اتفاق أمني لمواجهة الإرهاب
التعاون الأوروبي الأمريكي في الحرب على الإرهاب ومستقبل علاقة حلف شمال الأطلسي مع روسيا وتداعيات الحملة العسكرية في أفغانستان كانت المحاور الرئيسية التي دار حولها اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوربي وروسيا في اليومين الماضيين.
فبينما جدد حلف شمال الأطلسي دعم البلدان الأعضاء للولايات المتحدة في الحملة التي تقودها في أفغانستان، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع الولايات المتحدة يضمن تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي وجهاز الشرطة الأوروبي “يوروبول”، وهي الاتفاقية الاولى من نوعها بين الجانبين وتضمن تبدل المعلومات حول جرائم الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات وتجارة الجنس البشري.
إلا أن الاتفاقية لا توفر على مكتب التحقيقات الفيدرالي عناء التحقيقات و التعاون مع كل من أجهزة أمن البلدان الأوروبية أعضاء الاتحاد.
من جهته، رأى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين بأن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على العمليات العسكرية “التي تبقى ضرورية في الأوقات الحاسمة”، وأضاف بأن الجهود الكفيلة باجتثاث الإرهاب في الأمد الطويل “انطلقت داخل الهيئات الدولية المختصة” حيث أصدر مجلس الأمن قراري 1368 و 1373 “ويمثلان مرحلة حاسمة في مكافحة الإرهاب وتنظيم رد المجموعة الدولية”.
وأوضح هوبير فيدرين بأن حلف شمال الأطلسي لا يتولى مهام مكافحة تبييض الأموال التي يستفيد منها الإرهابيون لذلك فان “لكل منظمة دورها في الحملة على الإرهاب”، ويقوم الاتحاد الأوروبي من ناحيته بتنفيذ خطة متعددة الجوانب تشمل تبادل المعلومات حول النشاطات الإرهابية وتعزيز التعاون بين أجهزة الأمن وتعقب الإرهابيين وتيارات التهريب ومكافحة تبييض الأموال.
لكن تصميم البلدان الأوروبية على مكافحة الارهاب بقي نسبيا بعد ان انفردت ايطاليا معارضتها مشروع “مذكرة الاعتقال الأوروبية” لاعتقال المتهمين بالجريمة المنظمة والارهاب. ويعتبر الموقف الايطالي نكسة للجهود التي يبذلها الاتحاد بوتيرة متسارعة غداة تفجيرات 11 سبتمبر الماضي.
تقييم الدور الاطلسي
وتتفاوت تقديرات الخبراء حول أداء حلف شمال الأطلسي في إدارة الأزمة ومشاركته المحدودة في الحملة العسكرية، حيث يرى البعض أن “مساهمة الحلف كانت محدودة” في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، وفي مداخلة تهدف الرد على تساؤلات قلل فيها البعض من دور الحلف في الحملة الجارية والتي أكدت فيها الولايات المتحدة، في المقابل، قدرتها على الاستغناء عن الحلف، ابراز الأمين العام جورج روبيرتسون في الجلسة الافتتاحية الجهود التي بذلها الحلف من أجل تعزيز قيام التحالف الدولي المناهض للارهاب.
في المقابل استغل وزير الخارجية الأميركي كولين باول حضور هذا الحشد ليعبر عن شكر بلاده عن هبة الحلفاء للتضامن مع الولايات المتحده فور تفجيرات نيويورك وواشنطن قائلا بأن “لحظات التضامن” التي شهدها غداة التفجيرات “لن ينساها”، ونقل مصدر ديبلوماسي عن باول قوله إلى نظرائه في الحلف بأن عددا قليلا من البلدان الأعضاء يساهم في العمليات العسكرية في افغانستان “لكن كلا من البلدان الأعضاء يقدم مساهمته من خلال تبادل المعلومات وتعقب الارهابيين ومصادر تمويلهم”.
وأوضح جورج روبيرتسون في مداخلته بأن الحلف أرسل 5 طائرات أواكس لحماية أجواء الولايات المتحده وفتح الأجواء والموانئ والقواعد العسكرية لدعم الحملة الجارية،مشيرا أيضا إلى تفكيك قوات الحلف في شهر اكتوبر الماضي مجموعة ارهابية في البوسنه والهرسك، ويشتبه في المجموعة الانتماء الى شبكة القاعدة والتخطيط لتنفيذ اعتداءات ضد القوات الأميركية في توزلا، في البوسنه و الهرسك.
وأضاف روبيرتسون بأن مباردة تفعيل البند الخامس من ميثاق الحلف للمرة الأولى عكست “التضامن المطلق” ضد الارهابيين، كما عبأ الحلف شركائه الـ 27 من وسط وشرق أوروبا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق للانضمام في التحالف القائم ضد الإرهاب، كما أجرى مشاورات سياسية جمع فيها البلدان العربية المتوسطية، الشريكة في مبادرة الحوار المتوسطي ـ الأطلسي، وإسرائيل والبلدان الأعضاء التسعة عشر لبحث فرص التعاون لمكافحة الارهاب.
دور روسي قيد الدراسة
ويبدو أن العلاقات الروسية الأطلسية مرشحة لأن تشهد نقلة نوعية و ذلك بعد تعاون موسكو مع الولايات المتحده والبلدان الأوروبية في مكافحة الارهاب وتشجيعها جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز على فتح قواعدها للطائرات والقوات الغربية التي تشارك في الحملة على حركة طالبات وشبكة القاعدة في افغانستان.
ووافقت فرنسا على مقترحات قدمتها بريطانيا من أجل تطوير التعاون بين الحلف وروسيا من إطار التشاور القائم الى إطار الاجماع معها في مجالات محددة مثل “مهام حفظ السلام مكافحة الارهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل”، حيث تطالب روسيا بوضع اطار يمكنها المساهمة، الى جانب أعضاء الحلف الـ 19، في صنع القرارات الأمنية التي تمس القارة الأوروبية.
وتأمل روسيا أن يتحول حلف شمال الأطلسي الى منظمة سياسية شبيهة بمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي تضطلع داخلها موسكو بدور يساوي دور الولايات المتحده أو بريطانيا، و كانت البلدان الأعضاء الحلف رفضت هذا الطرح على مر الأعوام.
لكن إفرازات الحرب على الارهاب قد تثير تغيرات جديده في هندسة الأمن الأوروبي في الأعوام المقبلة، وقد يساعد إحداث هيئة الحوار الجديدة بين الحلف وروسيا على احتواء معارضة موسكو توسيع الحلف في غضون العامين المقبلين لاستيعاب بعض البلدان الشرقية المرشحة منها دول البلطيق المجاورة لروسيا.
نورالدين الرشيد – بروكسل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.