أقنعة واقية ومدارجُ نصف ممتلئة: الجامعات السويسرية تتكيّف مع الوضع الصحي
اختارت الجامعات الواقعة في الأجزاء الأكثر تضررا من انتشار كوفيد-19 في سويسرا عودة جامعية تتوزّع بين التعليم الحضوري والدراسة عن بعد لفصل الخريف الحالي. وتشير أرقام الطلاب المسجلين من إيطاليا المجاورة، إلى أن هذا النهج شائع ويحظى بشعبية.
كما اتبعت جامعات سويسرية أخرى نهجا هجينا حيث يعاد فتح مؤسسات التعليم العالي يوم 14 سبتمبر الجاري في ظل تزايد عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وقال لورونزو كانتوني، المسؤول بالجامعة الإيطالية السويسريةرابط خارجي، الواقعة في كانتون تيتشينو، جنوب البلاد، في سياق توضيح أسباب اختيار هذه الجامعة للتعليم المزدوج (نصف حضوري ونصف عبر الإنترنت): “من الصعب تعويض التعاون، والنقاش مع المدرسين، ومع المساعدين والزملاء الطلاب، الذي يمتد إلى خارج الفصل الدراسي، من خلال التعليم عن بُعد”.
وأضاف كانتوني، نائب العميد بقسم التعليم والشؤون الطلابية متحدثا إلى swissinfo.ch في مفتتح هذا الفصل الدراسي: “نحن جميعا نشعر بالفرح والإندفاع والقلق في نفس الوقت”. فبعض الزملاء والطلاب في الجامعة الإيطالية السويسرية يحتاجون إلى إجراءات خاصة، مثل النقل المباشر للدروس، لأنهم من الفئات المعرّضة للخطر. وطلاب السنة الأولى ستكون لديهم أنشطة ترحيبية على غير العادة، وسيتم تقديم المساعدة إلى الطلاب الأجانب الذين سيتعيّن عليهم التزام الحجر الصحي بعد قدومهم إلى سويسرا. سنكون أمام “وضع طبيعي مستجد”.
وأشار كاتوني إلى أن التسجيلات الأوّلية للطلاب من إيطاليا قد زادت بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضي. وقد تعني هذه الزيادة أن النهج الذي اعتمدته الجامعة يقدّر أنه الأجدى في هذا الوقت الذي يتميّز بعدم الاستقرار. وسوف نتعرف على الأرقام النهائية في شهر أكتوبر المقبل.
ومثلما أشرنا في تقرير سابق، فإن الوضع في ظل كوفيد- 19 كان صعبا جدا بالنسبة لـ 1455 طالبا وللموظفين في الجامعة الذين هم من أصول إيطالية (ثلث عدد المدرسين). فقد عاد الكثير منهم إلى موطنهم الأصلي، وتضرر البعض منهم مباشرة من انتشار الفيروس.
التعلّم عن بعد، والرموز الملوّنة
يعود يوم الإثنيْن 14 سبتمبر الجاري، حوالي 260.000 طالب في جميع أنحاء سويسرا إلى مقاعد الدراسة في مفتتح دورة فصل الخريف.
وكان الإغلاق الربيعي قد أجبر الجامعات على الإلتحاق بالتعليم عن بُعد (تم تخفيف القيود بعد 8 يونيو الماضي، ولكن العديد منها استمر في الإجراءات السابقة). ومع ذلك، فإن إعادة تقديم محاضرات في الحرم الجامعي سوف يتطلّب احترام مسافة التباعد الاجتماعي، مثل ترك كرسي فارغ بين كل طالبيْن. كذلك سوف يتم تعميم ارتداء الكمامات الصحية. وهذا يعكس الكثير مما يحدث على المستوى الدولي.
اعتبارا من 31 أغسطس 2020، أظهرت البياناترابط خارجي أن 21.3% مما يقرب من 3000 جامعة ومعهد في الولايات المتحدة تخطط لتنظيم تعليم حضوري بالكامل أو بشكل أساسي، وأن 16% منها يقترح نهجا مزدوجا، فيما تخطط 33% منها لدروس عبر الإنترنت لفصل الخريف بالكامل أو جزئيا.
في المملكة المتحدة، سوف تنظم معظم الجامعاترابط خارجي دروسا حضورية بشكل من الأشكال، مع اتباع الإرشادات الصحية. وأثار بعض الأكاديميين هناك مخاوف بشأن العودة إلى التدريس وجها لوجه، ولكن الحكومة ردترابط خارجي بأنها واثقة من أن جُـلّ الجامعات في البلاد مستعدة لذلك.
من بين الدول المجاورة لسويسرا، أصدرت الحكومة الإيطاليةرابط خارجي قائمة بالبروتوكولات الواجب اتباعها على المستوى الوطني. بما في ذلك الأقنعة الواقية، وحضور بعض الدروس عن بُعد. وستستخدم العديد من الجامعات في ألمانيارابط خارجي النموذج الهجين، كما هو الحال في فرنسارابط خارجي. في الوقت نفسه، نفّذت جميع البلدان تدابير نظافة إستثنائية.
وفي جامعة بازلرابط خارجي، أقدم جامعة في سويسرا، سوف يتابع ثلثا الطلاب الدراسة عن بُعد. وقالت رئيسة الجامعة أندريا شينكر- فيكي في حديث إلى التلفزيون العمومي السويسري الناطق بالألمانية (SRF)رابط خارجي في شهر أغسطس الماضي: “هذا يعني بالنسبة للطلاب أنهم سيظلون في المنزل لفترة من الوقت وسيقلّ الاتصال الاجتماعي بينهم”. وقد استثمرت الجامعة بكثافة في التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ هذه الخطوة وإنجاح هذه التجربة.
وقد تم اعتماد هذا النهج – مثل العديد من الجامعات الأخرى في البلاد- وسجلت رابط خارجي بازل ارتفاعا في أعداد الطلاب الملتحقين بها هذا العام، مما سيضاعف جهود استيعابهم في الوقت المطلوب فيه التزام التباعد الاجتماعي. وسيكون العديد من طلاب هذا العام إما من الطلاب الجدد الذين لم يكن بإمكانهم التمتع بسنة انتقالية بعيدا عن مقاعد الدراسة، أو من الذين اختاروا الاستمرار في الدراسة بسبب عدم وجود بدائل نظرا للإنكماش الاقتصادي.
وتوصّلت بعض المؤسسات إلى خطط أكثر طرافة للفصل الدراسي الجديد: حيث ابتكرت جامعة لوزان رابط خارجينظاما ينقسم إلى ثلاثة ألوان يسمح بتوزيع الطلاب إلى ثلاث مجموعات خاصة بالنسبة للدروس التي يحضرها عدد كبير من الطلاب. وستأتي كل مجموعة من هذه المجموعات الثلاث إلى الدرس في أوقات مختلفة.
ارتداء الأقنعة الواقية
في جامعة بازل،رابط خارجي سيتعيّن على الطلاب والموظفين ارتداء الكمامات، كما يفعل جميع السكان في بازل (سيحصل الطلاب والموظفون على أقنعة من القماش مباشرة في صندوق بريدهم الخاص مسبقا). أما في الجامعة الإيطالية السويسرية، ستكون الأقنعة إلزامية إذا لم يكن بالإمكان احترام إجراء التباعد الاجتماعي.
وتعتبر الأقنعة ذات أهمية خاصة بالنسبة للدورات التدريبية الموجهة نحو المهنة في جامعات العلوم التطبيقية، كما سيتم إيلاء أهمية قصوى بالنسبة للأقنعة ونظافة اليدين والملابس أثناء دورات القبالة والعلاج الطبيعي.
ويتطلّع معظم الطلاب إلى العودة الجامعية حتى ولو كان ذلك بتوقيت جزئي على الرغم من وجود شكوك حول كيفية إجراء دورات سواء عبر الإنترنت أو حضوريا، وهذا وفق ما توصلت به swissinfo.ch من فرانسيسكو بيي، الرئيس المشارك لإتحاد الطلاب السويسريين بجامعة بازل، عبر البريد الإلكتروني.
وأورد بي في جوابه أنه “من المفهوم أن الجامعات لا تستطيع العودة إلى التدريس الحضوري المباشر بسبب نقص القدرات. وأجد أن النهج الذي يجمع بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد منطقي”، مضيفا بضرورة استخدام الأقنعة بالنسبة لبعض الدروس.
الصحة والرعاية
وأبلغ فرانسيسكو بيي swissinfo.ch أنه “لا يوجد مسار صحيح وواحد لجميع الجامعات”، وأن “الشيء المهم هو ضمان صحة الطلاب وتمكينهم من المشاركة في جميع الدروس والدورات”.
وشدّد فرانسيس بي، على سبيل المثال، على أنه يجب أن تكون هناك إرشادات توجيهية واضحة من حيث الوصول إلى التكنولوجيا والغرف المناسبة للعمل فيها للطلاب الذين لا يستطيعون الخروج بسبب المخاطر الصحية أو الموجودين في الحجر الصحي. وأضاف بيي بأن على الجامعات أيضا تطوير معايير التعليم عن بُعد.
وسيواجه طلاب السنة الأولى تحديات خاصة قبل استقرار وضعهم التعليمي. ولذلك “يجب التزام الحذر من أجل دمجهم في الحياة الطلابية اليومية”، وفق السيد كانتوني، من الجامعة الإيطالية السويسرية الذي يضيف أن “التعلّم غير الرسمي هو جزء أساسي من تجربة الجامعة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.