال الدراسة وتفرض على الطالب البدء من أول السلم في مجال إدارة الفنادق وهذا يعني أن الطالب يُنهي دراسته ولديه تجربة حقيقية في مجال العمل ومتمرس في مجال الإدارة وقادر على تحمل الضغوط والتعامل مع أناس من جميع أنحاء العالم”.
علوم وفنون إدارة الفنادق والضيافة في سويسرا
تحتل عدة معاهد في سويسرا التصنيف العالمي في مجال إدارة الفنادق والضيافة وإدارة الأعمال وفق العديد من المؤسسات. وفي قائمة الصدارة المعاهد التالية:
مدرسة الفندقة بلوزانرابط خارجي
معهد جيلون للتعليم العاليرابط خارجي
مدرسة ليروش الدولية لإدارة الفنادقرابط خارجي
هل درست أو تدرس في سويسرا؟ شاركنا تجربتك واكتب لنا في قسم التعليقات أدناه!
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.