المدرسون يُطالبون بتدابير صحية مشددة في العام الدراسي الجديد
يقول المدرّسون السويسريون إن الاختبارات الجماعية لفيروس كورونا في المدارس يجب أن تستمر، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من أن يُدي الفصل الدراسي الجديد إلى ارتفاع حاد في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد خاصة من متحور "دلتا".
خلال مؤتمر صحفي مشترك نظمته أكبر نقابتيْن تعليميتين في سويسرا في برن يوم 9 أغسطس الجاري، حذر مسؤولون من أن جائحة كوفيد – 19 لم تنته بعد. ولا تزال حماية صحة التلاميذ والمعلمين من أهم الأولويات.
وتأتي هذه الدعوة في الوقت الذي بدأ فيه الطلاب في كانتون أروغاو الشمالي العودة إلى مقاعد الدراسة بعد انتهاء الإجازة الصيفية. وسيعود الطلاب في كانتونات أخرى إلى المدرسة في الأسابيع المقبلة. ويظل الالتزام بالتدابير الصحية في المدارس، مثل التباعد الاجتماعي وغسل اليدين والتهوية ساريا خلال الفصل الدراسي الجديد، على الرغم من أن التلاميذ الأكبر سنًا لم يعودوا مطالبين بارتداء الأقنعة.
وقال اتحاد المعلمين السويسريين في الجهات الناطقة بالألمانية رابط خارجيونظيره في الجهات الناطقة بالفرنسيةرابط خارجي إن استمرار الاختبارات الجماعية المنتظمة للتلاميذ سيحدد بسرعة الحالات الجديدة.
وقال شوينديمان، عضو مجلس إدارة اتحاد المعلمين السويسريين في الجهات الناطقة بالألمانية في حديث إلى swissinfo.ch إن “الكانتونات التي نفذت بالفعل وبانتظام اختبارات كورونا في المدارس، مثل غراوبوندن، وجدت أنه إجراء ناجح”. وأضاف بأن “الأمر متروك لكل كانتون لتقرير ما إذا كان يريد تنفيذ اختبارات كورونا المنتظمة في المدارس [خلال الفصل الدراسي الجديد]”.
على سبيل المثال، ذكرت كانتونات أورغاو وبرن وتسوغ ولوتسيرن، أنها ستستمر في إجراء الاختبارات الجماعية لتلاميذها. وكما هو معلوم، فإن السلطات المحلية في الكانتونات هي المسؤولة في سويسرا عن كل ما يتعلق بشؤون التعليم – وكذلك على القرارات ذات الصلة بجائحة كوفيد – 19 -، وبالإمكان اتخاذ القرارات على المستوى البلدي الأدنى أيضا.
امن جهة أخرى، دعا المعلمون إلى استخدام أجهزة قياس ثاني أوكسيد الكربون في الفصول الدراسية من أجل قياس جودة الهواء داخلها.
مسألة التطعيم ضد الفيروس
تظل مسألة التطعيم – لكلّ من المعلمين والتلاميذ – مسألة شائكة. وفي هذا الصدد، قال شوينديمان إن النقابات المهنية تدعو إلى التطعيمات الطوعية، ولكنها مع منح الأولوية للمدرّسين.
وأضاف شوينديمان: “يجب أن يحظى المدرسون، بوصفهم القوة العاملة الأساسية والمعرّضة للإصابة بشكل أكبر، الذين يرغبون في التطعيم بأولوية عالية. ويبقى من حق كل مدرّس أن يقرر تلقي اللقاح من عدمه”.
حاليًا، في سويسرا أصبح الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن اثني عشر عامًا مؤهلين للتطعيم ضد فيروس كورونا بلقاح فايزر ومؤخرا موديرنا. وأشار كانتون أورغاو ، على سبيل المثال، إلى أنه يخطط لإنشاء محطات تطعيم متنقلة على المستوى المدرسي مخصصة للتلاميذ الذين تزيد أعمارهم عن خمسة عشر عامًا، مع إمكانية تمديدها لمن هم في سن الثانية عشر عامًا أو أكثر في وقت لاحق. ورحب شوينديمان بهذه المبادرة التي اعتبرها “فرصة للراغبين في الحصول على التطعيم”.
ولا يوجد في سويسرا قانون يُلزم المدرسين بالتطعيم ضد الجائحة، أو كما هو الحال في إيطاليا، باثبات أنه قد تم تطعيمهم أو اختبارهم أو تعافوا من الاصابة بعدوى فيروس كورونا.
إيطاليا: خُطط لإعادة فتح المدارس لفصل الخريف، لذلك سيحتاج المعلمون إلى تصريح أخضر لإثبات أنهم إما قد تم تطعيمهم بجرعة واحدة على الأقل، أو تعافوا من كوفيد-19 خلال الأشهر الستة الماضية، أو تم اختبارهم سلبيًا في الـ 48 ساعة الماضية.
ألمانيا: تأمل أيضًا في إعادة فتح المدارس بالكامل في الفصل الدراسي القادم، ولكن على الأرجح في ظل إجراءات مثل الاختبار والأقنعة والتهوية والدروس بالتناوب.
المملكة المتحدة: تم التخلي عن العديد من قيود كوفيد-19 المتبقية في المدارس الإنجليزية، بما في ذلك تغيير القواعد المتعلقة بالعزل الذاتي ابتداءً من 16 أغسطس الجاري للمخالطين القريبين لحالات الإصابة المؤكدة. وفي اسكتلندا، سيتم الحفاظ على تدابير التخفيف من كوفيد لمدة ستة أسابيع على الأقل بعد العطلة الصيفية ، على الرغم من أنه سيكون هناك تغيير في قواعد العزلة الذاتية للفصول بأكملها.
الولايات المتحدة: ينقسم المسؤولون في الولاية والمسؤولون المحليون حاليًا حول ما إذا كان يجب على الأطفال ارتداء الأقنعة في المدارس ، حيث يرتفع عدد حالات إصابة الأطفال بكوفيد-19 مع عودة الأطفال إلى المدرسة.
الطريقة السويسرية
أبقت سويسرا، على عكس جارتيْها ألمانيا وإيطاليا، مدارسها مفتوحة طوال الوقت في العام الدراسي الماضي. ولم تغلق المدارس سوى مرة واحدة فقط منذ بدء الوباء – في ربيع عام 2020.
قال شفينديمان: “سعت الحكومة الفدرالية، بالتعاون مع الكانتونات، إلى إيجاد توازن صعب ولكنه في النهاية ناجح تمامًا بين حماية السكان والحفاظ على الخدمات والشركات مفتوحة”.
واعتمدت المدارس إجراءات صارمة للسلامة والنظافة، والتي تم تعديلها وفقًا لمدى انتشار فيروس كورونا. وفي شهر أكتوبر الماضي، على سبيل المثال، تدخلت الحكومة وألزمت التلاميذ الأكبر سنًا بارتداء الأقنعة (تم التخلي عن هذا الإجراء قبل فترة وجيزة من العطلة الصيفية).
ووفقا لشوينديمان “بذل المدرسون ومديرو المدارس جهودا غير عادية لتوفير تعليم مستمر لجميع الطلاب”.
مخاوف ما بعد الإجازة
مع ذلك، فإن حالات الإصابة بفيروس كورونا تسجل حاليا ارتفاعا في سويسرا. فعلى سبيل المثال، سجلت البلاد 3144 حالة إصابة بفيروس كورونا ليوم الاثنين 9 أغسطس وعطلة نهاية الأسبوع التي سبقته، مما يجعل متوسط سبعة أيام 1003 حالة، أي بزيادة 35٪ عن الأسبوع السابق. وأثار الخبراء في سويسرا بالفعل احتمالية انتشار متحور “دلتا” بسرعة أكبر بين السكان غير المحصنين باللقاح، ولا سيما الذين تقل أعمارهم عن اثني عشر عامًا.
وكان وزير الصحة آلان بيرسيه صرح في عطلة نهاية الأسبوع (7 – 8 أغسطس الجاري) أن أيّ تخفيف إضافي لإجراءات مكافحة وباء كوفيد – 19 سيعتمد على كيفية تطور الحالات بعد الإجازة الصيفية. وأشار على وجه التحديد إلى عودة الأطفال إلى المدارس، كأحد العوامل المحددة.
لذلك، يبدو أن شبح الوباء سيستمر قائما في العام الدراسي المقبل، إلا أن المنظمات التعليمية تأمل في أن تستمر الاستراتيجية السويسرية المُعتمدة في تحقيق النجاح المرجو.
في الوقت نفسه، تتصارع المدارس أيضًا مع قضايا أخرى طفت على السطح بسبب الجائحة الصحية، مثل النقص المستمر في أعداد المعلمين، والتقدم غير المتكافئ في التحول الرقمي، وتحسين إدارة الصحة والسلامة المهنية.
سلط المؤتمر الصحفي الضوء أيضا على مشكلة النقص المستمر في عدد المدرّسين. وصرحت النقابات أن المزيد من الناس سينجذبون إلى هذه المهنة إذا ما رأوا أنها تحظى بعناية، وإذا تمتّع العاملون في هذا القطاع بأجور وساعات عمل أكثر عدلاً.
كما طالب المعلمون باستئناف الرحلات الميدانية والمخيمات الليلية، وهو أمر مهم لنمو الاطفال ولتحقيق أهداف معينة في المناهج الدراسية. وهذا سبب آخر للاختبار الشامل. ويُطلب من الحكومة الفدرالية ومقدمي خدمات النقل العام تقديم خيارات نقل ميسورة التكلفة للفصول المدرسية.
كما سلطوا الضوء على الكيفية التي وجد بها الشباب صعوبة أكبر في اتخاذ قراراتهم المهنية أثناء الجائحة. ويختار معظم خريجي التعليم الإلزامي في سويسرا التدريب المهني، حيث تكون أيام التدريب المؤقت ومعارض التوظيف جزءًا لا يتجزأ من تحديد أي مهنة سيختارون، إلا أنه تم إلغاء العديد من هذه التظاهرات أو تنظيمها عبر الإنترنت أثناء فترة انتشار الوباء. بالإضافة إلى ذلك، بدأت بعض الشركات في توظيف المتدربين الواعدين في مواعيد سابقة، مما يزيد الضغط على التلاميذ وعائلاتهم.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.