صحيفة سويسرية: هل ليبيا على شفا حرب أهلية مرّة أخرى؟
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع تأثيرَ إقالة رئيس البنك المركزي الليبي على الأوضاع الداخلية في ليبيا، والوضعَ الإنساني المتدهور في جنوب لبنان جرّاء التصعيد العسكري بين حزب اللّه والدولة العِبرية.
- لوتون: في جنوب لبنان، تُرك المدنيون يواجهون القنابل وحدهم بينما كان حزب الله ينتقم من إسرائيل
- تاغيس أنتسايغر: الحرب في الشرق الأوسط: نافذة على الهاوية تنفتح في المنطقة
- نويه تسورخر تسايتونغ: رئيس وزراء، وجنرال، ومَصرفيّ مطرود: هل ليبيا على شفا حرب أهلية مرّة أخرى؟
تصعيد على جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية
تناولت صحيفتا “لوتون” و”تاغيس أنتسايغر” التصعيد العسكري الأخير بين “حزب الله” اللبناني وإسرائيل. حيث استعرض مراسل “تاغيس أنتسايغير” في تل أبيب، بيتر مونش، حيثيّات التصعيد ودلالاته. وشرح المراسل أنه في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 24 أغسطس الجاري، شنّت إسرائيل هجومًا جويًا واسعًا على مواقع حزب الله في جنوب لبنان، مستخدمة حوالي 100 طائرة مقاتلة. وأورد أن الدولة العِبرية برّرت هجومها بالعمل الدفاعي البحت، حيث أعلنت استهدافها منصّات صواريخ لحزب الله، كان الأخير يستعدّ لإطلاقها في هجوم واسع النطاق على مناطق مركزية في إسرائيل، بما في ذلك أهداف حسّاسة، كمقرّات الموساد، ووحدات استخباراتية أخرى.
ولم يتأخّر حينها ردّ حزب الله، الّذي أطلق بعد حوالي نصف ساعة من الهجوم الإسرائيلي، صواريخ على شمال الدولة العِبرية، حسب الصحفي. ويضيف هذا الأخير أن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية قد نظرت في سير الأحداث بعد العمليات، ليعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كونها كانت خطوة “استباقية” بحتة. ثمّ يليه تصريح، وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، بأنّ إسرائيل لا تسعى إلى الحرب ضد لبنان، وأنها ستعمل حاليًا اعتمادا على التطوّرات.
وقد رأى مراسل الصحفية الناطقة بالألمانية، أنّ حزب الله ما يزال مصدوماً بعد الهجوم الإسرائيلي، وأنه يحتاج إلى إعادة تنظيم، بينما تدرك إسرائيل استمرارَ التهديدات، وأنّ هذه الأحداث لم تكن سوى محطة ضمن نزاع مستمرّ. في الأثناء، كتب مونتش، أنّ الضغوط تتزايد على الحكومة الإسرائيلية، لمطالبتها باتخاذ إجراءات أكثر قوّة ضد حزب الله، لا سيّما مع استمرار أزمة النزوح من مناطق الشمال الإسرائيلي، وارتفاع مستوى الغضب بين السكان المحليين والمحليّات، حسب تعبيره.
أمّا من جنوب لبنان، فقد وصفت مراسلة “لوتون”، صوفي ولديغين، لحظات الرعب التي عاشها المدنيون والمدنيات تحت القصف الإسرائيلي المكثف، الذي وصف بغير المسبوق من حيث الشدّة والعمق. ففي مدينة صور والمناطق المحيطة بها، استمرّ القصف الجوي والمدفعي طوال صباح الأحد، ممّا تسبّب في دمار واسع النطاق. وفي مرجعيون، قرية مسيحية جنوبية، تعرّضت المنازل لأضرار كبيرة بسبب القصف.
وأوضحت الصحفية أن الاشتباكات في جنوب لبنان، كانت قد تصاعدت بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، حيث قُتل ما لا يقلّ عن 470 مقاتلًا من حزب الله وحلفائه، و131 مدنيًا لبنانيًا، بينما قُتل 23 جنديًا و26 مدنيًا، على الجانب الإسرائيلي من الحدود.
ولم تبدأ معاناة السكان مع التصعيد الأخير، فقد نقلت الصحفية عن المواطن أسعد عباس، من مرجعيون بمحافظة النبطية، معاينتَه لـ”مجزرة” قبل عشرة أيام من تصعيد الأحد. حيث كان عبّاس، متقاعد يبلغ من العمر 66 عاماً، يحتسي قهوته على شرفة أحد المطاعم، عندما استهدفت طائرة مسيّرة سيارة كانت تمرّ وسط المدينة. وقد أسفر الهجوم عن سقوط مقاتل من حزب الله، وإصابة تسعة أشخاص آخرين، تمّ نقلهم إلى المستشفى. “كانت مجزرة. كان هناك طفل يبلغ من العمر 3 سنوات، وكانت أمعاؤه تخرج من بطنه… كان المشهد مرعباً”، قال عبّاس للصحيفة السويسرية.
أما قرية هبّارية، في نفس المحافظة، فقد أصبحت منذ بداية الصائفة، ملاذاً لحوالي خمسين عائلة نازحة من القرى المجاورة، مثل كفر شوبا، التي تأثّرت بشكل أكبر بالحرب. ونقلت الصحفية عن منى، نازحة أربعينية، قولها إنها اضطرّت وعائلتها للانتقال إلى هبّارية لعجزها عن تحمّل تكاليف السكن في مكان آخر، ولأن عائلة محليّة استضافتهم عندها. تقول منى: “لقد اعتدنا الاستفزازات الإسرائيلية، لكنّنا تعبنا من هذا الوضع الّذي استمرّ طويلاً”. بالنسبة لمنى والعديد من سكان جنوب لبنان، أين تمثّل الزراعة مصدر عيش أساسي، فإن الخسائر كانت فادحة.
واختتمت الصحفية تقريرها بملاحظة أنه رغم الطابع المفاجئ لتصعيد الأحد، إلا أنه انتهى بسرعة. ورغم ذلك فإن الوضع ما يزال متوترًا، مع تهديدات مستمرة من الجانبين بمزيد من التصعيد، وفق تعبيرها.
(المصادر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 25 أغسطس 2024، بالفرنسية، صحيفةتاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 25 أغسطس 2024، بالألمانية)
البنك المركزي الليبي: تصعيد بين معسكري حفتر والدبيبة؟
في سياق آخر، توقّف دانييل بوم، الصحفي لدى نويه تسوخر تسايتونغ، عند إقالة رئيس البنك المركزي الليبي، الصديق الكبير، مشيراً إلى أن ليبيا تبدو وكأنها تقف، مرّة أخرى، على شفا الفوضى والصراع. وأضاف بوم أن هذا القرار، الذي اتخذه المجلس الرئاسي الليبي، هزّ العاصمة طرابلس بشدّة، حيث توقّفت أنشطة البنك، وانتشرت الميليشيّات في الشوارع، بل وتمّ إنشاء مستشفيات ميدانية، تحسّباً لتفاقم الأوضاع. وفي حين يقف أنصار رئيس البنك المقال ومعارضوه على أهبة الاستعداد، يخشى سكان العاصمة من حدوث الأسوأ.
وأوضح الصحفي أن الأزمة بين الكبير ورئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، بدأت بعد انتقاد الأوّل لكيفية إدارة الأخير للإنفاق الحكومي. وقد تصاعد التوتّر إلى مستوى خطير، عند اختطاف موظف كبير في البنك المركزي، من قِبل مسلّحين مجهولين. وربّما يبدو أن الدبيبة قد كسب المعركة بإقالة الكبير، غير أنّ هذا الانتصار ظاهري فقط وفق التحليلات، حث يحتفظ الأخير بدعم قوي من القائد العسكري في شرق ليبيا، خليفة حفتر، حسب الصحيفة.
ويعدّ حفتر والدبيبة القوتين الرئيستين في ليبيا، بعد انتهاء الحرب الأهلية، التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وقد قاما بتقسيم البلاد الغنية بالنفط بينهما؛ حيث يسيطر حفتر على الشرق والجنوب من مقرّه في بنغازي، بينما يحكم الدبيبة الغرب من العاصمة طرابلس. ورغم عداءاتهما المعلنة، أقام الرجلان شراكة ضمنية، تركّزت على نهب موارد الدولة، وتقاسمها بين حلفائهما. كما تستغلّ العشائر المتحالفة مع كِلا القائدين، ثروات البلاد النفطية، وتستحوذ على عائدات الدولة، وتسمح بعمليات التهريب المربحة للنفط والمهاجرين.ات، فيما يتمّ توزيع الوظائف والأموال على الموالين والمواليات حصرًا. وبتعبيرة الصحفي، فإنّه لم يبق في هذه “الدولة المافياوية”، سوى مؤسستين فوق الجميع: المؤسسة الوطنية للنفط، والبنك المركزي، بقيادة الصديق الكبير.
وقد برز التوتّر بين حفتر والدبيبة بسبب هاتين المؤسستين تحديدًا، ليبلغ ذروته مؤخرًا بتعيين أحد المقرّبين من الأوّل، على رأس المؤسسة الوطنية للنفط. حيث أثار التعيين قلق الدبيبة، وشعوره بأنّ نفوذه الاقتصادي مهدّد، بما يدفعه إلى اتخاذ إجراءات صارمة، حسب المصدر نفسه. من جهته، بدأ معسر حفتر بالفعل، في تحريك قوّاته، والتهديد بوقف إنتاج النفط.
ويرى دانييل بوم أنّ تطوّر الأمور يعتمد أيضًا على القوى الخارجية الداعمة لكل طرف؛ حيث تدعم تركيا الدبيبة، بينما يحظى حفتر بدعم الإمارات، وروسيا، ومصر. لكن، ومع تداخل التحالفات في المنطقة، أصبح الوضع معقدًا؛ حيث تقاربت تركيا مع حفتر، والإمارات مع الدبيبة في الآونة الأخيرة.
ومع انشغال القوى الإقليمية بالصراع في غزة، لا تبدو هذه الدول متحمّسة لفتح جبهة جديدة في ليبيا. لكنّ ذلك لم يساهم كثيرًا في تهدئة الوضع في طرابلس، التي تعيش حالة من التوتر والشكوك، حيث تتغيّر الأوضاع فيها يوميًا بشكل غير متوقع، حسب المصدر ذاته.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 24 أغسطس 2024، بالألمانية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
>> في بداية الثلاثينات من القرن الماضي، قاد “لو كوربوزيي”، السويسري من أصول فرنسية، مغامرة هندسية شجاعة في تونس. 👇👇
المزيد
فيلا بيزو بقرطاج… قطعة الدومينو التي تركها لوكوربوزيي في تونس
+ صيد الحيتان: هل تستخفّ اليابان بالقانون الدولي؟
+ الأجور في سويسرا: فجوة كبيرة بين انتظارات النقابات وتوقّعات الهياكل المشغّلة
+ تنتهي حيث بدأت… كيف يتمّ التخلّص من الأوراق النقدية في سويسرا؟
+ الذكاء الاصطناعي: القوى العاملة في سويسرا مهدّدة أكثر من نظيراتها في أوروبا
+ مكافأة مالية مقابل أفكار مبتكرة لانتشال الذخيرة المدفونة في البحيرات السويسرية
+ مهرجان لوكارنو السينمائي: مُخْرِجات مُبْتدِئات يفزن بالجوائز الكبرى
يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 6 سبتمبر مع عرض صحفي جديد.
تحرير: أمل المكّي
للاشتراك في النشرة الإخبارية:
المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.