مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حضورٌ محدود جدا لنساء سويسرا في المناصب العليا

إيزابيل فيلتون، مديرة الفرع السويسري لشركة "إي بي إم" هي من النساء القلائل الاتي يشغلن منصبا في أعلى درجات السلم الإداري RDB

تحتفل نساء سويسرا في اليوم العالمي للمرأة بالخطوات الكبيرة التي خطتها نحو تحقيق المساواة، لكن نضالها مازال متواصلا خصوصا وأن تواجدها في المناصب الإدارية العليا يظل محدودا جدا في البلاد.

وقد أصدرت كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية مؤخرا مجموعة من “الممارسات الجيدة” لتشجيع الشركات على تعيين المزيد من النساء في المناصب القيادية، بدعم من اثنتين من جمعيات أرباب العمل. لكن أصوات منتقدة تعالت بعدُ ضد فعالية تلك الإجراءات الطوعية.


تشكل النساء حاليا نحو 4% من أطر الإدارات التنفيذية في سويسرا، و8,3% من مجالس إدارات الشركات. وتنوه كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية إلى أن الوضع لم يتغير إلا قليلا جدا خلال السنوات العشر الماضية.

وفي سياق تفسيرها لهذه الظاهرة، قالت مارتينا شلابفر، المسؤولة في قسم “العمل والأسرة، والنساء والمسيرة المهنية” بكتابة الدولة نفسها: “من الأسباب الرئيسية الجمع بين العمل والأسرة. وينبغي أن تتوفر الظروف الإطارية المواتية وإلاّ لن تتمكن ربــّات الأسر من التقدم في حياتهن المهنية”.

وأضافت شلابفر في تصريحاتها لـ swissinfo.ch: “السبب الثاني هو السقف الزجاجي. فمن الصعب للغاية الوصول إلى أعلى المراتب لأن عـددا من العوامل الأخرى غالبا ما تلعب دورا هاما في تشكيل الخبرة المهنية، مثل الشبكات الشخصية – فالرجال يتوفرون على شبكات أفضل ويزكون بعضهم البعض لشغل المناصب الإدارية”.

ومع ذلك، مثلما أشارت شلابفر، أظهرت الدراسات أن الشركات التي توظف عددا أكبر من النساء في الإدارة التنفيذية تتميز بأداء أفضل، وأن الفـــِرق المُختلطة هي أكثر إبداعا وتستجيب بشكل أفضل لاحتياجات العُملاء.

وتستند مجموعة “الممارسات الجيدة” المنصوص عليها في كُتيـِّب “النساء في المناصب القيادية – مفاتيح النجاح” على تجارب عشر شركات. وتشمل مجالات عديدة مثل تغيــّر الثقافة داخل الشركة، والتطور الوظيفي، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، فضلا عن عملية التوظيف التي تقول عنها شلابفر إنها غالبا ما تكون مُصمَّمة على مقاس الرجال.

 أهداف طموحة

وقد حددت بعض الشركات لنفسها جملة من الأهداف الواضحة. على سبيل المثال، تسعى مجموعة “روش” الصيدلانية العملاقة إلى رفع نسبة النساء في المراتب الإدارية العليا إلى 20% بحلول نهاية عام 2014.

أما الفرع السويسري لشركة “أي بي إم” العالمية لتصنيع وتطوير الحواسيب والبرمجيات، فقد أثبت بعدُ تشجيعه لولوج النساء للمناصب القيادية الرئيسية، بما أن منصب الرئاسة تتولاه حاليا امرأة هي إيزابيل فيلتون، فيما تشغل النساء 21% من مقاعد مجلس الإدارة و33% من المناصب القيادية في الشركة.

حتى كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية عيـّنت مؤخرا أول سيدة على رأسها، إذ ستتولى ماري-غابرييل إينايشن مقاليد الأمور اعتبارا من غرة أبريل القادم.

في المقابل، ليس هنالك أي حضور للنساء في المناصب القيادية في اثنتين من الشركات التي سُلطت عليها الأضواء، وهما المكتب الاستشاري “برايس ووترهاوس كوبر” وشركة “فيللر”للالكترونيات، رغم أنهما تتوفران على برامج توجيهية وتدعمان العمل بالدوام الجزئي.
 

وتشير الشركات إلى جملة من الدوافع التي تحثها على تشغيل المزيد من النساء في المناصب القيادية. وتتراوح تلك الأسباب بين المخاوف من نقص اليد العاملة في سوق الشغل عام 2015، والرغبة في تـقديم نفسها بصورة أفضل.

وتحظى مبادرة كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية – التي انطلقت بصدور الكُتيب يوم 3 مارس الجاري – بدعم الاتحاد السويسري لأرباب العمل الذي يدعو إلى حملة من أجل إحداث تغيير جدري للثقافة التي تسود داخل الشركات، ومن الاتحاد السويسري للفنون والمهن الذي يأمل في تحقيق الاستفادة من مهارات النساء.

إجراءات طوعية أو نظام حصص؟

 غير أن اتحاد النقابات السويسري ينتقد مبادرة كتابة الدولة، إذ تقول كريستينا فيردير، المسؤولة عن قسم المساواة في الاتحاد: “إن منشورا مثل هذا جيّد جدا إجمالا لكنه يُظهر حقا أنـــّنا لا نتقدّم بالفعل من خلال الاعتماد على تدابير طوعية”.

وذكـّرت فيردير بأن المساواة رُسِّخت في الدستور السويسري قبل 30 عاما، لكنها لم تصل تماما إلى العالم المهــني، خاصة وأن أجور النساء لازالت تقل عن أجور الرجال بنسبة تناهز 20%.

ويحتاج هذا النقاش إلى دُفعة جديدة، “لهذا تدعو النقابات الناس إلى التعبئة يوم 14 يونيو (2011) للمطالبة بأجور متساوية وبتوفير عدد أكبر من الأماكن في دور الحضانة، وبإجازة الأبوة والإجازة الوالدية”، مثلما أوضحت فيردير في حديثها إلى swissinfo.ch، في إشارة إلى التخطيط ليوم للإضراب والتحرك المطلبي لنساء سويسرا.

وأضافت فيردير في هذا السياق: “تطالب النساء منذ فترة طويلة بالمساواة في الأجور، ولكن علينا أن نُدرك بأن تلك المساواة لن تتحقق طواعية، كذلك الشأن بالنسبة لتقلد النساء مناصب عليا”. 

ويذكر أن نظام حصص الإناث في الشركات المعمول به في النرويج منذ عام 2008، والذي سيُفرض في مجالس إدارة الشركات بفرنسا بحلول عام 2017، كان موضع نقاش أيضا في سويسرا. غير أن مارتينا شلابفر نوهت إلى أن هذا الموضوع لم يعد مُدرجا على جدول الأعمال السياسية بما أن كافة المبادرات البرلمانية حول هذا الموضوع قوبلت دائما بالرفض.

 
وتــُقر شلابفر في ختام حديثها إلى أن تنفيذ التدابير الطوعية يستغرق وقتا طويلا، “لكن إذا ما تحركت الشركات انطلاقا من قناعتها الخاصة فإن إجراءاتها غالبا ما تكون أكثر استدامة”.

100 عام: يحتفل يوم المرأة العالمي (8 مارس من كل عام) بالإنجازات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للنساء.

وقد جرت أولى التظاهرات المرتبطة بهذه الإنجازات في عام 1911 بكل من النمسا والدنمرك وألمانيا وسويسرا، وشارك فيها أكثر من مليون شخص.

واليوم، تخلد دول عديدة تاريخ الثامن من مارس/آذار الذي تحول إلى يوم عطلة رسمية في حوالي 25 بلدا، ومن بينها أفغانستان وروسيا وأوكرانيا وفيتنام وزامبيا.

تظاهرات: تشارك سويسرا من خلال العديد من الأنشطة في التظاهرات الدولية التي تنظم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: المعهد الدولي للتطوير الإداري في لوزان “IMD” يشارك في تنظيم يومين مكرسين للنساء في الوظائف القيادية (10 و11 مارس). وفي العاصمة الفدرالية برن، نظمت يوم 7 مارس ندوة نساء ثنائية، سويسرية أمريكية. كما نظم اتحاد النقابات السويسرية تظاهرة خاصة بهذه المناسبة يوم 8 مارس.

الأجور: يقل أجر النساء عن الرجال في المتوسط بحوالي 20%. ويشير المكتب الفدرالي للمساواة بين النساء والرجال إلى أن 40% تقريبا من الفوارق ناتجة عن نوع من التمييز. وتقل رواتب النساء اللاتي يشغلن مناصب قيادية بنسبة 30% مقارنة مع الرجال.

الدوام الجزئي: حسب المكتب الفدرالي للمساواة، لا يزال سوق الشغل ينقسم إلى جزئين: وظائف “رجالية” وأخرى “نسائية” تتميز برواتب أدنى. وفي مجال التوظيف، تعمل ستة من أصل عشرة نساء بدوام جزئي. أما في صفوف الرجال، يرتفع العدد إلى واحد من بين 8 رجال أو 12%. ويظل تمثيل النساء محدودا جدا على مستوى المناصب الإدارية. ومن ضمن الشركات السويسرية المسجلة، لا يفوق عدد النساء المديرات 3%، والأعضاء في مجلس الإدارة 4%.

مشكلة أوروبية: ولا تعد سويسرا حالة معزولة بحيث أظهرت دراسة أنجزها مكتب ميرسر الاستشاري نشرت نتائجها يوم 3 مارس 2011 أن ثلثي الشركات الأوروبية التي خضعت للتمحيص لا يتوفر على استراتيجية لتشجيع النساء على شغل مناصب قيادية. و11% فقط من بينها وضعت مبادرات لتحقيق ذلك الغرض. 

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية