إغراءات الزواج المختلط!
تناهز الزيجات المختلطة في سويسرا، أي تلك التي تتم بين طرف سويسري وآخر أجنبي، ثلث مجمل الزيجات التي تتم في الكنفدرالية.
ومن الملفت أن المرأة تقدُم في معظم الأحيان من بلدان فقيرة وهو ما يزيد من “خضوعها” على المستوى القانوني والخاص للطرف الثاني.
تقول الأرقام الرسمية أن 63% من المهاجرين القادمين من البرازيل .. نساء! وتقفز النسبة إلى 80% عندما يتعلق الأمر بتايلاندا، أي إلى ضعف المعدل العام للنساء المهاجرات إلى سويسرا.
وتثير هذه الأرقام العديد من التساؤلات، خصوصا وأن متوسط نسبة الأجانب المتحصّلين على ترخيص بالإقامة السنوية أو الدائمة لا تزيد عن 54% بالنسبة للرجال و46% بالنسبة للنساء.
ويعترف كريستوف موللر، المتحدث باسم المكتب الفدرالي لشؤون الأجانب، بأن “ارتفاع نسبة الحضور النسوي القادم من بعض بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا أو من بلدان الكتلة الشرقية سابقا، تُـفـسّـر أساسا بالزواج”.
إنترنت وسياحة ووكالات
ومن المؤكد أن الإقبال يتركز على بعض الأجنبيات دون البعض الآخر، حيث تكفي مراجعة مواقع وكالات الزواج السويسرية النشيطة على المستوى الدولي على شبكة الإنترنت للإقتناع بذلك، إذ تقترح هذه الوكالات أغلبية من “المرشحات” للزواج من بلدان أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وآسيا.
ولا يعتمد الرجال الراغبون في الإقتران بأجنبيات على المعلومات المتوفرة على الإنترنت فقط، بل توجد في سويسرا ما لا يقل عن اثنتي عشرة شركة متخصصة في الزيجات الموصوفة بأنها “متعددة الثقافات”، إضافة إلى ما أصبحت تتيحه “دمقرطة” السياحة العالمية من فرص غير محدودة للإرتباط بزوجات من شتى أنحاء العالم.
وفي هذا السياق، تشير المعطيات الصادرة عن المكتب الفدرالي للإحصاء أن نسبة الزيجات المختلطة بلغت 31% من إجمالي الزيجات التي تمت في سويسرا في عام 2001.
رغبة في ممارسة “السلطة”!
وترى الدكتورة أديانا بوشا وهي طبية نفسانية متمرسة، أن البحث عن شريك أجنبي يمكن أن يُـفسّر بحاجة الرجل إلى تأكيد اختلافه. فهذا الإرتباط يمثل طريقة للتحرر من روابطه العائليه وللتخلص – أحيانا- من علاقات مصطبغة بمشاعر ترتبط بذكريات جنسية مؤلمة أو محرمة” حسب قولها.
وتشير الطبيبة المتخصصة في العلاج النفسي إلى أن الزيجات التي تحدث بين رجال “من هنا” ونساء “من الخارج” عادة ما تتحول إلى مجرد تراكم لخيبتين. ففيما يحاول طرف الهروب من الفقر، يسعى الطرف الثاني إلى ملء فراغ يُعاني منه أو إقامة علاقة بإمكانه التحكم فيها”.
وتعتقد الطبيبة النفسية أن هذه العلاقات القائمة على مجموعة من المصالح “المتمايزة” عن بعضها البعض عادة ما تؤدي إلى نشوء علاقات غير متوازية يسعى أحد الطرفين – الرجل في هذه الحالة – من خلالها إلى فرض سيطرته على الآخر.
ومما يُـساعد على نشوء هذه الوضعية، “الوحدة التي تُعاني منها المرأة وانقطاعها عن جذورها وشبكات علاقاتها الإجتماعية” مثلما تشدد الدكتورة أديانا بوشا.
التشريعات عامل ضغط إضافي
على صعيد آخر، تضيف الضغوط الناجمة عن التشريعات السويسرية المزيد من عدم التوازن القائم أصلا في مثل هذه النوعية من العلاقات الزوجية.
فالقانون الفدرالي لا يمنح الزوجة الأجنبية لمواطن سويسري أكثر من ترخيص إقامة سنوي (المعروف بصنف ب) وهو ما يعني أن عليها أن تنتظر خمسة أعوام كاملة من أجل الحصول على إقامة دائمة (المعروفة بصنف س) مستقلة عن وضع زوجها.
وخلال هذه الفترة الطويلة، تجد الزوجة الأجنبية نفسها خاضعة بشكل كامل لوضعيتها المدنية، أي أنها “تصبح تحت رحمة زوجها في الخير والشر” على حد تعبير أني لانز الأمينة العامة لمنظمة “تضامن بلا حدود” المهتمة بمشاكل النساء الأجنبيات المهاجرات في سويسرا.
وتوضح السيدة لانز أن وثائق الإقامة الممنوحة لهن تنص بوضوح على أن الزواج هو الغرض الأساسي من إقامتهم في سويسرا، وهو وضع لا يمنحهن – حتى بشكل ضمني – الحق في العمل!
لكن المأساة الحقيقية تندلع عند حدوث الطلاق بين الزوجين. ففي هذه الحالة عادة ما تقوم الشرطة المحلية بتوجيه رسالة للمرأة الأجنبية تُعلمها فيها بأن الغرض من إقامتها في سويسرا قد انتفى، لذلك يتوجب عليها – طبقا للقانون – مغادرة البلاد.
وفي صورة الإستئناف، يظل القرار النهائي بيد الشرطة المحلية التي يحق لها قبول أو رفض تمديد ترخيص الإقامة الممنوح للسيدة المعنية، خصوصا وأن القانون الفدرالي المتعلق بإقامة الأجانب لا يشير إلا إلى بعض المقاييس التي يمكن للشرطة أن تستعين بها لاتخاذ قرار بمثل هذه الخطورة، من قبيل وجود أطفال أم لا أو الوضع الصحي للمرأة، مثلما يشرح كريستوف موللر المتحدث باسم المكتب الفدرالي لشؤون الأجانب.
في انتظار حسم برلماني
وتؤكد هذه المعطيات أن مجال المناورة المتاح للأجنبيات المتزوجات من سويسريين لدى اندلاع مشاكل زوجية ضيق جدا، وهو وضع يدفع كيارا سيمونيتي رئيسة اللجنة الفدرالية للمسائل النسائية للإحتجاج بشدة على هذا الوضع بالقول: “بوضوح، القانون لا يمنحهن أية حقوق شخصية، لذلك يجدن أنفسهن – ببساطة- تحت رحمة الأزواج”.
وتضيف السيدة سيمونيتي: “لابد من وضع حد لهذه الوضعية الظالمة والتمييزية وتأمين وضع قانوني يحترم سلامتهن الشخصية”، خصوصا وأن النساء الأجنبيات عادة ما يتعرضن للعنف البدني والنفسي داخل بيت الزوجية.
وقد دفع تفاقم الظاهرة في السنوات الأخيرة النائبة الإشتراكية كريستين غول إلى طرح مبادرة برلمانية تدعو إلى منح المهاجرات الأجنبيات حق إقامة وعمل منفصل تماما عن حالتهن المدنية.
وعلى الرغم من حصول المبادرة على موافقة مجلس النواب، إلا أن مجلس الشيوخ رفض مجرد التطرق إليها في انتظار مناقشة شاملة لمشروع القانون الجديد المتعلق بالأجانب.
سويس إنفو
بلغ عدد الزيجات المختلطة في عام 2001، 31 في المائة من إجمالي عقود الزواج المسجلة في سويسرا
تزوجت 8046 امرأة أجنبية مواطنين سويسريين، فيما لم يتجاوز عدد السويسريات اللاتي ارتبطن بأزواج أجانب 3311.
تعلقت حوالي نصف حالات الطلاق المسجلة في عام 2001 (أي 6832 من إجمالي 157787 قضية طلاق) بزيجات مختلطة
بلغت نسبة الأجنبيات المتزوجات من سويسريين اللاتي لجأن إلى “بيت استقبال النساء” في مدينة برن بسبب تعرضهن إلى سوء المعاملة في عام 2002، 16 في المائة من المجموع.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.