في لوغانو.. أول إمام تحصّل على معظم تأهيله في أوروبا
لا زالت سويسرا، التي يزيد فيها عدد المسلمين عن 350000 شخص، تتلمّـس الطريق وتبحث عن أفضل السُّـبل لإدماج أتباع ثاني أكبر ديانة في الكنفدرالية، بعد أن اقتنعت جميع الأطراف تقريبا بأنهم تحوّلوا إلى عُـنصر ثابتٍ في المشهد الاجتماعي والثقافي والديني في البلاد.
في هذا السياق، كشفت دراسة أنجزها الصندوق الوطني للبحث العِـلمي ونُشرت نتائجها في منتصف يوليو 2009، عن وجود إجماع بين الساسة والخبراء ورجال الدين والمسلمين أنفسهم على ضرورة توفير تأهيل للأئمّـة المسلمين يُـراعي الخصوصيات السويسرية ويمزِجُ بين المتطلِّـبات الدينية والمعارف القانونية والسياسية والإجتماعية الخاصة بالكنفدرالية.
السيد سمير جلاصي رضوان، إمام في أحد مساجد لوغانو بجنوب سويسرا، شخصية معروفة ومحترمة في الكانتون الجنوبي المتحدث بالإيطالية، وهو يتميّـز – مقارنة بمعظم الأئمة العاملين في سويسرا – بتكوين عِـلمي وأكاديمي متنوع حصل عليه من معاهد عليا ومؤسسات جامعية أوروبية، وهو ما يؤهِّـله، حسب ما يبدو، لتقديم أنموذج يُـجسِّـد ما تنتظره السلطات السويسرية من الجالية المسلمة عموما.
swissinfo.ch: هل يمكن أن تعطينا لمحة عن تكوينك الأكاديمي والعِـلمي؟
سمير جلاصي رضوان: (اشتغلت في فرنسا) في ميدان الإمامة، ثم قدِمت إلى سويسرا، حيث واصلت تكويني، وكان لي تكوين كوسيط بين الثقافات، Médiateur Interculturel، وتحصّـلت على دبلوم. ثم بعد ذلك، واصلت تكويني في جامعة لوغانو، جنوب سويسرا، حيث سجلت في الماجستير، في مجال الاتصال المتعدد الثقافات La communication Interculturelle.
حقيقة كانت تجربة مفيدة وثرية وعميقة بالنسبة لي كإمام ومسلم في هذه البلاد، وبعد ذلك سجلت في دكتوراه في علوم التواصل وأشتغل الآن على مشروع، وهو نموذج حوار في القرآن الكريم من خلال تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن ليس من منظور فلسفي، بل من منظور التواصل والمبررات.
أدرِّس في آن واحد في المعهد الفدرالي للتكوين المهني مجموعة من الأساتذة السويسريين، وهذا الدرس اعتُـمد، وهو على ما أظن الأول في سويسرا، بعنوان “تعرّف على الإسلام”، كما أحاضر في جامعة لوغانو فيما يتعلق بالتعامل مع الجاليات الأخرى ومع الجنسيات والثقافات الأخرى في دائرة التواصل الثقافي.
على ذكر لوغانو، يبدو من خلال الأصداء التي تتردّد في وسائل الإعلام، أن هذا الكانتون الناطق باللغة الإيطالية في جنوب سويسرا، قد تحوّل إلى ما يُـشبِـه المُـختبر للتعدّد الديني. هل تشاطر هذا الرأي وهل هذا التقييم واقعي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، إن تجربة التيتشينو، ومدينة لوغانو على وجه التحديد، هي تجربة نموذجية على مستوى سويسرا، وقد تكون على مستوى أوروبا كذلك، فقد تأسس لدينا منتدى لحوار الديانات بشراكة بلدية لوغانو، وهي خطوة تُـبيِّـن جرأة واختيارا سياسيا ناضجا وجدُّ مُـنفتح..
منتدى حوار الديانات، فيمَ تتمثل مهمّـته، متى تأسس وما هي الأعمال التي قام بها إلى حد الآن؟
سمير جلاصي رضوان: هذا المنتدى تأسس منذ أكثر من سنتين، وانطلقت فكرة إنشائه من أسبوع الديانات الذي نُـظم على المستوى الكامل للكنفدرالية.
فبعد النجاح في هذه التجربة، التي هي تجربة أسبوع الديانات (والتي نلتقي فيها مع كافة الديانات، وتكون هناك أبواب مفتوحة في أماكن العبادة ومحاضرات وأنشطة وعروض إلى غير ذلك)، تمّ تأسيس هذا المنتدى والذي يهدِف إلى التعريف بقيم الديانات التي تقدمها إلى المجتمع أو إلى البشرية، تؤكّـد على دور الديانة في صيانة المجتمع وسلامته وتماسكه، وأيضا مكونات المجتمع مثل العائلة والشباب إلى غير ذلك، وما زال يشتغل إلى حد هذه اللحظة وله أنشطة متعدِّدة سيكون فيها أيضا خلال السنة القادمة أسبوع الديانات، إضافة إلى سلسلة من المحاضرات، وقد عكفنا مؤخرا على وضع إستراتيجية لهذا المنتدى، تهدف إلى بيان دور الدين وعلاقته بالمجتمع، حاضرا ومستقبلا.
هل تشعر بأن مثل هذه الأنشطة، التي تظل في نهاية المطاف نخبوية ومحدودة، تؤثر في الرأي العام، خصوصا في ظل الصورة السيئة التي تتناقلها وسائل الإعلام عن الإسلام وأوضاع المسلمين، سواء في أوروبا أو في البلدان الإسلامية؟
سمير جلاصي رضوان: يُـمكن أن أذكِّـر بما يلي: أنه، إضافة إلى شغل المنتدى، هناك طبعا المؤسسات الدينية والمجتمع والجمعيات والجاليات الدينية، التي لها دور آخر، أتكلّـم عن مؤسستنا، رابطة مسلمي كانتون تيتشينو، والتي تأسست منذ خمس سنوات، فيها أنشطة متعددة، فقد زارنا خلال هذه السنة أكثر من 300 شخص في المركز، مجموعة من الطلبة والتلاميذ والمعاهد، كما زارنا رئيس القساوسة، وهي الأولى في تاريخ سويسرا وفي تاريخ هذا الكانتون، وقد غُـطِّـي هذا الحدث إعلاميا بما يزيد عن 20 وسيلة إعلام – تلفزيون وصحافة – وكانت الخبر الأول في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إضافة إلى الأنشطة الأخرى التي نقوم بها من محاضرات، وكذلك لدينا نشاط متميّـز مع مدينة لوغانو، حيث أن هنالك منتدى آخر، منتدى للتعدّد الثقافي، والذي يسعى إلى تقديم ثقافات الآخرين والتعرف عليها، من أجل حُـسن التعايُـش والتعامُـل مع بعض.
أعتبر أن التحدّي، الذي هو في المستقبل، هو تحدّي تعايُـش الثقافات والحضارات والديانات، وليس تصادُمها وحربها بين بعضها البعض.
هل ترى أن سويسرا مهيأة للنجاح في هذا الاختبار؟
سمير جلاصي رضوان: تجربة سويسرا، متمُـيِّـزة ومتقدِّمة، وربّـما أكون بأمل واسع في منطقة تيتشينو، لكن هنالك صعوبات حقيقة وإشكاليات. الصعوبات التي أراها، هو أن الإسلام، كدين وحضارة وثقافة، يُـمثّـل تمثيلا سيئا من طرف بعض الأشخاص ويُـقدَّم تقديما سيئا من البعض الآخر.
فبعض المسلمين لا يعرفون الأساليب الجيدة في نقل رسالة الإسلام إلى المجتمع، الذي يتأثر بوسائل الإعلام وما يسمعه وما يقرأه عن الإسلام واتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب والعنف وبغير ذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، هناك بعض وسائل الإعلام وبعض الجهات والأحزاب، التي تسعى إلى إثبات التّـهمة وتشويه الإسلام والمسلمين، وتضع في خطر السِّـلم الاجتماعي والديني. ففعلا هنالك صعوبات وهنالك تحدِّيات، لكني أرى أن الجو العام في سويسرا، هو جوّ مناسب وجيّـد، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من هذا الجو وأن يُـحسِـنوا اغتنامه في مصلحة تقديم الإسلام كمُـكوِّن من مكوِّنات المجتمع الذي نعيش فيه. هذه قضية، اعتبر بأنها محورية ومهمة وتحدٍّ أمام مسؤولي الجمعيات الإسلامية والمراكز والأئمة والخطباء، ولذلك، كيف يُـمكن إدراج مسألة الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي، إضافة إلى أن يكون المسلمون في هذا البلد، هم مواطنون بمعنى المواطنة الكاملة، وليسوا مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة.
أظهرت نتائج دراسة قام بها المركز الوطني السويسري للبحث العِـلمي، وجود إجماع، تقريبا شِـبه كامل، حول ضرورة تكوين الأئمة في سويسرا. هل تعتقد أن الظروف نضُـجت لتوفير مثل هذا التكوين، في حين أن مسألة الاعتراف الرمسي بالإسلام لم تُـحسم بعدُ؟ على عكس النمسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا؟
سمير جلاصي رضوان: أولا أتحفّـظ على مصطلح تكوين الأئمة، وإنما أقول تأهيل الأئمة والخطباء، لأن المشروع الذي قدِّم في سويسرا والذي نرى فيه فائدة أيضا للمجتمع وللجالية المسلمة كمكوِّن من مكونات المجتمع، يتكلّـم أيضا عن التأهيل والتكوين إلى جانب التكوين الشرعي والديني، والذي لا يُـمكن أن يغطِّـيه مثل هذا المشروع، بمعنى آخر، هذا المشروع فيه وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر بعض النماذج الأخرى، مثل التي طرِحت في فرنسا.
لمّـا تتحدّث عن التأهيل، ما هي المجالات المعنية، وهل هناك اتفاق على هذا الجزء على الأقل؟
سمير جلاصي رضوان: هناك جملة من المعاني التي وقع عليها اتِّـفاق أو ممكن أن نقول مقصد أو هدف أساسي، وهو هدف أن يكون الأئمة والخطباء لهم معرفة بالواقع الذي سيُـمارسون فيه رسالتهم، وهذه مسألة هي أيضا من الدين الإسلامي، لها أصل، فالنبي صلى الله عليه وسلم، كان أعرف الناس بالواقع، كان يعرف طبائع القبائل وكان يعرف معادن الرجال وكان يُـحسن توظيفهم، ونحن نعرف أيضا ما أجمع عليه العلماء المسلمون بأن الفتوى تتغير زمانا ومكانا وحالا.
لا أعتقد أن هناك خلافا حول ضرورة معرفة الإمام بالواقع الذي يعيش فيه، ولكن عندما ننتقل للخطوة الموالية، يواجَـه الجميع بإشكالية التمويل! من سيُـموِّل عملية التـأهيل هذه؟
سمير جلاصي رضوان: طُـرح علي هذا السؤال من طرف وسائل الإعلام هنا أيضا، أتصوّر بأن هذه المسألة من المفروض بأن تتحمّـلها الدولة لسببين.
السبب الأول، هنالك دعوة مستمرّة، ونحن نسمع دائما مسألة اندماج المسلمين، وهنالك من يُـزايِـد أيضا على المسلمين في أنهم ليسو مندمجين وأن الأئمة غير مؤهلين إلى غير ذلك، أريد أن يُـغلق هذا الباب بمثل هذا المشروع وأرى من البديهي والمنطقي أن تتحمّـل الدولة أو المؤسسات الرسمية هذا المشروع، باعتباره أنها تقدِّم خِـدمة للمجتمع، قبل أن تقدم خدمة للمسلمين الذين هم جزء من هذا المجتمع.
ولكن، ألا ترى أننا عُـدنا إلى نقطة البداية، أي أننا ندور في حلقة شبه مفرغة، فحتى تُـموِّل الدولة مثل عملية التأهيل هذه، لابد أن تعترف بالديانة. فهذا المشكل لا يُـطرح على الكاثوليك والبروتستانت واليهود وغيرهم..
سمير جلاصي رضوان: أنا أتصور بأن هذا الموضوع بالشكل الذي طُـرح، (وأتمنى أن يكون هذا الطرح جادّا) وأشعر أنه فيه جدية، نعتبر أن هذه خُـطوة في اتجاه اعتبار المسلمين مُـكوِّن، ليس رقمي، بل فِـعلي للمجتمع السويسري، وبالتالي، فإن الدولة في دستورها تَـضمن لكل الديانات حقوقها في ممارسة شعائرها، وجزء من هذه الشعائر لا يُـمكن أن يتوفر إلا من خلال تأهيل من يقومون على هذه الشعائر وعلى هذه الديانات. فالمسألة، أرى أنها قد تكون خُـطوة في الاعتراف، لكنها خُـطوة غير كافية، وعلى الجاليات المسلمة أن تتحرّك.
خلال لقاءات منتدى الإسلام مع الكنفدرالية، أو مع المكتب الفدرالي للشرطة في برن، الذي انطلق منذ 3 سنوات تقريبا، كان الحوار في البداية حول مسألة الأمن، لكن ممثلي الجاليات المسلمة، الذين يعدّون بـ 30 شخصية في سويسرا، طالبوا بأن لا يقتصر الحوار والنقاش على هذه النقطة، نحن مجمعون على أن أمن هذا البلد هو أولوية لنا جميعا واشتغلنا عليه وحصلنا حتى في آخر الحوارات على اعتراف (يُـمكن الرجوع إلى البيان الختامي)، الكنفدرالية بدور الأئمة والمسلمين والجالية المسلمة المُندمجة اندماجا إيجابيا في المجتمع السويسري في مقاومة التطرّف والابتعاد عن ما هو إرهاب وعُـنف وغير ذلك، هذه مسألة.
فكان ضمن نقاط الحوار مسألة أثيرت وسيكون العمل عليها طويلا، وهي مسألة الاعتراف بالإسلام. ليس الاعتراف الفعلي، لكن الاعتراف القانوني، وأنا أتصور بأن هذه المسألة ستأخذ وقتا طويلا وتحتاج أيضا إلى أناس لهم نُـضج في طرح هذه المسألة وكذلك إلى إرادة سياسية، أتمنى أن لا يكون الموضوع مقترنا بحملات الانتخابات والاتفاقات التي نعرفها دائما في النظام السياسي في سويسرا. يجب أن يكون الموضوع مبدئيا، نريد أن تُـحسم مسألة وجود المسلمين كمكوّن من مكونات المجتمع السويسري، وبالتالي، مسألة الاعتراف بالدين الإسلامي.
في العديد من الحالات، طُـلِـب من المسلمين أن يتوحّـدوا، بمعنى أن يكون لهم جهاز أو هيئة أو منظمة مُـنتخبة وشفافة تُـمثِّـلهم لدى السلطات على مستوى الكانتونات أو على المستوى الفدرالي، لكن هذه النقطة التي هي أساسية في نظام ديمقراطي كالنظام السويسري، لم تُـنجز إلى الآن. أنجِـزت بعض الإعلانات، لكن عمليا لم تُـنجز. ألا ترى أن الجالية المسلمة تتحمّـل قِـسطا من المسؤولية في تأخير وتأجيل صدور مثل هذا القرار السياسي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، هذا صحيح، والاعتراف بالحق فضيلة. بالفعل هنالك تقصير، لأن هنالك إشكالية كبيرة في الوجود الإسلامي في سويسرا، تصبِـغه بعض الألوان التي لا تعيش اللحظة، بمعنى آخر، قد يكون المركز الإسلامي أو المسجد أو الجمعية الإسلامية أو بعض الممثلين، ليست هذه النقطة هي الأولوية لديهم، وأنا أعتبر أن هذا التقصير كبير جدا. قد تكون الأولوية هي المحافظة على الجالية أو لغة البلد الأصلي أو غير ذلك، نحن نحتاج فعلا أن نعيش اللحظة وأن نرى التحدّي أن يكون هنالك عمل الأجيال القادمة، وكذلك نريد مشاركة أبناء هذا البلد من المسلمين السويسريين الذين أسلموا واختاروا الإسلام دينا لهم، نريد أن يشاركوا أيضا في هذه المسألة، بحث تكون مطالبتهم كأبناء هذا البلد الأصليين، لحفظ حقوقهم والاعتراف بوجودهم بشكل قانوني.
تفصلنا أربعة أشهر عن موعد الاستفتاء الذي يُـنظَّـم في سويسرا بخصوص المقترح الداعي إلى حظر بناء المآذن. ما هو تقييمك للجدل الذي أحاط بهذا الموضوع منذ الإعلان عنه وماذا تتوقع أن تكون النتيجة؟
سمير جلاصي رضوان: أولا، أقول إن هذا الجدل أخذ مسارا غير طبيعي حقيقة، موضوع المآذن، موضوع له خصوصياته ليس في سويسرا فقط. أذكر لكم تجربة جيدة في كانتون تيتشينو، كان هناك لقاء مباشر مع اللجنة القانونية في البرلمان، وكان لقاء إيجابيا وخرج بعده تقرير إيجابي، (يُـمكن الحصول عليه من إصدارات البرلمان المحلي).
بداية، أنا أدعو المسلمين وممثلي الجاليات الإسلامية إلى التواصل مع الهيئات الرسمية، نقل وجهات النظر، لا يجب أن نترك صوتا واحدا يصل وقد يكون مُـشوِّها للإسلام. اللقاء مع المسؤولين مهمٌّ جدا في إيصال الصورة وفي بيان الواقع والحقيقة.
وقد استخلصت من خلال هذا اللقاء، أن هنالك عدم المعرفة بالإسلام وبواقع الجالية المسلمة، وكان ذلك لقاء إيجابيا للغاية، وقد خرج بعده بيان، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني بالنسبة للتيتشينو، بعد زيارة رئيس الكنيسة، والتي كانت زيارة قبل ثلاثة أيام من التصويت (على مقترح يميني متشدد يدعو إلى حظر بناء المآذن في كانتون تيتشينو، التحرير) ولم نُـبرمجها حقيقة ولم يكن فيها خيار سياسي، كانت زيارة مقرّرة في دائرة التواصل بين الديانات، فغُـطِّـي هذا الحدث وكان له آثار إيجابي، حيث أن الأسقف قال “أنا أشعر بأن الحوار مع المسلمين، حوار إيجابي وجيد وجاد، وأشكر المسلمين على استقبالي في المسجد”، وقد دخل بصليبه (وهذه المسألة كانت قد تُـحدِث جدلا واصطيادا في ماء عكِـر من بعض المتصيِّـدين)، غير أن تصريحات الأسقف، الذي تكلّـم أيضا على قضية المآذن وأن للمسلمين حقّـهم في أن يكون مسجدهم بالشكل الذي يناسبهم ويريدونه، ولا يُـزعج أحدا، فكان التصويت بعد ثلاث أيام في برلمان تيتشينو ضد المبادرة، التي قدّمها حزبان في الكانتون.
على العموم، في سويسرا أنا أتصوّر أن هذه المسألة قد تمُـر بشكل ما ضد المآذن، لكن هنا لا يعني أنه على المسلمين أن يناموا، إنما هنالك مسؤولية كبيرة وعملا كبيرا ينتظر ممثلي المسلمين في التواصل مع المجتمع ومع الشعب السويسري، الذي له في الأخير الكلمة الأخيرة. بمعنى آخر، علاقتنا مع المجتمع وصورة الإسلام عند المجتمع، هي التي في الأخير سيكون لها تأثير في التصويت، وليس الحملات الانتخابية في هذا الموضوع.
كمال الضيف – برن – swissinfo.ch
يقدُم معظم مسلمي سويسرا من جمهوريات يوغسلافيا سابقا:
يوغسلافيا (وتشمل صربيا وكوسوفو والجبل الأسود): 108058
البوسنة والهرسك: 23457
مقدونيا: 43365
كرواتيا: 392
سلوفينيا: 102
إثر ذلك، يأتي مواطنو تركيا وألبانيا:
تركيا: 62698
ألبانيا: 699
أخيرا، المهاجرون من شمال إفريقيا والشرق الأوسط:
المغرب: 4364
تونس: 3318
الجزائر: 2654
مصر: 865
ليبيا: 489
العراق: 3171
لبنان: 1277
سوريا: 459
تضم هذه الجالية المتعددة الأعراق والجنسيات، التي تناهز 5% من إجمالي عدد السكان في سويسرا، 169726 رجلاو141081 امرأة، وتشير الإحصائيات أيضا إلى أن هذه الجالية تضم في صفوفها نسبة عالية من الشبان:
أقل من 25 سنة: 137189
ما بين 25 و55 سنة: 141789
أكثر من 55 سنة: 11453
يبلغ عدد المسلمين الحاملين للجنسية السويسرية 36481 شخصا.
(المصدر: المكتب الفدرالي للإحصاء)
“أنا من عائلة تونسية، والدي أصيل مدينة القيروان، مدينة العِـلم، وهو خرّيج جامعة الزيتونة، الوالدة من عائلة أندلسية الأصل، من قرية تستور، قد يكون هذا التنوع له فائدة، في أنني وُلِـدت في العاصمة، وكان مقابل بيتنا، (الذي كان يُـلقّـب ببيت الإمام) بيت تسكن فيه عائلة فرنسية مسيحية. وأذكر أنه منذ الصِّـغر، ربّـى والديّ عائلتنا على احترام هذه العائلة، التي كانت تعيش في احترام كبير في بلاد إسلامية، وهي تونس..
نشأت في تونس في هذه العائلة المتديِّـنة المحافظة، ثم حصلت على شهادة الباكالوريا، ثم كانت لي محطة بالجزائر، حيث كانت نيتي الدراسة في الكلية الشرعية بجامعة قسنطينة، غير أن الأحداث التي حصلت في الجزائر، حالت بيني وبين البقاء في ذلك البلد الطيّـب..
أتيت إلى فرنسا وبدأت مشواري في جامعة منداس فرانس في مدينة غرونوبل، أين سجلت هناك في دراسة الحقوق وكنتُ أيضا أنشط في العمل الإسلامي في المركّـب الجامعي، الذي كان فضاء للطلبة المسلمين من كل البلدان المسلمة، من تركيا ومصر والمغرب والجزائر وتونس وإفريقيا. حقيقة كان هذا أول لقاء مع جالية متعددة الجنسيات، وقد استفدت من ذلك كثيرا، كنت خطيبا في ذلك المسجد، وكان لنا نشاط جامعي..
في عام 1992، كان لي خيار أن أنفتح على الجالية الإسلامية المتواجدة في مدينة غرونوبل، حيث ذهبت إلى إحدى المساجد المعروفة هنالك، وبدأت نشاطي في التدريس يوم الجمعة، ومساعدة الجمعية التي كنت أيضا عضوا فيها..
وفي نفس الوقت، وبالتوازي مع تلك الدراسة، سجّـلت في أول جامعة إسلامية في فرنسا، وهي (الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية) في مدينة شاتو شينون، حيث تلقّـيت تدريسي إلى الحصول على الإجازة في أصول الدين. كما مارست أيضا نشاط الإمامة والتدريس والنشاط الثقافي. كما كنت مشاركا مع مجموعة من الطلبة في إدارة برنامج في إذاعة موجّـهة إلى الجالية المسلمة وإلى المجتمع الفرنسي آنذاك، وقد طرحنا في لقاءات تلك الحصّـة الإذاعية عددا من القضايا التي تهُـم المسلمين وكذلك المجتمع، مثل الفشل الدراسي والاندماج والعنصرية وحقوق الإنسان وإلى غير ذلك..”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.