المتدربون في جنيف يشاركون في مظاهرة احتجاج عالمية
شارك حوالي 100 متدرب ومؤيديون لهم في عمل احتجاجي خارج المقرّ الأوروبي للأمم المتحدة يوم الإثنيْن 20 فبراير الجاري كجزء من مبادرة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على محنة المتدرّبين الذين لا يحصلون على أجور. وقد نظّمت احتجاجات مماثلة بالتزامن في نيويورك وبروكسل وفيينّا.
في جنيف، تجمّع موظفون متدرّبون بالأمم المتحدة، وبالعديد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في ساحة الأمم المتحدة إلى جانب جزء من أصحاب العمل، والنقابيين، والطلاب للدعوة إلى توفير فرص متساوية في “الحصول على تدريب عادل وذي جودة”.
وقال جايم، شاب بريطاني يبلغ من العمر 22 عاما، وهو على مشارف إنهاء ثلاثة أشهر من التدريب في منظمة الصحة العالمية بجنيف: “أنا موجود هنا تضامنا مع الأشخاص الذين لا يستطيعون توفير مستلزمات وجودهم هنا”، ثم أضاف: “نحن بحاجة لإسماع صوتنا وإظهار مستوى الدعم الذي نحظى به من جميع القطاعات..، وأن نبيّن أننا نستحق نفس الحقوق التي يتمتع بها الموظفين العاملون، حيث أننا نقوم بإنجاز عمل قيم لفائدة المنظمات.”.
المزيد
مظاهرة المتدربين
في عام 2014، كان هناك ما يناهز عن 4000 متدرّب بمقرّ الأمم المتحدة في نيويورك و جنيف، ومعظمهم غير مدفوعي الأجر. وكشفت دراسة أجرتها جمعية المتدرّبين بجنيف سنة 2013 أن 68% من المتدرّبين لم يتلقوا أي راتب على الإطلاق.
في مقابل ذلك، نجد أن عددا من وكالات الأمم المتحدة في جنيف مثل منظمة العمل الدولية تدفع أجورا للمتدرّبين بما يعادل 2.200 فرنك سويسري شهريا. غير أن عدد هذه الوكالات محدود جدا. ويشار إلى أن جنيف مدينة مُكلفة جدا. ويمكن أن يكلّف تدريب غير مدفوع الأجر لمدة ستة أشهر صاحبه ميزانية تصل إلى 8.00 فرنك، أي ما لا يقل عن 8296 دولارا أمريكيا. وهذا يعني أن الفرصة متاحة للأثرياء فقط.
جايم أكد أن “هذا النظام غير عادل ما دام لا يسمح إلا لأشخاص مثلي بإمكانهم توفير الأموال الضروروية للقيام بتدريب، في حين أنه ليس بمقدور كثيرين آخرين من الذين هم من خلفيات مختلفة ومن ذوي الإمكانيات المحدودة فعل ذلك”. وأضاف الشاب البريطاني أنه لن يكون بمقدوره القيام بفترة تدريبية أخرى بعد انتهاء تدريبه الحالي.
تنظيم الصفوف
نمت الحركة الإحتجاجيةرابط خارجي بشكل تصاعدي على مدى العامين الماضيين، وأصبحت منظمة أكثر فأكثر. ويوم الإثنيْن 20 فبراير إنضم إلى المتدربين بجنيف أعضاء من حزب الخضر، ومن الحزب الإشتراكي، بالإضافات إلى نقابات محلية ودولية، بما في ذلك أعضاء نقابة موظفي الأمم المتحدة.
في السياق، تلتجئ إدارات الأمم المتحدة التي أضحت غير قادرة على توسيع الميزانيات أو تعيين موظفين جدد، على نحو متزايد إلى استخدام خرّيجين شبان على استعداد للعمل مجانا لمدّة تتراوح بين شهريْن وستة أشهر. وتقول الأمم المتحدة إنها ترغب في دفع أجور إلى المتدربين إلا أن قرارا صدر في عام 1997 يحظر دفع أجور إلى غير الموظفين.
وفيما تؤكد المنظمة الأممية أن الأمر متروك إلى البلدان الأعضاء لتغيير هذا الوضع، إلا أن الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها لم تقطع بعدُ التزاما على نفسها بتعديل هذا القرار.
على الرغم من انسداد الأفق على مستوى الأمم المتحدة، حقق المدافعون عن المتدربين اختراقات أخرى. ففي يوم الجمعة الماضي (17 فبراير 2017)، احتفل النشطاء بالتقرير الصادر عن أمينة المظالم بالإتحاد الأوروبيرابط خارجي والذي يحث فيه قسم العمل الخارجي التابع للإتحاد على سداد أجور جميع المتدرّبين من أجل فتح الباب بوجه متدربين منحدرين من بلدان فقيرة. ويشغّل قسم العمل الخارجي بالإتحاد الأوروبي ما يناهز عن 800 متدرّب في بعثاته عبر العالم، بما في ذلك جنيف، وهم يعملون لصالحه من دون تلقي مقابل. ورغم أن توصيات “أمين المظالم” ليست مُلزمة، إلا أن المؤسسات التابعة للإتحاد عادة ما تعمل بها.
في الوقت الحاضر، يتطلّع المتدرّبون في جنيف لتقديم شكوى مماثلة إلى أمين المظالم في الأمم المتحدة. كما يأملون في أن يتبنّى أمين عام الأمم المتحدة الجديد أنطونيو غوتيريس مقاربة “أكثر تفهّما” لقضايا المتدربين ويساعد على تغيير سياسة المنظمة الأممية لجعل الوظائف المعروضة على المتدرّبين في متناول الأشخاص من جميع أنحاء العالم بعد سنوات من المماطلة من قبل الأمين العام السابق بان كي مون.
في الأثناء، وفي أعقاب حملة خاضها مجلس المتدربين بمنظمة العمل الدولية دامت عاما كاملاوتُوّجت بالنجاح، رفّعت هذه المنظمة رواتب هذه الفئة بنسبة 20%. كذلك أعلنت اليونيسف (وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في رعاية الطفولة) أنها بصدد تجربة نظام تدريب جديد يوفّر رواتب للمنخرطين فيه. وعلى صعيد آخر، وضع مكتب العمل بكانتون جنيف قواعد جديدة لتقديم مقابل لأتعاب بعض المتدرّبين، الذين ليسوا جزءً من دورات دراسية.
على صعيد آخر، لقيت حركة الإحتجاج هذه تأييدا ودعما واسعا من نقابات وجماعات ضغط أخرى، مثل مجلس الإتحادات العالمية (CGU)، الذي يتجاوز عدد أعضائه 200 مليون عامل، ومجموعات أخرى أضيق نطاق مثل “تحالف ندفع رواتب للمتدرّبين”، وهو إئتلاف يضم 25 منظمة غير حكومية تسعى إلى تحسين أوضاع المتدرّبين.
بشكل عام، ينتقد النشطاء الذين يقودون هذه الحملة استخدام المتدرّبين كعمالة رخيصة أو مجانية، ويقولون إنه أصبح اتجاها مُعتمدا في العديد من القطاعات الإقتصادية، وليس في المنظمات الدولية فحسب. فبينما كانت نسبة المتدربين من الخريجين في الولايات المتحدة 3% فقط في الثمانينات، فإنها تبلغ حاليا 75%. وتقول النقابات: “إن خطط التدريب غير المستقرّة هي بصدد تعويض الإنتدابات الحقيقية للوظائف في الوقت الذي أصبحت فيه البطالة المعضلة الرئيسية التي تواجه فئة الشباب في جميع أنحاء العالم”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.