فتاة مصرية سفيرة لسويسرا بالقاهرة لـ”يوم واحد”
تحرص سويسرا، ممثلة في المؤسسات والكيانات والهيئات، التابعة لها في مصر، طوال الـ60 عامًا المنقضية، أي منذ افتتاح سفارتها في القاهرة، على دعم ومساندة المرأة، والدفاع عن حقوقها في المحافل السياسية والثقافية والفنية والرياضية، وعلى كافة المستويات الممكنة، ماديًا ومعنويًا.
وفي هذا الإطار؛ احتفلت السفارة السويسرية في مصر، مؤخرًا؛ باليوم العالمي للفتاة، بطريقة طريفة، حيث أقام بول غارنييه، سفير سويسرا بالقاهرة، حفلاً، نقل فيه مهام منصبه كسفير لسويسرا في مصر، إلى الفتاة أمنية محمد، البالغة من العمر 16 عاما، وجرت مراسم التسليم والتسلم في مقر السفارة السويسرية في القاهرة.
وخلال الحفل؛ شرح “غارنييه” لـ”أمنية”، طريقة العمل بالسفارة، وسلمها مفاتيح مكتبه، والحاسب الآلي الخاص به. كما قام مع أحد الدبلوماسيين المساعدين له بشرح أسلوب العمل، وطرق الاعداد للزيارات، المتبادلة مع مصر، وجدول الموضوعات واللقاءات التي تتم فيها، وقدم لها نماذج من هذه الزيارات.
وقد جري ذلك لمدة يوم واحد، في إطار الاحتفال بيوم الفتاة، والذي تم اطلاقه للمرة الأولى عام 2012، بعد الدعوة العالمية للفتيات لتأسيس هذا اليوم رسميًا، وبالفعل صدر قرار بذلك من الأمم المتحدة، وبدعم من الوفد الكندي، وهيئة بلان انترناشونال، بهدف رفع مستوى الوعي حول التحديات الخاصة التي تواجه الفتيات، ولاتخاذ الإجراءات لمواجهة ذلك.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، تولت 68 فتاة مصرية مناصب العديد من المسؤولين على مستوى مصر، وشمل ذلك مناصب وزيرة التضامن الاجتماعي، والأمين العام للمجلس القومي للأمومة والطفولة، وسفراء من تسعة عشرة دولة من بينها الأرجنتين، وبلجيكا، والبرازيل، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وألمانيا، وإندونيسيا، والعراق، وأيرلندا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والنرويج، وسنغافورة، وبريطانيا، وسويسرا، والسويد، وتركيا، والولايات المتحدة، وكذلك برنامج الأغذية العالمي، والاتحاد الأوروبي، واليونيسيف، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، ورؤساء ووكلاء من منظمات الأمم المتحدة، وكذلك رؤساء جمعيات تنمية المجتمعات المحلية.
من جانبها؛ قالت “أمنية”، إن الفتيات في مصر، لا تزال أمامهن تحديات كثيرة، منها التقاليد التي تفرق بين دور الذكر والأنثى، وأوضحت أن هذه التجربة كسفيرة ليوم واحد، علمتها أهمية العمل الجماعي، من أجل تحقيق النجاح والانجاز، وقالت إنها ستركز على البعد الاجتماعي، وتبادل الخبرات مع مصر.
التزام سويسري بتمكين المرأة
من جانبه؛ يرى الخبير السياسي، أنس القصاص، أن “هذا الحدث يعبر عن التزام سويسري قديم بمسألة تمكين المرأة والأقليات، والدفع نحو مجتمع تشاركي، تتوزع فيه السلطة بين جميع أفراده، بغض النظر عن انتماءاتهم ونوعهم الاجتماعي. وهذا أمر ليس منبت الصلة بسجل النشاط الأممي المشرف للحكومة السويسرية، سواءً تحت لواء الأمم المتحدة، أو أي من مؤسسات المنظومة الدولية الأخرى؛ وتحديدا فيما يتعلق بمشروع الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة، الذي اعتبر المساواة في النوع الاجتماعي حق أساسي”.
وقال “القصاص”، الباحث المتخصص في الشؤون الدولية، لـswissinfo.ch: “تعتبر سويسرا أحد أهم داعمي تلك الأهداف الأممية، حسب أحدث إحصائيات المشروع”؛ مشيرًا إلى أن “الناس في الشرق الأوسط تحدوهم آمال عريضة، في حياة هادئة مستقرة، وتتوق نحو أي نموذج يمكن المنطقة من الانسلاخ من جو التوتر والعنف والفوضى، أيًا كان ذلك النموذج. وأعتقد أن لسويسرا دور كبير في حل قدر كبير من هذه الصراعات، عن طريق الترويج لنموذجها القيادي والأخلاقي”.
سويسرا على الصعيد الدولي
متفقة مع “القصاص”؛ تقول عبير ضيف، مؤسسة مبادرة “حواء بعد الأربعين”: “الفكرة رائعة، لأنها تعلم الفتيات أهمية المناصب القيادية، وكيفية إدارتها، وعن حقوقهن فى تولي المناصب، والتعامل مع الثقافات المختلفة، التى تؤدى لتبادل الخبرات، والتعاون المشترك بين الدول، وبين أفراد فريق العمل الواحد، مما يزيدهن خبرةً فى التعامل فيما هن مقبلات عليه، وتساعدهم على تفتيح مداركهم، للعديد من الأمور العملية والشخصية”.
وفي تصريح خاص لـ swissinfo.ch؛ تؤكد الناشطة في مجال دعم المرأة، عبير ضيف، أن “هذه التجربة تضع سويسرا على الصعيد الدولي، لدعم المرأة، ومساندتها للحصول على حقوقها المهضومة، مما يسهل لها الكثير من الأمور، ويوفق بعض الأوضاع لها مع الدول الأخرى”.
التحية واجبة لأهل “أمنية”
فيما تعتبر الكاتبة الصحفية إكرام يوسف: “الحقيقة أن التجربة لا تعتبر جديدة بالنسبة للمجتمعات المتقدمة، التي تولي اهتمامًا بالنشء، وتحرص على تنمية روح القيادة بينهم، سواء كانوا شبابًا ام فتيات”؛ معتبرة أن “من يستحق التحية اساسًا، هم أهل أمنية، الذين شجعوها على خوض تجارب وأنشطة، لا تتاح لمعظم الفتيات المصريات، حتى انتبهت إليها مؤسسة بلان انترناشونال إيجبت، وقدمتها لتخوض التجرية”.
وأضافت “يوسف”، عضو نقابة الصحفيين المصريين لـ swissinfo.ch: “أتذكر أيام دراستي في أوائل السبعينيات، كانت المدارس المصرية “الحكومية” تنظم يومًا أسبوعيًا، يُسمى “يوم الحكم الذاتي”؛ حيث يتولى فصل من الفصول إدارة المدرسة بالكامل، بداية من عمل الناظر، حتى الإشراف على النظام، وتنظيم استقبال الزائرين وأولياء الأمور، مرورًا بالإشراف على النظافة، ودق الجرس، وكان طلبة كل فصل يتولون تقسيم العمل فيما بينهم”.
الكاتبة الصحفية اختتمت حديثها بقولها: “لا أعرف أين ذهبت هذه التقاليد، أعتقد أنه لم يعُد متاحًا، مع ما نعمل من مستوى التعليم الحكومي حاليًا، وكثافة الفصول، لكنني أتمنى أن يعيد القائمون على شؤون التعليم والشباب هذا التقليد، ربما نجد بين فتيات وشباب مصر العديد منهم ممن يستحقون الحصول على فرصة لإثبات قدراتهم القيادية، مثل أمنية وأكثر”.
دعم المرأة.. تعليميًا ورياضيًا
وتأتي هذه التجربة السويسرية الداعمة للمرأة، استمرارًا لجهودها في هذا الشأن؛ حيث شارك بول غارنييه، سفير سويسرا في مصر، الإثنين 24 سبتمبر 2018، في افتتاح المرحلة الثانية، من مشروع تطوير أكاديمية السويدي الفنية STAII للتكنولوجيا التطبيقية، بمدينة العاشر من رمضان (الصناعية)، بمحافظة الشرقية، وإطلاق مبادرة تعزيز المهارات الفنية لطلاب وطالبات الأكاديمية، والتي شاركت سويسرا، في تمويلها، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، ويستهدف السعي لتعزيز المهارات الفنية، لخمسمائة شاب وفتاة بحلول عام 2021، بهدف تحسين فرصهم للإلتحاق بسوق العمل؛ مؤكدًا أن “مشاركة المرأة في هذا الإطار جزء لا يتجزأ من المشروع”.
وقبيل انطلاق مبارايات كأس العالم الأخيرة، التي أقيمت في روسيا منتصف يونيو 2018؛ نظمت سفارة سويسرا بالقاهرة، يومي ٧ و٨ يونيو 2018، بطولة كرة القدم للفتيات بالقاهرة، والتي شارك فيها حوالي 330 فتاة، في سن المراهقة، وفي الحفل الختامي للبطولة، تم توزيع الميداليات والجوائز للفائزين من بين 33 فريقا في البطولة، بمشاركة سفير سويسرا في مصر، بول غارنييه، وممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، بليرتا أليكو، ورئيسة نادي زيوريخ لكرة القدم للنساء، والنائبة السابقة لمدير قسم المسابقات ورئيسة مسابقات المرأة في الاتحاد الدولي لكرة القدم تاتيانا هيني.
4 أفلام سويسرية عن المرأة
وفي مارس 2017؛ اختيرت سويسرا، ضيف شرف الدورة العاشرة لمهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة، والذي انعقد في الفترة من 4 إلى 9 مارس 2017، واستضافها قطاع صندوق التنمية الثقافية بـ”الأوبرا”، وشهدت مشاركة 59 فيلمًا، من 23 دولة عربية وأجنبية، وتم خلاله عرض أربعة أفلام من سويسرا؛ هي: “أن أشبه أمى” و “كوبك”، و”يوم أن سقطت الشمس”، و”حياة أخرى”، فيما قامت المخرجة السويسرية، دومینیك مارغو، بإلقاء محاضرة عن الفيلم التسجيلي الشخصي.
وفي ديسمبر 2017، وقعت مصر وسويسرا إعلانا مشتركا، تضمن استراتيجية التعاون الجديدة للجانب السويسري في مصر، للأعوام الأربعة المقبلة (2017- 2020)، بقيمة 86 مليون فرنك سويسري. وقع الإعلان عن الحكومة المصرية الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار، وعن الحكومة السويسرية، ماري جابريل انايشن فلايش، وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، بهدف تجديد التعاون بين مصر وسويسرا إلى تحقيق مصر لأهداف التنمية المستدامة التي أعلنتها الأمم المتحدة حتى عام 2030، ومن بينها دعم المرأة المصرية.
50 مشروعًا تنمويًا في 10 سنوات
وفي جردة حساب قدمتها مؤسسة “دروسوس” مصر؛ بنهاية العام 2017، بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيسها؛ كشفت الدكتورة وِسام البيه، المديرة الإقليمية للمؤسسة، عن أن دعّمت خلال 10 أعوام، قُـرابة 50 مشروعا تنمويا بمصر، تخدم مجموعات وفئات واسعة من المستفيدين؛ مثل الشباب والأطفال والسيدات المعيلات، من بينها 21 مشروعا لا يزال تنفيذها جاريا حتى اليوم.
وفي أكتوبر 2013، وقعت المنظمة المسكونية لحقوق الإنسان والتنمية بجينيف، عقود المرحلة الثانية مع المستفيدين من قروض تنمية المرأة المعيلة، لدعمها لتنفيذ مشروعات اقتصادية صغيرة لمساعدتها في الظروف المادية الصعبة, وعدم قدرة الزوج بمفردة علي إعانة الأسرة. جاءت مراسم التوقيع بحضور ممثلين عن مؤسستي الأزهر الشريف والكنيسة المصرية. وقال أيمن نصري، المدير التنفيذي للمنظمة، عقب التوقيع، إن الدعم مقدم من حكومة جنيف بسويسرا, ويتراوح القرض للمستفيد بين 3- 20 ألف جنيه، لمدة عام، يتم في نهايته تقويم المشروع؛ مشيرًا إلى أن المشروع يركز في مرحلته الأولي علي منطقتي السلام وعين شمس ثم محافظات الصعيد والوجه البحري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.