أمستردام تحظر المظاهرات بعد هجوم على مشجعي كرة قدم إسرائيليين
من انتوني دويتش بارت ميجير
أمستردام (رويترز) – حظرت مدينة أمستردام المظاهرات ثلاثة أيام بدءا من يوم الجمعة بعد هجمات وقعت الليلة الماضية على مشجعي كرة قدم إسرائيليين من قبل أشخاص وصفتهم رئيسة البلدية بأنهم “مجموعات كر وفر معادية للسامية”، وأرسلت إسرائيل طائرات إلى هولندا لإعادة المشجعين.
وذكرت رئيسة بلدية أمستردام فمكه هالسما أن مشجعي فريق مكابي تل أبيب “تعرضوا للهجوم والإيذاء والرشق بالألعاب النارية” في أنحاء المدينة وأن شرطة مكافحة الشغب تدخلت لحمايتهم ومرافقتهم إلى الفنادق. وأضافت أن خمسة أشخاص على الأقل تلقوا العلاج في المستشفى.
وأظهرت مقاطع مصورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تدخل شرطة مكافحة الشغب في اشتباكات ردد فيها بعض المهاجمين عبارات معادية لإسرائيل. لكن بعض اللقطات أظهرت أيضا مشجعين إسرائيليين يرددون شعارات معادية للعرب قبل المباراة مساء يوم الخميس.
وقال جوني بوجربتسي وهو مشجع إسرائيلي جاء إلى أمستردام لحضور المباراة “رأينا مظاهرات كثيرة، وكثيرين من الناس يركضون. كان الأمر مرعبا حقا”.
وزادت حوادث معاداة السامية في هولندا منذ أن شنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد هجوم لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، وأبلغ عدد كبير من المنظمات والمدارس اليهودية عن تلقيها تهديدات ورسائل كراهية.
وأرسلت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طائرات إلى هولندا لإعادة المشجعين، وسافر وزير الخارجية جدعون ساعر إلى أمستردام لحضور اجتماعات طارئة مع الحكومة الهولندية وزعيم اليمين المتطرف خيرت فيلدرز.
وحظرت أمستردام المظاهرات طوال عطلة نهاية الأسبوع ومنحت الشرطة سلطات حالة الطوارئ في توقيف وتفتيش الأشخاص في مواجهة الاضطرابات التي كشفت عن الغضب العميق حيال الصراع بين غزة وإسرائيل.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة في مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني وإصابة نحو 102 ألف آخرين، وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع. فيما تسبب هجوم حماس على إسرائيل في مقتل 1200 واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى غزة، بحسب إحصاءات إسرائيل.
وفي واشنطن، ندد الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة بالهجمات على مشجعي كرة القدم الإسرائيليين في أمستردام ووصفها بأنها “خسيسة” وقال إنها “تعكس لحظات مظلمة في التاريخ عندما تعرض اليهود للاضطهاد”. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن أعمال العنف في أمستردام أصابت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بصدمة.
* تشديد أمني
قالت هالسما إن هذه الأحداث فاجأت شرطة أمستردام لأن أجهزة الأمن لم تصنف المباراة ضد أياكس بأنها عالية الخطورة. ويوصف أياكس أمستردام عادة بأنه ناد يهودي.
وأضافت أن “مجموعات الكر والفر المعادية للسامية” تمكنت من الهروب من قوة تتألف من نحو 200 شرطي.
وشددت السلطات الإجراءات الأمنية في المدينة، حيث من المقرر إقامة فعالية عند نصب تذكاري يهودي يوم السبت.
وتجمع المئات يوم الخميس لإحياء ذكرى مذبحة (ليلة الزجاج المكسور) التي ارتكبها النازيون ضد اليهود في أنحاء ألمانيا يومي التاسع والعاشر من نوفمبر تشرين الثاني عام 1938.
وأظهر مقطع مصور تحققت منه رويترز مجموعة من الرجال يركضون بالقرب من محطة أمستردام المركزية، ويطاردون رجالا آخرين ويعتدون عليهم بالضرب، بينما كانت صفارات الإنذار الخاصة بسيارات الشرطة تدوي.
لكن مقطعا مصورا آخر تم التحقق منه أظهر مشجعي فريق مكابي وهم يشعلون ألعابا نارية ويهتفون “النصر للجيش الإسرائيلي” ويرددون كلمة بذيئة بحق العرب.
وقال رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف إنه شعر “بالفزع من الهجمات المعادية للسامية ضد مواطنين إسرائيليين”. وشدد في اتصال هاتفي مع نتنياهو على “أنه سيتم تحديد هوية الجناة ومحاكمتهم”.
وتحدث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج مع الملك الهولندي فيليم ألكسندر الذي قال إنه “عبر عن الذعر والصدمة”.
ونقل هرتسوج عن الملك قوله إن هولندا أخفقت في مساعدة الطائفةاليهودية خلال الحرب العالمية الثانية تحت الاحتلال والاضطهاد النازيين ومرة أخرى الخميس.
وقال السياسي المناهض للمسلمين خيرت فيلدرز، زعيم أكبر حزب في الحكومة الهولندية، “أشعر بالخزي لحدوث هذا في هولندا”.
وفي منشور على منصة إكس، اتهم “مسلمين مجرمين” بالوقوف وراء ما حدث وطالب بترحيلهم.
وقالت الشرطة إن حوادث وقعت قبل المباراة التي سافر من أجلها نحو ثلاثة آلاف من مشجعي مكابي إلى أمستردام.
* إسرائيل تقول أعمال العنف تعيد للأذهان الهجوم على يهود أوروبا
ذكرت السفارة الإسرائيلية في لاهاي أن حشودا رددت شعارات معادية لإسرائيل، ونشرت السفارة مقاطع فيديو عن أعمال العنف على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تظهر “ركل إسرائيليين وضربهم وحتى دهسهم”.
وأضافت “عشية ليلة الزجاج المكسور -عندما واجه اليهود في ألمانيا النازية هجمات وحشية- من المروع أن نشهد عنفا معاديا للسامية في شوارع أوروبا مرة أخرى”.
وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على 62 شخصا للاشتباه بهم بعد المباراة بينما حاول متظاهرون يناصرون الفلسطينيين الوصول إلى ملعب يوهان كرويف رغم أن سلطات المدينة منعتهم من الاحتجاج هناك. ولا يزال 10 منهم قيد الاحتجاز يوم الجمعة.
وذكرت الشرطة أن المشجعين غادروا الملعب دون وقوع حوادث بعد مباراة الدوري الأوروبي التي فاز بها أياكس 5-صفر، لكن الاشتباكات اندلعت خلال الليل في وسط المدينة.
وكان هرتسوج من بين كبار الساسة الإسرائيليين الذين قالوا إن أعمال العنف تعيد للأذهان الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل العام الماضي، وكذلك الهجمات على اليهود الأوروبيين في مذابح القرون السابقة.
وكتب في رسالة على منصة إكس “نتابع بذعر هذا الصباح الصور ومقاطع الفيديو المروعة التي كنا نأمل منذ السابع من أكتوبر ألا نراها مرة أخرى: مذبحة معادية للسامية تجري حاليا ضد مشجعي مكابي تل أبيب والمواطنين الإسرائيليين في قلب أمستردام”.
وقال سامي أبو زهري القيادي في حماس إن عمليات القتل الجماعي التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة وعدم وجود تدخل دولي لوقفها “من المتوقع أن يقود إلى مثل هذه التداعيات العفوية”.
وأضاف لرويترز “وقف الإبادة الصهيونية في قطاع غزة هو جزء أساسي من احترام وحماية حقوق الإنسان، وضمان الأمن والسلم الإقليمي والعالمي”.
وأشعلت حرب غزة احتجاجات لدعم الجانبين في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، وتعرض عرب ويهود لهجمات.