ارتفاع إضافي للنفط مع احتدام تجاذب روسيا والغرب في الميدان والاقتصاد
سجلت أسعار النفط ارتفاعا إضافيا الثلاثاء بنسب ناهزت ستة بالمئة، مدفوعة باحتدام أعمال العنف خلال الغزو الروسي لأوكرانيا، وتلويح الدول الغربية بعقوبات إضافية على موسكو.
وقرابة الساعة 12,45 ت غ، ارتفع سعر برميل خام برنت بحر الشمال المرجعي الأوروبي تسليم أيار/مايو بنسبة 5,13 بالمئة ليبلغ 103,00 دولارات، بينما سجّل سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط تسليم نيسان/أبريل زيادة قدرها 4,81 بالمئة، ليصل الى 100,32 دولار.
وكان برميل خام غرب تكساس لامس في وقت سابق اليوم سعر 101,53 دولارا، وهو مستوى قياسي له منذ تموز/يوليو 2014.
وفي سادس أيام الغزو الروسي، أفادت أجهزة الاسعاف الأوكرانية عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل في قصف روسي صباح الثلاثاء على خاركيف، ثاني كبرى مدن البلاد. وحذّرت السلطات من أن موسكو تجمع قواتها استعدادا للهجوم على كييف ومدن أخرى في أنحاء البلاد.
ورأى المحلل في “سيب” بيارن شيلدروب إن “الحرب في أوكرانيا تتصاعد والأعمال العدائية بين الغرب وروسيا تتضاعف”، معتبرا أن ذلك يولّد “مخاطر عالية” بشأن اضطرابات امداد الأسواق بالنفط الخام والغاز الطبيعي.
وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وتوفّر أكثر من 40% من واردات الغاز الطبيعي السنوية للاتحاد الأوروبي.
واعتبر المحلل لدى “ماركتس دوت كوم” نيل ويلسون، أن “مسألة العقوبات المباشرة على صادرات النفط والغاز الروسية هي مسألة وقت وليست احتمالا”.
ورفعت دول غربية خلال الساعات الماضية، من وتيرة التلويح بزيادة العقوبات الواسعة النطاق التي فرضتها على روسيا اعتبارا من الأسبوع الماضي.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في برلين، “سنفرض بالتأكيد” عقوبات جديدة، مشيرا الى أن العقوبات التي أعلنتها الدول الغربية حتى الآن “أثّرت بشكل كبير على القدرات الاقتصادية” لروسيا.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من بولندا أن الغرب سيواصل الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي “لم يحسن (…) تقدير وحدة وعزم الغرب وباقي العالم”.
وأضاف “سنواصل الضغط الاقتصادي.. إنه بكل وضوح يؤثر بشكل كبير للغاية. نحن على استعداد لتكثيفه ومواصلته طالما دعت الحاجة”.
وأتى موقفا شولتس وجونسون بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الإثنين أنّ بلاده تعتزم “حظر استيراد النفط الخام” الروسي، مشدداً على أنّ هذا التدبير يوجّه رسالة قوية على الرّغم من ضآلة الكميات التي استوردتها كندا في السنوات الأخيرة.
– “عزل” اقتصادي –
ورأى محللون أن الضغط الغربي المتنامي عبر العقوبات الاقتصادية، يهدف الى “عزل” روسيا عن العالم.
وصدر الموقف الأبرز في هذا الشأن عن وزير المال الفرنسي برونو لومير، الذي أكد العمل على دفع “الاقتصاد الروسي إلى الانهيار”.
وأضاف في تصريحات إذاعية الثلاثاء “ميزان القوى الاقتصادي والمالي يميل كليا لصالح الاتحاد الأوروبي الذي يكتشف الآن قوته الاقتصادية”.
وقالت المحللة في شركة “هارغريفز لانسداون” سوزانا ستريتر إن عالم الأعمال يبني “حصنًا لعزل روسيا عن المجتمع الدولي”، والشركات تجمّد نشاطها مع موسكو وإن كلّفها ذلك “استثمارات بمليارات الدولارات”.
وأعلنت الشركة البريطانية العملاقة للنفط والغاز “شل” الاثنين أنها ستتخلى عن حصصها في مشاريع مشتركة مع مجموعة “غازبروم” الروسية في روسيا، على غرار ما فعلت “بي بي” البريطانية التي انسحبت من “روسنيفت” الروسية.
وأكدت “توتال إنرجي” الفرنسية الثلاثاء أنها “ستتوقف عن تخصيص رؤوس أموال لمشاريع جديدة في روسيا”.
وأيدت المجموعة العملاقة في مجال الطاقة “حجم وقوة العقوبات التي فرضتها أوروبا وستطبقها بغض النظر عن عواقبها (التي ما زالت قيد التقييم) على إدارة أصولها في روسيا”، منددة بـ “العدوان العسكري” الروسي.
ولفتت الى أنها “تتحرّك لإيصال الوقود إلى السلطات الأوكرانية ولمساعدة اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا”.
ولم تقتصر العقوبات على الطاقة، اذ علّقت شركة “ميرسك” الدنماركية العملاقة موقتا الطلبات الجديدة من روسيا وإليها، باستثناء المواد الغذائية والامدادات الطبية والانسانية.
ورأت سوزانا ستريتر أن كل هذه العوام قد تسبّب “اضطرابا في الشحنات الصادرة من روسيا مع إلغاء حجوزات للشحن”، ما سيؤدي الى ارتفاع أسعار مواد الطاقة “في المدى القصير” حتى في حال لم تعمد روسيا الى وقف مضخاتها.
– ردّ فعل روسي؟ –
ومن ضمن الاجراءات التي اعتمدتها دول غربية، استبعاد عدد من المصارف الروسية من منظومة “سويفت” للتعاملات المصرفية، والتي تعد ركنا أساسيا من أركان النظام المالي العالمي.
ورأى كارستن فريتش المحلل في مجموعة “كوميرتسبنك”، إن هذا الإجراء “سيزيد من صعوبة تسديد (ثمن) الامدادات”.
وترسم في الأسواق علامات استفهام عما اذا كانت روسيا قد تلجأ الى استخدام الطاقة كسلاح سياسي في مواجهة الضغوط المتزايدة عليها اقتصاديا.
وفي حين اعتبرت ستريتر أن “المخاوف من أن روسيا ستنتقم باستخدام صادراتها من الطاقة كسلاح تبقي أسعار النفط والغاز مرتفعة”، رأى المحلل بيارن شيلدروب أن “عقوبات انتقامية من روسيا ضد الغرب تبدو مرجحة”.
ولم تكشف موسكو بعد أوراقها في مواجهة هذا الضغط الاقتصادي المتنامي.
وفي ما بدا بمثابة مسعى لكبح تأثير العقوبات، أعلن رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين أن بلاده تعد مرسوما للحد من سحب الاستثمارات الأجنبية.
ونقلت عنه وكالات الأنباء الروسية قوله “أعد مشروع مرسوم رئاسي لفرض قيود موقتة على إخراج (مستثمرين أجانب) لأصول روسية” للسماح “للشركات باتخاذ قرارات منطقية” وليس “بضغط سياسي”.
وأضاف خلال لقاء حول الشؤون الاقتصادية “نأمل في أن تتمكن الجهات التي استثمرت في بلادنا من متابعة نشاطها”.