أهداف الألفية: تقييم في ثلث الطريق
أكد تقرير جديد للأمم المتحدة حول مدى تحقيق الأهداف التنموية للألفية، حدوث تقدم في مجال محاربة الفقر لكنه يشير إلى استمرار وجود ثغرات رغم الجهود المبذولة.
وحث التقرير المجموعة الدولية على التحول من الأقوال إلى الأفعال في ميادين محاربة الفقر من أجل تحقيق الأهداف التنموية للألفية بشكل عام.
تقرير الأمم المتحدة لعام 2005 حول الأهداف الإنمائية للألفية، الذي صدر يوم التاسع من يونيو يأتي في سياق التمهيد للنقاش الذي سوف تحتضنه نيويورك بمناسبة انعقاد قمة الألفية زائد خمسة، وهي القمة التي ستنكب على مراجعة الجهود المبذولة عالميا من أجل تحقيق الأهداف المعلن عنها من طرف المجموعة الدولية في عام 2000.
التقرير يعتبر حصيلة تقييمية لخمس سنوات من الجهود المبذولة محليا ودوليا من أجل تحقيق أهداف الألفية في مجالات محاربة الفقر والجوع، وتوفير التعليم الأساسي للجميع، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وتخفيض نسبة وفيات الأطفال ما دون الخامسة من العمر، وتحسين الأوضاع الصحية للمرأة الحامل، ومحاربة انتشار أمراض مثل السيدا او الإيدز والملاريا وغيرها، وتأمين بيئة مستدامة، وتحقيق التضامن والشراكة في مجال التنمية.
هذه الأهداف الثمانية حددت لها قمة الألفية (التي انعقدت في عام 2000) موعد العام 2015 إما لتسويتها نهائيا او لتخفيض عدد المتضررين فيها بنسب معينة. ومن هنا ينظر لقمة سبتمبر على أنها مرحلة بينية لتقييم المسيرة والخروج بتوصيات عملية. وهو ما قال عنه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان ” أنه موعد هام لأنه لن يكتفي فيه قادة العالم بتحديد الأهداف، بل عليهم تحديد الطرق الكفيلة بتحقيق تلك الأهداف”.
تقدم غير كاف في مجال محاربة الفقر
اعتبر تقرير الأهداف الإنمائية للألفية، في معرض تقييمه لما تم إنجازه في مجال محاربة الفقر والمجاعة، أن المجموعة الدولية بذلت مجهودا سمح بتخفيض عدد الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر، أي بأقل من دولار واحد في اليوم، بحوالي 130 مليون نسمة منذ عام 1990، وهذا رغم النمو الديموغرافي العام الذي أضاف حوالي 800 مليون نسمة إلى أغلب المناطق النامية في نفس الفترة.
وقد أشاد التقرير بالجهود المشجعة التي بذلت بشكل لم يسبق له مثيل في كل من بلدان شرق وجنوب شرق آسيا حيث تم تخفيض نسبة الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر بحوالي 230 مليون نسمة منذ عام 1990. ونفس التقييم يطبق على مناطق أمريكا اللاتينية وبحر الكاريبي.
لكن القارة السمراء عرفت من جهتها ارتفاعا في نسبة الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر بحيث ازداد عددهم ما بين عامي 1990 و 2001 من 227 مليون شخص إلى 313 مليون شخص. وهو ما يعني أن مجموع الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر في العالم يفوق حاليا المليار نسمة.
وعلى الرغم من هذا الإخفاق بالنسبة للقارة السمراء، يرى معدو التقرير، أن الهدف المحدد في مخطط الألفية والقاضي بتخفيض نسبة الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر إلى النصف مع حلول العام 2015، يظل هدفا ممكن التحقيق لو استمرت الجهود على ما هي عليه اليوم.
يشار في هذا السياق إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون دون مستوى الفقر في المنطقة العربية قد ارتفعت من 2،2% في عام 1990 إلى 2،7% في عام 2001.
وفيات الأطفال والأمهات
من النقاط التي يرى تقرير الأمم المتحدة حول الأهداف الإنمائية للألفية أنها تشكل نقطة سوداء، قضية وفيات الأطفال والأمهات. إذ تعتبر الأمم المتحدة أنه من غير المقبول الإستمرار في معاينة سلبيات الجهود المبذولة في مجال تخفيض نسبة الوفيات بالنسبة لهاتين الفئتين مع استثناءات قليلة.
فبعد التقدم السريع الذي تم تحقيقه في مجال وفيات الأطفال ما دون الخامسة من العمر في الفترة الفاصلة ما بين عامي 1960 و 1990، يرى التقرير أن التباطؤ الذي سجل فيما بعد في شتى المناطق يهدد بعدم تحقيق هدف الألفية الرامي إلى تخفيض نسبة الوفيات بثلثين من هنا حتى العام 2015.
ومن المناطق التي يرى التقرير انها واصلت جهودها للتخفيض من نسبة وفيات الأطفال ما دون الخامسة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إضافة إلى أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
يشار إلى أن نسبة وفيات الأطفال في شمال افريقيا انخفضت من 87 بالنسبة لكل 1000 مولود إلى حدود 38، أما في دول غرب آسيا فلا زالت هذه النسبة في حدود 68 بالنسبة لكل 1000 مولود.
أما وفيات الأمهات بسبب الوضع، فيرى التقرير أن الحصول على إحصائيات مدققة في هذا المجال أمر صعب، إلا أن المؤشرات العامة تشير إلى أن البلدان النامية تشهد وفاة 450 امرأة حامل بالنسبة لكل 100 ألف مولود جديد، في المقابل لا تتعدى هذه النسبة في البلدان المتقدمة 14 بالنسبة لكل 100 ألف مولود جديد.
وتبلغ نسبة وفيات الأمهات في شمال إفريقيا 130، وفي غرب آسيا 190 بالنسبة لكل 100 ألف مولود جديد.
115 مليون طفل بدون تعليم أساسي
بالنسبة لهدف تحقيق التعليم الابتدائي بالنسبة للجميع مع مطلع العام 2015، يقول التقرير أن 115 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي لا يزالون محرومين من هذا الحق الأساسي.
ويشير التقرير إلى قرب تحقيق خمسة مناطق جغرافية للهدف المنشود، حيث بلغت فيها نسبة التحاق الأطفال بالمدارس حوالي تسعين بالمائة. ومن بين هذه المناطق شمال إفريقيا حيث بلغت النسبة 92 في المائة فيما لا تزال هذه النسبة في منطقة غرب آسيا في حدود 83 في المائة من مجموع البالغين سن التعليم.
ومرة أخرى، تبقى القارة السمراء أكثر المناطق حرمانا من تعليم أبنائها إذ تصل النسبة في معظم البلدان 50 % من مجموع الأطفال في سن التعليم الإجباري. ومما زاد في تدهور أوضاع البلدان الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى في هذا المجال تفشي مرض نقص المناعة المكتسب (إيدز أو سيدا) وهو ما أدى إلى وفاة معلمي ومدرسي أكثر من مليون طفل.
سنة التحول؟
الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان أشار في مقدمة التقرير إلى أن عام 2005 سيكون “موعدا حاسما” وحث على ضرورة التوصل إلى اتفاق حول الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مشيرا بالخصوص إلى ضرورة إشراك قطاعات أخرى (مثل التجارة ومحو الديون التي تجري بشأنهما مفاوضات) تحضيرا لبلورة أفكار ومقترحات تعرض على قمة سبتمبر المقبلة.
ومما لا شك فيه أن إعلان وزراء مالية مجموعة الدول الثمانية الأكثر غنى قبل يومين عن قرارهم محو ديون بعض الدول الأكثر فقرا في العالم، يعتبر خطوة إيجابية في مسار البحث عن الوسائل الكفيلة بإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية.
وقد يعني ذلك التحول من القول إلى الفعل في مجال عـرف الكثير من التصريحات والتعهدات والقليل من الإنجازات إلى حد الآن.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
أهداف التنمية للألفية:
الهدف الأول: القضاء على الفقر والجوع الشديدين
الهدف الثاني: تحقيق التعليم الإبتدائي الشامل
الهدف الثالث: تعزيز المساواة بين الجنسين
الهدف الرابع: خفض نسبة وفيات الأطفال
الهدف الخامس: تحسين الصحة الإنجابية
الهدف السادس: مكافحة مرض نقص المناعة المكتسب/الإيدز
الهدف السابع: ضمان الإستدامة البيئية
الهدف الثامن: تطوير شراكة عالمية للتنمية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.