مخاوفُ من تـزايد إقـبال الشباب على استهلاك المُخدرات القوية
أظهرت نتائج دراسة نشرت يوم 1 يوليو تراجعا في استهلاك الشبان السويسريين للخمور والمواد الكحولية وفي تدخين السجائر والحشيش مقارنة بأربعة أعوام خلت.
في المقابل، تثير أقلية ضئيلة من الشبان واليافعين الإنشغال بسبب نزوعها المتزايد إلى استهلاك الحبوب المخدرة أو المخدرات القوية والمحظورة كالكوكايين والهيروين.
النتائج المشجعة إجمالا للدراسة الجديدة تعني أن الحملات التوعوية والوقائية التي قامت بها الجهات المعنية قد أتت أكلها. ففي الفترة الفاصلة ما بين عامي 2003 و2007، تراجعت نسبة الشبان في سن الخامسة عشرة الذين استهلكوا 5 كؤوس أو أكثر من المشروبات الكحولية في ثلاث مناسبات على الأقل في الشهر الواحد من 20 إلى 14% (من 11 إلى 8% بالنسبة للفتيات). في الوقت نفسه، تقلص عدد مدخني السجائر والحشيش.
هذه النتائج توصلت إليها دراسة أنجزها المعهد السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات في إطار تحقيق واسع أجري حول استهلاك هذه الأصناف من المواد في العديد من المدارس بأوروبا (انظر المادة المصاحبة).
هذا التطور الإيجابي المسجل على مستوى الأرقام والإحصائيات لا يجب أن يُقرأ بشكل غير صحيح. فسويسرا – إذا ما أجريت مقارنة على المستوى الدولي – تظل إحدى البلدان ذات معدلات الإستهلاك العالية. لذلك علق ميشال غراف، مدير المعهد السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات، أثناء الندوة الصحفية التي عقدها في برن لعرض نتائج البحث بالقول: ” عمليا لا زال بالإمكان الوصول إلى المشروبات الكحولية بشكل دائم، والجعة – على سبيل المثال – رخيصة جدا”.
ممنوعات على الورق.. فحسب!
بالرغم من أن بيع الخمر والجعة محظور في سويسرا للذين تقل أعمارهم عن 16 عاما (18 عاما بالنسبة للمشروبات الكحولية القوية)، يعترف عُشر الذين في سن 13 عاما بأنهم استهلكوا مواد كحولية أكثر من 40 مرة. وترتفع هذه النسبة إلى 28% لمن هم في سن الرابعة عشرة وإلى 16% لمن هم في سن الخامسة عشرة.
ومن الأرقام المثيرة للمزيد من الإنشغال، اقتناء 7 قُصر على 10 لهذا الصنف من المشروبات في المطاعم أو المراقص كما أن أكثر من النصف تمكنوا من التزود بها في المحلات التجارية العادية أو في محطات بيع الوقود.
ويشدد السيد غراف على أنه “على المستوى الإجتماعي يجب تطبيق – بطريقة أكثر انسجاما – الإجراءات الرامية لحماية الشبان أي القرارات المتعلقة ببيع المواد الكحولية”.
وطبقا لنتائج دراسة منفصلة أجراها المعهد السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات بالإشتراك مع بعض الجامعات في أمريكا الشمالية، اتضح أن الشبان يشربون بالخصوص للترويح عن النفس مع الأصدقاء وللهروب من المشاطل اليومية. ويؤكد إيمانويل كونتشيه، المشرف على البحث أن “الشبان السويسريين – وعلى عكس نظرائهم في أمريكا الشمالية – يشعرون بضغط أقل فيما يتعلق بتأثير المجموعة والتخوف بخصوص تحقيق نتائج جيدة في المدرسة”.
في سياق متصل، تترتب نتائج خطيرة عن الرغبة في الترويح عن النفس ونسيان الهموم بواسطة الكحول حيث تتزايد مخاطر وقوع الحوادث وأعمال العنف وحالات التسمم بنسب لولبية. كما أن استهلاك المشروبات الكحولية حتى الثمالة يمكن أن تنجم عنها بسهولة “صدامات بدنية وحوادث ومشاكل مع الشرطة ونقل إلى أقسام الطوارئ أو علاقات جنسية بدون وقاية”، مثلما يلاحظ غيرهارد غميل، منسق الدراسة.
الحشيش والتبغ في تراجع
خلال الفترة التي أنجزت فيها الدراسة، سجل الباحثون أيضا تراجعا في عدد الشبان المدخنين. وفيما أجاب 34% من الشبان في سن الخامسة عشرة المستجوبين عام 2003 أنه دخنوا في الشهر السابق للإستطلاع، تراجعت النسبة إلى 30% في عام 2007.
من العوامل المساعدة على هذا الإتجاه التراجعي، ارتفاع سعر علبة السجائر (الذي انتقل تدريجيا من 4،10 فرنكات في عام 1997 إلى 6،20 حاليا) وإقرار حظر التدخين في المحلات العامة في العديد من الكانتونات من بينها جنيف والتيتشينو.
وسعيا منها للتوقي من الإحتكاك المبكر لليافعين والشبان الصغار مع السجائر (تشير الأرقام المتوفرة إلى أن 38% من الذين هم في سن 13 قد جربوا بعدُ التدخين)، يطالب المعهد السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات بإقرار حظر على بيع التبغ لمن هم دون سن الثامنة عشرة على المستوى الوطني.
الإقبال على الحشيش سجل بدوره تراجعا حيث لم يتم استهلاكه في الشهر السابق لإجراء الإستطلاع إلا من طرف شاب واحد من بين خمسة للذين في سن الخامسة عشرة في حين أن النسبة كانت واحدا من بين أربعة في عام 2003. أما في صفوف الفتيات فقد تراجعت النسبة من 17 إلى 12%.
هذا التراجع يعزوه ميشال غراف إلى الوعي المتزايد في الأوساط الشبابية بالمخاطر المترتبة لاستهلاك الحشيش على الصحة ويضيف قائلا: “بفضل النقاش الدائر حاليا على المستوى السياسي حول الحشيش أصبح من الواضح للجميع أن استهلاكه يخضع للعقاب”.
وكان البرلمان الفدرالي قد رفض في شهر مارس الماضي المبادرة الشعبية الداعية إلى عدم تجريم استهلاك وحيازة واقتناء الحشيش من طرف الراشدين. وفي الثلاثين من نوفمبر القادم، سيعبر المواطنون عن موقفهم بخصوص المبادرة في اقتراع شعبي.
مخاطر كبرى
مدير المكتب السويسري للوقاية من الإدمان على الكحول والمخدرات قال لسويس إنفو “تمثلت النقطة التي فاجأتنا بشكل كبير في الدراسة في الإرتفاع المسجل في استهلاك المخدرات التي تخلف تأثيرات نفسانية”.
وعلى الرغم من أن تعاطي الكوكايين والكراك والهيروين و أل سي دي لا يعني سوى نسبة مائوية محدودة جدا من الشبان (تتراوح ما بين 1 و 3%)، فإن انتشار المواد ذات التأثير النفساني تثير انشغال السلطات الصحية. ففي غضون أربعة أعوام، تضاعف عدد الشبان الذين استهلكوا مادة الكوكايين أو الهيروين مرة واحدة على الأقل. يضاف إلى ذلك أن حوالي 8% من الذين هم في سن الخامسة عشرة صرحوا بأنهم لجؤوا إلى تناول حبوب منومة أو مهدئات (مقابل 6% في عام 2003).
ويقول غراف محذرا: “يجب علينا متابعة هؤلاء الشبان بانتباه شديد لأنه إذا لم يُفعل أي شيء فهناك خطر معاينة المزيد من الإرتفاع في السنوات القادمة”، وأضاف: “سيكون من الضروري في المستقبل تقوية ما يُسمى بـ (الوقاية الثانوية) من خلال تكثيف اللقاءات ومناسبات الحوار داخل الأسرة وفي المدرسة على حد السواء”.
سويس إنفو – لويدجي جوريو
(نقله من الإيطالية وعالجه: كمال الضيف)
المشروع الذي يحمل اسم “European School Survey Project on Alcohol and Other Drugs” (ESPAD) هو عبارة عن بحث يُجرى كل أربعة أعوام في مدارس جميع بلدان أوروبا. ويشرف المجلس السويدي للإعلام حول الكحول والمخدرات على عملية التنسيق ويحظى المشروع بدعم مجلس أوروبا.
في عام 2007، شاركت سويسرا للمرة الثانية في التحقيق رفقة أكثر من 40 بلدا.
أنجز البحث في جميع الكانتونات السويسرية (باستثاء غلاروس وأبنتسل الداخلية) بالإعتماد على استجوابات مكتوبة وشهد مشاركة 7634 تلميذ تتراوح أعمارهم ما بين 13 و16 عاما.
يُقدر المختصون أن أكثر من 300 ألف شخص في سويسرا لديهم مشاكل تتعلق بالإدمان على الكحول.
يعترف واحد من بين 7 شبان في سن الخامسة عشرة أنه يستهلك خمسة أكواب من المشروبات الكحولية ثلاث مرات في الشهر على الأقل.
بلغ استهلاك الكحول الصافي للساكن الواحد في سويسرا 8،6 لترات في عام 2006 وهو ما يوازي 570 جعة أو 105 قارورة خمر.
خلال السنوات الخمس الماضية سجل ارتفاع في استهلاك الكحول في صفوف النساء وتوجه معاكس في أوساط الرجال. وفي ترتيب المشروبات الكحولية المفضلة يأتي الخمر ثم الجعة ثم المشروبات الروحية والسيدر.
في كل عام، يموت أكثر من 2100 شخص جراء أمراض أو حوادث مرتبطة بالكحول.
لا تغطي الرسوم المفروضة من طرف الكنفدرالية على مبيعات المشروبات الكحولية (حوالي 380 مليون فرنك في السنة) سوى جزء ضئيل جدا من التكلفة الإجتماعية لاستهلاك الكحول بالنسبة للإقتصاد السويسري، المقدرة بـ 6،7 مليار فرنك سنويا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.