خبير لصحيفة سويسرية: لا أمل في ربيع الحرية في سوريا لهذه الأسباب
تناول عدد من الصحف السويسرية فرص سوريا في تفادي دوامة الفوضى التي اجتاحت دول الربيع العربي، محذّرة من أن صعود قوى مثل هيئة تحرير الشام قد يعيق التحوّل إلى نظام ديمقراطي في خضم التحديات الداخلية والإقليمية المتفاقمة.
+انقر.ي هنا للاشتراك في نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
بحثت صحيفة تاغيس انتسايغير في مقابلة مع الخبير في الجماعات الإسلامية المسلحة *بيتر آر. نيومان مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ووصف أستاذ دراسات الأمن في كينغز كوليدج بلندن الوضع بالمقلق وغير المطمئن مع صعود قوى جديدة مثل هيئة تحرير الشام التي يعتبرها نيومان شبيهة بـ”طالبان العربية”، محذراً من أنه رغم خطابها المعتدل نسبيًا مقارنة بتنظيم “الدولة الإسلامية”، فإن ما تزال تمثل تحديًا كبيرًا للأقليات والمجتمع السوري بشكل عام: “هيئة تحرير الشام لا تسعى إلى إقامة خلافة، وتبتعد عن أساليب تنظيم داعش، الذي أعلن الحرب على العالم بأسره. هذه الأشكال الأكثر تطرفاً من الجهادية لا تسعى إليها هيئة تحرير الشام، وأعتقد أن هذا أمر يمكن تصديقه. ومع ذلك، هذا لا يجعلها معتدلة. زميلي توماس هيغغهامر يطلق على هيئة تحرير الشام اسم “طالبان العرب”، وأعتقد أن هذا وصف دقيق. هيئة تحرير الشام تعتبر طالبان قدوة لها بالفعل”، على حد قوله.
وصف هيئة تحرير الشام بـ”طالبان العرب” يُعد تعبيراً دقيقاً.
الخبير بيتر آر. نيومان
وحذّر نيومان من أن التحولات الجارية في سوريا والمنطقة قد تسفر عن تداعيات طويلة الأمد، مرجعاً ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها التحديات السياسية والاجتماعية الناتجة عن غياب طبقة وسطى قوية في العالم العربي، وهو العامل الذي أعاق التحول الديمقراطي خلال ثورات الربيع العربي: ” لقيام الديمقراطية، لا بد من وجود طبقة وسطى تدعمها وتدفعها للأمام. حتى في أوروبا، لم تتحول الدول إلى الديمقراطية إلا بوجود طبقة وسطى متعلمة. هذه الطبقة ببساطة غير موجودة في العديد من الدول العربية، ولكن يتم تجاهل هذا الأمر باستمرار”.
أما السبب الآخر فيكمن في حقيقة أن الصراعات العرقية والطائفية المكبوتة غالبًا ما تنشب عند انهيار الأنظمة الديكتاتورية، التي عادة ما تُقمع فيها الصراعات العرقية والطائفية بالقوة أو تُخفى تحت السطح: ” ولكن بمجرد سقوط الديكتاتور، تظهر كل هذه التصدعات مجددا وتنفجر هذه الصراعات بشكل عنيف، كما حدث في مصر وليبيا والعديد من البلدان الأخرى. وأخشى أن يحدث الأمر ذاته في سوريا”، وفق نيومان.
وحول سياسة اللجوء الأوروبية تجاه السوريين أوضح نيومان أن تعليق طلبات اللجوء للسوريين والسوريات حالياً هو إجراء مبرر نظراً لعدم وضوح مستقبل الوضع في سوريا، لكنه شدد على أن إعادة اللاجئين واللاجئات قسراً لا تزال خطوة مبكرة بسبب عدم استقرار الأوضاع. ومع ذلك، دعم الخبير فكرة تشجيع العودة الطوعية.
وفيما يتعلق بالتبعات الإقليمية لانهيار نظام الأسد، أوضح نيومان أن انهيار “محور المقاومة” المدعوم من إيران يمثل انتكاسة كبيرة لطهران، ما قد يدفعها إلى تسريع برنامجها النووي كرد فعل على التغيرات الإقليمية، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة.
وأضاف أن هذا الفراغ يتيح لتركيا فرصة لتعزيز نفوذها في سوريا، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة الضغط على أردوغان لضمان استقرار المنطقة، حيث إن تدمير الحكم الذاتي الكردي سيؤدي إلى فوضى شاملة.
وأكد الخبير أن التحديات المرتبطة بالنسيج المجتمعي المتنوع في سوريا والمخاوف من تفجر حرب أهلية، تهدد مستقبل سوريا والمنطقة. وأشار إلى انه “لم يتفاجأ” بما يتم تناقله من أخبار حول إعراب ست قرى درزية عن رغبتها في الانضمام لإسرائيل، أو لجوء العلويين المرتبطين بنظام الأسد إلى لبنان هرباً من حكم الإسلاميين، والأكراد المهددين من قبل تركيا، في ظل غياب خطة حكومية واضحة للتعامل مع إرث جرائم الماضي”.
*بيتر ر. نيومان، البالغ من العمر 50 عاماً، أستاذ دراسات الأمن في كينغز كوليدج بلندن. عمل نيومان مستشاراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة عام 2014، ومبعوثاً خاصاً لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSZE) عام 2017. صدر له مؤخراً كتاب بعنوان «عودة الإرهاب: كيف يتحدانا الجهاد» عن دار نشر روولت.
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي،14 ديسمبر 2024، بالألمانية)
“عدم اليقين يهيمن على الشرق الأوسط”
تناول الكاتب فرانسوا نوردمان في مقال تحليلي في صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية تداعيات انهيار النظام السوري وما تعنيه لموازين القوى الإقليمية والدولية وانعكاساته على إيران والمنطقة.
اليوم، هناك فرصة لدعم سوريا، ومساعدتها على إيجاد الطريق إلى الوئام المدني والاستقرار والتنمية.
الكاتب فرانسوا نوردمان
وأشار نوردمان إلى أن سوريا كانت دائمًا ساحةً للصراعات الدولية، وهو وضع يتجلى اليوم في التدخلات العسكرية المتعددة على أراضيها من قبل تركيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، موضحا :” ظلت سوريا منذ استقلالها عام 1946 ميداناً مفضلاً للقوى العظمى والإقليمية في الشرق الأوسط، باستثناء فترة الوحدة مع مصر بقيادة عبد الناصر. حكم البلاد غالباً عسكريون تولوا السلطة عبر انقلابات حتى فرض حافظ الأسد سيطرته. أما ابنه بشار، الذي يفتقر إلى دهاء والده السياسي، فقد واجه انتفاضة شعبية عام 2011. واستمر في السلطة عبر قمع وحشي بدعم إيراني ثم روسي”.
وأوضح أنه رغم سقوط نظام الأسد، فإن ضمان السلام الأهلي والاستقرار ما يزال بعيد المنال، مع استمرار وجود قوات أجنبية مثل تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل على الأراضي السورية.
وسلط نوردمان الضوء على تفاصيل الصراع الإقليمي الدائر حاليًا في سوريا، مستندًا إلى تصريحات الخبير إيتامار رابينوفيتش، المتخصص في الشأن السوري والسفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، الذي قال خلال مؤتمر السياسة العالمية في أبو ظبي نهاية الأسبوع الماضي، إن “إسرائيل قد بالغت في رد فعلها” باحتلال الجزء السوري من الجولان. ووصف نوردمان التحركات التركية بأنها تنطوي على مخاطر كبيرة، حيث يسعى الرئيس أردوغان إلى تحقيق هدفين رئيسيين: إعادة ثلاثة ملايين لاجئة ولاجئ سوري، وملاحقة الأكراد. ورغم ذلك، فإن طموحاته ذات الطابع العثماني الجديد لا تحظى بدعم في المنطقة.
فعلى الجانب الآخر، تعيش دول الخليج حالة من التردد بين الأمل والخوف؛ فهي تأمل أن تبقى العملية الانتقالية في سوريا سلمية وشاملة، لكنها تخشى تكرار سيناريو الانحراف عن المسار كما حدث خلال أحداث الربيع العربي. ومع ذلك، تدرك هذه الدول أن الظروف الحالية تختلف عن تلك التي كانت سائدة في عام 2011. وأضاف: ” اليوم، هناك فرصة لدعم هذا البلد، ومساعدته على إيجاد الطريق إلى الوئام المدني والاستقرار والتنمية”.
وناقش الكاتب تأثير هذه التحولات على إيران، مشيرًا إلى أن سقوط حلفاء طهران، وعلى رأسهم النظام السوري، قد أضعفها سياسيًا وعسكريًا. ودعا إلى ضرورة أن تركز إيران على معالجة قضاياها الداخلية بدلًا من التورط في مغامرات خارجية أثقلت كاهلها وألحقت بها أضرارًا جسيمة.
وحول الموقف الغربي نوّه نوردمان إلى اجتماع عٌقد بجنيف، أوضحت خلاله فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة موقفها لإيران، محذرة من التقدم في برنامجها النووي. وأكدت الدول الأوروبية أنها ستطالب بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عبر آلية “العودة السريعة” المنصوص عليها في اتفاق فيينا إذا لزم الأمر. في المقابل، إذا تم التوصل إلى اتفاق جديد، قد يتم النظر في رفع العقوبات. ويرى نوردمان أن أوروبا تفضل المسار التفاوضي على المواجهة العسكرية مع إيران، بناءً على افتراض أن ترامب لا يسعى إلى إشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن ضعف إيران الحالي يجعل الخيار العسكري ضدها أكثر احتمالًا الآن مقارنة بالسابق، وفق الصحيفة.
(المصدر: صحيفة لوتون،رابط خارجي 18 ديسمبر 2024، بالفرنسية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ أي مستقبل لمحادثات السلام السورية في جنيف بعد سقوط نظام بشار الأسد؟
+ الوضع في الأراضي الفلسطينية … سويسرا تنظم مؤتمر الأطراف في اتفاقيات جنيف
+ الذهب الروسي في السوق السويسرية … برن “لا تستبعد” تدفقه عبر كازاخستان أو أوزبكستان
+ العلم والدبلوماسية… كيف تحاول سويسرا التأثير في الوضع الجيوسياسي في القرن الأفريقي؟
+ الشباب السويسري والتدريب المهني … تطلّع إلى وظائف قادرة على الصمود أمام زحف الأتمتة
+ قطعة أثرية استثنائية… لكن لمن الصورة التي تجسمها؟
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا في العام الجديد، يوم 10 يناير 2025، مع عرض صحفي جديد.
مع تمنيات فريق القسم العربي لك بعام سعيد.
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي
للاشتراك في النشرة الإخبارية:
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.