اعادة فتح السفارة العراقية في برن
أعلنت سويسرا عن موافقتها على طلب العراق إعادة فتح سفارته في العاصمة بيرن. كما أوضحت عزمها على رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في بغداد وتحويل مكتبها المتواجد هناك إلى سفارة.
جاء إعلان القرار متماشيا مع الطابع الهادئ للدبلوماسية السويسرية… دون ضجة. بيرن وافقت على إعادة فتح السفارة العراقية، والسلطات العراقية بدأت بالفعل في اتخاذ الخطوات العملية لتنفيذ ذلك.
وعلى الجانب المقابل، فإن سويسرا لديها الرغبة في رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي وتحويل مكتبها في بغداد إلى سفارة يتولى إداراتها قائم بأعمال. أما موعد تحقيق ذلك فقد حددت وزارة الخارجية الخريف المقبل موعدا له.
رغم الطابع العملي للإعلان، فإن اختيار هذا التوقيت بالذات لأتخاذ القرار السويسري كان ملفتا. فالتصريحات الأمريكية تتلاحق يوميا وهي تؤكد حتمية توجيه واشنطن ضربة عسكرية قوية إلى العراق تهدف إلى الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين.
إلا أن دانيلا شتوفل المتحدثة بإسم وزارة الخارجية السويسرية لا تجد أي مدعى للاستغراب:”قرار السماح للعراق بفتح سفارتها في بيرن تم أخذه بعد أن تقدمت بغداد بطلب رسمي في شهر فبراير من هذا العام.. وبما أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تقطع أبدا لم يكن هناك سبب لمنع تحقيق رغبة العراق في رفع مستوى تواجدها الدبلوماسي في سويسرا”.
إذا حدثت حرب سنتخذ القرار الملائم
بغض النظر عما يقال وُيعد ضد العراق فإن السيدة شتوفل مقتنعة أن الأمر لا علاقة له بالتمثيل الدبلوماسي بين البلدين. تقول:”سويسرا تعترف بالعراق كدولة، وإقامة علاقات دبلوماسية لا تعني استباق طابع أو نوعية هذه العلاقات، لكن من المهم أن يكون هناك تواصل واتصال مستمر بين الجانبين، وهذا هو الهدف الأساسي من وجود سفارة”.
وبنفس السياق الهادئ توضح المتحدثة بإسم وزارة الخارجية السويسرية الخطوات التي ستتخذها بيرن في حال اندلاع حرب فعلية في العراق:” “كان علينا أن نقفل سفارتنا في بغداد أثناء حرب الخليج عام 1991 لأسباب ودواعي أمنية. وقد نضطر، يوما ما، في حال حدوث شئ مماثل إلى اتخاذ قرار شبيه. فالأمن هو أيضا سبب ومعيار يمكننا على ضوءه تحديد مصير سفارتنا في بغداد “.
رغبة في رعاية المصالح المشتركة
لا تقتصر الرغبة في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين بيرن والعراق على بغداد فحسب. بل هو هدف مشترك تحكمه مصالح متبادلة. بدا ذلك واضحا من بيان وزارة الخارجية السويسرية الذي أصدرته تعقيبا على قرارها.
فقد حدد البيان أربع أسباب للقرار السويسري. أولها هو الأشراف على برامج المعونات الإنسانية التي تقدمها بيرن إلى الشعب العراقي والتي تبلغ قيمتها نحو أربعة ملايين فرنك سويسري.
السبب الثاني هو قلة المعلومات المتاحة عن الأوضاع القائمة في العراق لا سيما الإنسانية منها. ولذا تسعى بيرن إلى التواجد في عين المكان، خاصة وأن المسألة تتعلق، كما يقول البيان “بدولة محورية وأساسية بالنسبة لمستقبل المنطقة بأسرها”.
يرتبط المبرر الثالث بما سبقه، ولعل فيه تلميحاً لدورٍ سويسري لم يشأ واضعو البيان الإسهاب فيه. ذلك أن عدم وجود علاقات مباشرة مع المسؤولين العراقيين قد يؤدي إلى “تعقيد عملية تسوية المشاكل التي قد تتصل بمصالح سويسرية، والتي من بينها الخطوات التي يمكن لسويسرا القيام بها في إطار مساعي السلام والدفاع عن حقوق الإنسان”.
أما السبب الرابع فهو عملي ويصب في صميم المصالح الاقتصادية السويسرية. حيث يتعلق برعاية وتعزيز العلاقات التجارية مع العراق. يوضح البيان قائلا “إن عددا لا يستهان به من أرباب وأصحاب المشاريع والأعمال السويسريين يّصدرون إلى العراق بضائعهم في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء”.
تشمل تلك البضائع مواد التموين والأدوية والمعدات الطبية والصحية، ووصلت قيمتها في النصف الأول من العام الجاري إلى نحو خمسة وستين مليون فرنك سويسري. وبسبب أهمية تلك العلاقة التجارية وجدت سويسرا من الضروري “تقديم الدعم لرجال الأعمال السويسريين خاصة مع تزايد وتيرة المنافسة الأوروبية لهم”.
بقي أن نشير إلى أن سويسرا كانت من الدول الأوروبية القلائل التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع العراق إثر حرب الخليج الثانية. لكنها اضطرت إلى إغلاق سفارتها في 12 يناير من عام 1991 لأسباب أمنية بحتة. ولم تقم بإعادة فتح مبنى السفارة من جديد إلا في الثاني من شهر فبراير عام ألفين وواحد، حيث اقتصرت مهام العاملين فيه على الشؤون القنصلية والتجارية.
إلهام مانع
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.