“أكـثر من إعلان وأقـل من مُعاهدة”
لا يتوانى الرئيس الفلسطيني محمود عباس من التحذير والتذكير باحتمال فشل "المؤتمر الدولي"، الذي دعت إليه واشنطن في الخريف المقبل لوضع عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية على مقعد الحركة.
وبالرغم من توالي تقارير مختلفة وعديدة عن دخول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في مفاوضات جديدة حول قضايا الحل النهائي، فإن المسؤولين لدى الطرفين لا ينفكُّـون نفي ذلك.
أكد محمود عباس خلال لقائه الأخير في رام الله مع رئيس الدبلوماسية الأوروبية خافيير سولانا، أنه “ليست هناك مفاوضات تدور حتى الآن مع الجانب الإسرائيلي وأي اتفاق سيتِـم التوصُّـل إليه، سيُـعرض على استفتاء شعبي”.
لكن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، وهو المشارك مع عباس في اللقاءات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولموت قال لسويس انفو: “هناك محادثات جدِّية تُـجرى ولنِـعطيه (الرئيس) الفُـرصة”.
بيد أن عريقات، المعروف بتكتُّـمه الشديد على تفاصيل المفاوضات، والذي شارك في مفاوضات الحكم الذاتي الأولى والأخيرة في كامب ديفيد مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، قال أيضا “إنه من السابق لأوانه الحديث عن أي شيء”.
وتتضاعف حالة الإرباك وعدم الوضوح هذه حول ماهية المفاوضات الجارية بين الطرفين، مع الإشارة إلى اختلاف الأطراف المعنية حول تسمية المؤتمر وهوية المشاركين فيه، إذ تتحدّث التسمية الأمريكية عن “تجمّـع” تشارك فيه الأطراف الرئيسية دون أطراف إقليمية أخرى.
في المقابل، يريد الفلسطينيون “مؤتمرا دوليا”، وليس تجمعا لا يحظي بصفةٍ قائمةٍ على أساس الشرعية الدولية، وأن تشارك فيه جميع الأطراف دون استثناء، لاسيما سوريا ولبنان.
إطار نيويورك
ومع انطلاق صفارة العد العكسي لتجمّـع نيويورك في شهر نوفمبر المقبل، يكون قد بقي وقت قليل على إعداد “اتفاق الإطار”، الذي يُـفترض أن يشكِّـل المرجع الأساسي لما يمكِـن أن يخرج به لقاء مدينة المال (نيويورك) الأمريكية العالمية.
ويقول أحد المقرّبين من الرئيس عباس ومن طاقم المفاوضات الرئيسي، والذي فضَّـل عدم الكشف عن هويته، “ما نحن بصدده يمكن أن يكون أقل من معاهدة سلام، لكن أكثر من إعلان مبادئ”، في إشارة إلى إعلان مبادئ أوسلو، الذي انتهى نهاية مأساوية.
ويقول هذا المسؤول في حديث لسويس انفو “لا يمكن القول أن ثمة أمور قد تبلورت حتى الآن، وأن ما يجري هو العمل للوصول إلى قرار يُـمكن الاختيار بموجبه من بين صِـيغ تفاوضية عديدة، كانت وقد وُضِـعت في الماضي من قِـبل خبراء وسياسيين”.
ويمكن تفسير تصريحات هذا المسؤول بالتذكير أن ثمة مئات الجلسات التي كانت قد عُـقدت خلال الأعوام الأخيرة وتمّت خلالها بلورة العديد من سيناريوهات الحل التي شملت مختلف القضايا الأساسية، لاسيما اللاجئين والحدود والقدس وغيرها.
ويؤكد المسؤول أنه يمكن الاختيار من بين هذه الآليات (القائمة على حل الدولتين) ووضع كل بند منها على الورقة التي ستقدَّم إلى تجمُّـع نيويورك، حيث يكمن هناك الاتفاق على كيفية وتوقيت تطبيق الاتفاق مضيفا “المطلوب معرفة نهاية الطريق”.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد ذكرت مؤخرا أنه يجري التفاوض حول التوصل إلى اتفاق إطار من صفحة واحدة، قبل التوجُّـه إلى نيويورك.
رحلة غير مؤكدة
بيد أن مختلف الأطراف لا تستطيع تأكيد موعد إقلاع رحلة السلام هذه، أي نيويورك، وثمة عراقيل في الساحتين، الفلسطينية والإسرائيلية، تمنع تحديد وقت مشترك.
وفي إسرائيل، يقوم وزير الدفاع ورئيس الوزراء السابق ايهود باراك بوضع عراقيل من نوع خاص، عراقيل تمنع اولمرت من الإيفاء بوعوده للرئيس عباس، وتعمل في ذات الوقت على إعطاء الجنرال السابق دُفعه جديدة نحو طريق عودته إلى سدّة الحكم.
باراك، شريك الرئيس الراحل عرفات في مفاوضات كامب ديفيد الفاشلة، يريد أن يظهر بمظهر الحكيم المجرّب ويمنع تقديم تسهيلات على الأرض للفلسطينيين، لاسيما إزالة حواجز وإطلاق سراح أسرى، وهذه تعتبر بمثابة جُـرعات ضرورية للرئيس الفلسطيني الذي يحتاج إلى عوامل مساعدة تُـعطي الفلسطينيين أملا باستئناف عملية السلام وتعمل على إخراجهم من حالة اليأس التي يعيشونها، إنها ضرورات الإقناع التي يحتاجها عباس أكثر من أي وقت مضى.
وثمة معضلة أخرى اسمها الخلاف مع حركة حماس والانفصال الحاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية منذ منتصف شهر يونيو الماضي، وحتى اللحظة، لا يبدو أي انفراج مُـمكن بين الطرفين لتسوية الأمور الداخلية الفلسطينية.
وإن كانت أمور عباس تبدو وأنها أفضل في مجال التحرك السياسي دون ضغوطات حركة حماس المباشرة، إلا انه سيكون من الصعب على الرئيس الفلسطيني وأركان قيادة السلطة أن يحققا انجازات في نيويورك، بينما لا تملك سيطرة على غزة.
هشام عبد الله – رام الله
القدس (رويترز) – قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت يوم الاثنين 3 سبتمبر الجاري، إنه يأمل في التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين بشأن مبادئ قيام دولة فلسطينية، لكن من غير الواضح إن كان هذا سيُـتسنى قبل مؤتمر مقرر عقده في نوفمبر القادم.
وعقد اولمرت وعباس اجتماعات منتظمة ترمي إلى اتفاق على إطار عمل لمفاوضات السلام.
وقال أولمرت للصحفيين “أعقد اجتماعات مع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن (محمود عباس) وأرجو أن يؤدي هذا في المستقبل القريب إلى… إعلان مشترك”، وتابع “إذا أمكننا وضع مسودّة بحلول نوفمبر، فسيحدث هذا، لكني لست متأكدا إن كنا سنتمكّـن من ذلك”.
وشكا عباس من غياب تعهّـدات محددة من جانب اولمرت، وقال يوم الأحد 2 سبتمبر، إن ذلك قد يحكم على المحادثات في المنطقة بالفشل. وأعرب مسؤولون إسرائيليون عن الشكّ في ما إذا كان سيُـمكن التوصل إلى اتفاق ملموس مع عباس.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 سبتمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.