أهلا بالمرضى الأثرياء!
ألقت الاستعداداتُ الحثيثة التي قامت بها المُستشفيات الجامعية بجنيف لاستقبال العاهل السعودي الملك فهد للعلاج، الضوءَ على حملة التسويق التي تقوم بها هذه المؤسسات من أجل استقطاب المزيد من "النزلاء" الخواص.
كانت الحركيةُ التي شهدها هذا الأسبوع الطابقُ التاسع بالمؤسسة الطبية الجامعية بجنيف لاستقبال العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز، مناسبة للحديث عن جانب غير معروف من نشاطات هذه المؤسسة التي تضم عدة مستشفيات، ألا وهو القطاع الخاص.
فهذا القطاع المُمولُ من قبل المؤسسة نفسها(HUG)، يمُثل موردا ماليا لا يُستهان به حيث يسمحُ سنويا بتغطية تكاليف حوالي 80 موطن عمل مُوزع بين الأطباء والمُمرضين.
لكن ضمان الموارد المادية يقتضي نهج سياسة دعائية للتعريف بمميزات وكفاءات هذه المستشفيات واستقطاب الشخصيات الأجنبية الثرية التي يُخصص لها الطابق التاسع، مثلما كان الحال بالنسبة للعاهل السعودي الذي خضع يوم الخميس 25 يوليو لعملية جراحية ناجحة على القَرنية.
ضرب عصفورين بحجر واحد
وقد بدأت تتضح مؤخرا معالم الاستراتيجية الجديدة للمستشفيات الجامعية السويسرية للتعريف بكفاءاتها الطبية في الخارج. فهذه المستشفيات تحاول ضرب عصفورين بحجر واحد. فهي تقوم من جهة بنوع من الحملات الدعائية لمستوى كفاءاتها وجودة رعايتها الطبية، وتضمن لنفسها نزلاء محتملين قد ينقذون ميزانية المستشفى عندما تدخل “غرفة الإنعاش” من جهة أخرى.
ويقول عميد كلية الطب في جامعة جنيف وعضو مجلس إدارة المستشفيات الجامعية الدكتور بيتر سوتر في هذا السياق: “قد لا أتحدث هنا عن استراتيجية لأن الأسلوب الذي باتت تنتهجه المستشفيات الجامعية لا يزال جديدا نسبيا، لكنه صحيح القول اليوم انه يتعين على أي مستشفى جامعي التعريف بنفسه لدى الحكومات والمنظمات.”
وأوضح السيد سوتر أن جنيف بدأت بالفعل تتخلى عن موقفها المتحفظ خاصة وأن المستشفيات الجامعية في دول مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أبرزت قدراتها المتميزة في المجال الطبي منذ سنوات عديدة. لكن التساؤل الذي يُطرح بهذا الخصوص يظل “هل لا تدخل المستشفيات الجامعية أو مستشفيات الكانتونات عامة في منافسة مع المستشفيات الخاصة بنهجها هذه السياسة التجارية نوعا ما؟”
القطاع الخاص لا يلتهم الخدمات العامة
الدكتور سوتر لا ينفي دخول المستشفيات الجامعية في هذه المنافسة لكنه يُذكر أنها لا تقوم على حساب القطاع العام. ويشرح عميد المستشفيات الجامعية بجنيف ذلك بالإشارة إلى أن طاقم الأطباء والممرضين الذي يشرف على الشخصيات الهامة جدا (VIP) لا يُسلب من طاقم المستشفيات بل يتم توظيفه لرعاية النزيل الثري لمدة معينة.
من جهة أخرى، يذكر العميد أن القطاع الخاص للمستشفيات الجامعية بجنيف ينجح في كسب 100 مليون فرنك سنويا، أي ما يعادل ملأ 5% من الأسِرَّة. ويسمح هذا الدخل للمستشفيات بتوفير الرعاية الطبية للمرضى المُحتاجين مثل الأطفال الذين تعتني بهم منظمة “أرض البشر”.
ويشرح الدكتور سوتر أن المستشفيات الجامعية بجنيف تستقبل كل أسبوع مرضى فقراء من دول إفريقيا الشمالية على سبيل المثال، كما تتكفل بعلاج عدد من اللاجئين. وتُكلف هذه المستشفيات لدافعي الضرائب في كانتون جنيف مليار فرنك، بينما تدر عليه نشاطات القطاع الخاص 100 مليون فرنك. وقد يبدو هذا المبلغ زهيدا لكن الدكتور سوتر يعتقد أنه مصدر موارد هام مؤكدا أهمية حسن استغلال القطاع الخاص بالنسبة للمستشفيات الجامعية للتمكن من إدارة هذه المؤسسات مثل ما تُدار الشركات.
حملة دعائية في دول الخليج
وقد قامت المستشفيات الجامعية في كل من جنيف ولوزان وزيوريخ في فصل الربيع الماضي بحملات دعائية لكفاءات الطب السويسري في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما قامت وفود من الأطباء السويسريين في بداية هذا العام، وللمرة الثانية، بزيارة عدد من الدول الخليجية بمناسبة انعقاد مؤتمر طبي.
وانتهزت هذه الوفود الفرصة لبحث تطبيق برنامج للتدريب وتبادل الخبرات مع دول الشرق الأوسط. وجاءت مناقشة هذا المشروع في الوقت الذي بدأ يتأكد في هذه المنطقة امتناعُ الشخصيات الثرية عن التوجه للولايات المتحدة لتلقي العلاج في مستشفياتها.
وتحرص المستشفيات الجامعية السويسرية على ضمان السرية التامة حول وضع هذا النوع من النزلاء الذين يحلون بالكنفدرالية مرفوقين بحرسهم الخاص. وبالاضافة الى دول الخليج، نجحت هذه المستشفيات في اقامة علاقات ممتازة مع اليونان وروسيا وألمانيا.
سويس انفو مع صحيفة لوتون
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.