نهج التشاركية يعزّز ترتيب الجامعات السويسرية دوليا
احتلّ نظام التعليم العالي في سويسرا المرتبة الثانية في العالم وفقا للتصنيف الدولي "جامعات 21" لعام 2015. في المقابل، يُواجه هذا المجال الحيوي بعض المخاطر بعد الإقتراع المناهض للهجرة الذي شهدته سويسرا في 9 فبراير من العام المنقضي.
في تقرير جامعات 21رابط خارجي (U21)، حلّت سويسرا في المرتبة الثانية، من مجموع 50 بلدا – من بينها المملكة المتحدة (المرتبة الثامنة). اما الولايات المتحدة فقد تصدّرت القائمة، وفقا لبيانات نُشرت للعموم في 21 مايو 2015.
هذه الدراسة تختلف عن بقية التصنيفات المتعارف عليها مثل تصنيف التايمز رابط خارجيللتعليم العالي، وتصنيف شانغهاي – التي تحتلّ فيها الجامعات السويسرية مرتبة 20 أو 40 – وفي تلك التصنيفات يؤخذ بعين الإعتبار نظام التعليم العالي ككل.
في الأثناء، يقال روس ويليامز، المشرف على مشروع “U21″، والموجود حاليا بجامعة ميلبورن الأسترالية: “بينما تحسنت رتبة سويسرا حيث انتقلت من الرتبة السادسة إلى الرتبة الثانية نظرا لتحسّن الإستقلال المالي للجامعات، تشير البيانات الجديدة أيضا إلى تحسّن ملحوظ في جميع المجالات”.
ويضيف ويليامز: “يبدو أن سرّ النجاح السويسري يكمن في الإنفتاح الكبير لجامعاتها على الخارج.. فلدى هذه المؤسسات علاقات قوية مع قطاعيْ الصناعة والأعمال، ومع الدوائر البحثية في بلدان أخرى”.
ولكن لابد من تحديد المجالات التي تحتاج إلى جهد أكبر، حيث لا تزال نسبة الإناث أقلّ من الذكور في المجال الوظيفي مثلا.
رد الفعل السويسري
رحّبت كورينا ويرث، المستشارة العلمية في كتابة الدولة للتعليم والبحث والابتكاررابط خارجي (SERI) بنتائج دراسة U21، مشيرة إلى أنه من حيث العلاقة بالمحيط، يحرص التعليم العالي لسويسري على تعزيز الإبتكار والتعاون، ولكنها سجلّت بعض التحفظات كذلك.
وقالت السيدة ويرث متحدثة إلى swissinfo.ch: “نحن سعداء لأن هذا التصنيف يدلّ على المستوى الجيّد الذي بلغه التعليم العالي لدينا، ولكن لا يجب أن نعطي لهذا الترتيب قيمة أكثر مما يستحق. فالمعايير كانت عامة وشاملة، وتغطي جانبا كبيرا من نظام التعليم، ومع ذلك لا تظهر كل شيء”.
فالموارد المخصصة لهذا القطاع مثلت 40% في تحديد الترتيب، و20% لاعتبارات أخرى وبالنسبة لها: “ربما لو قمنا بتغيير المعايير، لأحتلت سويسرا رأس القائمة. إذن كل شيء يتوقّف على المعايير المعتمدة”.
هذه المخاوف التي عبّرت عنها ويرث تأتي في وقت يشتدّ فيه الجدل حول تصنيف الجامعات عموما. وفيما يُرحّب البعض بهذا النوع من الدراسات لأنه يوفّر مؤشرات مفيدة، يوجّه إليها البعض الآخر انتقادات لأسباب منهجية أو لأن الجامعات أصبحت منشغلة أكثر من اللازم بهذا الأمر.
يعتبر القائمون على دراسة “جامعات 21” أن تصنيفاتها حرية بالإهتمام. ويقول غايتان دي راسينفوسرابط خارجي، المشارك ايضا في دراسة U21، ورئيس كرسي الإبتكار وسياسة الملكية الفكرية في المعهد التقني الفدرالي العالي بلوازن أن هذا التصنيف “يقدّم نظرة أشمل من الدراسات الأخرى التي تُعنى بترتيب الجامعات”.
ويضيف: “على الرغم أنه من المهمّ التنويه ببعض الجامعات الرائدة كطريقة لتأهيلها في مجال تكوين وتدريب النخب (وهو ما يحاول تصنيف التايمز وشانغهاي فعله)، فإنه قد يكون أهم بالنسبة لأي بلد أن يكون قادرا على “تثقيف الجمهور عموما” كذلك. نحن لا نعلم إلا القليل جدا على هذا المستوى، وهذا هو بالضبط ما حاول تصنيف U21 تسليط الضوء عليه”.
تصنيفات “مفيدة”
بالنسبة لأنطونيو لوبريانورابط خارجي، عميد جامعة بازل، والعضو في مجلس رابطة الجامعات السويسريةرابط خارجي، التي تمثّل التعليم العالي في سويسرا، فإنه من المهمّ أن يتم التمييز بين سويسرا وبقية البلدان الأوروبية لأن هذه الدول ليس لديها نظام تعليمي ثنائي (تعليمي وتدريب مهني)، كما هو الحال في سويسرا. وبالنسبة لتلك البلدان فإن التعليم العالي يُقابل التعليم الجامعي.
مع ذلك، تبقى التصنيفات مفيدة لأنها تأخذ بعين الإعتبار المشهد العام للتعليم العالي. فالمرتبة الأولى التي عادت، وفقا لهذا التصنيف، إلى الولايات المتحدة يعود الفضل فيها إلى جامعة هارفارد، وإلى المعهد المندمج بكانساس، مع تنويه خاص بهذا المعهد.
وحتى في المملكة المتحدة، يوجد فارق نوعي هائل بين المؤسسات التعليمية بشتى أصنافها وذلك على خلاف ما هو عليه الحال في سويسرا وفقا لعميد جامعة بازل الذي يقول: “لا نعثر على تنوّع بنفس تلك الدرجة بين المؤسسات الاثني عشر للتعليم العالي على المستوى الجامعي، سواء كانت معاهد فدرالية عليا أو جامعات كانتونية، حيث تتمتّع جميعها بمستويات مماثلة من حيث الجودة”.
أما بالنسبة للعلاقة القائمة بين البحوث الدولية وقطاع الأعمال، يأتي هذا التصنيف الجيّد لسويسرا في وقت يحاول فيه وزراء التعليم الأوروبيون تعزيز الروابط بين الجامعات ومجالات الإنتاج.
وهنا يضيف لوبريانو قائلا: “نحن إذن بصدد الحديث عن الرؤية الإستراتيجية الأوروبية بعيدة المدى بشأن الإتجاه الذي يجب على المؤسسات البحثية انتهاجه”.
التصويت المناهض للهجرة
لكن السيد العميد يشير إلى المشكلة التي تُعيق التواصل مع الخارج نظرا للتبعات المنجرّة عن استفتاء 9 فبراير 2014 الهادف إلى الحد من هجرة رعايا بلدان الإتحاد الاوروبي إلى سويسرا.
فقد تسبب هذا الإستفتاء بعد فترة قصيرة من الإعلان عن نتيجته في اتخاذ الإتحاد الأوروبي قرارا بتجميد مشاركة سويسرا في مشروعات بحثية وعلمية من بينها برنامج “آفاق 2020رابط خارجي“.
وبالنسبة للوبريانو فإن “استبعاد المؤسسات السويسرية من هذه المنح الأوروبية التنافسية جدا سيكون له تأثير هائل على سمعة سويسرا كمكان للبحوث العلمية ككل. وهذا ما يثير القلق لدينا إلى حد كبير”.
أما بالنسبة لدي راسينفوس، فإنه من السابق لأوانه تقييم تأثير الإستفتاء المناهض للهجرة على علاقات سويسرا الدولية في المجال العلمي، لكنه يتفق مع لوبريانو بشأن الأضرار التي ستلحق بسمعة سويسرا وبمصادر تمويل البحوث.
ويضيف أنه “بصفة عامة، يظل الربط والإتصال (سواء بين المؤسسات العلمية والقطاعات الإقتصادية المنتجة، أو بين هذه المؤسسات ونظيراتها في بلدان أخرى، أو المشاركة في مشروعات تتجاوز حدود البلد الواحد) مسألة حيوية بالنسبة للإقتصاديات الصغرى. وفي الحقيقة، فإن البلدان التي احتلت المراتب العشرة الاولى هي بلدان ذات اقتصاديات صغرى ومنفتحة مثل النمسا وسنغافورة ونيوزيلندا. والسبب هو ان هذه البلدان تحتاج بشكل حاسم إلى اسهامات (أفكار، طلاب) من بقية بلدان العالم”.
التعليم العالي في سويسرا
يتشكل هذا القطاع في سويسرا من المعاهد الفدرالية التقنية العليا، ومن الجامعات الكانتونية، وجامعات العلوم التطبيقية، وجامعات تكوين الأساتذة والمعلمين. وهو نظام يتبع نموذج دراسات البكالوريوس والماجستير. كما تمنح الجامعات الكانتونية والمعاهد التقنية الفدرالية العليا شهادات الدكتوراه.
تتمثل المهمّة الرئيسية للجامعات – الجامعات الكانتونية العشرة والمعهدان الفدراليان بزيورخ ولوزان – في إجراء البحوث الأساسية والتدريس. وخلال السنة الجامعية 2013- 2014، كان يدرس بهذه المؤسسات أزيد من 140.000 طالب، أربعون في المائة منهم (40%) من الطلاب الأجانب.
بالنسبة لجامعات العلوم التطبيقية، وهي سبعة حكومية وواحدة خاصة، فتركّز برامجها بالأساس في المجالات التطبيقية وفي مجال البحوث العملية والتنمية. وخلال السنة الجامعية 2013 – 2014، كان يدرس بهذه المؤسسات حوالي 70.000 طالب، من بينهم 15% من الأجانب.
بالإضافة إلى ما سبق، يوجد أيضا ما يعادل عشر مؤسسات لتكوين المدرسين. وخلال السنة الجامعية 2013 – 2014، كان هناك حوالي 12.000 طالب مسجل بها، أكثر من 70% منهم من الإناث.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.