هل تضررت صورة سويسرا في الخارج بسبب الإعلام؟
في الوقت الذي يحتفل فيه السويسريون بعيدهم الوطني، نلقى نظرة خلف حدود جبال الألب، للتعرف على صورة سويسرا في العالم، بعد التغطيات الإعلامية الدولية الأخيرة حول قضايا التجنيس.
أولت وسائل الإعلام الأجنبية اهتماما خاصا للأخبار الواردة حول رفض السلطات السويسرية منح الجنسية لأجانب يقيمون في البلاد منذ سنوات طويلة. وكان آخر هذه الأخبار قصة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية لامرأة شابة سويسرية المولد، تركية الأصل، تبلغ من العمر 25 عاما. وسرعان ما التقطت وكالات الأنباء في جميع أنحاء العالم هذا الخبر وانتشرت قصة هذه السيدة في كل مكان، بدءا من موطنها تركيا وحتى هولندا والصين وفي العديد من وسائل الاعلام البريطانية.
لم تشكل هذه التغطية الإعلامية في الخارج سابقة من نوعها، فعملية منح الجنسية السويسرية هو موضوع وسائل الإعلام المفضل. وربما كانت البداية في عام 1978 مع صدور فيلم “صناع السويسريين” الذي يتناول تحديات الحصول على الجنسية السويسرية وأصبح هذا الفيلم الأكثر شعبية في البلاد على مر العصور. لكن قضية التجنيس عموما ليست إلا فيض من غيض مقارنة بالتغطية الإعلامية الدولية عن سويسرا التي تركز على المصارف وفعاليات معينة مثل المنتدى الاقتصادي العالمي أو الديمقراطية المباشرة. ولدى وزارة الخارجية السويسرية ذراع ترويجي خاص “مؤسسة الحضور السويسري، التي ترصد الأخبار والتقارير في جميع أنحاء العالم وتقوم بانتظام بتقديم تحليل للتغطية الصحفية عن سويسرا.
في هذا السياق كانت أكثر الأخبار الرئيسية سلبية عن سويسرا في السنوات الخمسة الماضية ترتبط بقضايا مثل التعاملات المشبوهة للاتحاد الدولي لكرة القدم والسياسة النقدية للبنك الوطني السويسري وأنشطة البنوك السويسرية واقتراع فبراير 2014 للحد من الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي وكان لنتيجة هذا الاستفتاء تداعيات على علاقة سويسرا ببقية دول الجوار.
كما وجدت قضيتا الهجرة والدين في سويسرا اهتماما أكثر في الصحافة العالمية منذ عام 2015، حيث كانت هناك العديد من التقارير الإعلامية حول اللجوء واللاجئين وحظر النقاب في كانتون تيتشينو والاستفتاء على ترحيل الأجانب المتهمين في قضايا جنائية. وفي عام 2015 حظيت الأخبار الواردة عن “الفيفا” و “سيب بلاتر” بتغطية إعلامية أقل من التقارير الصحفية عن الحكم الرشيد وجودة الحياة وظروف المعيشة في سويسرا. أما العام الماضي فتصدرت التغطية الإيجابية لافتتاح نفق غوتهارد كل الموضوعات.
في السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة الحضور السويسري أن أكثر من نصف المشاركين في الدراسة لا يرون أي شيء سلبي في سويسرا. جدير بالذكر أن الاستطلاع أجُري في عام 2014 – وهي السنة التي صوت فيها أغلبية السويسريين لصالح الحد من الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي.
أما أكثر المواضيع السويسرية التي غطتها وسائل الإعلام الدولية هذا العام حتى الآن، فكانت المنتدى الاقتصادي العالمي والزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جيبينغ والتنس والتبادل التلقائي للمعلومات الضريبية والعلاقات السويسرية التركية، وفق مؤسسة الحضور السويسري التابعة لوزارة الخارجية.
رفض طلب الجنسية
أكدت الأبحاث التي أجرتها مؤسسة الحضور السويسري أن الصحافة العالمية أولت اهتماما خاصا بأخبار التجنيس في سويسرا في الآونة الأخيرة، لكن ذلك لم يؤثر بشكل ملحوظ على نظرة الناس لسويسرا.
وكانت آخر الأخبار الواردة تتعلق برفض طلب للحصول على الجنسية السويسرية تقدمت به شابة من أصل تركي تدعى فوندا يلماز في كانتون أرغاو. وتتحدث الفتاة بطلاقة الألمانية ونجحت في امتحان المواطنة المكتوب والذي يركز على اختبار المعلومات العامة حول التاريخ السويسري والقانون والتقاليد. لكنها فشلت في اجتياز المقابلةرابط خارجي لأن لجنة التجنيس قررت عدم أحقيتها في الحصول على الجنسية لأسباب رأى البعض أنها سخيفة، حيث وجه أعضاء اللجنة للفتاة أسئلة عن اسم الرياضة الأكثر شعبية في البلاد وعما إذا ما كانت تشتري المواد الغذائية من بقالة القرية أو من المحال التجارية الكبيرة : أثارت هذه القضية جدلا كبيرا في الداخل السويسري، حيث انتقدت العديد من الصحف ما وصفوه بالتعسف وقال آخرون إن حتى السويسريين لكانوا سيفشلون في اجتياز مثل هذا الامتحان.
في قضية أخرى أثيرت العام الماضي، رفضت بلدية أخرى في كانتون أرغاو منح الجنسية لامرأة هولندية تعيش في سويسرا منذ سن الثامنة. وكانت طالبة الجنسية نظمت مرارا احتجاجات ضد سباق الخيول واتُهمت بأنها غير مندمجة في المجتمع السويسري لأنها أرادت إلغاء التقاليد السويسرية. على إثر ذلك كتبت الصحف البريطانية ” الأشخاص المزعجون لا يحصلون على الجنسية في سويسرا”. يذكر أن المرأة الهولندية حصلت في النهاية على الجنسية بعد طعنها في القرار.
في حالة أخرى، رفضت لجنة التجنيس منح الجنسية لأسرة تنحدر من الكوسوفو وتعيش في البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان. ورأى عدد من الأعضاء أن المتقدمين لم يظهروا ” أنهم سويسريون بما فيه الكفاية” في قيمهم وعاداتهم. وقال أحد أعضاء اللجنة إنهم يخرجون بالملابس الرياضية ولا يرتدون السروال الجينز على سبيل المثال. وبعد أسبوع، التقطت صحيفة الاندبندنت هذا المثال وعنونت “رفض منح الجنسية لعائلة لأنها ترتدي الملابس الرياضية”.
(ترجمته من الانجليزية وعالجته: مي المهدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.