مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أمــل ســلام من جنيف

Keystone

أجمعت الصحف السويسرية على اعتبار أن إطلاق مبادرة جنيف يوم الإثنين يمثل "أملا للسلام".

لكن أغلب المحللين اعترفوا بأن الطريق لا زال طويلا أمام تجسيد هذا الأمل وتحويله إلى واقع على الأرض.

تعترف صحيفة لوتون (الزمان) الصادرة في جنيف بأننا “لا زلنا بعيدين عن السلام، لكن يمكن القول أنه قد تم تحديد وجهة”. وفيما تدعو الصحيفة إلى أنه يجب أن يكون الآن “ما بعد جنيف”، تُقر بأن الخطوة الجديدة تحتاج إلى “زمن ورجال جدد” وإلى دعم المجموعة الدولية واستمرار الإلتزام السويسري بها.

صحيفة “لا تريبون دي جنيف”، الصادرة في جنيف،أشارت إلى تأكيد المشاركين في الحفل المهيب الذي التأم يوم أمس على ضرورة تحول الرأي العام (الإسرائيلي والفلسطيني) إلى رافعة رئيسية لمبادرة جنيف.

واعتبر كاتب الإفتتاحية، أنطوان موريس أن تطورا كهذا سيعني أن دفعة جنيف لن تظل حكرا لا على “المسهّلين” السويسريين ولا على المتفاوضين أنفسهم، لأن رهان المبادرة يتمثل في الضغط على رافعة المجتمع حتى “يتكسر شيء ما في مآل الحرب” حسب رأيه.

صحيفة “24 ساعة” الصادرة في لوزان لم تتردد في القول بأنه “لم يحدث شيء كبير جدا في جنيف”، لكنها سارعت إلى التأكيد على أن المبادرة سمحت بجمع من وصفتهم بـ “جنود السلام النادرين” من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبأنها أتاحت إبرام ما يشبه الميثاق بين “كل أولئك الذين لا زالوا يريدون الإعتقاد بقيام سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

أخيرا، ركزت معظم الصحف الروماندية على الدور الذي لعبته وزيرة الخارجية السويسرية في تحويل المشروع من مجرد فكرة إلى وثيقة مفصلة. وفيما اكتفت صحيفة لوتون بالحديث عن تحية الجميع لموقف سويسرا “اللبق”، لم تتردد صحيفة “لوماتان” في القول بأنه “لم يكن بالإمكان التوقيع على الوثيقة لولا الإنخراط الشخصي لوزيرة الخارجية السويسرية”. وأضاف كاتب الإفتتاحية أن السيدة كالمي – راي فندت كلام جميع الذين كانوا يسخرون من “تلويحاتها المجانية” على الساحة الدولية.

الصحف الناطقة باللغة الألمانية

فرصة ولها تأثير؟ بين دفتي ذلك السؤال، جاءت تعليقات الصحف السويسرية الناطقة باللغة الألمانية تعقيباً على توقيع “مبادرة جنيف”.

فصحيفة التاجز أنزايجر الصادرة في زيورخ لم تضيع وقتها في اللف والدوران،إذ اعتبرت أن المبادرة، التي توصلت إليها شخصيات فلسطينية وإسرائيلية بعد مفاوضات سرية دامت عامين وبرعاية سويسرية لوجستية، لم تأت فعلاً بأي جديد. فالقول بتفكيك المستوطنات وإنشاء دولة فلسطينية ليس فيه ما يدهش اليوم. فهي مطالب تدعو إليها كافة الاتفاقيات السابقة.

وتقول الصحيفة إن ما هو جديد هو أنها تفادت الخطأ القاتل الذي وقعت فيه كل اتفاقيات السلام السابقة بدءا من كامب ديفيد لعام 1979 إلى خارطة الطريق: أي تجاهل الهدف النهائي والتركيز على خطوات مرحلية “لبناء الثقة”، ولأنها فعلت ذلك، تقول الصحيفة، فقد أعادت المبادرة عملية السلام إلى نقطة البدء والجوهر إلى الحدود ومشكلة اللاجئين ومصير القدس.

وإذا كانت المبادرة تقدم إطاراً لحلٍ شامل لنزاع الشرق الأوسط، وتمهد الطريق لما يتحارب عليه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي منذ عقود، أي تحقيق السلام، فإن ترجمة ذلك على أرض الواقع لن يتم بين ليلة وضحاها، وهذا هو رأي صحيفة دير بوند الصادرة في العاصمة الفدرالية. فإقامة السلام لن تتم قبل حدوث ما أسمته بـ “تغيير الأجيال”، والذي قصدت به تغيير القيادات السياسية القائمة حالياً في كل من إسرائيل وفلسطين.

ذلك أن المشكلة بالنسبة للقيادات “القديمة”، على حسب تعبير الصحيفة، أنها لا زالت تعيش في زمن حرب عام 1967، لا تقر بالتغييرات التي حدثت على ارض الواقع ولا تعترف بها.

لكن “تغيير الأجيال” في حد ذاته لا يكفي. فالصحيفة تبدو على قناعة بأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يتم إذا لم ترم الولايات المتحدة بثقلها وراء عملية السلام. فبدون دعم واشنطن، تقول الصحيفة، ستبقى المبادرة حبراً على ورق.

ما هو تأثيرها؟

ولأن الحديث عن مدى تأثير “مبادرة جنيف” ظل هاجساً يُلّحُ بين السطور في صحف اليوم، فقد اختارت صحيفة NZZ الصادرة في زيورخ أن تخصص افتتاحيتها لهذا السؤال بالتحديد. وفضلت في البداية أن تطرح السؤال على الشكل التالي: ما هي الفائدة والتأثير التي يمكن أن تنتج عن اتفاقية سلام غير رسمية؟

تبدو الصحيفة واعية تماماً للعوامل المحددة، إن لم تكن المهمشة لـ “مبادرة جنيف”. فهي مبادرة خاصة توصل إليها مواطنون إسرائيليون وفلسطينيون مستقلون، وهي لا تُلزم بأية صورة القيادات السياسية للطرفين المتنازعين.

رغم ذلك، فإنها مهمة. فالهدف الأساسي للمبادرة، كما تقول الصحيفة، يتمثل في كونها محّفزة للتفكير والتأمل. فهي تخاطب العناصر المكونة لنزاع الشرق الأوسط مباشرة، وتحدد حلولا مفصلة وعملية لعلاجها.

وتقول الصحيفة إن السنوات الثلاث الماضية أظهرت أن القيادات الحالية للجانبين المتنازعين لا تبدي رغبة في التحرك نحو سلام عقلاني، وان إجبارها على ذلك، لن يتم إلا بضغطٍ من رأي عام واسع.

وتتساءل الصحيفة عما إذا كانت مبادرة جنيف ستتمكن من تحقيق ذلك التغيير المستديم في الرأي العام؟ وترد بالقول إن الأيام هي خير مجيب على ذلك السؤال.

سويس إنفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية