“إيفتا” تواصل نسج شبكتها للتبادل التجاري الحر
في عام 2006، عززت الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (التي تنتمي إليها سويسرا) مفاوضاتها مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط ومن ضمنها عدد من الدول العربية كما أولت أهمية كبرى للبلدان الآسيوية.
وفي ظل تعثر مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وجدت الرابطة المجال ميسرا أمامها ما سمح لها بإبرام اتفاقيات مع أكثر من 50 دولة في العالم شملت في بعض الأحيان مجالات لم تتطرق لها منظمة التجارة العالمية بعد كالاستثمار والملكية الفكرية.
في تقريرها السنوي الصادر يوم 9 مايو في جنيف، اعتبرت الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر (تعرف اختصارا بـ EFTA) التي تضم كلا من سويسرا وإيسلندا والنرويج وإمارة الليختنشتاين، أن أهم تطور شهده عام 2006 فما يتعلق بعلاقات الرابطة بدول العالم تمثل في إحراز تقدم مع دول افريقية وعدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، أعربت الرابطة – التي تتخذ من جنيف مقرا لها – عن اهتمامها بشكل جاد بدول القارة الآسيوية التي أبرمت أولى الاتفاقيات مع بعض دولها.
مصائب قوم عند قوم فوائد
في ندوته الصحفية التي عقدها لتقديم التقرير السنوي، أوضح الأمين العام للرابطة كير برين بأن “الرابطة أبرمت اتفاقات ثنائية مع 50 دولة من بينها 25 منتمية للاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل من الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر أكثر مناطق التبادل التجاري الحر اتساعا في العالم”.
وفي إشارة الى تعثر منظمة التجارة العالمية في إنهاء مفاوضات جولة الدوحة بسب الدعم المقدم من قبل بعض الدول لقطاع الزراعة، قال كير برين “نحن لا نريد القيام بأي شيء لإضعاف منظمة التجارة العالمية لكن يجب الإعتراف بأن التوصل إلى اتفاق مع بلد واحد أو مجموعة من البلدان أيسر من إنهاء مفاوضات مع 150 حكومة”.
ويرى الأمين العام للرابطة (الذي سبق له أن شغل منصب سفير للنرويج لدى منظمة التجارة العالمية) أن “بطء مسار المفاوضات في منظمة التجارة العالمية دفع جميع الدول الى البحث عن إبرام المزيد من الإتفاقيات الثنائية”. كما أشار إلى أن الإتفاقيات التي تبرمها دول الرابطة تشمل قطاعات لم تتطرق لها منظمة التجارة العالمية بعدُ مثل الاستثمارات والملكية الفكرية.
وفي الوقت الذي لا زال فيه الملف الزراعي يُعيق سير مفاوضات جولة الدوحة داخل منظمة التجارة العالمية منذ عام 2001، دخلت 15 اتفاقية للتبادل التجاري الحر حيز التطبيق في إطار الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر.
اهتمام وتنويع في آسيا
لقد كانت الدول الأعضاء في الرابطة أول البلدان الغربية التي أبرمت اتفاقيات للتبادل التجاري الحر مع دول آسيوية حيث يعود تاريخ أول اتفاق تم التوصل إليه مع سنغفورة إلى عام 2001، أي قبل بداية الاهتمام بعمالقة الاقتصاد في القارة مثل الهند والصين.
إثر ذلك، توصلت الرابطة إلى اتفاق مع كوريا الجنوبية وافتتحت مفاوضات مع تايلندا. وفي عام 2006، انطلقت أشغال دراسة جدوى حول إمكانية إبرام اتفاق للتبادل التجاري الحر مع كل من الهند واندونيسيا، في الوقت الذي أبدت فيه ماليزيا اهتماما بالموضوع.
من جهة أخرى، فشلت المفاوضات التي جرت بين الرابطة واليابان في التوصل الى اتفاق نظرا لتفضيل طوكيو إبرام اتفاقيات منفصلة مع كل دولة على حدة. هذا التوجه تفضله الصين أيضا التي افتتحت مفاوضات مع أيسلندا وتستعد لبدء أخرى مع النرويج.
في المقابل، استبعدت الصين إجراء أية مفاوضات ثنائية مع سويسرا في الوقت الحاضر، وقد يكون مرد ذلك “تردد بايجينغ بخصوص ملف احترام حقوق الملكية الفكرية”، حسب قول الأمين العام للرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر.
على صعيد آخر، أولت الدول الأعضاء في الرابطة مجددا اهتمامها باستئناف المفاوضات مع كندا في الوقت الذي يحول فيه تأزم ملف الدعم للقطاع الزراعي دون فتح أية مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويعتقد الأمين العام للرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر كير برين “أن توصل مفاوضات منظمة التجارة العالمية الى فشل تام هذا العام قد يدفع الولايات المتحدة إلى تقارب معنا”.
تقدم في إفريقيا والشرق الأوسط
التقرير السنوي للرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر نوه أيضا بالتقدم الذي تم إحرازه في عام 2006 في كل من إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تم إبرام اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع دول الاتحاد الجمركي لجنوب إفريقيا (التي تشمل كلا من بوتسوانا وليزوتو وناميبيا وجنوب إفريقيا وسوازيلاند)، وأخرى مع مصر جرى التوقيع عليها على هامش الدورة الأخيرة للمنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس في شهر يناير 2007.
فقد باشرت دول الرابطة مفاوضاتها مع دول الاتحاد الجمركي لجنوب إفريقيا في عام 2003 واختتمتها في صيف عام 2006، وهو أول اتفاق يبرم مع مجموعة من الدول. وبلغة الأرقام تمثل المبادلات التجارية بين دول الرابطة الأربعة ودول الاتحاد الجمركي الخمسة حوالي 609 مليون دولار من الصادرات وأكثر من 1،3 مليار دولار من الواردات.
وعلى مستوى الشرق الأوسط يمثل الاتفاق المبرم بين البلدان الأعضاء في الرابطة ومصر أكبر انجاز تحقق في عام 2006 خصوصا وأن المفاوضات بين الطرفين استغرقت عشر جولات منذ انطلاقتها في عام 1995.
وتعقد الأوساط الإقتصادية في القاهرة آمالا كبرى على دعم عجلة المبادلات بين الطرفين بعد دخول الاتفاق حيز التطبيق إثر المصادقة عليه من قبل الدول الأعضاء نظرا لأن حجم المبادلات بين الطرفين لم يتجاوز 413 مليون دولار في عام 2005.
اهتمام بالدول العربية
اتفاق التبادل التجاري الحر الذي أبرمته دول منظمة “إيفتا” مع مصر يجعل منها خامس بلد عربي بعد الأردن ولبنان والمغرب والسلطة الفلسطينية وتونس، وسادس بلد من منطقة الشرق الأوسط إذا ما أضفنا إسرائيل ، وهو ما يعكس الى حد كبير اهتمام الدول الأعضاء في الرابطة بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.
إذا ما أضيف إلى ذلك التقدم المسجل في المفاوضات الجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي الستة، فإن الدول العربية ستصبح أحد أهم الشركاء الذين تربطهم اتفاقيات للتبادل التجاري الحر مع البلدان الأعضاء في الرابطة.
فالمفاوضات مع دول مجلس التعاون الخليجي التي شرع فيها في مايو 2000 بلغت ذروتها في عام 2006 في جولتين عقدتا في كل من الرياض وجنيف ومن المتوقع ان يتوصل الطرفان قريبا الى صياغة اتفاق نهائي. كما بلغ حجم المبادلات التجارية بين دول الرابطة ودول مجلس التعاون الخليجي في عام 2005 أكثر من 3،7 مليار دولار أمريكي.
من جهة أخرى، قد يتعزز الاهتمام بالدول العربية مستقبلا من خلال التوجه إلى فتح مفاوضات مع الجزائر التي سبق أن وقعت على مذكرة تفاهم بهذا الخصوص في شهر ديسمبر 2002. وقد تشهد الفترة المقبلة اقتراح فتح المفاوضات الفعلية أثناء زيارة مرتقبة لوفد تجاري سويسري هام إلى العاصمة الجزائرية في منتصف شهر يونيو القادم.
كما أن اهتمام الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط سيتعزز من خلال مساهمة الدول الأعضاء في الجهود الداعمة لمبادرة برشلونة الأوروبية المتوسطية ومن خلال مشاركتها في بلورة اتفاق توحيد شهادة المنشأ لتسهيل المبادلات التجارية بين الدول الواقعة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
وينظر لاتفاقية توحيد شهادة المنشأ (التي تعتبر أداة ضرورية لتيسير وتوسيع المبادلات التجارية) على أنها خطوة هامة على طريق إنشاء منطقة جديدة للتبادل التجاري الحر تشمل البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي والبلدان الواقعة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط المتوقعة لعام 2010.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تعتبر سويسرا إحدى الدول السبع المؤسسة للرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر.
بالإضافة إلى ذلك، تستفيد سويسرا من اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي ومن شبكة تشتمل على 16 اتفاقية مماثلة، أبرمت مع بلدان تقع خارج أوروبا.
هذه الاتفاقيات، تمّ التوصل إليها في إطار الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، مثلما هو الحال بالنسبة لكوريا الجنوبية والمكسيك أو إسرائيل، لكن، بإمكان سويسرا إبرام اتفاقيات للتبادل التجاري الحر خارج إطار الرابطة، مثلما حدث ذلك مع جُـزر فيرواي Féroé.
تمثل هذه الاتفاقيات 7% من قيمة الصادرات السويسرية.
يعتبر التوقيع على اتفاقيات ثنائية، أحد الأعمدة الثلاث للسياسة الاقتصادية الخارجية لسويسرا. أما الآخران، فيشملان الانتماء إلى منظمة التجارة العالمية والعلاقة (ذات الخصوصية) مع الاتحاد الأوروبي.
الدول الموقعة على اتفاقية للتبادل التجاري الحر:
الدولة- الشروع في التفاوض – إبرام الاتفاق – دخول حيز التطبيق
مصر -8 ديسمبر 1995 – 27 يناير 2007—
الأردن- 9 يونيو 1997 – 21 يونيو 2001 -1 سبتمبر 2002
لبنان – 19 يونيو 1997-24 يونيو 2004 – 1 يناير 2007
المغرب- 8 ديسمبر 1995 – 19 يونيو 1997 – 1ديسمبر 1999
السلطة الفلسطينية – 16 ديسمبر 1996 – 30 نوفمبر 1998 – 1 يوليو 1999
تونس – 8 ديسمبر 1995 – 17 ديسمبر 2004 – 1 يونيو 2005
الدول التي لا زالت بصدد التفاوض مع الرابطة:
الجزائر — 12 ديسمبر 2002
دول مجلس التعاون الخليجي —- 23 مايو 2000
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.