فلافـيا ريغامونتي.. إرادة قوية ومشوار ثري
لا شك أن ابنة كانتون تيتشينو تثير غبطة الرياضيين برصيدها الثري بالميداليات والإنجازات. فهي تُعتبر أثـمن جوهرة للسباحة السويسرية وكانت تعد أفضل آمالها لتحقيق الفوز في ألعاب بكين الأولمبية. لكن الحظ لم يحالفها بحيث أقصيت يوم الخميس 14 أغسطس.
وقبل تحولها إلى الصين، كانت ريغامونتي صرحت وقد بدت عليها علامات الانفعال: “في كل مرة، ينتابني الإحساس أنها المرة الأولى رغم أنها الدورة الأولمبية الثالثة بالنسبة لي، وآمل أن أرتقي منصة الفوز في سباق 800 متر سباحة حرة، وأنا أبذل كل جهدي لتحقيق ذلك”.
هواية وليدة الصدفة
وُلدت فلافيا في بريغانزونا في عام 1981، وبدأت السباحة في سن العاشرة. وجاء اكتشافها لهوايتها محض صدفة، وأعانها في ذلك جسدها الرشيق وطولها الفارع الذي يتجاوز 180 سنتمتر.
وكانت فلافيا قد بدأت مسيرتها الرياضية في الواقع بالرقص الكلاسيكي ثم الفروسية، لكن تلك التجارب لم ترو غليل فتاة يبدو أنها وُلدت لتعيش في الماء.
وهي تجبهك بقوة ذراعيها ورغبتها العارمة في اجتياح أحواض السباحة، رغبة قادتها لأن تتحمـّل منذ نعومة أظافرها نظام تدريب فوق الاعتياد.
فمنذ أن بلغت سن السادسة عشرة، كانت تتناوب الأيام لتبدأ التدريب من الصباح الباكر في الساعة السادسة صباحا حتى تتسنى لها متابعة الدراسة في المرحلة الثانوية، وعند المساء تعود إلى حوض السباحة مرة أخرى ومنه إلى البيت لمذاكرة دروسها.
ويحكي عنها مدربـّها التاريخي كريستوف بيلّانديني: “كانت على الدوام فتاة طموحة جدا، تجتهد بواقع 200% من أجل أن تحقق ما تصبو إليه. كانت تعرف كيف تتفوق على مثيلاتها وكيف تبرز في هذا النوع من الرياضة”.
وأضاف “كم من مرات كانت هي التي تشجعني، وربما لامتني إن لم تجدني متأهبا على حافة حمام السباحة، وكثيرا ما احتجزتني حتى ساعة متأخرة لأجل إتمام البرنامج المقرر”.
رياضية في القمة
وقد تحولت مدينة دالاس الأمريكية منذ سنوات إلى بلد فلافيا الثاني، حيث حصلت هنالك على شهادتين في الدراسات العليا، إحداها في الدعاية والمال والأخرى ماجستير في المحاسبة. فبالإضافة إلى اشتغالها بالدراسة، واصلت السبّاحة السويسرية التدريبات الرياضية تحت إشراف ستيف كولين، واستمرت في حصد المداليات.
وقد تُوجت العام الماضي بسلسلة من الانتصارات في بطولة العالم في ميلبورن (بأستراليا) حيث استطاعت تحقيق رقم قياسي أوروبي جديد في سباق 1500 متر حرة، إذ قطعت المسافة في زمن قدره (15:55,38)، وهو خامس أفضل أداء حتى الآن.
وفلافيا هي أول سبّاحة أوروبية تحطم أسطورة حاجز 16 دقيقة، حيث أن الرقم القياسي السابق كان (16:00،18)، ويعود تحقيقه إلى عام 2003 من طرف الألمانية هانا ستوكباور.
وبالتأكيد أن فلافيا وُلدت من جديد بعد فترة من المحن بدأت في عام 2003 بسقوطها عن الدرّاجة وكسر ذراعها، مما تسبب في توقفها لعدة أشهر عن التدريب، وبالتالي حال دون مشاركتها في سباق 800 متر في أولمبياد أثينا عام 2004 لأنها خرجت من السباق في التصفيات قبل النهائية.
وجدير بالذكر أنها كانت قد صرحت عقب هزيمتها السابقة: “أعلم أن الأمر سيستغرق وقتا قبل أن أعود إلى أعلى المستويات، وإني على يقين بأنني قادرة على ذلك، كما أعتقد أنني قد تعلمت من أخطائي كثيرا”.
ولو نظرنا إلى النتائج الممتازة التي حققتها في المواسم الأخيرة لأدركنا أنها كانت عند كلمتها.
الأولمبياد .. تحدّ يجب رفعه!
وتعين على فلافيا في بكين مواجهة متسابقين أكثر شبابا ورُبما أكثر تمرُّسا، إلا أنـّها تُخفي في الغالب تقدُّما يصعب التنبؤ به، وقال كريستوف بيلانديني في هذا السياق: “يبدو المتسابقون الناشئون وكأنهم قطيع أشبال مستعدة للافتراس، فأبناء سن 18 سنة يسهل عليهم اكتساح الكيلومترات وتحسين أدائهم، بينما تكون هذه القدرة أقل نسبيا عند أبناء 26 سنة”.
ويضيف “نعم، إلى هذا الحد تؤثر الفروقات الصغيرة، لأن السباق يتم بين أبطال، وكل متسابق بطل”، ولكن المدرب السابق يعتقد أن الخبرة – بالتأكيد – هي الورقة الرابحة لفلافيا، لا سيما حين يصل معدل الأدرينالين إلى ألف، أي يبلغ التوتر أوجه ويصبح عامل ضبط الأعصاب مرجِّحا.
ثم إن فلافيا فتاة عنيدة وطموحة، ولا تخشى المواجهة، إذ قال بيلانديني: “هناك من تـُخيفُه المواجهة، أما هي فلا تعدو أن تهيجها وتوقدها. ففي أولمبياد سيدني (أستراليا)، كان هنالك 50.000 شخص، لكنها لم تتوتر، بل على العكس من ذلك، شُحذت همتها وزادت حماسا وإصرارا على المواصلة”.
سويس انفو – اعتمادا على مقال بالإيطالية لستيفانيا سوميرماتير
من مواليد عام 1981 في بريغانزونا (بكانتون تيشينو المتحدث بالإيطالية جنوب سويسرا).
بدأت في تعلم السباحة في سن العاشرة، وفي عام 1997 أحرزت أول لقب لها: بطلة أوربا للشابات.
حصلت خلال مسيرتها الرياضية على العديد من الميداليات في سباحة المسافات الطويلة (800 م و1500 م) سباحة حرة، منها: الذهبية ببطولات أوروبا في هيلسنكي (فنلندا) عام 2000 لسباق 800 م، وفي إيندهوفن (هولندا) عام 2008 لسباق 1500 م.
حازت على الميدالية الفضية ببطولة العالم في فوكوكا (اليابان) عام 2001، وفي مونتريال (كندا) عام 2005، وفي ميلبورن (أستراليا) عام 2007، كلها في سباق 1500 م.
واستطاعت السنة الماضية في أستراليا أن توقف ساعات العدّ عند 15:55,3 محققة بذلك الرقم القياسي الأوروبي لسباق 1500 م؛ علما بأن الرقم القياسي العالمي يعود لعام 2007 وهو 15:42,54 الذي حققته الأمريكية كات زيغلر.
وقد تأهلت فلافيا لأولمبياد بكين لسباق 400م وسباق 800م حرة، أما مسافة 1500 م متر فليست ضمن المقرر الأولمبي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.