ما مدى المسؤولية التي يتحملها الفرد في منع انتشار الفيروسات؟ سؤال طرحه واقع انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي وضع المجتمع أمام معادلة أخلاقية صعبة، وقادتنا إلى هذا الحوار مع الأستاذ الفخري في علم الأخلاقيات في جامعة جنيف، ألبرتو بوندولفي.
تم نشر هذا المحتوى على
7دقائق
لدى سويسرا العديد من الوجوه، وكل منها يُطلِعُنا على حكايات لا تُحصى. أنا أهتم بالبلاد بكل تنوعها. أحب التحدث عن الزراعة والبنوك، والدبلوماسيين والمصارعين، كما يهمني تسليط الضوء على الامتياز الصناعي وأبرَز المعالم الثقافية في البلاد.
swissinfo.ch: ما هي القضايا الأخلاقية التي يطرحها فيروس كورونا المستجد على عالم الأخلاقيات؟
ألبرتو بوندولفي: وضع الوباء ليس غريبا على علم السلوك والأخلاقيات، نظرا لأنه يتعامل منذ أمد بعيد مع أوضاع الكوارث والنكبات، وما الصعوبة إلا في كون المعايير التي تُطبّق في حال النوازل ليست بديهية، وفي أن وجهة نظر علم الأوبئة تختلف عن تجربتنا اليومية.
swissinfo.ch: ماذا تعني بالضبط؟
ألبرتو بوندولفي: على سبيل المثال، يُرجِّح الطب، عند وقوع الكوارث، الاهتمام بمعالجة الحالات الأقل خطورة أولًا وليس الحالات شديدة الخطورة، الأمر الذي قد يبدو للوهلة الأولى كما لو كان تعسّفا.
swissinfo.ch: وما هو المقصود من ذلك؟
ألبرتو بوندولفي: بكل بساطة، الاهتمام الأكبر بالحياة.
في ساعة الأزمات الوبائية، يُوجه علم الأوبئة نظره نحو كيفية انتشار المرض مع مرور الوقت، بمعنى أننا نتعامل اليوم وعيوننا تنظر إلى الغد، بينما يلزمنا، بحسب المنطق، أن نتصرّف بشكل صحيح وفقا لمنظور الحاضر.
ومن هنا، كان للمرض وجهان، وجه مرئي وهو الوباء، ووجه آخر هو نحن، باعتبارنا سننقل الوباء بشكل غير مرئي نحو المستقبل.
swissinfo.ch: بهذه النظرة، نتحوّل من الفرد المريض إلى الجسد الاجتماعي بأسره؟
ألبرتو بوندولفي: تماما.
swissinfo.ch: قولك بأن الكوارث لا تخفى على علم الأخلاقيات، معناه حتما أنك تفكر بحالة الحرب؟
ألبرتو بوندولفي: نعم، هناك أوجه تشابه، بل تشابه كبير، فالنظام يضمن العدالة، بينما تجلب السوق السوداء الفوضى، وقد أصبحنا نشاهد بعض المظاهر من العصيان المدني، فهناك شباب يرفضون إغلاق المراقص ومنتجعات التزلج، والسبب في التمرد هو أن حقيقة الأمور لا تتكشف بسرعة، وبالتالي من الطبيعي في مثل هذه الظروف أن تنشأ ردّات فعل من هذا القبيل.
swissinfo.ch: هل نحتاج إلى سنّ حظر وقيود، ووضع لوائح وإرشادات، والقيام ببرامج توعية، لمنع حدوث مثل تلك الخروقات؟
ألبرتو بوندولفي: في الوقت الحاضر، تستخدم الحكومة ورقة الإقناع، أما إذا نفذ صبرها، فقد تلجأ، كما لوّح وزير الداخلية آلان بيرسيه، إلى تفعيل القانون الجنائي في وجه مشغلي مصاعد التزلج، وقد آتى هذا التهديد أكله.
محتويات خارجية
لا يمكن حفظ اشتراكك. حاول مرة اخرى.
شارف على الإنتهاء… نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
swissinfo.ch: برأيك، ما مدى تلاحم المجتمع السويسري؟
ألبرتو بوندولفي: أنا على يقين بأنه في غاية التماسك، فمثلا تمكّن المجتمع، لغاية الآن، من تحييد السياسيين كي لا يستغلوا أجواء الوباء لحساباتهم الخاصة.
swissinfo.ch: لكن كيف يمكنك تفعيل الناس وأنت لا تمتلك رؤية مستقبلية واضحة؟
ألبرتو بوندولفي: نحن بحاجة إلى توجيه رسائل لمجموعات بعينها، فلا ينبغي للشباب أن يستمروا بالذهاب إلى النوادي غير آبهين، ويجب أيضا على البالغين أن يقيّدوا من حريتهم أكثر، ولا تبقى اللقاءات مفتوحة بينهم وبين الآخرين، ولئن ظنّ الشباب أنفسهم في مأمن، لا، بل هم في خطر وربما يشكلون خطرا على الآخرين.
swissinfo.ch: قد يقول قائل أنّ الموت أمر طبيعي بالنسبة للمسنّين، فلماذا لا ندعهم يموتون؟
ألبرتو بوندولفي: التربية التي نشأت عليها تقضي بأن كل شخص مُعتَبر بذاته، لذلك، حتى في الأحوال العادية، لا يجوز لنا أن نعمل عملية حسابية ونقول بكل بساطة أيّ المرضى يكلفنا أكثر، هذا الأمر غير معقول لا منطقيا ولا عاطفيا.
swissinfo.ch: وفي أوضاع استثنائية؟
ألبرتو بوندولفي: في الوقت الراهن، هذا السؤال غير مطروح في سويسرا، لكن قد يكون الحال مختلفا في منطقة لومبارديّا في إيطاليا، حيث وحدات العناية المركزة مكتظة وعاجزة عن استقبال المرضى، أما نحن، فلا نزال بعيدين ولا تزال لدينا احتياطات.
المزيد
المزيد
كيف سيقوم نظام الرعاية الصحية السويسري بالفرز بين مرضى كوفيد – 19؟
تم نشر هذا المحتوى على
في ظل انتشار فيروس كورونا المُستجد؛ هل يَتَعَيَّن مَنْح الأولوية لعلاجِ الشباب وتَرْك كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة لمصيرهم؟ هل يجب أن تُتاح أجهزة التنفس الصناعي لأمهات وآباء الأطفال الصغار أولاً لكي لا يُخَلِّفوا أيتاماً وراءَهم؟ وهل ينبغي الإمتناع عن علاج شخصٍ يبلغ من العمر 90 عاماً في وحدة العناية المُركزة لأنه لَنْ يعيش طويلاً…
swissinfo.ch: في وضع كهذا، كيف يمكن الموازنة بين الضرر الاقتصادي والضرر الصحي؟ بعبارة أخرى: هل ننقذ الأرواح حتى لو أدى ذلك إلى إنهيار الاقتصاد بالكامل؟ أو أن هنالك حدّ للاعتبار الأخلاقي؟
ألبرتو بوندولفي: جوابي قد لا يُقنعك، ولكني أعتقد بأن لدى الحكومة خطة واقعية جاهزة، حيث يُتَوقّع للأزمة أن تستمر شهرين أو ثلاثة أشهر أخرى، ونظامنا يملك، إلى حدّ ما، إمكانية تجاوز المحنة.
swissinfo.ch: لكن، أصبح الوضع بالنسبة لكثير من التجار مصيريا، ومسألة حياة أو موت، ولو على سبيل المجاز؟
ألبرتو بوندولفي: لقد وجدت الحكومة حلا لمشكلة السيولة النقدية، والمال موجود، وتستند الفكرة إلى افتراض إمكانية التغلب على الأزمة الحالية، واستبعاد الافتقار مطلقا، ولو أن الأزمة تستمر لعامين وليس لشهرين، فعندئذ سيكون الوضع صعبا، ولكن يبقى، مع ذلك، المال موجودا، في حين أن العائق الوحيد سيكون في البرلمانات المخوّلة باتخاذ القرارات أن تكون قادرة على إضفاء الشرعية على العملية وإسنادها.
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
أيها العاملون العابرون للحدود.. أهلاً بكم في بيتي!
تم نشر هذا المحتوى على
مساء السابع من مارس الجاري، أفادت بعض وسائل الإعلام بأن “مقاطعة لومبارديا أصبحت منطقة حمراء أي لا يسمح بالدخول أو الخروج منها”، وذلك حتى قبل أن يتم تأكيد الأخبار من جهات رسمية. وفي ظل موجة الهلع السائدة بسبب فيروس كورونا، أثارت هذه الأخبار في غضون بضع دقائق القلق بين الكثيرين في كانتون تيتشينو السويسري المُحاذي للمقاطعة الإيطالية، وكان…
تم نشر هذا المحتوى على
وفقًا لقانون العقوبات السويسري، يُحظر نشر "مرض بشري خطير ومُعدٍ" ويُحكم على الجناة بالسجن لمدد تتراوح بين سنة وخمس سنوات.
يتضمن القانون الفدرالي بشأن الأوبئة أيضًا أحكامًا جزائية تُطبّق على سبيل المثال ضد أي شخص "يتهرب من المراقبة الطبية المفروضة عليه". وفي حالة الإصابة بمرض كوفيد - 19، تبلغ مدة العزل الصحي 10 أيام.
ما هي العواقب الملموسة؟
أكد المكتب الفدرالي للصحة العامة أن مرض كوفيد - 19 هو "مرض خطير" بالمعنى المقصود في المادة 231 من قانون العقوبات.
وينص القانون الفدرالي للأوبئة على فرض غرامة مالية تصل إلى 5 آلاف فرنك على أي شخص لا يمتثل طواعية للإجراءات المفروضة لمنع انتشار المرض وتقع مسؤولية إقرار العقوبة المحتملة على عاتق المدعي العام في الكانتونات المعنية.
لكن العامل الحاسم هو توفر النية السيئة وراء السلوك الإجرامي. ومن الناحية العملية، فإن من يخرق المادة 231 بمغادرته الحجر الصحي المفروض عليه بسبب إصابته بفيروس كورونا المستجد، لا يُمكن ملاحقته جنائياً، وفق ما أفاد به المكتب الفدرالي للصحة العامة في رد خاص بعث به إلى swissinfo.ch.
تنطبق الغرامات أيضًا على أولئك الذين ينظمون التجمعات العامة. وكانت الحكومة السويسرية حظرت بدءاً من يوم 28 فبراير 2020 أي تجمعات عامة، يشارك فيها أكثر من ألف شخص، فيما شددت عدد من الكانتونات هذا الحظر ليشمل 100 مشارك في أقصى الحالات.
السعال في الأماكن العامة
حقيقة التسبب في إثارة الذعر عن طريق السعال في وجه شخص ما، لم يتطرق لها قانون الأوبئة، وفق بيان المكتب الفدرالي للصحة العامة، الذي يذكر بأن توصيات الحكومة ليست مُلزمة قانونًيا ولكنها تعد نوعاً من الإرشادات العامة. وبالتالي، فإن السعال البسيط في وجه شخص ما ليس كافياً لاستيفاء شروط جريمة إثارة الرعب في الأماكن العامة المنصوص عليها في المادة 258 من قانون العقوبات السويسري.
السؤال الآخر: ما هي عقوبة شخص توجّه إلى منطقة محظورة (منطقة حمراء) لأسباب مهنية أو غيرها؟ "في سويسرا وفي النظام القانوني السويسري، لم يتم التطرق إلى مفهوم المنطقة الحمراء. هذا السؤال لا بد من توجيهه إلى السلطات الإيطالية. وفق سلطات كانتون تيتشينو الجنوبي المتاخم لإيطاليا، فإنه إذا تم اتخاذ تدابير وفقا للمادة 40 من القانون الفدرالي الأوبئة، فإن من يرتكب أي مخالفة يعرض نفسه للملاحقة القانونية".
عقوبة السجن
في سويسرا، يبدو التشريع أكثر تساهلاً من الدول الأخرى.
ففي إيطاليا، ينص المرسوم الحكومي الصادر يوم 8 مارس الجاري الخاص بتدابير احتواء فيروس كورونا المستجد على عقوبات في حالة عدم الامتثال بالابتعاد مسافة متر واحد بين الناس وانتهاك القيود المفروضة على حرية التنقل والحانات والمطاعم والمحلات التجارية ومراكز التسوق، وذلك وفق صحيفة Sole 24 ORE اليومية الإيطالية.
من الناحية النظرية، تشمل العقوبات أيضًا اعتقال المخالفين، كما تشير اليومية الصادرة في ميلانو. فالأشخاص الذين ينتهكون قيود التنقل عُـرضة للسجن لمدة تصل إلى 3 أشهر ودفع غرامة تصل إلى 206 يورو .
أما في هونغ كونغ، فإن الأشخاص الذين لا يمتثلون للحجر الصحي، تتهددهم عقوبة بالسجن ستة أشهر وغرامة تبلغ حوالي 3200 فرنك.
من جانبها، أعلنت مدينة موسكو أن عدم الامتثال للإجراءات الاحترازية، قد يعني دفع غرامة قدرها 80 ألف روبل (حوالي ألف فرنك سويسري). أما في الحالات التي أدى فيها خرق القانون إلى وفاة شخص، فقد يُواجه عقوبة سجن، تصل إلى خمس سنوات .
مع احتمال انعدام الأرباح، شركات الأدوية الكبرى تدير ظهرها للأمراض المُعدية الجديدة
تم نشر هذا المحتوى على
على الرغم من موقع سويسرا كمركز للأدوية والتكنولوجيا الحيوية، إلّا أنَّ الشركات المُتمركِزة فيها امتنعت حتى الآن عن الإيفاء بالتزامات هامة جداً تتعلق بتفشي فيروس كورونا المُستجد عالمياً. تخلو قوائمرابط خارجي منظمة الصحة العالمية (WHO) الخاصة بالمُرشحين لإنتاج لقاح ضد فيروس كورونا (Covid-19) من أي شركات سويسرية للمُستحضرات الصيدلانية. ولم يُعلِن أي من مُصَنّعي الأدوية…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.