من مخاطر الموت المحقق الى منصات الدفاع عن حرية التعبير
نبيل طاهر لطف الأسيدي صحفي يمني، عضو نقابي منتخب في نقابة الصحفيين اليمنيين، شغل منصب رئيس لجنة التدريب والتأهيل، وكان مشرفاً على لجنة الحريات في النقابة. كما اختارته منظمة أوتاد لمكافحة الفسادرابط خارجي عام 2018 كشخصية العام للنزاهة ومكافحة الفساد في اليمن.
يقيم الأسيدي في سويسرا منذ ثلاثة أعوام بسبب الحرب الدائرة في بلاده، ويشارك في العديد من الفعاليات التي تقام في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف لإيصال أصوات الضحايا والتعريف بالانتهاكات ضد حرية الرأي والتعبير، وتلك التي يتعرض لها العاملون في المجال الصحفي، حيث صنفت اليمن كواحدة من أخطر البلدان على حياة الصحافيين وفقاً لمنظمة “مراسلون بلا حدود” غير الحكومية.
مسيرة المتاعب من أجل المهنية والاستقلالية
يقول الأسيدي “بدأت علاقتي بالصحافة كهواية، وعززها حبي لخوض تجربة العمل الصحفي؛ فقد بدأت الكتابة أثناء المرحلة الثانوية عبر مراسلة الصحف اليمنية، ثم طورت مهارات العمل الصحفي عن طريق دراسة الصحافة في كلية الاعلام بجامعة صنعاء, ثم عملت في العديد من الصحف اليمنية، وتدرجت في العمل الصحفي حتى أصبحت مراسلا ومديرا لمكتب صحيفة عكاظ السعودية في اليمن، وحينها انتخبت لعضويه مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين منذ عام 2009 وحتى الآن».
يرى الصحافي الأسيدي أن العمل الصحفي المستقل في اليمن أمر في غاية الصعوبة والخطورة على الصعيدين المهني والشخصي إذ تعاني الأصوات الصحفية المستقلة من محاربة ظهورها؛ فمهنة الصحفي في اليمن تحتك- أحيانا – مع العمل السياسي والحزبي، وتتعامل مع التجاذبات السياسية والصراعات بين مراكز السلطة والنفوذ. يحتل – حسب الأسيدي – العمل الصحفي المستقل أهمية عظمي في بلد يتطلع لصوت مستقل ينتمي للشعب والبسطاء.
يضيف الأسيدي قائلا: “أنا شخصياً واجهت تلك الصعوبات بشجاعة، مثل العديد من الصحفيين اليمنيين الحالمين بوطن حر يحمي الصحافة المستقلة وحرية التعبير – والتي مازلت أكافح من أجلها – ولكن الحرب تهدد العمل الصحفي يومياً؛ إذ تتفق الاطراف المتصارعة على السلطة على اعتقال الصحفيين وكبت الصوت الآخر, لدرجة اغتيال الصحفيين واعتقالهم، والحكم عليهم بالإعدام ايضاً، فحالياً يواجه عشرة من زملائنا الصحافيين خطر الحكم بالإعدام، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم”.
الشعور بالخطر واللجوء الى سويسرا
يؤمن الأسيدي بخطورة العمل الصحفي في اليمن، وخاصة في السنوات الأخيرة ؛ بفعل الحرب التي تدور حاليا بين العديد من الأطراف المتنازعة على السلطة، وبالذات المليشيات الحوثية التي اجتاحت صنعاء في سبتمبر من العام 2014، وانقلبت على الحكومة وسيطرت على مؤسسات الدولة، والمؤسسات الإعلامية والصحفية – على وجه الخصوص – كما احتلت مباني الصحف والإذاعة والتلفزيون، و قامت بإغلاق الصحف والقنوات المخالفة لها فور اجتياحها العاصمة اليمنية صنعاء.
وكان الأسيدي حينها من أوائل الصحفيين الذين لاحقتهم تلك المليشيات حيث اقتحم مسلحوها منزله في محاولة لاعتقاله وربما قتله، لكنه تمكن من الفرار. ويصف الأسيدي قصة نجاته بالقول: “اضطررت للتنقل بين مدينة و أخرى، حتى وصلت إلى مدينة تعز التي مكثت فيها متخفياً بمساعدة بعض أقاربي وأصدقائي لبضعه اشهر، ومن ثم توجب علي الانتقال حتى لا يُكتشف مكاني، وكان الخروج من هناك أشبه بالمهمة المستحيلة بسبب حصار الميليشيات الحوثية لمدينة تعز، وإغلاق كافة منافذها، تنقلت سيراً على الأقدام لمسافه طويله جداً حتى تمكنت من الخروج من المدينة، وانتقلت بعدها الى عدد من المدن وصولا للأراضي السعودية، حيث أقمت فيها لبضعة اشهر، ثم استطعت الوصول الى جنيف بسويسرا ضمن وفد إعلامي مرافق لعملية مفاوضات السلام بين الحكومة والمليشيات الحوثية ولأن الحرب لم تجعل مكانا للعمل الصحفي المستقل، وترغم الصحفي على الانحياز لأحد أطراف الصراع قررت البقاء في سويسرا طلبا للحماية والحرية”.
سويسرا كمنصة للدفاع عن الحقوق والحريات
يعتبر الصحافي الأسيدي بأن وصوله إلى سويسرا وإقامته فيها قد أثّر بدرجة كبيرة على مسيرته المهنية والصحفية، ومثّلت نقطة انطلاق جديدة في فضاء رحب يدافع من خلاله عن ضحايا انتهاكات حقوق الانسان في بلاده، فحق الحماية التي حصل عليها هنا ومساحة الحرية الموجودة جعلته – حسب وصفه – ينطلق في إيصال أصوات زملائه الصحفيين اليمنيين إلى المجتمع الدولي، وكافة المنظمات المعنية بحقوق الانسان، مواصلاً واجبه كقيادي نقابي في الدفاع عن الحريات الصحفية، وعن المعتقلين الصحفيين في كل المحافل الصحفية، والحقوقية الدولية، وعلى رأسها مجلس حقوق الانسان.
ويضيف الأسيدي “لن أتوقف عن الدفاع على الحريات الصحفية في اليمن حتى تتعافى الصحافة وتعود الحرية الصحفية الى بلدي” .
ويُعيد الصحافي الأسيدي الفضل إلى الحرية والحماية التي حصل عليها في سويسرا لقيادة حملة صحفية ضد الفساد في الحكومة اليمنية، وهي الحملة التي أصبحت أشهر وأقوى حملة صحفية لمكافحة الفساد في اليمن. وكان الأسيدي قد حصل على جائزة الصحافة في النزاهة ومكافحة الفساد، وشخصية العام في مكافحة الفساد للعام 2018 عن تبنيه لتلك الحملة.
* نشر هذا المقال أولا على موقع “صوت المهاجر”رابط خارجي متعدد اللغات.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.