مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رابح سعدان: “سوف نبذل ما بوسعنا.. والحكم الأخير للميدان”

انتقل جمهور غفير من الجزائريين المقيمين ببلدان أوروبا الغربية إلى منتجع كرون مونتانا حيث يوجد معسكر الفريق الجزائري لمشاهدة استعداداته لمنافسات كأس العالم بجنوب إفريقيا swissinfo.ch

ينظّم أزيد من ستة عشر فريقا رياضيا من مجموع إثنين وثلاثين مرشحة لخوض تصفيات كأس العالم لكرة القدم بجنوب إفريقيا دورات تدريبية بالمناطق الجبلية في أوروبا، ومن بينها الفريق الجزائري الذي اختتم يوم 26 مايو معسكره التدريبي في مرتفعات كران مونتانا السويسرية قبل انتقاله إلى ألمانيا وخوضه مقابلتيْن وديتيْن ضد منتخبي ايرلندا والإمارات.

وإذا كان المسؤولون عن فريق الخضر قد اختاروا الجبال السويسرية استعدادا لخوض غمار منافسة كأس العالم، فليس لجمال وروعة المشاهد الطبيعية فقط، بل لأن مدن جنوب إفريقيا التي سوف تستضيف المنافسات التي تنطلق يوم 11 يونيو، تقع أغلبها على ارتفاع 1500 متر فوق سطح البحر.

وبمجرد ان يحل المرء هذه الأيام في منتجع كران مانتانا، حتى يشاهد العلم الجزائري يرفرف أينما حل، على واجهات المحلات التجارية، وفي الساحات العامة، حتى أصبح كأنه علامة تجارية مسجلة. ويفخر سكان مونتانا بالفرق الرياضية التي حلت بمنطقتهم، وبالإهتمام الإعلامي الذي جعل أنظار الجماهير الرياضية من شتى أنحاء العالم تتجه إليهم.

ويقول كسافيي بيانكو، مدير حملة التسويق السياحي لمنتجع كران مونتانا في تصريحات لـ swissinfo.ch : “فخر كبير لنا ان نستقبل هذه الفرق الرياضية العريقة، وهذه النجوم المتلألئة في سماء كرة القدم العالمية” خصوصا وأن كران مونتانا من المنتجعات السياحية القليلة التي توجد في مناطق جبلية عالية، وتتوفر على ملاعب رياضية وتجهيزات تستجيب لمعايير الفيفا، بالإضافة إلى فنادق كثيرة من صنف خمس نجوم تتيح جميع أسباب الراحة والرفاهية.

بداية الإستعداد الفعلي

وعن الظروف التي يجري فيها الفريق الجزائري استعداداته في كران مونتانا، أوضح مدرّب الفريق رابح سعدان، في حديث إلى swissinfo.ch أن “كل البرامج والخطط واضحة، وكل الإمكانيات متوفرة برعاية من الاتحادية، ومن الدولة الجزائرية، الجميع في أوضاع جيدة، واللاعبون سعداء بذلك”.

ومع بداية هذا الأسبوع، وبعد انضمام أغلب عناصر الفريق إلى الحصص التدريبية، بدأ الاستعداد الفعلي لمنافسات جنوب إفريقيا، بعد أن وضع الفنيون الأمور في نصابها، وبعد ان انصبت الجهود في الأيام الماضية على معالجة الإصابات والعمل الفردي.

وعن الإصابات التي تشتكي منها بعض عناصر الفريق أوضح سعدان أن “عدد المصابين أكثر مما كان متوقعا، لكنهم يتماثلون للشفاء بسرعة، وقد تتطلب حالات البعض مزيدا من الوقت، باستثناء حالة مراد مغني التي تعتبر أسوأ من غيرها”.

وشهد يوم الجمعة 21 مايو تنظيم أوّل حصة تدريبية جماعية للفريق بملعب “لونس” في بلدة مونتانا الأمر الذي اعتبره البعض بداية العمل الفعلي في بناء تشكيلة الفريق الذي يتكوّن في الأغلب من محترفين يلعبون في صفوف أندية أوروبية عريقة، ومن بينهم ستة (6) لم يسبق لهم ان خاضوا مقابلات تحت الراية الجزائرية.

ورغم ضيق الوقت الذي يفصلنا عن انطلاقة منافسات كأس العالم، يدافع ممرن الفريق عن خياره هذا فيقول: “العناصر الجديدة شابة وممتازة، ولديها إمكانيات عالية، ويتحقق اندماجها في صفوف الفريق بشكل سريع”، لكن دور هذه العناصر الجديدة بحسب الممرن الجزائري سيتمثل في “سد الثغرات، ودعم التشكيلة الرئيسية المتكوّنة من العناصر السابقة”.

هدف المشاركة تحقق

حول أهداف المشاركة في منافسات كأس العالم لكرة القدم، تختلف نبرة خطاب المسؤولين الرياضيين الجزائريين عن آمال الجمهور ووسائل الإعلام الوطنية. وإذا كان الجميع مقتنعين بكون المنتخب الجزائري عائد إلى المنافسة الدولية بعد فترة طويلة من الغياب (24 سنة)، ورغم فرحهم واعتزازهم بذلك، فإنهم واعون كذلك بكون جميع عناصر الفريق لم يلعبوا في دورات سابقة لكأس العالم، وانهم يخوضون تجربتهم الأولى في مقارعة فرق رياضية عريقة كمنتخبات انجلترا والولايات المتحدة، اللذيْن يوجدان ضمن المجموعة الثالثة إلى جانب الجزائر وسولوفنيا.

وفيما يبدو محاولة لاستباق الضغوط الممكنة، يقول رابح سعدان: “الهدف بالنسبة لنا قد تحقق، ها نحن في منافسات كأس العالم، ولا نطلب من اللاعبين أكثر من بذل ما بوسعهم لكي يشرفوا الكرة الجزائرية، ثم الكرة الإفريقية، فالعربية”. وعن صعوبة المهمة التي تنتظر لاعبيه، يضيف سعدان: “نحن نوجد في مجموعة صعبة، لكن ليس لدينا أي عقدة في هذه المنافسة، سوف نبذل ما بوسعنا، والحكم الأخير للميدان”.

أمل مشوب بالحذر

هذه الواقعية الممزوجة بأمل في الذهاب أشواطا بعيدة في المنافسة الدولية القادمة يشاركه فيها ايضا عدد كبير من الجزائريين المقيمين بسويسرا أو بالبلدان الأوروبية المجاورة كفرنسا وبلجيكا وألمانيا، والذين لم يدخروا جهدا في إبداء دعمهم لفريقهم الوطني حيث التحق الكثير منهم بكران مونتانا لمشاهدة الحصص التدريبية ولرفع أصواتهم بالتشجيع والدعاء كما هو الحال بالنسبة لعيسي، وهو جزائري مقيم بمدينة لوتسرن السويسرية الذي يقول: “يكفينا ترشح الفريق الجزائري لمنافسات كاس العالم، وهذا في حد ذاته نجاح كبير”. وعندما تسأله لماذا لا تطمحون إلى ما هو اكثر من ذلك، يجيب: “نحن نخاف من الحسد وعين السوء، ونقول ذلك، حتى إذا تحقق ما هو أفضل، نكون أسعد حالا”.

غير أن ما يُطالعه القراء هذه الأيام في وسائل الإعلام الجزائرية لا يعبّر عن هذا التواضع الكبير، بل يذهب إلياس فضيل، وهو صحفي بصحيفة “الشروق” اليومية إلتقته swissinfo.ch في كران مونتانا إلى أن ما ينتظره الشعب الجزائري من فريقه ومن المشرفين عليه هو “الأداء الجيد في جنوب إفريقيا، ويأملون في المرور إلى الدور الثاني، على الرغم من ان المهمة صعبة جدا بوجود فريق أنجلترا المدجج بالنجوم، وكذلك الولايات المتحدة التي كانت مفاجأة الدورة الماضية” في ألمانيا 2006.

ولا يجد السيد فضيل حرجا او شططا في المقارنة بين المنتخب الجزائري الحالي ومنتخبيْ بلاده لعامي 1982 و1986 ويقول: “انا من جيل الثمانينات، وأعرف أن الجزائريين يعلقون آمالا في أن يكون منتخب اليوم في مستوى المنتخبيْن السابقيْن اللذيْن شاركا في منافسات كأس العالم، وقد كانا بإمكانهما آنذاك الوصول إلى النهائيات، أقول ذلك دون مجاملات، ومن دون عاطفة”، ويضيف بانه يستند في ما ذهب إليه إلى “تصريحات سابقة للممرن الوطني الجزائري” رابح سعدان.

الرياضة لطرد اليأس والقنوت

ظلت لعبة كرة القدم بإستمرار لعبة شعبية، وهي تعكس إلى حد كبير صورة البلد كله، ولا يستثنى من ذلك الشعب الجزائري الذي هو بصدد الخروج من قوقعته التي مر بها خلال ما أصبح يسمى بالعشرية السوداء حيث سادت البلاد ظروف أمنية وسياسية استثنائية ومأساوية، واليوم تتزامن القفزة النوعية التي حققتها الرياضة الجزائرية على المستويين الإفريقي (الوصول إلى المربع الذهبي لكاس إفريقيا) والعالمي (الإستعداد لخوض غمار منافسات كأس العالم) مع تحسن ملحوظ في الأوضاع الاقتصادية وتحقق حد أدنى من الإستقرار والأمن.

وتحاول الجزائر اليوم تحقيق نهضة كروية من خلال الإعتماد على عناصرها المنتشرة في الأندية الأوروبية لتكون القاطرة الأمامية لتكوين جيل جديد من اللاعبين المحليين المقتدرين. ويؤكد الإعلامي إلياس فضيل أنه “منذ أن تولى محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم مهامه وهو يعمل على تأسيس مستقبل كرة القدم الجزائرية عن طريق الإحتراف، وبداية من العام المقبل ينظم الإتحاد أوّل بطولة احترافية في تاريخه”.

لكن ما يراه فضيل نهضة رياضية، يراه البعض الآخر “أفيونا” حيث تحاول السلطات في الجزائر بحسب رأيهم أن “تجعل من كرة القدم متنفسا يهرب إليه الشعب الجزائري، وخاصة الشباب من مشكلاته الإقتصادية والسياسة، ومن أزمة البطالة والفقر”. وفي هذا السياق، يشدد الصحفي محمد الستيتو من يومية “المنافسة” « compétition » الرياضية على “التناغم والتزاوج بين العمل السياسي في الجزائر الآن، والسياسة المنتهجة في المجال الرياضي لأن الرياضة في سنوات التسعينات تلاشت واضمحلت، ولطرد القنوت واليأس الذي حل بالشباب الجزائري خلال العقد الماضي، تعوّل الدولة كثيرا على متنفس كرة القدم”.

ويشرح هذا الصحفي أسباب الحمى الرياضية التي تنتاب الشارع الجزائري حاليا بالعودة إلى الوراء قليلا حيث يشير إلى أن الفريق الجزائري لم يترشّح إلى منافسات كأس العالم منذ 24 سنة، وأن الجزائر فشلت مرتيْن متتاليتيْن في الترشح لكأس الأمم الإفريقية قبل دورة 2009. كما لا ينكر أن الصراع والجدل القوي الذي أحاط بلقائي منتخبي الجزائر ومصر في المنافسات الإفريقية الأخيرة قد ألهب مشاعر الجزائريين وجعلهم يصطفون وراء فريقهم، بل إن بعض الذين عاشوا معركة الإستقلال عن فرنسا سارعوا إلى القول: “لم نر هذه الفرحة في الجزائر منذ إعلان الإستقلال في عام 1962”.

عبد الحفيظ العبدلي – كران مونتانا – swissinfo.ch

أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم الثلاثاء ان لاعب وسط لاتسيو روما الايطالي مراد مغني لن يتمكن من المشاركة في مونديال جنوب افريقيا الذي ينطلق الشهر المقبل بسبب الاصابة.

وجاء في بيان للاتحاد الجزائري على موقعه الالكتروني ان مغني الذي كان ضمن اللائحة التي اعلنها المدرب رابح سعدان للمشاركة في معسكر المنتخب في سويسرا استعدادا للمونديال “يحتاج الى عملية جراحية للتخلص من الالم الذي يعاني منه”.

واتخذ القرار بعد اجتماع لسعدان مع افراد الطاقم الطبي للمنتخب الجزائري لتقييم اوضاع اللاعبين المصابين.

وتلعب الجزائر، ممثلة العرب الوحيدة في مونديال 2010، في المجموعة الثالثة مع انكلترا والولايات المتحدة وسلوفينيا.

وفي سياق متصل سيغيب حسان يبدة لاعب بورسموث الإنجليزي يومين كاملين عن تدريبات المنتخب الجزائري المعسكر بكرانس مونتانا السويسرية إثر تعرضه لإصابة خفيفة.

يوم 13 يونيو 2010: أوّل لقاء له ضمن التصفيات النهائية لكرة القدم بجنوب إفريقيا ضد منتخب سلوفينيا على أرضية ملعب بولوكوان.

18 يونيو: يواجه منتخب الجزائر نظيره الإنجليزي في مدينة الكاب.

23 يونيو: اللقاء الأخير ضمن الدور الأوّل للتصفيات ضد منتخب الولايات المتحدة بملعب شوان ببريتوريا.

تأهل المنتخب الجزائري إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010 بعد مشوار طويل من الإنتصارات تخللتها بعض الهزائم هنا وهناك. وهذه هي مسيرة ترشح منتخب الجزائر:

الدوري التمهيدي:
وضعت القرعة المنتخب الجزائري بالمجموعة الإفريقية السادسة إلى جانب السينغال وليبيريا، وغامبيا، وكانت نتائج اللقاءات كالتالي:
السينغال 1- 0 الجزائر
الجزائر 3- 0 ليبيريا
غامبيا 1- 0 الجزائر
الجزائر 3 – 2 السينغال
ليبيريا 0 – 0 الجزائر

احتلت الجزائر في نهاية هذا الدوري المرتبة الاولى برصيد 10 نقاط.

تصفيات المرحلة النهائية:
وضعت القرعة في هذا الدوري المنتخب الجزائري ضمن المجموعة الثانية إلى جانب مصر وزامبيا ورواندا. وكانت نتائج لقاءات المنتخب الجزائري على النحو التالي:

رواندا 0- 0 الجزائر
الجزائر 3 – 1 مصر
زمبيا 0 – 2 الجزائر
الجزائر 1 – 0 زمبيا
الجزائر 3 – 1 رواندا
مصر 2 – 0 الجزائر
الجزائر 1 – 0 مصر ( هذه المقابلة الاخيرة أجريت على ملعب ام درمان بالسودان.

وجاء تأهل المنتخب الجزائري إلى نهائيات كأس العالم بعد غيابه لأكثر من عقدين حيث كانت مشاركته الأخيرة في المكسيك 1986 حيث خرج من البطولة من الدور الأول بعدما احتل المركز الرابع خلف كل من البرازيل وأسبانيا وأيرلندا الشمالية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية