مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جرائم الإنترنت والمافيا تشكل تهديدا متزايدا في سويسرا

النساء اللاتي يتم تهريبهن من أوروبا الشرقية ينتهين في الغالب إلى العمل في مواخير للدعارة كهذا الذي يوجد في زيورخ Keystone

يشدد أحدث تقرير حول الجريمة أصدرته الشرطة الفدرالية في سويسرا على أن الأنشطة الإجرامية مثل الإتجار بالبشر، وغسل الأموال أصبحت تمثل تهديدا عالميا بالغ الخطورة.

التقرير الأخير الذي نُشِرَت نتائجه يوم الخميس 23 يونيو 2011 انتهى أيضا إلى أن مكافحة الجرائم الإلكترونية قد أصبح واحدا من أكبر التحديات التي تواجه اليوم السلطات السويسرية.

ويذكر تقرير الشرطة أنه “مع تزايد الجرائم العابرة للحدود، والتي يتم الإعداد لها عبر الإنترنت، أصبح مرتكبو تلك الأعمال يقومون بها بأسرع وتيرة، وبات من الصعب التعرّف عليهم”.

لقد مكنت الإنترنت المنظمات الإجرامية من التعاون مع القراصنة وصانعي الفيروسات بغض النظر عن أماكن تواجدهم الفعلية. وتكون المعلومات التي ينشرونها عن طريق شبكة الإنترنت في كثير من الأحيان مشفّرة، مما يجعل من الصعب على السلطات الكشف عن الجناة.

وتدعو الشرطة الفدرالية إلى بذل جهود منسقة ومتضافرة على الصعيديْن الوطني والدولي لمكافحة الجريمة السيبرانية. وذكر التقرير الصادر عنها أن البرلمان الفدرالي قد وافق على التعاقد مع مزيد من الخبراء في المجال الإلكتروني.

ودفعت الخطورة البالغة التي تمثلها الهجمات السيبرانية الحكومة إلى التسريع بوضع خطة لمواجهة هذا التهديد تكون جاهزة بموفى هذا العام.

قصور في التنسيق

سبق لكورت نايديغار، وجيرالد فيرنيس أن أوضحا في حديث إلى swissinfo.ch  أن “واحدة من نقاط الضعف لدينا هو النقص الواضح في التنسيق بين مختلف الأطراف العاملة في هذا المجال، ولهذا السبب نرى أن هناك حاجة ملحة لوضع استراتيجية وطنية”.

لقد كُلّف هذيْن الخبيريْن، المتعاونيْن مع وزارة الدفاع، بمهمة وضع إستراتيجية مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويقولان: “ليس لدينا أي هيكل إداري او فريق للتعامل مع هذا التهديد، وليس لدينا أي خطة تسمح للسلطات السويسرية باتخاذ تدابير منسقة وفعالة”.

يسلط تقرير الشرطة الفدرالية الضوء أيضا على المافيا الإيطالية، وخاصة “اندرانغيتا” N’drangheta التي يبدو أنها وجدت طريقها إلى الأراضي السويسرية.

وتوصل التقرير إلى أن “سويسرا تظل في المقام الاوّل مركزا لوجيستيا، وبلدا للعبور”، مؤكدة في الوقت ذاته معطيات سابقة تشير إلى ان منظمات المافيا تبقى نشطة جدا في سويسرا، وخاصة في المناطق الحدودية مع كل من إيطاليا وألمانيا.

وقال مدير الشرطة الفدرالية جان لوك فيز خلال مؤتمر صحفي عقب نشر التقرير أن الوقت قد حان لإعادة النظر في اتفاق التعاون بين أجهزة الشرطة الذي وُقّع قبل عشر سنوات مع إيطاليا. والهدف من ذلك، بحسب فيز، تعزيز التنسيق بين قوى الشرطة في البلديْن.

وقد دفع الضغط المتزايد من جانب السلطات الإيطالية على منظمة “اندرانغيتا” إلى تحويل جزء من أنشطتها إلى سويسرا من بينها عمليات غسل الأموال، غير أنه يعتقد ان تشديد القوانين قد جعل من الصعب على هذه المنظمات الإجرامية غسل الأموال عبر البنوك السويسرية.

في المجال السياحي

على مدى السنوات القليلة الماضية، إستطاعت “اندرانغيتا” إستثمار مبالغ مالية ضخمة في العقارات والمطاعم والمجالات الفنية، وفقا لستيفاني أويش، مؤلفة كتاب صدر العام الماضي عن تأثير الجريمة المنظمة على المراكز المالية السويسرية. وتقدر المبالغ المالية التي تم تبييضها ما بين 20 و30 مليار فرنك سويسري.

وقالت أويش في حديث معها نشرته swissinfo.ch مباشرة عقب صدور الكتاب: “تسعى المنظمات الإجرامية في كانتون فالي إلى غسل الأموال من خلال الاستثمار بشكل رئيسي في قطاعات العقارات والمطاعم والسياحة. وتركّز المافيا اهتمامها على وجه الخصوص على مشروعات البناء الضخمة، وعلى المشاريع السياحية”.

وبعد استعراض نتائج أحدث تقرير للشرطة الفدرالية، تأكدت هذه المؤلفة أن ما سبق أن توصلت إليه لا يزال صحيحا يمكن الوثوق به.

الإتجار بالبشر

أثبت التقرير كذلك أن الإتجار بالبشر من أوروبا الشرقية قد زاد في عام 2010. ويقول الأمن السويسري أن تدابير اتخذت على المستوى الفدرالي لتوفير حماية أفضل للشهود، يمكن أن تلعب في المستقبل “دورا حاسما” في مكافحة هذه الجريمة.

وتتوقع هذه التدابير منح الحماية للشهود ليس فقط خلال المحاكمة بل وبعدها أيضا. ومن شأنها أيضا جعل سويسرا في انسجام مع اتفاقية مجلس أوروبا بشان الإتجار بالبشر. هذه الإجراءات أقرها مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، ويجب أن تحظى الآن بموافقة مجلس النواب، قبل أن تتحوّل إلى قانون نافذ بحلول 2013.

يخلص تقرير الشرطة الفدرالية هذا العام إلى أن الأنشطة الإجرامية الخطيرة لا يمكن مكافحتها بنجاح إلا من خلال جهود منسّقة على المستوييْن الوطني والدولي، وأن الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف توفّر أساسا صلبا لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم العابرة للحدود.

تمتلك الاجهزة الحكومية وحدة متخصصة تابعة لمكتب الشرطة الفدرالية تهتم بمحاربة الجرائم الإلكترونية.

تنفيذا لقرار حكومي أتخذ سنة 2003، أسست وزارة المالية، بالتعاون مع مكتب الشرطة الفدرالية، والشبكة السويسرية للتعليم والبحوث، مركزا لتوثيق وتحليل كل ما يتعلق بالأمن المعلوماتي.

حتى عام 1975، كانت “اندرانغيتا” متورطة أساسا في جرائم الابتزاز والتهديد من أجل الحصول على المال. وابتداء من التسعينات، أصبحت أكثر نشاطا في مجال تجارة المخدّرات.

يقدّر الخبراء أن قيمة معاملات “اندرانغيتا” السنوية، تصل إلى 44 مليار فرنك. وتحتكر هذه المنظمة الإتجار في الكوكايين في أوروبا، وتتعاون مع كبار تجار المخدّرات في أمريكا اللاتينية.

وقد زاد إستهلاك الكوكايين في سويسرا بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة.

في منتصف شهر يونيو، وافق مجلس الشيوخ على القانون الفدرالي لحماية الشهود كجزء من الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الاتجار بالبشر.

القانون الجديد يعتبر ضروريا لسويسرا لتكون في انسجام مع الاتفاقية، التي وقعت في عام 2008. وإذا ما وافق مجلس النواب على القانون الجديد، فإنه سوف يدخل حيز التنفيذ بحلول 2013.

حتى ذلك الحين، تبقى الكانتونات المسؤول الأوّل عن توفير الحماية للشهود. وعندما يقر هذا القانون الفدرالي بشكل نهائي، سوف يسمح للسلطات بتغيير هوية الشهود الذين قد تعرضهم الشهادات التي يدلون بها إلى الخطر، كما يمكن أن يتلقوا الدعم، لنقل إقامتهم إلى بلد آخر.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية