تحت سماواتٍ واحدة: رؤى وآفاق «الجندر» في الدول العربية
بسلسلة من ندوات ثقافية تخللتها عروض سينمائية، اُختتمت في «المصنع الأحمر» في زيورخ فعالية «تحت سماواتٍ واحدة: رؤى وآفاق النوع الاجتماعي في الدول العربية» التي انطلقت في مارس الماضي بتنظيم من الناشطة السويسرية «راييلله نيمان» ودعمٍ من منظمة العفو الدولية ومنظماتٍ مدنية محلية، وبالتعاون مع مكتب التخطيط في «المصنع الأحمر».
شكلت الندوات، التي امتدت على مدى يومي العاشر والحادي عشر من نوفمبر الجاري، الجزء الرابع، وهو الأخير من الفعالية، بعد أن جرى الجزء الأول منها في الثامن والعشرين من مارس، والجزء الثاني بين الحادي عشر والخامس عشر من أبريل؛ أما الجزء الثالث فبين الثامن عشر والسابع والعشرين من أكتوبر من العام الحالي.
شاركت في الندوات مجموعة من الناشطات العربيات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وأُخريات من منظمات سويسرية وألمانية معنية بمساعدة النساء اللاجئات بالإضافة إلى سارة بخاري، منسقة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في رابطة النساء الدولية للسلام والحرية.رابط خارجي
حقوق وانتهاكات وتحديات وإبداعات فنية
بخاري افتتحت نشاطات اليوم الأول بندوة عرضت فيها الإستراتيجية السياسية للرابطة الدولية ومراحل التطور التي مرت بها والتحديات التي واجهتها منذ تأسيسها في العام 1915 حين اجتمعت خلال الحرب العالمية الأولى 1200 امرأة من أصول حضارية وثقافية مختلفة، وذلك في مدينة «هاغ» الهولندية.
تلت بخاري، داليا الحلواني، الطبيبة المصرية في مستشفى «بهمن/القاهرة» للأمراض النفسية وعضوة الكلية الملكية لأطباء النفس في بريطانيا، في محاضرة بعنوان: «آفاق الصحة النفسية للنساء والرجال بعد الثورة المصرية» ثم تحدثت راحيل هرتسوغ؛ مؤسِّسة منظمة SAO غير الحكومية لمد يد العون والمساعدة للنساء اللاجئات إلى أوروبا رابط خارجيفعرضت تجربة التأسيس من التخطيط إلى التنظيم والبناء والعمل في مواقع الحاجة.
ونظراً لارتباط حقوق المرأة خاصَّةً، بحقوق الإنسان عامَّةً، واهتمام الجهات المشارِكة والمنظِّمة على حدٍّ سواء بهذه الحقوق والهدف المشترك في «إنهاء كل أشكال الظلم والأعمال الوحشية في هذا العالم»، فقد وسّعت بعض الندوات مواضيعها ومناقشاتها لتطال دائرة الحقوق الإنسانية الأخرى، فانعقدت بعد استراحة الظهيرة طاولة مستديرة ناقشت «متطلبات الإنسان اللاجيء: طرق تلبيتها والإلتزامات والواجبات المترتبة عليها».
شاركت في مناقشات الطاولة المستديرة، إلى جانب ممثلي عدد من منظمات المساعدة السويسرية، الصحافية السورية المقيمة في برلين ياسمين مرعي وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومؤسِّسَة «فضاءات من أجل النساءرابط خارجي». بعد ذلك، جرى عرض لفيلم “لما دخلت مرة جنينة”، وهو عبارة عن تجهيز فني ((Installation) مبني على التفاعل الفردي مع الجمهور يتحدث فيه أشخاص من فلسطين، لبنان، سوريا والعراق عن تجاربهم الجنسية الأولى وعلاقاتهم الحميمية.
الفنانة الفلسطينية، مهندسة الديكور المسرحي والسينمائي المقيمة في باريس، بيسان الشريف تحدثت عن تجربتها وتعاونها مع المخرجة اللبنانية كريستينا خضر والمخرج السوري وائل علي في إنتاج هذا الفلم، كما تحدثت عن تجربتها في العمل مع رجال آخرين أَخصَّهما كاتبا المسرح عمر أبو سعدة ومحمد العطار. ثم انتهت نشاطات اليوم الأول بنقاشات جرت مع بيسان الشريف والناشطة المصرية داليا الحلواني أجابتا خلالها على أسئلة الجمهور.
نشاطات اليوم التالي استُهلّت قبل الظهر بمحاضرة للباحثة والناشطة الحقوقية الليبية الدكتورة إيمان بوقعيقيص عرضت فيها تاريخ الحركة النسوية الليبية وما آلت إليه في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها ليبيا.
ممثلة جمعية AMICAرابط خارجي الألمانية، سيلفيا رومباخ، عرضت بعد ذلك مسيرة الجمعية ونشاطاتها في مساعدة وحماية النساء منذ التأسيس في العام 1993 خلال حرب البوسنة والهرسك والتوسع في ذلك إلى بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حيث تنشط حاليًّا في ليبيا ومخيمات اللاجئين في سوريا وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحدثت عن تعاون الجمعية مع المنظمات النسائية المحلية في هذه الأقاليم ودعم مبادراتها الخاصة.
من البحرين، شاركت مسؤولة قسم العلاقات الدولية في منظمة «سلام» البحرينية لحقوق الإنسان والديموقراطيةرابط خارجي، الناشطة الحقوقية المقيمة في باريس أسماء درويش التي تحدثت عن القرارات التعسفية في تجريد النساء المعارضات في البحرين من حقوقهن المدنية وإسقاط الجنسيات عنهن، فضلاً عمّا يتعرّض له الرجال في هذا الإطار.
تلا ذلك طاولة مستديرة شاركت فيها بالإضافة إلى درويش كل من سارة بخاري، إيمان بوقعيقيص وسيلفيا رومباخ؛ وجرى خلالها نقاش مكثف لكل المواضيع المطروحة.
“حقوق المرأة العربية.. مُؤجلة!”
بعد الظهيرة كان لقاء الجمهور مع الدكتورة إلهام المانع، وهي كاتبة وأكاديمية يمنية- سويسرية، وأستاذة مشاركة في معهد العلوم السياسية بجامعة زيورخ ومستشارة لدى الحكومة الفدرالية لشؤون المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وعضوة في اللجنة الفدرالية للمسائل النسائية.رابط خارجي
المانع تناولت تاريخ الحركة النسوية العربية منذ مراحلها المبكرة في مصر في القرن التاسع عشر فمرّت على روادها من الرجال والنساء كهدى شعراوي ودرية شفيق وقاسم أمين في مصر، ونظيرة زين الدين في لبنان والطاهر الحداد في تونس، وأشارت إلى دور المرأة في مواجهة السيطرة الإستعمارية من أجل الاستقلال الوطني؛ ثم انتقلت المانع إلى مرحلة ما بعد التحرر من الاستعمار المباشر، حيث لم يتغيّر شيء بالنسبة للمرأة على الصعيد الاجتماعي ولم تحظَ بنصيبها الحقيقي من المشاركة السياسية وبناء الدولة الحديثة، وذكرت في هذا السياق احتجاج درية شفيق وإضرابها عن الطعام الذي أدى بالتالي إلى انتزاع المرأة المصرية لحقها في الترشح والإنتخاب، وذلك في الدستور الذي أقر في العام 1956
وتناولت المانع مرحلة ما بعد الحرب الباردة ثم مرحلة «الربيع العربي» ونوّهت بمشاركة المرأة ودورها الكبير والفعّال في ذلك، وساقت في الختام بعض الملاحظات بينت فيها أن الإلتزام بحقوق المرأة العربية كان يتعرض دائمًا للتأجيل بحجة القضايا الوطنية، كمعارك الاستقلال، ثم يتعرض للنقض، في حين أن المرأة لم تكن تتخلف عن أداء دورها وواجباتها في كل المراحل والصعاب، وذكرت مثالين على ذلك، الأول من الثورة المصرية في العام 1919 والثاني من الكويت بعد الغزو الذي تعرضت له من النظام العراقي السابق.
من بلاد الملكة بلقيس، تحدثت الدكتورة إنطلاق المتوكل، مستشارة النوع الإجتماعي والتنمية، الأستاذة في مركز البحوث والدراسات لتنمية النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء، وذلك بوصفها المؤسِّسة المشارِكة وعضوة مجلس الإدارة في «مؤسسة تنمية القيادات الشابة» في اليمنرابط خارجي، فقدمت عرضًا لمراحل التأسيس والانطلاق والصعوبات التي واجهتها المؤسسة الهادفة إلى تمكين الشباب اليمني ذكوراً وإناثاً من القيام بدور قيادي في بلادهم ومشاركة المرأة اليمنية بشكل فعال في عمليات السلام وصنع القرارات التي تتعلق بوطنها وتلك التي تؤثر في حياتها، فخصت بالشرح مشروع «حفيدات بلقيس»، وهو مشروع قيادات نسوية من أجل السلام تنفذه المؤسسة بالشراكة مع منظمة أوكسفام ومؤسسة أوام التنموية. بعد ذلك جرى نقاش مع المتوكل أدارته إلهام المانع وتخلله طرح الأسئلة من قبل الحاضرين.
في الختام، شاهد الجمهور عرضًا لفيلمٍ بعنوان «حكي فاضي» للناشطة النسوية وطالبة الدكتوراه في المعهد العالي للفنون الجميلة في تونس روا بيدا وهو استقصاء أُجري مع أشخاص من العراق والأردن وفلسطين وتونس عن مفهوم السلطة وعن مسألة الهُويّة الفردية لدى المرأة، تلا ذلك نقاش أدارته أيضًا الدكتورة إلهام المانع.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.