صحيفة سويسرية: ماذا حدث للطفل السوري الذي هزت صورته العالم؟
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع مصير الطفل السوري عمران دقنيش، وواقعية اقتراح ترامب بإخلاء قطاع غزة من سكانه، بالإضافة إلى مخاوف اللاجئين السوريين المؤيدين للأسد في لبنان من انتقام محتمل. كما سُلّط الضوء على الحضور الخليجي اللافت في منتدى دافوس هذا العام.
البداية مع قصة بدأت في عام 2016، حين هزّت صورة للطفل عمران دقنيش العالم وهو جالس في سيارة إسعاف، مغطى بالغبار والدماء، بعد قصف منزله في حلب. خلال ساعات، تحولت صورته إلى رمز لمعاناة المدنيين خلال الحرب السورية. وبعد ثماني سنوات وإثر سقوط نظام الأسد عاد الصحفي رافائيل غايغير إلى حلب، بحثا عن الطفل السوري، ليقول إن اللقاء مع أبي عمران بدأ بكذبة، موضحاً:
محمد دقنيش، رجل في الرابعة والأربعين، بلحية رمادية خفيفة وقبعة على رأسه، يعرّف عن نفسه كعمّ عمران. يبدأ اللقاء بكذبة، ربما تعكس جوهر القصة بأكملها ـ قصة الحقيقة التي طُمست وسط أكاذيب الحرب. ينظر محمد إلى ابنه القادم من الورشة ويناديه “علي”، وكأنه يحاول إخفاءه عن العالم باسم آخر. ثم يدرك الأمر. لقد التقينا من قبل، في صيف 2017. يبتسم قنديش بتردد، ويقول: “آه.. نعم.” انتهى زمن التخفي. يصافحنا ويقول: “لنجلس.”
بينما كانت العائلة تودع ابنها الآخر إلى مثواه الأخير، كانت صورة عمران تنتشر كالنار في الهشيم حول العالم.
تاغيس أنتسايغير
ويكمل الصحفي: قبل سنوات، عندما كانت سوريا لا تزال تحت حكم الأسد، التقينا للمرة الأولى. كان ذلك في صيف 2017، بعد عام من القصف الذي دمر منزله، وقتل ابنه الأكبر علي، وجعل ابنه الأصغر عمران رمزًا عالميًا تجسد بشاعة الحرب السورية.
في ليلة الهجوم 17 أغسطس 2016، كانت زوجته في المطبخ مع الأطفال، بينما كان علي، ابنه الأكبر، قد خرج لإلقاء القمامة. كان محمد وعمران في غرفة المعيشة عندما وقع الانفجار. يتذكر الأب أجزاء مبعثرة من الحدث: الظلام المفاجئ، والدم على وجه عمران، والركام في كل مكان، ومحاولته إنقاذ أفراد عائلته وسط الدمار.
وصل عناصر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، المسعفون العاملون في مناطق المعارضة، ونقلوا المصابين إلى المستشفى. هناك، اُلتقطت صور لعمران، بينما كان أخوه علي يرقد مصابا بجروح بالغة. بعد ثلاثة أيام، فارق علي الحياة متأثرًا بجراحه. وبينما كانت العائلة تودعه إلى مثواه الأخير، كانت صورة عمران تنتشر كالنار في الهشيم حول العالم. في صيف 2016، بكت مذيعة سي إن إن على الهواء مباشرة عندما عٌرضت صورة عمران، فيما نشرتها نيويورك تايمز على صفحتها الأولى.
وجد محمد دقنيش نفسه فجأة في قلب عاصفة إعلامية وسياسية. لم يكن يريد أن يتحول ابنه إلى أيقونة، أو أن يُستخدم في صراع لم يختره. لجأ إلى منزل عائلة زوجته، وأخفى عمران عن الإعلام لأسابيع، محاولًا حمايته من ضغط الشهرة، ومن التداعيات السياسية للصورة.
لكن ذلك لم يكن كافيًا، فقد سعى الجميع لاستغلال الصورة..
يقول محمد إن المتمردين ضغطوا عليه ليتحدث علنًا عن مسؤولية النظام السوري وروسيا عن القصف، قائلين إن ذلك سيكون “في مصلحة السوريين جميعهم”. لكنه شعر أنهم يريدون تحميله عبء الثورة بأكملها.
في المقابل، كان لدى النظام السوري أجندته الخاصة. في 2017، بعد استعادة قوات الأسد السيطرة على حلب، تحدث محمد إلى وسائل إعلام غربية ومحلية، لكن بعبارات محسوبة. كان إلى جانبه عنصر أمني يراقب كل كلمة يقولها، وكان يدرك جيدًا أن أي خطأ قد يكلفه حياته. لم يقل من قصف منزله، رغم أنه لم يكن هناك شك. قبل القصف، أقلعت طائرة حربية روسية من قاعدة حميميم على البحر المتوسط باتجاه حلب، وبعد وقت قصير، انهار مبنيان سكنيان في شارع عائلة قنديش. كان محمد يعرف أن إنكار الحقيقة قد يكون أحيانًا السبيل الوحيد للبقاء.
اليوم، وبعد مرور ثماني سنوات، لا يزال محمد قنديش حذرًا، يقول الصحفي الذي أجرى المقابلة موضحاً كيف أن الرجل، الذي عاش حياته في ظل حكم الأسد، لا يزال يحمل بداخله عقلية البقاء تحت الديكتاتورية، حتى بعد سقوط النظام.
حين سأله المترجم، وهو معارض سوري، عن سبب إحجامه عن قول الحقيقة الآن، أجاب محمد:
“يجب على الإنسان أن يتحدث فقط عما رآه بعينيه. كنت في منزلي عندما سقطت القنابل. لا يمكنني أن أجزم من كان وراءها.”
وعندما سأله المترجم مجددًا:
“ألا تريد أن تعرف من قتل ابنك؟”
رد محمد بهدوء:
“أشكر الله أنني لا أعرف” ويضيف: “يجب أن أكون ممتنًا لأننا تمكنا من دفنه؛ فالعائلات الأخرى لا تعرف حتى أين تقع قبور أطفالها.”
وعندما يسأله المترجم عما إذا كان الطائرات الروسية وراء قصف منزله، وذلك في محاولة أخيرة لإقناعه بأنه بات قادرًا على قول الحقيقة، يجيب محمد دقنيش في النهاية، بتردد: “نعم، ربما”.
وحتى اليوم فإن محمد فخور بقدرته على التحكم في الموقف، إذ تمكن إلى حد كبير من إبقاء العالم بعيدًا عن حياته وحماية أسرته.
أما عمران، الذي أصبح اليوم في الصف السادس، فلا يتذكر شيئًا عن تلك الليلة.
ينظر إليه والده مبتسمًا:
“أريده أن يعيش حياة طبيعية”، بعيدًا عن الحرب وبعيدًا عن الصورة ، التي لا يريد أن يعيده الغرباء إليها، حتى لا يلاحقه الماضي كلما حاول النسيان، وفق الصحيفة.
ملاحظة: اُختصر المقال مع الحفاظ على بنيته الأساسية وروح المقابلة، والتزام الدقة في نقل المحتوى.
(المصدر: تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 26 يناير 2025، بالألمانية)
دونالد ترامب يريد إعادة توطين سكان غزة .. هل هذا واقعي؟
ناقش الصحفي ريفيرت هوفر موجة الجدل التي أثارها مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن. وأفاد هوفر أن مصر والأردن رفضتا الفكرة بشدة، حيث رأت الدولتان فيه تهديدًا لمصالحهما الوطنية واستقرارهما الإقليمي.
و حذرت القاهرة من أن تهجير سكان غزة قد يؤدي إلى حرب جديدة في المنطقة، مع احتمال أن تصبح سيناء قاعدة لهجمات حركة حماس المسلحة ضد إسرائيل. وأفاد دبلوماسيون.ات غربيون.ات رفيعو.ات المستوى في مصر أيضا في مناقشات سرية أن الهجرة الجماعية للفلسطينيين إلى سيناء غير المستقرة بالفعل، تشكل خطا أحمر بالنسبة للقاهرة.
كما أن الأردن، الذي يعد الفلسطينيون خمس سكانه، وأكثر من نصفهم لديهم جذور فلسطينية، يخشى حدوث اضطرابات قد تصل إلى حد الثورة.
من جهة أخرى، فإن مصر والأردن يدعمان حل الدولتين، ويريان أن خطة ترامب تقوضه تمامًا. في المقابل، لا يبدو أن الفلسطينيين.ات مستعدون.ات لقبول فكرة الهجرة، إذ شهدت الأيام الأخيرة محاولات للعودة إلى المناطق الشمالية من غزة رغم الدمار، وفق الصحيفة.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغ،رابط خارجي 26 يناير 2025، بالألمانية)
الشيعة السوريون المؤيدون للأسد في لبنان يخشون الانتقام
أفادت صوفي ويلديغن، مراسلة صحيفة لوتون في تقرير من بلدة نبي شيت اللبنانية أنه منذ سقوط النظام السوري، لجأ نحو 100 ألف من أنصاره، بينهم عسكريون وعناصر ميليشيات، إلى لبنان، معظمهم من الطائفة العلوية، ويحظون الآن بحماية حزب الله. وأضافت أنهم يواجهون تهديدات متزايدة، مع تصاعد أعمال العنف ضد أقاربهم في سوريا، وسط تقارير عن عمليات انتقامية.
وتنبّه الصحفية إلى أنه رغم انتشار مقاطع مصورة لأعمال انتقامية، تكشف تحقيقات عن تضليل إعلامي، حيث تعود بعض المشاهد إلى فترات سابقة أو حوادث غير مرتبطة بالوضع الحالي. ومع ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الجمعة 24 يناير وقوع عمليات إعدام ميداني على يد مجموعات مسلحة محلية تعمل تحت قيادة هيئة تحرير الشام، راح ضحيتها أكثر من 22 مدنيًا ومدنية خلال الـ 72 ساعة الماضية، ما يعكس تدهور الوضع الأمني.
وختمت الصحفية بالقول إن اللاجئين.ات يفتقرون ويفتقرن لأي دعم حكومي، ويعتمدون على مساعدات محدودة من منظمات دولية ومحلية، بينما يواجهون ظروفًا معيشية قاسية.
(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 25 يناير 2025، بالفرنسية)
الجزيرة العربية تقدم نفسها كمنطقة للمستقبل في دافوس
تناولت نيلي كوش الحضور القوي لدول الخليج العربي في المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام، حيث أبرزت تطلعاتها الاقتصادية والتكنولوجية. وكتبت كوش أنه بدءاً من توزيع مشروب شوكولاتة دبي بالفستق الساخن في جناح الإمارات إلى الترويج لمشاريع طموحة مثل مدينة “نيوم” السعودية، بعثت دول الخليج رسالة واضحة مفادها أن “المستقبل يكمن في الخليج”.
وقدمت الإمارات رؤيتها للذكاء الاصطناعي من خلال شركة G42 التي أصبحت لاعبًا عالميًا، بينما استعرضت قطر ميزاتها الضريبية. أما عُمان، فاستعرضت خططها لإنشاء مستوطنات جبلية على ارتفاع ألفي متر بالتعاون مع شركات دولية.
وختمت بالقول إن انتهاكات حقوق الإنسان وأوضاع العمال غالبًا ما يتم تجاهلها، بينما تبرز دول الخليج كملاذ للاستقرار في منطقة مضطربة.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 25 يناير 2025، بالألمانية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ في سوريا … سباق مع الزمن لتوثيق الفظائع والعثور على المفقودين
+ صعوبات في توزيع أموال المساعدات… هل يكون البلوك تشين الحل؟
+ كيف تدير سويسرا المساعدات الخارجية في ظل الأزمات الدولية؟
+ التوازن بين التجارة وحقوق الإنسان في العلاقات الصينية السويسرية على مدار 75 عامًا.
+ الذكاء الاصطناعي في سويسرا … ما الذي يخبئه عام 2025؟
+ من منتجع جبلي سويسري إلى قرية عالمية: المنتدى الاقتصادي العالمي 2025 بالأرقام
+ ظاهرة غريبة: مدينة سولوتورن وسحر العدد أحد عشر
+ إدارة الهجرة في البلدان الغنية بين الضرورات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 7 فبراير مع عرض صحفي جديد.
للاشتراك في النشرة الإخبارية:
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.