آلاف الأجانب مهددون بالتهميش والإقصاء
طالبت اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية بتحسين أوضاع 26 ألف أجنبي يقيمون في سويسرا بصفة مؤقتة.
وحذرت من أن التضييقات المفروضة على الأجانب المتحصلين على إقامة من صنف “ف” تنجم عنها أضرار كبيرة.
يتمتع أكثر من 26 ألف أجنبي يقيمون في سويسرا بوضع خاص يطلق عليه اسم “القبول المؤقت”. ويعني ذلك أن هؤلاء الأشخاص لم يمنحوا صفة اللاجئين لكن سُمح لهم بالبقاء في الكنفدرالية إلى حين توفر إمكانية العودة إلى بلادهم دون أن يتعرضوا للخطر. ويعني هذا الوضع أنهم مهددون بالطرد من سويسرا في أي وقت.
ويرتبط هذا الصنف من الإقامة المؤقتة بجملة من التضييقات القانونية التي تتسبب في حدوث أضرار اجتماعية كبيرة طبقا للنتائج التي توصلت إليها دراستان نشرتهما يوم الثلاثاء في برن اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية.
ومن المنتظر أن تستند اللجنة إلى ما جاء في الدراستين لإعداد المقترحات التي ستتقدم بها إلى أعضاء البرلمان الجديد في إطار المراجعة التي تشهدها قوانين اللجوء في سويسرا.
وعلى الرغم من التشدد الذي يُتوقع أن يصطبغ به تعامل النواب الجدد مع الموضوع إلا أن السيدة دوريس أنغسيت رئيسة اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية تعتقد أن هناك إمكانية لتقبل مقترحات اللجنة. وتضيف في تصريحات خاصة بسويس إنفو: “إنها تتطابق مع الواقع ومع رغبة الحكومة”.
مؤقت .. لكنه دائم!
وتشرح رئيسة اللجنة أن بطاقة الإقامة من صنف “ف” تحولت إلى نوع من “المؤقت الذي يدوم لسنوات طويلة”. وتشير إلى أن المعطيات الواقعية تُفيد بأن ” 60% من بين المتحصلين على هذا الصنف من الإقامة يعيشون في سويسرا منذ أكثر من 5 أعوام وأن هذه الفترة تتجاوز 10 أعوام بالنسبة إلى 21% منهم”.
وتعطي الدراسة الأولى، وهي عبارة عن تحليل اجتماعي- سياسي، أنجزها “المنتدى السويسري لدراسة الهجرات والسكان” صورة عن أوضاع عيش الأشخاص المقيمين بصفة مؤقتة في سويسرا.
كما تكشف الدراسة عن المدى الذي تساهم فيه التضييقات المرتبطة بهذا الوضع في الحد من إمكانية الإندماج وتقليص آفاق المستقبل في وجوههم. وفي معظم الأحيان يعيش “المقبولون بصفة مؤقتة” في ظل توتر دائم بسبب مشاعر عدم الأمان المصاحبة لوضعيتهم وهو ما يؤدي بالبعض منهم إلى استحضار متكرر لمعاناة الحروب التي هربوا منها أو المآسي التي عاشوها.
كما يقترن هذا الصنف من الإقامة بانطباعات غير جيدة، وعادة ما يقترن في الأذهان بوضع طالب اللجوء (إقامة من صنف “ن”) ولا تسلمُ من هذا الخطإ حتى المؤسسات الإدارية بسبب نقص المعلومات حول مميزاته. وهو وضع يتسبب في حدوث مشاكل معقدة لهذا الصنف من الأجانب عند محاولتهم الحصول على مساعدات اجتماعية تتعلق بحقهم في المسكن أو العمل أو التكوين.
تضييقات كثيرة
وتشمل التضييقات المفروضة على أصحاب الإقامة من صنف “ف” العديد من نواحي الحياة والحق في العمل بشكل أساسي. وهو ما يجعل وضعهم في سوق الشغل أقرب ما يكون إلى وضع طالبي اللجوء.
ففي سويسرا تُمنح الأولوية عند التشغيل للأشخاص المتحصلين على إقامة دائمة أو سنوية ولمواطني دول الإتحاد الأوروبي وبلدان المنظمة الأوروبية للتبادل التجاري الحر. كما أن المجالات المسموح لهم بالعمل فيها محدودة جدا ولا تنعدى الزراعة والفندقة والصناعة وخدمات التنظيف.
من جهة أخرى، يواجه هذا الصنف من الأجانب صعوبات فيما يتعلق بمتابعة تكوينهم بعد انقضاء فترة التعليم الإجباري (تسع سنوات) وهي مشكلة خطيرة لأن 45% منهم أطفال أو مراهقون.
يُضاف إلى ذلك أن المساعدات الإجتماعية التي يحصلون عليها متدنية للغاية وهي تتراوح شهريا ما بين 400 و500 فرنك للفرد الواحد مقابل 1030 فرنكا للمواطن السويسري. كما أن مجال تحركهم محدود جدا حيث يفرض عليهم عدم مغادرة الكانتون الذي يقيمون فيه ولا يُسمح لهم بالسفر إلى الخارج إلا لزيارة أقاربهم.
في المقابل ليست هناك أية إجراءات للتشجيع على إدماج هذا الصنف من الأجانب في المجتمع.
تحسين الأوضاع
وتذكر الدراسة بأن الإقدام على اتخاذ قرار بمنح الحالات المؤلمة وضعا جديدا من قبيل “بطاقة إقامة إنسانية” (التي تمنحهم الحق في الحصول على إقامة من صنف “ب” التي تتجدد سنويا) سيمثل في كل الحالات تقدما محمودا.
وتعلق السيدة دوريس أنغست قائلة: “إننا لا نريد بأي حال من الأحوال أن يتم تحويل جميع الأشخاص المتحصلين على إقامة من صنف “ف” إلى صنف “ب”. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إمكانية الطرد إلى البلد الأصلي عندما تسمح بذلك الظروف السياسية تظل قائمة في كل الحالات.
وتأتي الدراسة الثانية التي أعدها معهد القانون المدني في جامعة برن التي جاءت في شكل تقييم قانوني لتدعم التوصيات التي وردت في الدراسة الأولى. وتوضح بأن الأشخاص “المقبولين بصفة مؤقتة” لا يدخلون ضمن المجموعات المتمتعة بالحماية من التمييز في القوانين السارية.
وتقول الدراسة إنه قد يمكن القبول بالتضييقات المرتبطة بهذا الصنف من الإقامة لفترات قصيرة لكن تطبيقها على آلاف الأشخاص لسنوات عديدة “يمكن أن يؤدي إلى المس من الكرامة الإنسانية” حسب الخبراء الذين نقلت أقوالهم اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية.
لذلك تبدو اللجنة حريصة على تحسين أوضاع هذا الصنف من الأجانب المقيمين بصفة “مؤقتة” منذ فترات طويلة ومنحهم إمكانيات حقيقية للإندماج في المجتمع.
وفي هذا السياق رحبت اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية بالمرسوم التشريعي الجديد الذي سيتيح للأشخاص المتحصلين على إقامة من صنف “ف” الإستفادة من بعض الإجراءات التي “ستتيح لهم مزيدا من الإندماج”، وهو ما يتطابق مع المفترحات التي وردت في الدراستين.
سويس إنفو
يوجد في سويسرا 26 ألف شخص متحصلون على إقامة من صنف “ف”
معظم هؤلاء الأشخاص وافدوم من سريلانكا ومن جمهوريات يوغوسلافيا سابقا
تُـجـدد بطاقة الإقامة من صنف “ف” كل 12 شهرا.
45% من المتحصلين على إقامة من صنف “ف” أطفال ومراهقون
تشبه التضييقات المفروضة على الأجانب المتحصلين على إقامة من صنف “ف” ما يُطبق على طالبي اللجوء في مجالات الشغل والتنقل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.