شكوك حول جدوى حماية قانونية مجانية لصالح طالبي اللجوء
مع إطلالة شهر مارس، سيدخل قانون اللجوء الجديد برمّته حيز التنفيذ، والهدف منه تسريع إجراءات اللجوء مع ضمان الحماية القانونية المجانية لجميع أصحاب المطالب، لكن يعض المنظمات الإنسانيةتشكك في فعالية وعدالة هذا القانون.
في مستهل شهر مارس، سيدشّن نظام اللجوء السويسري سرعته القصوى. خيث يبدأ العمل بالتعديل القانوني القاضي بتسريع الإجراءات والذي وافق عليها الناخبون في عام 2016. القانون الجديد يستلزم ضم الأقسام المعنية بدراسة كطالب اللجوء إلى بعضها البعض، في مراكز إيواء موحّدة، لكي يتسنّى البت في معظم هذه الطلبات في أقل من 140 يوما. ومن أجل رعاية حقوق المعنيين بالأمر، تم انشاء جهاز حماية قانونية مجانيةرابط خارجي، يوفر لكل طالب لجوء الاستشارة والتمثيل القانونيين منذ الشروع في الإجراءات، مع ذلك، أثارت هذه الخطوة المستحدثة انقساما في الرأي وسط الطواقم والجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين.
فمن جهة، دعمت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئينرابط خارجي، والتي تضم عدّة جمعيات من بينها كاريتاسرابط خارجي والعون البروتستانتي السويسريرابط خارجي ومنظمة العفو الدوليةرابط خارجي، اعتماد هذا النهج الجديد، وأسهمت مساهمة نشطة في وضعه موضع التنفيذ، من حيث أن أرابط خارجيمانة الدولة للهجرة أسندت لهيئات معينة مهمة ضمان التمثيل القانوني لطالبي اللجوء في مراكز الاستقبال الفدرالية.
دعم سريع وفعّال
يشار إلى أن منظمة كاريتاس باشرت، في العام الماضي، هذه المهمة عمليا في إطار مشروع تجريبي في المناطق السويسرية الناطقة بالفرنسية، وخلصت من خلال هذه التجربة الأولية إلى حصيلة إيجابية: “وجدنا بأن لدى طالبي اللجوء قادرة على التمييز بين ممثلي كاريتاس وموظفي دائرة الهجرة، فنحن معهم على اتصال وثيق منذ بداية الإجراءات، وهكذا يتوفر لديهم التوجيه والدفاع بصورة أفضل وأسرع”، كما يقول فابريس بولي، مسؤول الاتصالات لمنظمة كاريتاس في المناطق السويسرية الناطقة بالفرنسية، والذي أكد على ضمان استقلالية المحامين، مضيفا: “نحن نتعاون مع دائرة الهجرة، بمعنى أننا متفاهمون حول المسائل الإطارية، ويمكننا التحاور بشأن تعديل بعض النقاط”.
وقد أمكن لكاريتاس اقتراح إدخال تحسينات، لا سيما على مستوى التنسيق مع سلطات الهجرة، يمكن من خلالها تكييف المواعيد النهائية لكل حالة فردية وتجنب القرارات المتعجّلة. ووفقا لفابريس بولي: “لا يزال هناك نقص في الحصول على الرعاية الطبية، ما يؤدّي إلى قلة المعلومات حول الحالة الصحية للمتقدمين، وبالتالي يعرقل الدفاع عن الأشخاص من ذوي المشاكل الصحية ذات العلاقة بإجراءات اللجوء”.
وأوضح فابريس بولي أن التجربة التي خاضتها كاريتاس أظهرت أن ما يقوم به المحامون العاملون في الميدان يؤتي ثماره، ويقدم دعما حقيقيا لطالبي اللجوء خصوصا الفئات الأكثر ضعفا: “في كثير من الأحيان، كان للتحضيرات التي يقوم بها الممثلون القانونيون، فيما يتعلق بجلسات الاستماع الخاصة بطلبات اللجوء، أثر إيجابي كبير”، وبناء عليه، اعتبرت المنظمة أن الإجراء الجديد قابل للتطبيق بشكل فعال، ويصبّ في مصلحة طالبي اللجوء، ولذلك فهي على استعداد لأن تتابع مهمة التمثيل القانوني في المراكز الفدرالية المتواجدة في المناطق الناطقة بالفرنسية وفي تيتشينو ووسط البلاد.
نقاط ضعف متعددة
إلا أن هذه الحماية القانونية المجانية لم تقنع جميع الأطراف العاملة في المجال، فقد أشار اتحاد المحامين الديمقراطيين في سويسرارابط خارجي إلى وجود ملاحظات تتعلق بالأخلاق وبالاستقلالية، علاوة على أن المواعيد النهائية ستكون قصيرة الأجل بشكل كبير ما لا يساعد على تأمين دفاع جيد، وهذا الموقف بشاطره أيضا المركز الاجتماعي البروتستانتيرابط خارجي، منوها إلى وجود الكثير من الحالات التي لا تشملها الحماية القانونية، مثل لمّ شمل العائلة ومشاكل متصلة بالسكن وإعادة دراسة الملف عند وجود مستجدات، وغير ذلك.
تعديل قانون اللجوء
في يونيو 2016، صوت الشعب السويسري على آخر تعديل لقانون اللجوء ونال القبول بنسبة 66,8٪.
وذلك إثر الاستفتاء الذي أطلقه حزب الشعب (يمين شعبوي) ضد القانون معتبرا بأنه يأتي بنتائج عكسية ويغري المهاجرين كثيرا، وبينما رأى فيه اليمين توفيرا للمال، ورأى فيه اليسار تعزيزا للحماية القانونية في مراكز استقبال اللاجئين، اعتبرت أقلية من اليسار أنه ينضوي على تشدد غير مقبول.
الهدف من الإصلاح هو جعل إجراءات طلب اللجوء أكثر كفاءة وأكثر إنصافا، وأن تتم دراسة معظم الطلبات خلال مدة أقصاها 140 يومًا، ويكون التوزيع على الكانتونات فقط من نصيب الأشخاص الذين لديهم فرصة في الحصول على حق اللجوء.
إلى آخر حدّ
يوجد لدى المركز الاجتماعي البروتستانتي قسم خاص يقدم المساعدة القانونية لطالبي اللجوء، غير أنه لا يريد أن يكون له دور في تطبيق سياسة التسريع بالإجراءات: “كونه يؤثر على استقلاليتنا، ولا يتناسب مع أسلوبنا في العمل”، مثلما أوضح آلدو برينا، المسؤول في المركز عن الإعلام بشأن اللجوء، وأضاف: “من جانب، هناك التبعية الهيكلية للمُتعهّد أمام سلطات الهجرة التي تموّله، ومن جانب آخر، هناك استقلالية الممارسة ضمن إطار العمل والوتيرة التي تمليها السلطات”.
وقد تبيّن من خلال التجربةرابط خارجي التي يقوم بها المركز في زيورخ، أن نصف طلبات الاستئناف تم تقديمها عن طريق محامين خارجيين، واستشهدت صحيفة سونتاغس تسايتونغ بشاب كردي، رفض محاميه استئناف قرار الرفض الصادر بحقه، فاستعان بجمعية خارجية، والقضية حاليا قيد المداولة وقد تحظى بالنجاح، كما تطرقت الصحيفة، وفق إفادات الخبراء الذين أجرت معهم مقابلات، إلى قضية الرسوم حيث يتقاضى محامو المركز التجريبي 1400 فرنكاً عن كل طالب لجوء بغض النظر عن تعقيدات القضية أو الوقت الذي تستغرقه، وهذا لا يشجع على الاستئناف، ويستدرك فابريس بولي قائلا: “محامونا لا يتخلون عن قضية لأسباب مالية، وإنما يستمرون في الدفاع حتى الأخير، ولا يعتمدون في تقييم فرص الاستئناف على المعايير المالية، وإنما على المعاملة والقانون”.
لمزيد من النشاط القانوني
واقعيا، يقترن التسريع بإجراءات اللجوء مع إيجاد صيغة جديدة للحماية القانونية، تدخل ضمن مهمة أمانة الدولة لشؤون الهجرة، وتُضاف إلى أخرى موجودة لدى الجمعيات والمنظمات الناشطة في مجال مساعدة اللاجئين: “وباختصار، نحن نتحدث عن نظامي حماية قانونية، الأول، يكابد التشكيك في استقلاليته، والثاني، يكابد توفير الأموال اللازم لمواصلة عمله”، خلص آلدو برينا.
ولا يرتاح الكثير من الأشخاص والجمعيات المدافعة عن حقوق اللاجئين إلى القول بأن لبعض المنظمات دور فاعل في نظام اللجوء الجديد ، وقد نشرت حركة “فراي بلاتس أكسيون Freiplatzaktionرابط خارجي” في زيورخ بيانًا لصالح تنشيط الجانب القانوني، حظي بتأييد المركز الاجتماعي البروتستانتي، جاء فيه: “الدفاع عن طالبي اللجوء هو عمل سياسي، وليس مجرد توكيل محامين لمتابعة الملفات، ونحن نأسف لموقف المنظمات الإنسانية الذي تغيّر، وبات أقل اعتناء بالنقد وأكثر إهمالا للجانب السياسي”، على حدّ قول آلدو برينا.
ومن جانبها، علّلت منظمة كاريتاس موقفها قائلة: “لقد أعربنا عن موقفنا لصالح القانون الجديد وتسريع الإجراءات بشرط أن يتم توفير دفاع قانوني مجاني عالي المستوى من البداية، والقانون حظي بموافقة الشعب على نطاق واسع، وسيتعيّن على كاريتاس خلال فترة توليها للمسؤولية ضمان جودة الدفاع”.
وعلى كل حال، حل ركب شهر مارس، وسيكون قد حان الوقت لوضع القانون الجديد موضع التنفيذ في جميع المراكز الفدرالية، ولن يكون بالإمكان تقييم هذه التجربة إلا على المدى الطويل، مع ذلك ستحيط بها كاميرات الرصد من كل جانب.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.