فتحُ تحقيقات في سويسرا ضدّ مُشتبهين بالتطرف الأصولي
في نفس اليوم الذي حظرت فيه ألمانيا جماعة "الدين الحق" السلفية وداهمت حوالي 200 مسجدا وشقة سكنية ومكتبا على صلة بها في مختلف أنحاء البلاد، أعلن المدعي العام الفدرالي في برن عن فتح تحقيقات ضد عدة أشخاص على صلة بالتوزيع المجاني للمصاحف في الشوارع السويسرية، في إطار أنشطة جمعية "إقرأ!".
وفي تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء السويسرية يوم 15 نوفمبر 2016، أوضح أندري مارتي، رئيس قسم الإتصالات في النيابة العامة الفدرالية، أن هذه الإجراءات لا تستهدف أشخاصا اعتباريين (معنويين) مثل الجمعيات أو المؤسسات، بل أشخاصا طبيعيين لهم صلة أو كانوا على صلة بعملية “إقرأ!”.
من جانبه، قال المتحدث باسم مكتب المدعي العام الفدرالي لـ swissinfo.ch، إن الأشخاص الذين فُتحت التحقيقات بشأنهم مُشتبهون بالمشاركة في أنشطة منظمة إجرامية أو بدعمها، كما يُحتمل أن يكونوا قد انتهكوا القانون الفدرالي الذي يحظر تنظيمات مثل ما يُعرف بـ “الدولة الإسلامية” (أو داعش)، والقاعدة، والمجموعات التابعة لها. ويوجد ضمن المتورطين مواطنون سويسريون وآخرون يحملون جنسيات أخرى.
المزيد
خبير: “تفكيك هذه الشبكات ليس بالأمر الهيّن”
مكتب المدعي العام الفدرالي أشار أيضا إلى أن السلطات القضائية في سويسرا لا تتوفّر على أساس قانوني لحظر المنظمات أو الجمعيات. ويذكر ضمن هذا السياق أن حملة التوزيع المجاني للقرآن “إقرأ!”، لها صفة “جمعية”، ما يجعل مهاجمتها بموجب القانون الجنائي أكثر صعوبة. لكن هذا لا يمنع السلطات السويسرية من توخي اليقظة والحذر، والتحرك إذا لزم الأمر، مثلما تضيف النيابة العامة. كما أن القضاء السويسري يتعاون مع ألمانيا في هذا الملف.
وكانت جمعية “إقرأّ” قد تأسست في ألمانيا على يد المواطن الألماني-الفلسطيني أبو ناجي، وتوسعت أنشطتها في جميع أنحاء أوروبا، مع تواجد فروع لها في سويسرا أيضا.
“دور هام في الدخول إلى عالم التطرف”
ولئن كان التوزيع المجاني على المارة للقرآن – على غرار الإنجيل – لا ينتهك أي قانون في سويسرا، فإن التساؤل حول شرعية جمعية “إقرأ!” التي تقوم بعمليات التوزيع يظل مشروعا، لاسيما أن اسمها بات يقترن أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة بعناصر أصولية جهادية.
وكان لوثار يانسن (Lothar Janssen)، رئيس المعهد السويسري لتقييم العنف، قد صرح في نهاية سبتمبر الماضي لوكالة الأنباء السويسرية أن جمعية “إقرأ” تلعب دورا هاما في الدخول إلى عالم التطرف، حيثُما تواجد”، قبل أن يضيف: “إن “إقرأ!” حركة سلفية بشكل واضح جدا وتتعاون بشكل وثيق مع مجلس الشورى الإسلامي بسويسرارابط خارجي، فهم يقيمون أرضا خصبة لتطرف الأشخاص الذين لا يتمتعون بالإستقرار والتوازن”.
من جهتهما، قام الصحفي فرانسوا روشتي (François Ruchti) والموظف السامي السابق في جهاز المخابرات السويسرية جون-بول روييّـي (Jean-Paul Rouiller)، بتحليل مسارات عشرة من الجهاديين السويسريين. واستنتجا أن عددا من أتباع الجهاد في سويسرا وألمانيا كانوا قد ترددوا على جمعية “إقرأ!” قبل سفرهم إلى سوريا والعراق.
يذكر في السياق أن وكالة رويترز للأنباء نقلت عن وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير (Thomas de Maizière) يوم الثلاثاء 15 نوفمبر الجاري – أي بعد عمليات المداهمة واسعة النطاق في جميع أنحاء ألمانيا – قوله إن منظمة “الدين الحق” تواصلت مع شبان ووزعت عليهم نسخا من القرآن، وغيرها من المواد الدينية، وأنها أقنعت 140 منهم بالإنضمام إلى المقاتلين في العراق وسوريا.
اعتقالات سابقة في الكنفدرالية
في سويسرا، تنشط جمعية “اقرأ!” بصفة خاصة في المناطق الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، وكذلك في زيورخ وبرن وبازل. ولا أحد يعرف عدد الكُتب التي قامت بتوزيعها في سويسرا، لكن الموقع الإلكتروني للجمعية يقول إنها وزّعت أكثر من مليون نسخة في ألمانيا.
وكان المدعي العام الفدرالي قد أوقف في شهر فبراير 2016، أحد أبرز وجوه الساحة السلفية في سويسرا، وهو المؤسس المزعوم للفرع السويسري لجمعية “إقرأ!”.
وفي شهر يونيو 2016، اعتقلت النيابة العامة الفدرالية شخصية بارزة في إحدى الجماعات السلفية التي تتخذ من مدينة فينترتور الشمالية مقرا لها. وكان الشخص المُعتقل الذي إعتنق الإسلام، يرتاد مسجد النور في المدينة، كما تفترض التقارير قيادته لحملة توزيع القرآن “إقرأ!”، فضلاً عن تردده على نفس قاعات التمارين الرياضية التي كان أشخاص آخرون معروفون قد سافروا للجهاد إلى سوريا والعراق يرتادونها. وفي نهاية شهر يونيو، أعلنت مدينة فينترتور أنها تنظر في إمكانية حظر عمليات توزيع المصاحف.
يُشار إلى أن التحقيقات الجارية في سويسرا في مجال مكافحة الإرهاب تشمل نحو 70 شخصا، ثلاثة منهم رهن الإعتقال.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.