“يونيسيف سويسرا”: نصف قرن من العمل لفائدة حقوق الأطفال
لفت الفرع السويسري لمنظمة يونيسيف الأنظار إليه في السنوات الأخيرة من خلال حملاته القوية لفائدة حقوق الأطفال وتجنده من أجل وضع حد للتشويه الأعضاء التناسلية للإناث. لكن مديرته أليزابيث موللر تذكر في حديث مع swissinfo.ch أن الإختراقات المسجلة في هذين الملفين ليست سوى غيض من فيض النجاحات التي أنجزت على مدى نصف قرن من النشاط، وهي لحظة مهمة يُحتفى بها يوم الإثنين 21 سبتمبر 2009.
تأسس “يونيسيف سويسرا”، وهو أحد الفروع الوطنية لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة التي يبلغ تعدادها 36 عبر العالم، على يد عضو البرلمان السابق هانس كونزيت. ويقوم بجمع الأموال لفائدة مشاريع ذات طابع دولي أو وطني.
وفي مناسبة الإحتفال بعيد ميلادها الخمسين، تحيي المنظمة حفلا فنيا في زيورخ، المدينة التي تحتضن مقرها الرسمي. ومن المتوقع أن يحضر التظاهرة – التي تنظم بعد يوم واحد من إحياء اليوم العالمي للطفولة – 600 شخص تقريبا من شتى الأعمار.
swissinfo.ch: كيف جاءت فكرة تأسيس فرع لليونيسيف في سويسرا؟
أليزابيث مُوللر: لقد أنشئت اليونيسيف كمنظمة تُعنى بالأطفال في أعقاب الحرب العالمية الثانية لأن الأمم المتحدة اكتشفت أن الأطفال يُعانون وخاصة في شرق أوروبا وإيطاليا واليونان. حينها قررت الأمم المتحدة توسيع مهامها لتشمل الأطفال في شتى أنحاء العالم. وقامت اليونيسيف بتأسيس اللجان الوطنية لضمان إمكانية الحصول على المزيد من الأموال لإطلاق برامج ولربط نفسها بالمجتمع المدني في البلدان المساهمة (في ميزانيتها).
أول حملة لجمع الأموال في سويسرا في عام 1959 حملت عنوان Milchspende وطُلب من الناس حينها التبرع بمبلغ يوازي سعر كأس من الحليب لفائدة طفل في الهند. وقد بلغت حصيلتها 1،9 مليون فرنك سويسري، وهو مبلغ هائل جدا بالنسبة لذلك الوقت.
كيف تغيرت أهداف يونيسيف سويسرا على مدى السنين؟
أليزابيث مُوللر: حدث أهم تغيير على الإطلاق في عام 1989 عندما بدأ العمل باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. لقد تأخرت سويسرا في المصادقة عليها حتى عام 1997 لكن – وقبل ذلك بفترة طويلة – بدأت “يونيسيف سويسرا” منذ بداية التسعينات في العمل لفائدة الأطفال داخل سويسرا أيضا.
واحدة من أهم الحملات نظمت للدفاع عن حقوق الأطفال الذين لم يكن يُسمح لهم (القانون) بالبقاء في سويسرا لأن آباءهم كانوا عمالا موسميين. بعض الأطفال كانوا يعيشون في الخفاء. هذه الحملة لم تعمل على تبيان أن كل طفل يستحق الإعتراف والتمتع بالحقوق التي تضمنتها الإتفاقية بل أنه لا يجب أن تكون هناك أيضا تفرقة على أساس الوضعية القانونية أو الأصل.
ومنذ هذه الحملة، اهتمت “يونيسيف – سويسرا” بأوضاع حقوق الأطفال داخل سويسرا وتحولت منذ ذلك الحين إلى صوت يُنافح عن هذه الحقوق ويُنبه إلى القضايا التي تحتاج إلى تحرك.
الحملة المناهضة لختان الإناث كانت من بين أكثر الحملات التي قمتم بها إثارة للإهتمام…
أليزابيث مُللر: ترتبط عمليات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث أكثر فأكثر بالمجموعات المهاجرة، حيث يجلب الأشخاص الذين يقدُمون من بلدان تُمارس فيها بشكل اعتيادي معهم قيمهم (وتقاليدهم). ويعني هذا أنه لا يكفي إنجاز برامج في بلدان مسقط الرأس بل يتوجب علينا أيضا الإقناع بتنظيم برامج (مماثلة) في سويسرا نفسها.
بطبيعة الحال، ليس موكولا إلينا إنجاز هذه البرامج، فهذا من مشمولات عمل الحكومة لأنها هي الجهة التي يجب أن توفر الحماية لهن بموجب بنود المعاهدة. أما الذي يمكننا القيام به فيتمثل في توضيح أهمية حماية الفتيات من عمليات تشويه الأعضاء التناسلية التي تجري داخل سويسرا أو خلال تقضيتهن لفترات العطل خارجها. إننا نريد أن تُوضع جميع أشكال هذه الممارسة خارج الشرعية وفي إطار قانون واحد.
ما هي رؤيتكم للسنوات القليلة القادمة؟
أليزابيث موللر: بالنسبة لي، من الواضح أن تطبيق معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل يظل عنصرا محوريا. فالأطفال هم المستقبل والمستقبل نصنعه بأيدينا. إننا إذا لم نضمن حصول كل طفل على الحقوق التي صادقت عليها الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، فإن المجتمع لن يتطور.
هل هذا كلام واقعي؟ فهناك الكثير مما لا زال يتوجب القيام به في مجال حقوق الطفل..
أليزابيث مُوللر: كما تعلمون، نحتاج دائما إلى ننتبه إلى أن الأهداف (التي تُوضع) يجب أن تكون سامية جدا. نحن نحتاج إلى تعزيز جميع القدرات وإلى العمل مع بعضنا البعض بشكل وثيق لضمان تحمل كل شخص لمسؤوليته لفائدة المجتمع وأطفاله.
اليونيسيف يمكن لها أن تجمع هؤلاء الشركاء مع بعضهم البعض وأن تعمل بشكل وثيق معهم لضمان احترام (وتقدير) المجتمع للأطفال. ويمكن لها أن تقوم بكل ما في وسعها لتقديم الدعم للحكومات والمنظمات الشريكة من أجل مساعدة الأطفال. وبعد ذلك، يُصبح الأمر موكولا إلى المجتمعات.
تعملين في منظمة يونيسيف منذ 13 عاما، ما هي أهم ذكرياتك الشخصية طيلة هذه الفترة؟
اليزابيث مُوللر: لقد تأثرت كثيرا بطفلة صغيرة التقيت بها بعد أعمال الإبادة التي شهدتها رواندا. اسمها “ماريا” وكان عمرها ثمانية أعوام وكانت هي المسؤولة عن عائلتها. لقد كانت تروي لي كيف فقدت أختها الصغيرة لأنها لم تذهب إلى الطبيب في الوقت المناسب وكانت تعاني بشدة (من هذا الأمر). إنه أمر مؤثر حقا عندما تشاهد طفلا صغيرا وهو يتحمل مسؤولية عائلة، ولا يعود سبب ذلك إلى أنه طُلب منه فعل ذلك بل لأن الظروف في رواندا كانت عسيرة إلى درجة لا تُوصف بعد عمليات الإبادة.
عندها سألتها ما هو حلمك؟ أجابتني بأنها ترغب في أن تصبح ملكة جمال رواندا وحينها تفطنت إلى أن هذا الأمر نفسه ينطبق على الأطفال السويسريين. الفرق الحقيقي الوحيد بين طفلة رواندية وأخرى سويسرية هو أنهما وُلدتا في عالمين مختلفين تماما. يجب علينا أن لا نفرط في حقوق هاته الفتيات الصغيرات (مثل ماريا) لأنهن بحاجة إلينا للتمتع بحقوقهن، هذا هو واجبنا. حقيقة، لقد أثرت فيّ هذه الحادثة وظلت تؤثر باستمرار على عملي اليومي.
إيزوبل ليبولد – جونسون – زيورخ – swissinfo.ch
(نقله من الإنجليزية وعالجه: كمال الضيف)
منذ تأسيسه في عام 1959، قدم الفرع السويسري للمنظمة الدعم لبرامج ومشاريع أنجزت في حوالي 80 بلدا وتمحورت أساسا حول البقاء على قيد الحياة والصحة والتعليم والتغذية والماء والصرف الصحي والحماية.
تمكن الفرع من جمع تبرعات تناهز 778 مليون فرنك من السكان السويسريين خلال 50 عاما من النشاط تتوزع كالتالي: 281 مليون من مداخيل بيع بطاقات التهنئة والهدايا و497 مليون من حملات التبرع. وقد باعت “يونيسيف سويسرا” إلى حد الآن 150 مليون بطاقة معايدة وتهنئة. وفي الوقت الحاضر، تناهز قيمة مداخيلها السنوية 30 مليون فرنك.
يتمثل الهدف الأساسي للفرع السويسري في جمع الموارد المالية لفائدة مشاريع المنظمة الأم ولتأمين حضور لليونيسيف في شتى أنحاء العالم بما يساعدها على أن تكون أهم مدافع عن حقوق الأطفال في كل مكان. ويتمتع الفرع السويسري وبقية الفروع الوطنية الأخرى بقدر من الإستقلالية، وبإمكانها إثارة قضايا تمس الأطفال في البلدان المصنعة.
.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.