سياسة الهجرة السويسرية.. هل تصلح وصفة لأوروبا؟
تترك سويسرا لمختلف الكانتونات حرية كبيرة فيما يتعلق بتطبيق القوانين الخاصة بالهجرة واللجوء. وفيما أظهرت دراسات أنّ بعض الكانتونات يتقيّد بالقوانين أكثر من بعضها الآخر، يقول جانّي داماتو، مدير المنتدى السويسري لدراسات الهجرة والسكان، إن بإمكان أوروبا أن تستلهم من النظام السويسري في هذا المجال.
مع الإقرار بأنّ الاختلافات الدقيقة قد تكون لها عواقب وخيمة، إلّا أنّه يتمّ تطبيق سياسة الهجرة في سويسرا بشكل مختلف تبعاً للكانتون المعني، ذلك ما يظهر في دراسة نشرها المنتدى السويسري لدراسات الهجرة والسكانرابط خارجي في 15 أكتوبر الجاري حول هذه الممارسات المختلفة في الكانتونات، وقد ركزت الدراسةرابط خارجي على مجالات الاندماج والحماية من التمييز وحق اللجوء ومنحه والحصول على الجنسية. فيما يلي مقابلة حول الموضوع مع أحد مؤلفي الدراسة، الأستاذ بجامعة نوشاتيل جاني داماتو.
swissinfo.ch: ما هي العوامل التي تؤثر على علمية تطبيق سياسة الهجرة بشكل أكثر ليبرالية أو أكثر تقييدًا من قبل كانتون ما؟
جانّي داماتو: التكوين الديموغرافي (لسويسرا) يلعب هنا دورا هاما، كلما كانت المدينة أكثر حضرية، بمعدلات هجرة مرتفعة، وزيجات ثنائية أو طلبات تجنيس، كلما كانت الممارسات أكثر إدماجية. وكذلك، وهو مما لا يثير الدهشة، فإن التوجّه السياسي لمختلف الأطراف السياسية له تأثير أيضًا، فكلما تحولت السياسة إلى اليسار أو الوسط، كلما كان تطبيق القانون أكثر ليبرالية. والأكثر إثارة للدهشة أننا وجدنا أنه كلما كان الكانتون أكثر قوة من الناحية الاقتصادية، كلما كانت سياسة الهجرة أقل إدماجية. ما يمكن تفسيره بأن الكانتونات ذات معدلات البطالة أو المستفيدين من الرعاية الاجتماعية الأعلى لديها بالفعل هياكل تعزز السياسة الإدماجية. ومن ناحية أخرى، لا تؤثر البيئة اللغوية بشكل مباشر على سياسة الهجرة، كما قد يتوقع المرء.
swissinfo.ch: هذا يعني أن طالب اللجوء الذي يتقدم بطلب لجوء لأسباب إنسانية، يمكن قبول طلبه في كانتون دون آخر؟
جانّي داماتو: نعم، في بعض الكانتونات، من المرجح أن يحقق المرء مشروع حياته أكثر من غيره. إذا كانت هناك رغبة في المواءمة، فهناك مجال للمناورة التي يمكن أن تكون لها عواقب على الأشخاص. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن العدالة تتيح شكلاً من أشكال السيطرة. تعمل إدارات الكانتونات على تفسير القوانين، وتضع في عين الاعتبار أنّه قد تكون هناك ردود فعل من المحاكم. وهم يدركون في بعض الأحيان أن تفسيرهم للقانون قد يكون على شفير الخطأ، لكنهم يعتمدون على التصحيح القضائي.
swissinfo.ch: من ناحية أخرى، تكافح الدول الأوروبية لإيجاد اتفاق حول توزيع المهاجرين فيما بينها. هل من الصعب التوصل إلى تنسيق بين مختلف السياسات في مجال الهجرة؟
جانّي داماتو: السياسة السويسرية تسعى إلى إيصال المهاجرين إلى مراكز اللجوء في أسرع وقت ممكن، وتوزيع من لديهم حقّ الإقامة في سويسرا منهم على الكانتونات، أيضاً بسرعة. قد يكون الحل في نقل هذه السياسة إلى المستوى الأوروبي، ولكنّ ذلك لا يكلل بالنجاح في الوقت الحالي. فبعض دول الإتحاد لا تظهر إلّا أدنى قدر من الإرادة لفعل شيء، والعديد من الدول الأخرى لا تفعل شيئاً على الاطلاق. منذ ثلاث سنوات، ونحن نناقش اتفاقية في هذا الشأن دون جدوى؛ لم نعثر بعدُ على الحل الذي يُتيح الوصول إلى سياسة مشتركة.
swissinfo.ch: هل هناك أمل في أن توصل المناقشات التي عقدت في أوائل أكتوبر تحت رعاية فرنسا وألمانيا إلى اتفاق؟
جانّي داماتو: لا أعتقد ذلك، فقد وصل الأمر إلى طريق مسدود. وليس هناك تفسير مشترك للوضع لدى الجميع. الآن سيكون من الضروري رؤية ما إذا ستتمكن مجموعة صغيرة من الدول من التوصل إلى اتفاق والتأثير فيما بعدُ على الآخرين.
swissinfo.ch: هل من المحتمل أن يؤدي الهجوم الذي شنته تركيا على قوات كردية في شمال شرق سوريا إلى نشوب أزمة هجرة جديدة في أوروبا؟
جانّي داماتو: هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإرسال 3.6 مليون لاجئ متواجد في تركيا إلى أوروبا، وذلك ردًا على الانتقادات الأوروبية لهجومه في شمال شرق سوريا. إن تنفيذ هذا التهديد قد يؤدي بالفعل إلى وضع صعب، أولاً في اليونان ثم على طريق البلقان. سيتوقف الكثير على التدخلات الدبلوماسية والاقتصادية للبلدان الأوروبية.
swissinfo.ch: هل ينبغي على سويسرا الآن الاستعداد لزيادة جديدة في طلبات اللجوء؟
جانّي داماتو: لم تؤثر أزمة الهجرة لعام 2015 إلا بشكل طفيف على الكنفدرلية. أما طلبات اللجوء في سويسرا فهي لا ترتفع عادة إلا إذا ما قدم اللاجئون من إيطاليا، أمّا الطرق الأخرى فهي أقل تأثيراً عليها. لكن لا شيء مُستبعد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.