إقبال المراهقين السويسريين على الكحول والتبغ والمخدرات لازال مثيرا للقلق
أشارت دراسة أجريت على المستوى الوطني إلى أن معدلات إستهلاك طلاب المدارس السويسرية من الكحول والسجائر والقِنّب ظلت مستقرة خلال السنوات الأربع الأخيرة على الرغم من الإجراءات الوقائية التي اتخذت على مستويات عدة للحد من الظاهرة.
إستنادا إلى مؤسسة “معلومات حول الإدمان في سويسرا”، التي أشرفت على إنجاز الدراسة المذكورة يستهلك واحد من مجموع أربعة شبان من البالغين 15 سنة، و13% من زميلاتهم في الدراسة، المشروبات الكحولية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
وأوضح إيمانيال كونتشي الذي أشرف على هذه الدراسة في حديث إلى swissinfo.ch أن استقرار معدلات إستهلاك السجائر والكحول لا يعدّ مؤشرا إيجابيا. وأضاف كونتشي يقول: “كان أملنا، خاصة وقد تم اتخاذ العديد من التدابير كما هو ملاحظ، أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تراجع كبير في هذه الظاهرة، لكن ذلك لم يحدث”.
وكونتشي كان محبطا على وجه الخصوص لعدم رؤية أي تحسن على مستوى إستهلاك السجائر، والحال أن ثمن علب السجائر قد اصبح مرتفعا، كما دخلت قوانين حظر التدخين حيز النفاذ العام الماضي.
ويتساءل هذا الخبير: “لماذا كل هذه الصعوبة في بلوغ الهدف. الأمر يتعلق إلى حد بعيد بثقافة شباب هذا البلد، ومن هنا من الضروري أن تكون لدينا معلومات كافية على تلك التوجهات حتى تحصل لدينا إحاطة وفهم بالموضوع”.
الترويج والتسويق
وبالنسبة لكونتشي: “نحن بصدد تنفيذ الكثير من الإجراءات الوقائية، لكنها لا تحقق الأهداف التي كنا نتمناها”، ويشير هنا إلى أن الميزانيات المصروفة لتسويق الكحول والتبغ من طرف الشركات المنتجة هي أكبر بكثير من الميزانيات المخصصة للوقاية.
ويقول: “توجد شركات تنشط بشدة في مجال تحريض الشباب على إستهلاك هذه المواد. وتطلق لهذا الغرض حملات إشهارية، وتضع خططا وإستراتيجيات لذلك”.
وهذه الدراسة المعنونة: “السلوك الصحي للأطفال في عمر التمدرس” هي جزءً من تحقيق أوسع تشرف عليه منظمة الصحة العالمية ويشمل 40 بلدا، توجد غالبيتها في أوروبا. وقد انصب الاهتمام في هذه الدراسة التي تنجز كل أربع سنوات منذ 1986 على تحليل مجموعة من السّلوكات المتداخلة لدى الفئات العمرية المتراوحة بين 11 و15 سنة.
وسجلت سويسرا سنة 2006 نسبة إستهلاك أدنى من الكحول والسجائر من المعدّل العام، لكنها احتلت المرتبة الثانية في إستهلاك القنّب.
ورغم أن الإحصاءات بشأن الوضع على المستوى الدولي لن تكون متوفرة قبل نهاية هذه السنة، ولكن نظرا لحالة الإستقرار المسجلة على مستوى معدلات استعمال المخدرات، فمن المستبعد بحسب كونتشي، أن تسبق بلدان أخرى سويسرا في الترتيب الدولي لاستهلاك القِنّب.
وفي الوقت الذي يقول 71% من الأطفال السويسريين الذين شملتهم الدراسة أنهم لم يجرّبوا مرة في حياتهم القنّب، فإن 7% منهم يقرون أنهم يستهلكون المخدرات بانتظام. وهذا المعدل كان أعلى بالنسبة للذكور (9.7%) مقارنة بالفتيات (5%). وكشفت الدراسة على أن 33% من الفتيان البالغين من العمر 15 سنة قد جربوا مرة واحدة على الأقل في الماضي القنّب، مقابل 25% بالنسبة للفتيات من نفس العمر.
وأكّدت جانين، البالغة 15 سنة من برن، في حديث إلى swissinfo.ch أنها هي نفسها لم تستعمل القنب من قبل، “لكنني أعرف عددا كبيرا من الناس من يستعملونه من وقت إلى آخر”.
وأشارت هذه الفتاة من خلال حديثها إلى وجود مشكلة اكبر من كل ذلك والمتمثلة في العادات التي ترافق إستهلاك الكحول لدى أقرانها: “خلال نهاية الأسبوع، نحتسي جميعنا الكحول، بكميات كبيرة نسبيا. أنا ألتزم بعدم تجاوز حدود ما، لكن توجد بعض الفتيات اللاتي يأخذن معهن كميات أيضا إلى منازلهن، وهذا الأمر ليس جيدا”.
تجربة
لقد جرّبت جانين التدخين لما كان عمرها 13 سنة، و”قد تمسكت بذلك كرد على بعض الناس”- لكنّي توقّفت عن ذلك لاحقا، ولم أعد إليه أبدا منذ ذلك الحين”. أما صديقتها، ذات 17 سنة، وبينما كانت جانين تتحدث إلى swissinfo.ch كانت هي الأخرى تدخّن سيجارة منتصف النهار.
وتوجّهت إلينا ضاحكة: “بدأت التدخين ولم يتجاوز عمري 13 سنة، بسبب الرفقة السيئة، وظللت على هذه الحال. لقد وضعت لنفسي هدفا وهو ان أتوقّف على التدخين حالما أصبح حاملة، ولازلت عاقدة العزم على ذلك”.
وتظل الجعة المشروب الذي يلقى الإقبال الأكبر لدى الشباب المدمنين، تليها المشروبات الكحولية الشبابية من نوع الكوبُبس Alcopops. ويقر واحد من بين ثلاثة شبان من البالغين 15 سنة الذين شملتهم الدراسة أنهم شربوا خمس أنواع من المشروبات الكحولية خلال جلسة واحدة ثلاث مرات على الأقل خلال الشهر الماضي.
أما غابريال (16 سنة)، فترى أن احتساء المشروبات الكحولية من طرف المراهقين (15 سنة) أمرا طبيعيا: “شربت الجعة كل يوميْن أو ثلاثة أيام، حوالي لتر كل مرة، واكثر من ذلك بقليل خلال نهاية الأسبوع”، مشددة على أنها كانت تشتري السجائر والجعة بمصروف جيبها الخاص. وردّا على سؤال بشأن الانعكاسات الصحية الخطيرة للتدخين ، تقول غابريال: “أنا سوف أموت في كل الأحوال”.
دوافع
الأسباب الرئيسية للتدخين واستهلاك المشروبات الكحولية لدى الشباب والتي كشفت عنها هذه الدراسة كانت “لان هذا الأمر ممتع”، و”لقضاء وقت ممتع خلال إحدى الحفلات”. كذلك نجد ان نسبة مهمة من هؤلاء الشباب تعلل سلوكها هذا بالبحث عن أجواء مرحة وقضاء أوقات ممتعة مع الأصدقاء. ويصنّف كونتشي هذه الظاهرة فيقول: “يظهر البحث الذي نحن بصدد القيام به أنه توجد فئتان متميّزتان”
“فمن ناحية يوجد أولئك الذين يبحثون عن أقصى درجات الإثارة، والمرح، والمشروبات الكحولية والسجائر، ثم القِنّب، هي واحدة من الوسائل التي تساعد على خوض تلك التجربة”.
“أما الفئة الثانية فتتمثل في الأشخاص الذين يعانون من مشكلات، والمواد المؤثرة عقليا يمكن ان تكون مجدية للتخلّص من آثار تلك المشكلات على المدى القصير، فهي تتيح لهم فقط الإفلات من عقالها، او نسيان الواقع الذي يعايشون”.
ينظر كونتشي إلى وضع هذه الفئة الثانية على أنه “وضع مقلق” لأنها مهددة بالسقوط في حلقة مفرغة: “يشكل التعرف على هذه الفئة ، ودفع أفرادها إلى البحث عن بدائل لمعالجة مشكلاتهم بإستخدام طرق أخرى أكثر جدوى في ذاته تحديا حقيقيا”. وأما بالنسبة لطرق الحصول على هذه المواد، فكونها مستهلكة على نطاق واسع من بقية فئات المجتمع، فإن الفئات الشابة منهم، لا تجد صعوبة كبيرة في الحصول عليها.
فأكثر من نصف الشبان البالغين 15 سنة، والذين شملتهم هذه الدراسة يقولون أنهم كانوا يقتنون السجائر مباشرة وبأنفسهم من أكشاك البيع، في حين يحصل عليها النصف الآخر عبر الأصدقاء، أو آلات التوزيع، أو وسيط يشتري لفائدتهم.
أما اولئك الذين يحتسون المشروبات الكحولية فيحصلون عليها في حفلات السهر، او لدى الأصدقاء، أو الأشقاء، وأولياء الأمور. ولا يتجاوز الذين يحصلون عليها من خلال إشترائها من المحلات أو الحانات الواحد من خمسة أشخاص.
وتدعو مؤسسة “معلومات حول الإدمان في سويسرا” إلى تعزيز المراقبة على عمليات بيع المواد الكحولية والسجائر في مناطق البلاد المختلفة، وهي تسعى جاهدة لكي يتم إدماج اختبار البيع في القانون الفدرالي حول الإدمان، والذي يخضع حاليا للمراجعة.
27% من الشبان البالغين 15 سنة يحتسون المشروبات الكحولية على الأقل مرة واحدة في الأسبوع (2006: 25%)
13% من الفتيات البالغات 15% يحتسون المشروبات الكحولية مرة واحدة في الأسبوع على الأقل (2006: 17%)
35% من الفتيان، و30% من الفتيات في الخامسة عشر من العمر يحتسون المشروعات الكحولية بشره مرضي (5 أنواع من الخمرة فما أكثر) أكثر من مرة خلال الشهر الماضي.
أغلب الأطفال البالغين 11 سنة (90%)، والبالغين 13 سنة (69%) لم يدخنوا سجائر في حياتهم أبدا.
نسبة المدخنين في فئة البالغين 15 سنة ، 44% فقط لم يدخنوا في حياتهم قط.
9% من البالغين 13 سنة، و25% من البالغين 15 سنة يقولون أنهم دخنوا جائر على ألأقل مرة واحدة خلال الأسبوع.
17% من البالغين 15 سنة، دخنوا مرة على الأقل خلال الأسبوع.
12% من البالغين 15 سنة، و2% من البالغين 13 سنة قالوا أنهم يدخّنون بانتظام كل يوم.
71% من البالغين 15 سنة لم يجربوا في حياتهم تناول مادة القنّب.
1 مايو 2010، دخول قانون حظر التدخين في الأماكن العامة، بما في ذلك الحانات، والمطاعم والمعاهد، والمستشفيات، والمراكز التجارية، حيّز النفاذ في مختلف مناطق البلاد.
تراجعت نسبة المدخنين بالمقارنة على مجموع عدد السكان في سويسرا على 23% سنة 2007، لكن تلك النسبة إستقرت عند ذلك المعدل، ولم تنزل عنه في السنوات الأخيرة.
لا يوجد قانون وطني يحدد العمر الأدنى لإشتراء السجائر، لكن هناك قوانين متشابهة على حد ما في 17 كانتونا. وكان كانتون فو الأوّل من بين نظرائه الذي يحدد العمر الأدنى لإشتراء السجائر عند 18 سنة، مقابل لوتسرن التي حددت ذلك العمر عند 16 سنة.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.