استثمارات بنوك سويسرية في قطاع النفط السوداني تحت المجهر
اتهمت أربع منظمات غير حكومية العديد من المصارف السويسرية بتمويل الفظائع المرتكبة في إقليم دارفور السوداني من خلال استثمارها في قطاع النفط السوداني.
وفيما تركّـزت الانتقادات على عملية إدراج شركة بيترو تشاينا في بورصة شانغهاي (التي أشرف على إعدادها مصرف يو بي إس)، رفضت المؤسسات المالية المعنية الاتهامات الموجهة لها.
تقول المنظمات غير الحكومية، إن الحكومة السودانية تستعمل أكثر من 70% من المداخيل النفطية لأغراض عسكرية، ولهذا السبب، وجّـهت نداءً إلى البنوك والمؤسسات المالية السويسرية كي تتوقف عن الاستثمار في الشركات العاملة في هذا القطاع.
وفي بيان صدر يوم الاثنين 29 أكتوبر، وجّـهت عدة منظمات غير حكومية (“إعلان برن” و”جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة” و”شبكة التدخل ضد أعمال الإبادة” و”ملاحقة البنوك”) أصابع الاتهام إلى العديد من البنوك السويسرية، التي يبدو أنها استثمرت حوالي 6 مليار فرنك.
وصرح أندرياس ميسباخ من منظمة “إعلان برن” لسويس إنفو بأن “هذه المؤسسات المالية تُـعتبر من أهم الممولين للشركات التي توفِّـر جزءً كبيرا من الموارد المالية لنظام الخرطوم”.
وأضاف مندِّدا، أنه “في المجال البيئي، بدأت البنوك في الوعي بأنها تشترك في المسؤولية عمّـا يقوم به حرفاؤها، إلا أن ذلك لا ينطبق على حقوق الإنسان، بل هي تحاول تجنّـب النقاش”.
ملف بيترو تشاينا
وتنتقد المنظمات غير الحكومية بالخصوص، انخراط مصرف يو بي إس في العملية الرامية إلى إدراج شركة بيترو تشاينا PetroChina في البورصة، التي تقدر قيمتها بـ 5،9 مليار دولار، نظرا لأن هذه الشركة مملوكة من طرف شركة النفط الوطنية الصينية، التي تُـعتبر واحدة من أهم الشركات المتعاملة مع الحكومة السودانية.
مصرف يو بي إس رفض انتقادات المنظمات غير الحكومية، وأفادت مصادر في أكبر مصرف سويسري “إن بيترو تشاينا شركة قائمة بذاتها وليست لها ارتباطات مباشرة بالسودان”.
ويقول سيرج شتاينر، المتحدث باسم مصرف يو بي إس “إن مؤسستنا ليست لها علاقات تجارية مع شركات سودانية أو مع شركات تحقق الجزء الأكبر من رقم معاملاتها في هذا البلد”، مضيفا بأن “بيترو تشاينا، شركة مستقلة وأن الأموال التي سيتم الحصول عليها فور دخولها إلى بورصة شانغهاي، ستُـستعمل في الصين فحسب”، طبقا لمقتضيات القوانين الصينية.
من جهته، حرص أليكس بيسكارو، المتحدث باسم مصرف كريدي سويس على التشديد بأنه “لا وجود لأية علاقة تجارية مباشرة بين البنك وشركات سودانية”، وأكّـد لسويس إنفو أن المصرف “التزم باحترام العقوبات الدولية المقررة ضد السودان”.
في المقابل، اعترف المتحدث باسم كريدي سويس بأن الشركات المتهمة (من طرف المنظمات غير الحكومية)، تتبع شركات أكبر حجما مُـدرجة في البورصة، والتي يُـحتمل أن تكون ضمن المحفظات الاستثمارية لكريدي سويس.
أما سكوت فيدمر، من “شبكة التدخل ضد أعمال الإبادة”، فيرى أن البنوك تتعمّـد تجنّـب المشكل، ويقول “من خلال هذا الإدراج في البورصة، تقوم بتوجيه رسائل واضحة جدا إلى “بيترو تشاينا” وإلى “شركة النفط الوطنية الصينية”، مفادها أنه بإمكان هذه الشركات الاستمرار في الاستفادة من المؤسسات المالية الغربية، دون أن تصل إلى الحد الأدنى فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والبيئة أو ظروف العمل”.
عشرات الآلاف من القتلى
النزاعات التي يشهدها إقليم دارفور منذ عدة أعوام، والمعارك التي تدور فيه بين أطراف متناحرة، تشمل الميليشيات المدعومة من طرف الحكومة السودانية والمتمردين المناهضين للخرطوم، أدّت إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى (تقول بعض التقديرات إن عددهم قد يصل إلى 200 ألف شخص) وتسببت في نزوح ملايين الأشخاص.
ويُـعتبر النزاع الدائر في إقليم دارفور الأخير في سلسلة من الأزمات، التي اندلعت في السودان منذ استقلاله في 1 يناير 1956 عن التاج البريطاني، ولا يتردد مدير “مركز المساعدة والتوثيق حول دارفور”، الذي حضر الندوة الصحفية في زيورخ، في وصف أكبر بلد إفريقي بـ “جهنم فوق الأرض”.
ويقول عبد الباقي جبريل، الممثل الدائم لهذه المنظمة غير الحكومية لدى الأمم المتحدة والسوداني الجنسية، في تصريح لسويس انفو “إن الإبادة لها تعريف محدد، يشمل القتل وتدمير الممتلكات والترحيل الإجباري والاغتصاب والاختطاف. فإذا ذهبت إلى دارفور، فإنك ستجد جميع هذه الفظائع”.
ويضيف قائلا: “إن الحكومة لا تستعمل أموال النفط لتمويل تنمية شعبها، ولكن لفائدة آلة الحرب”، وأشار إلى أنه “لو لم تكن لديه مداخيل مالية ثابتة، لاضطرّ إلى إعادة التفكير في كيفية إدارة الوضع ولبحث عن حل سلمي”، حسب تعبيره.
سويس انفو – ماتيو آلّـن – زيورخ
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف)
يعتبر السودان أكبر بلد في القارة الإفريقية ويتميز بتعدده العرقي واللغوي والديني الكبير، وقد حصل على استقلاله من بريطانيا في عام 1956.
تناهز مساحة إقليم دارفور، الذي اندلع فيه النزاع القائم حاليا في عام 2003، مساحة الأراضي الفرنسية.
يرأس البلاد الفريق عمر البشير، الذي وصل إلى السلطة في أعقاب انقلاب عسكري نُـظم يوم 30 يونيو 1989.
شهد البلد منذ استقلاله العديد من النزاعات المسلحة، وقد استمر أطولها (بين الشمال، ذي الأغلبية العربية المسلمة، والجنوب، ذي الأغلبية الوثنية والمسيحية) 21 عاما، وانتهى في أعقاب اتفاق سلام نشأت بمقتضاه حكومة تتمتع بالحكم الذاتي في جنوب البلاد. وتشير التقديرات إلى أن ضحايا هذا النزاع ناهزوا مليون ونصف مليون شخص.
المؤسسات المالية السويسرية، التي تتهمها المنظمات غير الحكومية بالاستثمار في شركات لها مصالح تجارية في قطاع النفط السوداني:
كريدي سويس: 2،8 مليار دولار
يو بي إس : 2،7 مليار دولار
بيكتيت وشركاؤه: 221 مليون دولار
لومبار أوديي داريي هينتش: 98 مليون دولار
سويس كانتو هولدينغ: 22 مليون دولار
بنك كانتون فو: 15 مليون دولار
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.