لماذا لم يعلن بعدُ عن إسم مهاجم قطار سانت غالن؟
لم يتمّ الكشف حتى الآن عن اسم الشخص الذي يعتقد أنه المسؤول عن الهجوم القاتل الذي استهدف ركاب قطار نهاية الأسبوع الماضي في شمال شرق سويسرا. وفيما يلي أسباب ذلك.
حتى الآن، وبعد مرور عدّة أيام عن الحادثة، اكتفت الشرطة السويسرية بالكشف عن عمر وجنس وموطن المهاجم – رجل سويسري يبلغ من العمر 27 عاما-، لكنها لم تبلّغ وسائل الإعلام المزيد من المعلومات حول هوية هذا الشخص. وهذه ممارسة شائعة في إنفاذ القانون في سويسرا، وتهدف إلى حماية خصوصية الفرد وأسرته.
ويُطلب من الصحافيين في سويسرا كذلك احترام هذه المبادئ التوجيهية في حماية الخصوصية. ويشير كتيّب أصدره المجلس السويسري للصحافة حول الممارسة الصحفية المثلى إلى أنه يجب على وسيلة الإعلام أن توزن بعناية بين حق الجمهور في الحصول على المعلومة وحق الأفراد في حماية خصوصيتهم. وبشكل عام، تعتبر هذه المبادئ أنه “يسمح بالكشف عن الهوية الكاملة للشخص إذا كان شخصية عامة، وقد اضطلع بمهمة قيادية في المجاليْن السياسي والاجتماعي”.
ويضرب الكتيّب مثالا على ذلك: نشرت صحيفة سويسرية اسم مستشار مالي أساء إدارة أموال العملاء. وبعد شكوى قانونية ضد الصحيفة بدعوى أنها انتهكت قانون خصوصية الأفراد، برّرت المؤسسة الإعلامية ما أقدمت عليه بأنه من مصلحة الجمهور أن يعرف هوية هذا الشخص حتى لا يعهدوا إليه مستقبلا بأموالهم. مع ذلك قضت المحكمة أنه كان بإمكان الصحيفة الإكتفاء بنشر إسم الشركة التي يعمل فيها هذا الفرد، لأن الشخص المعني ليس من الشخصيات العامة.
ورغم أن التقدّم بشكوى يظل ممكنا كلما تجاوزت وسائل الإعلام حدودها، فإن المبادئ التوجيهية وجدت لضبط هذه الحالات، ويبقى للقائمين على وسائل الإعلام تلك تفسير وتأويل هذه المبادئ كما يرون، والتعامل مع الموقف على النحو الذي يرونه مناسبا.
في المقابل، تميل الصحف والمواقع الإلكترونية الشعبوية، مثل صحيفة “بليك” السويسرية واسعة الإنتشار إلى أن تكون أكثر تحررا في هذا الباب، وكثيرا ما تنشر أسماء الأشخاص المرتكبين لجرائم او مخالفات يعاقب عليها القانون. وفي حالة الهجوم الذي استهدف قطارا في سانت غالن يوم السبت الماضي، زعمت “بليك” معرفتها بهوية المشتبه به، واختارت تفسير المبادئ التوجيهية بطريقتها الخاصة عبر نشر الاسم الأوّل والاكتفاء بالحرف الأوّل من الاسم الثاني.
وتصبح مسالة نشر الأسماء أكثر تعقيدا عندما تقرّر وسائل إعلام دولية نشر الخبر، خاصة وأن وسائل الإعلام في بلدان أخرى تعمل وفقا لمعايير مختلفة. ويؤدي الانتشار الواسع لإسم الشخص في وسائل الإعلام الدولية إلى التأثير في قرارات وسائل الإعلام في سويسرا “حول ما إذا كانت ستنشر الهوية الكاملة، وإلى أي مدى”.
هل الجنسية ذات صلة؟
قضية أخرى لا تقلّ حساسية على علاقة بنشر أخبار مرتكبي الجرائم، وهو هل يجب ذكر جنسية وعرق المشتبه فيه أم لا؟ في كانتون سانت غالن، حيث وقع هجوم القطار يوم السبت 13 أغسطس الجاري، قرّرت الشرطة أنه لا مانع قانوني يمنع الإشارة إلى البلد الذي ينتمي إليه المشتبه فيه. وهذا القانون الذي يسمح بالإشارة إلى جنسية الجاني هو حيّز النفاذ منذ عام 2010، عندما صادق برلمان الكانتون آنذاك على اقتراح تقدّم به أعضاء ينتمون إلى حزب الشعب “يميني متشدد”.
وخلال دفاعه عن ذلك القانون، قال أوسكار فرايزنغير، النائب البرلماني عن حزب الشعب بكانتون الفالي في حديث إلى صحيفة “تاغس انتسايغر” أن “كل أقلية في سويسرا مرتبطة بهويتها الثقافية. وغذا ما حدثت جريمة، فجأة يصبح هذا غير صحيح. الجنسية هي بالتأكيد ليست مسألة خاصة”.
كذلك حاول حزب الشعب المطالبة بنشر احصاءات الجريمة على المستوى الوطني بحسب الجنسيات وبحسب “خلفيات الهجرة” للأشخاص الذين أصبحوا سويسريين منذ أقل من خمس سنوات. مسعى باء بالفشل في عام 2010.
في المقابل، حاليا تسعى الأحزاب السياسية في كانتون زيورخ إلى العكس: منع ذكر جنسية المشتبه به في تقارير الشرطة. ويدافع أنصار الحزب الإشتراكي وحزب الخضر وحزب الخضر اللبراليين على أن ذلك يؤدّي إلى تكريس الصور النمطية وإلى التعميم.
وأوضح النائب البرلماني عن الحزب الاشتراكي مين لي مارتين في حديث إلى “تاغس أنتسايغر” إلى أن “ما هو ممارس اليوم يغذّي التحيّز، ويقود الشرطة إلى الاشتباه في الأجانب في أكثر الاحيان”.
ولإنفاذ القانون، أوصى مؤتمر وطني لمدراء شرطة الكانتونات بالإشارة إلى جنسية الفرد المشتبه فيه في التقارير الرسمية – ما لم يكن من شأن ذلك أن يؤدي إلى كشف هوية الشخص.
ما هي برأيك الإعتبارات التي يجب أخذها في االحسبان عند مناقشة موضوع الكشف عن هوية المشتبه به من عدمه؟ رأيك يهمنا وتعليقاتك مرحّب بها.
(نقله من الإنجليزية وعالجه:عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.