إقـرار خلية التخطيط العسكري والعمليات
ثـمّـن الرئيس الفرنسي الإتفاق الذي تم في بروكسل حول إدراج مسالة الدفاع الجماعي والتزود بالقدرات العسكرية ضمن الدستور الأوروبي القادم.
في المقابل، استمرت الخلافات بين المحور الألماني-الفرنسي من ناحية ومحور اسبانيا ـ بولندا من جهة أخرى مما قد يؤشر لمصاعب مقبلة داخل الإتحاد الموسع.
عكس الخلافات المتواصلة حول بعض المسائل والتي تؤسس لصراع قد يكون طويلا بين المحور الألماني الفرنسي من ناحية ومحور “اسبانياـبولندا” من ناحية أخرى، فان القمة الأوروبية توصلت منذ اليوم الأول من أشغالها في بروكسيل إلى اتفاق يدرج مسالة الدفاع الجماعي والتزود بالقدرات العسكرية ضمن الدستور الأوروبي.
ويقتضي الاتفاق تزود الاتحاد الأوروبي بـ “خلية التخطيط العسكري والعمليات” على أن تكون مستقلة عن حلف شمال الأطلسي ولكن لا تنافسه. وتعد الخطوة نقلة نوعية في مسار نضج الاندماج السياسي الأوروبي في وقت يتسع فيه الاتحاد إلى 25 عضوا. كما تكستب أهمية سياسية كبرى لأن الاتفاق يدمج بريطانيا ضمن تصورات الدفاع الأوروبي ولأنه حصل من دون اتساع شرخ الخلافات القائمة عبر الأطلسي.
وقال رئيس الوزراء الايطالي رئيس القمة بأن “خلية التخطيط العسكري الأوروبية” ستتعاون بشكل وثيق مع حلف شمال الأطلسي و “ستكون مفتوحة أمام كافة البلدان الأعضاء” للمساهمة في عمليات حفظ السلام.
كما وافقت القمة من جهة ثانية على “عقيدة الدفاع الأوروبي” التي أعدها المندوب السامي خافيير سولانا. وتقتضي العقيدة الدفاعية الأوروبية “تحرك الاتحاد الأوروبي في نطاق متعدد الأطراف والتعاون مع الأمم المتحدة والتزام سياسات حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل”.
وبدافع الحرص على التمايز والتباين عن عقيدة الدفاع الأميركية ونظرية الحرب الاستباقية الواردة فيها فان الاتحاد الأوروبي يعتقد في وجود الحاجة “لعمليات وقائية تشمل الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية”. ورأى بعض المراقبين بان الاختلاف بين الحرب الاستباقية والعمليات الوقائية “قد يكون لغويا”.
الدفاع الجماعي
و كانت محاولات بناء قدرات عسكرية اوروبية اكتسبت أهمية استراتيجية بالنسبة للبلدان التي تتشكل منها النواة الصلبة للاتحاد والتي كانت شهدت أزمة ثقة في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وتتألف نواة الاتحاد من البلدان المناصرة للاندماج السياسي الأوروبي وهي: فرنسا والمانيا وبلجيكا واللوكسمبورغ. وأوضح المندوب السامي مسؤول السياسة الخارجية والدفاعية خافيير سولانا بأن خلية التخطيط العسكري الأوروبية “سيكون مقرها الاتحاد الأوروبي وستضم عسكريين ومدنيين لتخطيط المهام العسكرية والمدنية التي تتعلق بعمليات حفظ الأمن ومراحل ما بعد نهاية النزاعات مثل إعادة الإعمار”.
وأضاف خافيير سولانا بأن اللجنة العسكرية التابعة للاتحاد “تعُدّ نحو مائة عسكري، وهو عدد كاف للقيام بمهام التخطيط العسكري وذلك بالتعاون مع خبراء الشؤون المدنية”. وينص اتفاق قدرات التخطيط والعمليات العسكرية على ان تكون القوات الأوروبية تحت تصرف الأمم المتحده لتنفيذ مهام حفظ السلام.
ويجري التفاوض من جهة أخرى في ما بين البلدان الأعضاء حول الدستور الأوروبي الذي سينص على مبدإ الدفاع الجماعي وعلى حق كل البلدان الأعضاء في العودة الى البرلمانات الوطنية قبل اتخاذ قرار بالمشاركة في أية عملية عسكرية. و يهدف هذا البند إلى طمأنة البلدان المحايدة الأربعة وهي السويد وفنلندا والنمسا وايرلندا.
طمأنة واشنطن
وذكرت مصادر ديبلوماسية بأن أصل الاتفاق قد حصل بعد ان “اتفقت كل من فرنسا والمانيا وبريطانيا” حول مبدأ خلية التخطيط المستقلة عن حلف شمال الأطلسي.
ووضعت البلدان الثلاثة اللمسات الأخيرة على الاتفاق ليل الخميس-الجمعة وقدمته الرئاسة الايطالية في شكل حل وسط أمام البلدان الأعضاء الخمس والعشرين. كما عقد البلدان الثلاثة اجتماعا على مستوى القمة ضم الرئيس شيراك والمستشار الألماني غيرهاريد شرودير ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وصرح رئيس الوزراء بلير بأن الاتفاق “يستجيب للمصالح الحيوية للاتحاد ويتنساب مع مقتضيات الحلف والحلفاء”.
وأوضحت المصادر نفسها بان بريطانيا وضعت بصماتها على الاتفاق من خلال تأكيدها على “عدم منافسة حلف شمال الأطلسي” وأن دعوة المحور الألماني-الفرنسي لبناء القدرات الأوروبية قد لقيت صداها في صفوف البلدان الأعضاء “من دون إثارة غضب الولايات المتحدة”.
وحرص وزير الخارجية الايطالي والرئيس الحالي للمجلس الوزاري الأوروبي على طمأنة الأوساط المحافظة الأطلسية وأكد في مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة في بروكسيل بأن قدرات التخطيط العسكري الأوروبية “لا تنافس حلف شمال الأطلسي ويمكن إجراء تخطيط العمليات الأوروبية داخل القيادة العليا للحلفاء او بالتعاون بين الاتحاد والحلف أو باستقلال تام عن الحلف”.
نور الدين الفريضي – بروكسل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.