“حذاري من شبكة فيسبوك وأخواتها”
حذر هانس بيتر تور، المفوض الفدرالي لحماية المعطيات الشخصية، من المخاطر المرتبطة بالشبكات الاجتماعية على شبكة الإنترنت، وأعلن في مناسبة نشر تقريره السنوي، اعتزامه متابعة هذا التطوّر باليقظة اللازمة.
تحوّل الموعد السّـنوي لنشر تقرير المسؤول الأول عن حماية المعطيات والشفافية في سويسرا، إلى مناسبة لقياس حجم التحديات ومدى تغيّـر نوعيتها في ظرف وجيز.
هانس بيتر تور، دعا مواطنيه إلى “الوعي بالمخاطر”، التي أصبحت مرافقة لشبكة الإنترنت، واغتنم فرصة عرض تقريره السنوي أمام وسائل الإعلام، إلى التطرّق مجدّدا إلى حادثة نشر الشرطة في كانتون تورغاو لتسجيل فيديو، التقطته كاميرات المراقبة في إحدى محطات القطار لأطوار اعتداء بالعنف على أحد الشبان، من أجل العثور على مرتكِـبيه.
في هذا السياق، اعتبر السيد تور، أن الأمر “يتعلّـق بمسٍّ خطير بالسلامة الجسدية”، لكن التشهير بالمجرمين، يثير لديه “مشكلة”، خصوصا وأن الادِّعاء العام في كانتون بازل المدينة، استخدم نفس الأسلوب بعد وقت وجيز.
وبشكل عام، يُـذكِّـر المفوَّض الفدرالي لحماية المعطيات الشخصية والشفافية أن المعطيات التي يتم تحميلها أو تخزينها على شبكة الإنترنت، متاحة للجميع من شتى أنحاء العالم، كما أنها لا تعرف شيئا اسمه النسيان، وهو تحذير موجّـهٌ إلى ملايين الأشخاص، وخاصة الشبان الذين يتصفّـحون ويساهمون في الشبكات الاجتماعية (مثل فيسبوك ومايسبايس وغيرها) ويعرضون فيها بدون تحفّـظ حجما كبيرا من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بحياتهم الخاصة.
ويُـذكِّـر المسؤول الفدرالي أن بإمكان أصحاب هذه المواقع تشكيل صورة شـِبه كاملة وصالحة للاستخدام التجاري لشخصيات مستعمليها. وفي هذا الصدد، تحوّل موقع فيسبوك وأشباهه إلى أداة لا غِـنى عنها على المستوى السياسي في سويسرا، حيث كان الاستفتاء المعارض لجوازات السفر البيوميترية، أول استفتاء ينجح أصحابه في جمع التوقيعات الضرورية لفرض إجرائه، بفضل الإنترنت.
في هذا السياق، تعتزم الأجهزة التابعة للسيد هانس بيتر تور، مراقبة تطوّر هذه الظاهرة بكل يقظة، من أجل الكشف في الوقت المناسب عن التجاوزات الممكنة، وتبعا لذلك، قامت مؤخرا بنشر توجيهات على موقع المفوض الفدرالي لحماية المعطيات، تساعد المواطنين على استخدام بدون مخاطر للإنترنت.
التعلّـم في الصِّـغر..
مهمة حماية المعطيات الشخصية، تحتاج بالتأكيد، مثلما يقول المسؤول الفدرالي، إلى قدر لا بأس به من المعقولية، لكن الحاجة إلى الاستعانة بالفاعلين الاجتماعيين الآخرين، تظل كبيرة، لذلك، يعتزم هانس بيتر تور التوجّـه في المقام الأول إلى المدارس.
ومع اتِّـساع نِـطاق نشر المواد المكتوبة والمصوَّرة والمسموعة والفيديو من طرف أعداد متزايدة من السويسريين ومستخدمي الشبكة عموما، تتحوّل مهمّـة حماية المعطيات الشخصية والمعلومات الخاصة، إلى ما يُـشبه التحدّي المستحيل.
المفوض الفدرالي أشار إلى أنه يحترِس من التقارير المتعلقة بالبحث عن أشخاص مُـشبه بهم، التي يُـمكن العثور عليها على الشبكة. ومن وجهة نظره، فإن اللجوء إلى هذا الأسلوب لا يكون شرعيا، إلا في حالة ارتكاب جرائم خطيرة وإذا ما لم تتمخّـض وسائل تحقيق أخرى في الوصول إلى نتائج.
وفيما لا يرى إشكالا إذا ما كانت الصور والنصوص تهتمّ بمضمون حدث ما، لكنه يرفُـض في المقابل، تصوير بعض المشاركين أو المتفرجين، دون موافقتهم، كما يعارض وصمهم وتوجيه الاتهام إليهم عبر الإنترنت، معتبرا أن مثل هذه التصرفات تمثِّـل مسّـا خطيرا بالشخصية، وحثّ الشرطة على سحب هذا الصنف من المعطيات من مواقعها، بعد إيقاف الأشخاص المعنيين على أقصى تقدير.
وفي ملف آخر، اعتبر السيد تور أن الجمعيات أو الجهات المنظِّـمة لأحداث رياضية، لا يجب عليها أن تنقُـل معطيات خاصة بأعضائها أو بمشاركين في هذه المناسبات إلى أي جهة أخرى، دون موافقة مُـسبقة من جانب المعنيّـين.
الشفافية لا زالت ناقصة
على صعيد آخر، تطرّق هانس بيتر تور في تقريره السنوي، الذي سيرفعه إلى الحكومة الفدرالية، إلى القانون الفدرالي حول الشفافية، وتوصّـل إلى أن ثلاثة أعوام من تطبيقه لم تسمح بعدُ بقطف كل ثماره، حيث أنه لا زال شبه مجهول من طرف الجمهور، كما أن عدد الطلبات للاطِّـلاع على الوثائق الرسمية، لا زال ضعيفا.
معدّل هذه الطلبات يناهز 250 في السنة الواحدة، وهو رقم “ضعيف جدا”، حسب رأي مارسيال باكيي، الأستاذ بمعهد الدراسات العليا في الإدارة العمومية في لوزان. وعلى سبيل المقارنة، فإن آلاف الطلبات قُـدِّمت في بريطانيا في الشهرين المواليين لدخول القانون حيّـز التطبيق.
ومن بين العوامل التي يُـمكن أن تفسِّـر قـِلّـة الاهتمام في سويسرا بهذه المسألة، اللامركزية التي رافقت بدء تطبيق القانون وعدم تجانُـس الإجراءات من كانتون إلى آخر، إضافة إلى غياب الترويج والتعريف بهذا الحق الجديد المكُـتسب والتكلفة المرتفعة جدا للشخص المعني، في حالة اضطراره إلى التعقيب على قرار بالرفض من طرف الإدارة.
ولاحظ مارسيال باكيي أن القانون يشتمل، بالإضافة إلى كل ما سبق، على عدد كبير من الاستثناءات التي تسمح للسلطات العمومية برفض أو تأجيل الاستجابة لطلبات المواطن المعني، بالاطّـلاع على وثائق رسمية رُفعت عنها السرية.
ومن النقائص الأخرى التي لا زالت تحُـول دون ممارسة معقولة لهذا الحق، نقص الوسائل المتاحة للُّـجوء إلى القضاء، حيث أن عدم تقدُّم طالب الخدمة بشكوى إلى المحكمة الإدارية الفدرالية، يُـلغي نهائيا إمكانية تسوية الخلاف مع الإدارة أمام القضاء، لذلك، يطالب المفوض الفدرالي لحماية المعطيات والإعلام بأن يُـسمح لهيئته بأن ترفع بنفسها الملف أمام الهيئة القضائية العليا.
كمال الضيف – swissinfo.ch – مع الوكالات
في ندوته الصحفية السنوية، أعلن المفوض الفدرالي لحماية المعطيات أنه التجأ إلى المحكمة الفدرالية، وهي أعلى سلطة قضائية في سويسرا، لاستئناف الحُـكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية الفدرالية في موفى مايو 2009 بخصوص أنشطة شركة Logistep، اعتبرت فيه أن التصدّي لعمليات تنزيل الملفات المعلوماتية غير القانونية (وهو العمل الذي تقوم به شركة logistep)، مقدَّم على حماية المعطيات الشخصية لمتصفحي الإنترنت. في المقابل، يعتبر المفوض الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية، أن ممارسات شركة Logistep تُـعتبر مسّـا بشخصية الأفراد المراقَـبين.
الشركة التي يوجد مقرها في تسوغ، طوّرت برنامجا معلوماتيا للكشف عن التجاوزات، يُـتيح إمكانية التجسُّـس على المتصفحين الذين يُـقدِمون على تحميل الأعمال الفنية المحمية بقوانين حقوق التأليف والإبداع. وللوصول إلى هذا الهدف، تقوم الشركة بالتعرّف على عناوين الأجهزة (IP) وجمع معطيات أخرى خاصة بها، ثم تقوم بخزنها وتوجيهها إلى أصحاب حقوق التأليف والإبداع، كي يتمكّـنوا من ملاحقة المخالفين أمام القضاء والحصول على التعويضات والفوائد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.