جمعية سويسرية لغواصين متطوعين من أجل تنظيف البحيرات والأنهار
خلال صيف عام 2010، أنشأ عددٌ من الغواصين الناشطين، مشروعاً يَهُـم جميع الأجيال القادمة، من خلال تأسيسهم للجمعية السويسرية لغوّاصي البيئة والنفايات "سوات" Suat. وتهدف هذه الجمعية إلى تنظيف بحيرات وأنهار الكنفدرالية من النفايات التي إستقرت في قيعانها، نتيجة التصرف اللامسؤل من قِـبل بعض الأشخاص الذين يتخلَّـصون من قماماتهم هناك.
ومنذ الوقت القصير الذي أعقب تأسيس هذه الجمعية، تمَثَلَت “الغنيمة” التي أخرجها 17 غوّاصاً من أعضائها، بعدَدٍ من الدراجات الهوائية وإطارات السيارات والجرارات والدراجات النارية وأنابيب المواقد والثلاجات ومقاعد الحدائِق وأنواع مختلفة من الذخائِر وبراميل النفط ودِلاء الطلاء وقطع من الزجاج والعديد من القناني البلاستيكية والزجاجية، إنتهاءً بمجموعة من العُلب المعدنية، إستَقَرَّت جميعها في عدد من البحيرات والأنهار السويسرية الموزعة في أنحاء الكنفدرالية.
وفي مقابلة مع swissinfo.ch، صَرَّح توماس نيديرير، رئيس ومؤسس جمعية غواصي البيئة والنفايات قائِلاً: “أنا مَصدوم لِـما أراه من تَصَرُّف لا مسؤول من قِبَل بعض الأفراد تُـجاه الطبيعة”. وأضاف: أنَّ “أمراً كهذا، يدعوني إلى التفكير ملِـياً”.
تحَـوُّل الهواية إلى مشروعٍ بيئي
لم يمضِ الكثير من الوقت على إنضمام نيديرير، الذي يعمل كإخصائي لأنظمة التهوية، إلى نادي الغواصين. فبَعد إلتحاقه بدورةٍ للغَوص من أجل المُتعة والتَرفيه في اليونان عام 2008، يتدرّب نيديرير، البالغ من العمر 45 عاماً، اليوم ليكون مُدَرِّباً للغوص مُحَوِّلاّ ما بدأه كهواية إلى مشروعٍ بيئي.
وكما يوضح رئيس جمعية “سوات” قائِلاً: “في البداية، شكَّل الغوص بالنسبة لي هواية من أجل الإستِرخاء والإستجمام”. ويضيف: “ولكن، مع كل ما عثرت عليه تحت الماء، لم يَبقَ لديّ ما يشجِّـع على الإستجمام كثيراً”.
ويقول نيديرير إنَّ الغوص أصبح بِمَثابة “الدّعوة” بالنسبة له، وحسب كلماته: “لا أستطيع أن أغلق عيناي أمام هذا الكَمّ من النفايات و”القمامة الحضارية”، التي يمكن العثور عليها تحت الماء. كذلك، لا يُمكنني تجاهلها والغوص جانِـبها بِبَساطة”.
تفاؤل كبير
على الرّغم من وجود 1500 بُـحيرة في سويسرا، لا تراود توماس نيديرير أية شكوك حول إمكانية “تنظيف” هذه البحيرات بشكل مُستَدام بأقلَّ من 20 مُتطوِّعاً. وحسب كلماته، فإنَّها البداية فقط.
ويُعَبِّر نيديرير عن تفاؤله بالقول :”إذا إستمرت الأمور بالتطور بهذا الشكل وإذا إستطعنا إلهام غوّاصين آخرين يحملون نفس الوعْـي تجاه بيئتنا ومُسطحاتنا المائية، فقد يرتفع عدد أعضاء الجمعية ليصِـل في وقت قصير إلى 50 أو 100، بل وحتى 250 أو 500 عضو في غضون سنوات قليلة. حينئذٍ، سنكون في ظرفٍ يسمح لنا بالتصرّف وتَدَبُّر الكثير بقدرٍ كبير من الكفاءة”.
عملٌ لمدة 200 سنة
وِفقاً لرئيس الجمعية السويسرية لغوّاصي البيئة والنفايات، تملك بحيرة لوتسيرن وحدها شاطئاً يمتَدُّ بطول 170 كيلومتراً. ولِتَغطية مساحة كهذه، يَتَحَتَّـم الغوص ما لا يَقِـلّ عن 1200 مرّة. وحسب نيديرير، فإنَّ هناك ما بين 300 إلى 400 بحيرة صالحة للغوْص في سويسرا. وحتى لو أمضى الغوّاصون نهارهم بالكامل تحت الماء وبشكلٍ يومي، فسيكون لديهم 200 عامٍ من العمل!
ويتحدَّث نيديرير عن مشروعٍ للأجيال فيقول: “بدأ إبني الذي يبلغ العشرين من عمره، بِتَعلّم الغوْص معي ولا يزال أمامه ما لا يقلّ عن 50 عاماً للإستمرار في هذا النشاط وإدارة هذا المشروع بدون أيّة مشاكل. وسيتبعه أشخاصٌ آخرون – كما آمل”.
التعاون مع الكانتونات…
في غضون ذلك، أصبح هناك إتِّصال وثيقٌ جداً مع عدد من الكانتونات. وكما يقول رئيس الجمعية السويسرية لغوّاصي البيئة والنفايات: “نحن نقوم بعملنا هذا بشكلٍ طَوْعي ومجاني، ولكننا لا نرغَـب بالتخلّص من النِّـفايات التي نقوم بإستخراجها على حسابنا الخاص. نحن نحتاج إلى مساعدة السلطات ودَعمها هنا”.
وبعد خَوض العديد من المُناقشات مع مختلف الدوائر الحكومية، كانت هناك مفاجأة سارّة في إنتظار نيديرير، تمثَلَت بتعاطف السلطات وتأييدها ومُشاركتها السلِسة.
… والأفراد
وخلال الأسابيع الأخيرة، استطاع غوّاصو جمعية “سوات” بالتعاون مع فندق “بالاس” المُطِل على بحيرة لوتسيرن ومطعم سفينة “وليام تل” الراسية في نفس البحيرة، إنجَازَ مشروع ناجح، إنعكس من خلال “تنظيفهم” لِضفاف الشاطئ الواقع بين هذين المَعلمَين السياحييَن، من جميع أنواع القُمامة التي تراكمت في قاع البحيرة على مَـرّ الزمن.
وعبَّر نيديرير عن سروره وفخره بِنجاح هذه العملية قائِلاً: “كان قدوم مارسيل بيرين، مدير الهيئة السياحية لكانتون لوتسيرن، لإلقاء نظرة على كَومة النفايات التي استخرجناها خلال عملية “التنظيف”، شيئاً رائِعاً بالنسبة لنا”.
عمل طوعي مَجاني
وعن أعضاء هذه الجمعية، يقول مؤسسها نيديرير: “جميع الأفراد المُنتمين إلى هذه الجمعية، يُمارسون وظيفةً ما. ولكن، وبالنظر إلى أهميّة المشروع بالنسبة لنا، فنحن نلتقي بعد الإنتهاء من عملنا مرّة أو مرتين مساءً خلال الأسبوع وإلى وقت متأخر أحياناً، كما نلتقي خلال عطلة نهاية الأسبوع لنذهب للبحث عن النفايات”.
ولا يقوم غوّاصو “سوات” بعملهم هذا بشكلٍ طوعي فحَسب، ولكنه مجاني أيضاً. غير أنَّ ملابس وتجهيزات الغوص، بالإضافة إلى المُـعدّات والأدوات اللازمة لعمليات تنظيف قيعان البحيرات، تكلّـف الكثير.
ويعلِّـق نيديرير على هذه المسألة بالقول: “حتى الآن، نقوم بتمويل هذه العمليات من خلال رسوم العضوية والتبرّعات الفردية الإضافية لِبَعض الأعضاء. كما يتوجّـب علينا إنفاق الكثير من المال لِضمان سلامة هذه العمليات، وهو أمر يحمل الأولوية. ولكننا في الوقت نفسه، لا نريد الإنتظار حتى يَنضَـمَّ إلينا بعضَ الرّاعين أو المُمَوِّلين، إذ يعني لنا هذا المشروع أكثر من ذلك”.
ومن المؤكد أنَّ الجمعية تبحث عن راعين ومُمَولين لها. وحسب قول رئيسها: “من الطبيعي أنَّ المُساعدة المالية للكانتونات والبلديات أو الأفراد، ستُساعدنا كثيراً.
وحسب نيديرير، لا تنحصر أهدافُ الجمعية بإنتشال القُمامة من البحيرات فقط، وكما يقول: “يُمكن استئجارنا أيضاً للقيام بعمليات تنظيف أو لغرض التَفَقُّـد والمُراقبة أو للبحث عن أجسام معينة وانتشالها من المياه. ونحن قادِرون على القيام بأعمال تتعلَّـق بالغوص حتى عُـمق 100 متر”.
تغيُّـر جذري بين ليلة وضُـحاها
وكان توماس نيدرير قد وُصِف بـ “المِـثالي المَـيْـؤوس منه” أو حتى “بالمُتَطَّرِف البيئي”، لكن مدير الجمعية السويسرية لغوّاصي البيئة والنفايات يُعَلِّـق بهدوء: “هذه الأوصاف لا تنطبِِـق عليَّ إطلاقاً، ولكن الأمر ببساطة هو أنَّ الغَوْص ساهَـم في تبديل مَوْقِفي تُـجاه البيئة بشكلٍ جِـذري. وقبل مُمارستي لهذه الفعالية، كنت أيضاً أحد الأشخاص الذين لا يعِـيرون الإهتمام الكافي للبيئة، وهو أمرٌ تغيَّـر بين ليلة وضُـحاها مع مُمارستي لهذه الفعالية”.
وفي الواقع، ينبغي أن يكون معلوماً للناس بأنَّ العالم الكائن تحت الماء، هو أساس حياتنا. كما يقول نيديرير مختتِـماً كلامه: “حالما نُـدرك هذه الحقيقة، سيتغيَّـر موقفنا تُـجاه هذا العالم حتْـماً”.
تحمل المواد الكيميائية والمبيدات الحشرية والأدوية التي تدخل إلى الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، آثاراً سلبية على الإنسان والحيوان والنبات.
تراجعت الثروة السمكية – التي تمثِل مؤشرا هاما لِحالة المياه – خلال العقود الأخيرة في العديد من البحيرات والأنهار.
لا تزال آثار الملوثات المِـجهرية أو نتائج تحويلاتها، غير واضحة على الحياة المائية.
قد يؤدّي وصول مواد ضارّة إلى المياه الجوفية إلى التأثير على نوعية مياه الشرب وعلى صحة الإنسان في أسوإ الأحوال.
يمكن أن تؤدي الأضرار الحاصلة على المياه الجوفية إلى إرتفاع تكاليف مُعالجة مياه الشرب أو البحث عن مياه بديلة.
(المصدر وزارة البيئة والطاقة والنقل والاتصالات)
وِفقا لِمسحٍ أجْـري في عام 2007، بلغت نسبة السويسريين الرّاغبين بالوصول غيْـر المُقَيَّد إلى سواحل البحيرات، 61.4%. ووصلت هذه النسبة في سويسرا الروماندية، الناطقة بالفرنسية إلى 71.6% مقارنة بـ 58% في المناطق الناطقة بالألمانية. أمّا عند الشباب، فقد إرتفعت هذه النسبة لِتَصل إلى80%.
وِفقا لجمعية الوصول الحُرّ إلى شواطئ البحيرات والجداول، فإن حق المواطنين في استخدام الطرق المحيطة بالبُـحيرات السويسرية، مَحكوم بسلسلة مُعقدة من القوانين والأحكام الفدرالية وقوانين الكانتونات. ولكن، لا يُمكن تجاوُز القانون المدني السويسري.
في عام 1982، صوّت مواطنوا كانتون برن لصالح مبادرة تدعو إلى حق الجمهور السويسري في الوصول إلى البحيرات والأنهار. ولكن تطبيق القانون لا يتم سوى بشكل ضعيف.
يقال أن نسبة 50% فقط من شواطئ بحيرات جنيف ووزيورخ وكونستانس، مفتوحة لمرور العامة. وفي بحيرتي بيل وتون، توجد أجزاء من الشاطئ الذي يُمكن للجمهور إستخدامها.
تمثل بحيرة نوشاتيل نموذجاً للبحيرات الأخرى، حيث يمتد الطريق الساحلي من بلدية Marin-Epagnier في نوشاتيل وإلى حدود كانتون فو.
وُلَِـد في بلدية “شتاين سَكينغن” Stein-Säckingen في كانتون آرغاو يوم 17 يونيو 1965، وهو أبٌ لولدين.
1972 –1976: المدرسة الابتدائية.
1976 –1979: المدرسة الثانوية.
المِهنة: نَصْب وتَركيب أنظمة التهوية.
أول غَوصة فعلية: أثناء تمضية عطلة في اليونان عام 2008.
الوضع الحالي: التَدرب للحصول على شهادة مُدرِّبٍ للغوص.
له 300 غَوْصة في البحيرات السويسرية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.